كورونا يدفع نجوم فن عالم «السوشيال ميديا»

أدى تنامى استخدام مواقع التواصل الاجتماعى بين مختلف فئات المجتمع إلى انتشار ظاهرة التسويق عبر هذه المواقع، حيث استثمرتها كثير من الشركات فى الدعاية والتسويق لمنتجاتها، بل واتجهت إلى التعاقد مع حسابات الشخصيات المشهورة على مواقع التواصل الاجتماعى من أجل الدعاية لمنتجاتها، حتى أصبحت هذه الحسابات مستهدفة من مختلف مسوقى البضائع والمنتجات.
ومما لا شك فيه أن نجاح المشاهير فى مجال الدعاية والتسويق أمر إيجابى، غير أنه مع بعضهم للأسف الشديد لم يضع معايير صحيحة لاختيار السلع التى يقوم بالتسويق لها، سواء لضعف ثقافتهم فى هذا المجال، أو لحرصهم على الربح المادى بغض النظر عن الأخلاقيات والأمانة التى تستلزم التأكد من جودة المنتج قبل التسويق لها، مستغلين ثقة الناس فيهم.
وقال حسن المصرى صاحب إحدى وكالات التسويق عبر النت، إن الظاهرة دخلت مصر منذ حوالى 5 سنوات من خلال بعض التطبيقات، التى رعتها شركات صينية وكورية، اعتمدت على تواصل مشاهدى المنصات الإلكترونية فى مصر والعالم العربى ودول أوروبا، وكانت تعتمد فى البداية على تقديم المواهب كإلقاء الشعر أو الغناء أو العزف على إحدى الآلات الموسيقية.
أوضح لـ"الزمان" أن هذه المنصات كانت تحقق نسب مشاهدات عالية جدا يوميا، حتى بدأ بعض الرعاة العرب يرسلون هدايا عينية للمواهب، مما شجع الفنانين على المشاركة فى مسابقات المواهب مثل إيناس النجار وحسن الهلالى وغيرهم مقابل 100 دولار فى الساعة ارتفعت بعد ذلك لتصل إلى 1000 دولار.
وقال المصرى، إن المشكلة بدأت عندما قامت بعض الشركات باستغلال الفتيات فى تقديم أعمالا منافية للآداب العامة مما استلزم تدخل الدولة حيث قامت بإلقاء القبض على بعض الداعمين، مطالبا بقصر هذه المنصات على أصحاب المواهب الحقيقية وإلزام الرعاة بعدم التدخل بأى صورة تتعارض مع أخلاقيات المجتمع المصرى والعربى.
من جانبه أوضح الناقد الفنى أحمد عبدالصبور أن هناك دراسة حديثة أثبتت أن كثيراً من الأفراد يتأثرون بأذواق مشاهير التواصل الاجتماعى أكثر من آرائهم الشخصية، حيث يكون التأثير فى الذوق مبنياً على الجاذبية والمعلومات ومدى التفاعل مع المنصة الإلكترونية.
أضاف الناقد الفنى، أن الدراسة التى حملت عنوان "عوامل التأثير بالرأى والتأثير بالذوق على مستخدمى منصات الإعلام الاجتماعى" طرحت سؤالا محددا هو هل نتأثر بمشاهير منصات الإعلام الاجتماعى.
وقال عبدالصبور، إن الدراسة أشارت إلى أن مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت مرآة لحياة الفنانين والفنانات، حيث يحرص عدد كبير من النجوم فى مصر والوطن العربى والعالم على نشر يومياتهم عليها، بل أن كثيرا من الفنانين أصبحوا يعتمدون عليها كبديل عن الصحافة الفنية، بعد أن أصبحت هذه المواقع ساحة يضعون فيها أخبارهم وكواليس أعمالهم التى يقومون بتصويرها أو التحضير لها، ويمكنهم من خلالها مخاطبة جمهورهم برسائل مباشرة من أى نوع ويتلقون الردود عليها.
أضاف عبدالصبور، أن الكثير منهم أصبح يهتم بنقل كل تفاصيل حياته عبر هذه الوسائل التى أصبحت دليلاً على استمرار نجوميته، مشيرا إلى أن تفاعل الفنانين العرب بدأ بموقع "الفيسبوك" ثم "تويتر" وأخيرا "انستجرام"، وزاد اهتمامهم بها ثورات الربيع العربى التى مرت بها البلاد العربية طوال العقد الأخير.
