رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خير أجناد الأرض

مصر تتفادى «المنحنيات الدولية» فى أزمة سد النهضة

تُدير القيادة السياسية المصرية أزمة سد النهضة بحنكة واستراتيجية شهد لها العالم رغم التعنت الإثيوبى الواضح، وهذه الحنكة دفعت بعض الدول المترقبة للموقف للتساؤل حول سبب صبر مصر كل هذا الوقت دون ضرب السد الذى يهددها بالحرمان من مياه النيل، بينما الخطط والحسابات الأخرى التى تُعدها القيادة السياسية أعلى من طموحات وتفكير الدول الأخرى حتى لو اعترفت دولة كبيرة مثل أمريكا بحق مصر فى ضرب السد وعدم لومها إذا تم ذلك.

اتهم ترامب إثيوبيا بالإخلال باتفاق ينهى أزمة سد النهضة مع مصر والسودان، وقال الرئيس الأمريكى، إن واشنطن قطعت مساعدات إلى أديس أبابا بملايين الدولارات جراء مماطلتها فى مفاوضات السد القائمة منذ قرابة عقد من الزمان مع مصر والسودان.

ولفت ترامب خلال مكالمة هاتفية مع قادة السودان وإسرائيل احتفالا بتحقيق انفراجة دبلوماسية بين البلدين: "لا يمكنكم لوم مصر بشعورها بقليل من الانزعاج بسبب السد الذى "يوقف تدفق المياه إلى النيل"، واصفاً الوضع بأنه "خطير للغاية"، مُضيفًا: "سينتهى بهم (المصريين) المطاف إلى تفجير ذلك السد سوف يفجرون السد.

فى اليوم التالى لتصريحات ترامب جدّد رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، تأكيده على مواصلة بناء السد، مشدداً على أن "الإثيوبيين سيكملون هذا العمل لا محالة، ولا توجد قوة يمكنها أن تمنعنا من تحقيق أهدافنا التى خططنا لها، ولم يستعمرنا أحد من قبل، ولن يحكمنا أحد فى المستقبل".

وأضاف آبى أحمد: "هناك أصدقاء صنعوا معنا هذا التاريخ كما أن هناك أصدقاء خانوا خلال صناعتنا لهذا التاريخ، هذا ليس جديدا على إثيوبيا".

وقال اللواء فؤاد فيود، مستشار فى أكاديمية ناصر العسكرية، إن تصريحات ترامب ما هى إلا "جر رجل" لمصر نحو صراع جانبى، لافتا إلى أن مصر لن تقوم بهدم السد بإرادة ترامب ولكن ذلك سيتم وفقا لحسابات وتحليلات وتقدير موقف خاص بالقيادة السياسية المصرية.

وحول رد آبى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبى، أكد مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، أنه مدعوم من قبل إسرائيل والدليل على ذلك أنه تجرأ من قبل فى تصريح له أنه فى حالة ضرب سد النهضة سيرد بضرب القاهرة بالصواريخ، مشيرا إلى أن إسرائيل هى التى تمد إثيوبيا بالأسلحة لمواجهة أية تهديد من مصر.

ولفت اللواء فيود، إلى أن يهود الفلاشة الذين خرجوا من إثيوبيا إلى إسرائيل تدربوا على الحرب الإلكترونية والكيميائية وكل هذا تم فى إسرائيل، مضيفا أن نتنياهو قال فى حوار له من قبل: "إذا كانت البقرة الهولندية أعلى إنتاج للبن فى العالم فنحن بالعلوم الإسرائيلية استطعنا أن تكون البقرة الإسرائيلية أعلى إدراراً للبن من البقرة الهولندية"، ثم وجه نتنياهو كلماته إلى إثيوبيا قائلا: "عندما توفرون المياه وتزرعون بها المراعى الصحراوية بالخبرات الإسرائيلية سنجعل البقرة الإثيوبية أعلى إدراراً باللبن من البقرة الإسرائيلية والهولندية".

وأكد اللواء فؤاد فيود، أن حديث نتنياهو فيه تشجيع واضح للإثيوبيين على بناء السد ليس من أجل توليد الكهرباء ولكن من أجل الزراعة، وفى نفس الوقت لمنع المياه من الوصول لمصر، موضحا أن إسرائيل هى التى تقف خلف سد النهضة لوضع مصر فى خانة التحكم من حيث الإمداد بالمياه.

وأشار مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، إلى أن نهر النيل ذكر فى القرآن الكريم، مستعينا بقصة أبرهة ملك الحبشة الذى كان فى طريقة لهدم الكعبة، وفى نفس الوقت لم يذهب عبدالمطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم ليطالب أبرهة بالتوقف عن هدم الكعبة بل طالب برد "الإبل"، وعندما تعجبوا من موقفه قال لهم: "إنى أنا رب الإبل وإن للبيت ربا يحميه"، فأرسل الله عليهم طيرا أبابيل، مؤكدا أن النيل فى حماية الله وفى نفس الوقت لو هددوا مصر سيكون جزاءهم كالعصف المأكول من الجيش، وهذا نابع من خلال تحليل قيادى سياسى مصرى، وليس من خلال إذن ترامب أو عن طريق الضوء الأخضر الذى يمنحه لنا.

موضحاً، أن رد آبى أحمد على تصريح ترامب الذى قال فيه "إنه لا توجد قوة يمكنها منع إثيوبيا من تحقيق أهدافها"، ما هو إلا تحفيز لمصر على ضرب السد، مشيرا إلى أنه سيترتب على ذلك أزمات عديدة منها انتشار ميليشيات أردوغان على حدودنا مع ليبيا فضلا عن خونة حماس واستعدادهم لعبور الأنفاق وصولا إلى مصر وكل هذا بهدف إسقاط مصر، مؤكدا أن مصر مستهدفة وما يتحدث عنه ترامب وآبى مجرد جر رجل ولكن القيادة السياسية لدينا واعية وتعلم متى تتدخل أو لا.

ومن جانبه أوضح اللواء مختار قنديل الخبير العسكرى، أن حديث الرئيس الأمريكى ورد آبى عليه ما هو إلا تصعيد ليس أكثر، مشيرا إلى أنه فى النهاية لو لم تلتزم إثيوبيا لن نلجأ إلى ضرب السد ولكن من الممكن أن تقوم مصر بعملية تحذيرية للضغط على إثيوبيا.

وأضاف الخبير العسكرى، أن تصريح ترامب فيه تأييد لمصر من أجل ضرب السد، لافتا إلى أن إثيوبيا استغلت فترة فوضى 2011 التى حدثت وانشغال القيادة السياسية بحماية مصر من الإخوان والإرهاب لذلك استغلوا الموقف وقاموا ببناء السد فى فترة حرجة بالنسبة لمصر.