وأوضح الناقد الفنى، أن هذه المواقع أصبحت بالفعل بديلا عن الصحف اليومية فكان طبيعيا أن يهمل الفنانون،الصحف والمجلات المقروءة بعد أن أصبح اهتمام الجمهور بها ضعيفا لدرجة أن بعض الصحف العالمية خفضت مطبوعاتها بل أن بعضها أغلق أبوابه بالفعل، واتجهوا إلى المواقع الإلكترونية وكان من الطبيعى أن يتهافت الفنانين على هذه المواقع خاصة السوشيال ميديا بعد أن أصبحت أكبر مجلة فنية فى مصر توزع 30 ألفاً بين 100 مليون مواطن تقريباً وهو رقم ضئيل.
لفت الدكتور عبدالصبور، إلى أن إحساس الفنانين بأن ما حدث كان نتيجة حركة هذه الوسائل دفعهم إلى الاهتمام بها بعد أن كانوا لا يعرفون عنها الكثير، بل كان معظمهم لا يهتم بها أصلا، لافتا إلى ظهور تطبيق "التيك توك" فى الفترة الأخيرة الذى يعرض عليه فيديوهات تساهم فى الترويج لأعمالهم وإنعاش ذاكرة الجمهور عنهم.
أكد الناقد الفنى، أن الإنسان الذى تسيطر النجومية عليه، عادة ما يربط سعادته ونجاحه بتعقب الأشخاص لخطواته الفنية والحياتية اليومية"، لذلك تكدس الفنانين داخل تطبيق "التيك توك" بحثا عن الأضواء وأملا فى ترك صدى واسعاً بين المًستخدمين، باعثا رسالة مفادها "أنا موجود" حتى يشعر بالأمان النفسى.
أشار الناقد الفنى، إلى أن حدوث سباق عالمى تجاه هذه المواقع بعد دخول النجوم العالميين إليها وتزايد أعداد متابعيهم وحدوث مقارنة فيما بينهم حول من لديه عدد متابعين أكثر من الآخر، دفع بعض الفنانين إلى شراء متابعين للتباهى بوجود عدد كبير من المتابعين على صفحاتهم الرسمية.
فى سياق متصل، أعربت الفنانة أيتن عامر عن سعادتها بتواصلها المباشر مع جمهورها عبر مواقع التواصل الاجتماعى ومشاركتهم لها فى الكثير من أحداث حياتها اليومية، لافتة إلى أن حجم العمل الفنى انخفض عن ذى قبل وهو أمر طبيعى بسبب فيروس الكورونا.
أكدت أيتن، أنه أصبح لديها وقت فراغ كبير هذه الأيام فقررت استثماره بالتواصل مع جمهورها لايف وأنها تتكلم معهم فى كل الموضوعات التى تهمهم وتجرى على الساحة، مما يرفع من درجة ثقافتها بما يحدث فى الحياة اليومية ويشعرها أنها واحدة من أسرتهم.
وقالت الناقدة خيرية البشلاوى، إن تواجد الفنان فى أى منصة توفر له فرصة التواجد مع جمهوره، مشيرة إلى أن بعضها يصنع لهم تواجدا مدفوع الأجر، فى توقيت يعانى فيه معظمهم من التوقف عن العمل بسبب فيروس كورونا كما أنها تجعل جمهورهم على تواصل مستمر معهم طوال الوقت.
وأكدت البشلاوى، أنها تجعلهم كذلك متواجدين فى ذاكرة صناع العمل الفنى من مخرجين ومنتجين للاستعانة بهم فى الأعمال الجديدة، كما أنها تفتح أمامهم فيما بعد الباب للعمل كمقدمى برامج فقد تراهم الفضائيات وهى تعد خطتها البرامجية الجديدة فترشح هؤلاء الفنانين لتقديم أحد برامجها.
وقالت الفنانة لبنى عبدالعزيز، إنها غابت عن الساحة الفنية لفترة طويلة، ولكن ذلك لم يجعلها حريصة على العمل عبر الإنترانت، موضحة أنها لا تحب التواجد فى شىء تجهله مثل تقنيات الأبليكشن جديدة لأنها تحب أن تتواصل مع جمهورها من خلال حوار صحفى أو لقاء تليفزيونى.
أضافت لبنى، أن جمهورها يتابعها دائما من خلال أفلامها التى تعرض طوال الوقت على شاشة التلفيزيون، مضيفة، إلا أنها أكدت أن العصر يتطور ولا مانع من تطور أسلوب أداء الفنانين مع ذلك التطور خصوصا أولئك الذين يحبون التواصل مع جمهورهم عبر الإنترنت الذى أصبح قادرا على أن يصنع لهم تواجدا على الساحة فى ظل قلة الأعمال الفنية التى يعانى منها العالم كله بسبب فيروس كورونا المستجد.