دور الإعلام الجديد في تشكيل الرأي العام العربي
في ظل سيطرة التقنيات الحديثة والتطورات التكنولوجية المُتلاحقة على شتى مناحي الحياة في العالم العربي، لم يتمكن القطاع الإعلامي من مقاومة تلك التطورات والاحتفاظ بصورته التقليدية التي عهدناها لمئات السنين. إذ انتشرت مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإخبارية الإلكترونية والمُدونات كالنار في الهشيم، وأصبح المُراسلين الآن قادرين على تغطية الأحداث لحظة بلحظة فور وقوعها بفضل تقنيات التصوير الحديثة وأجهزة التصوير الرقمية المُبتكرة. وقد أدت تلك التطورات إلى إعادة صياغة المشهد الإعلامي ككُل في منطقة الشرق الأوسط، وكان لها أثرًا بالغًا في تعزيز وصول المواطن العربي إلى حقيقة الأحداث بصورة مباشرة، عوضًا عن انتظاره لبث الموجز الإخباري عبر شاشات التلفزيون.
وفي حقيقة الأمر، لا يُعد ذلك التحول الجذري في طبيعة الإعلام العربي بالأمر الغريب، وذلك نظرًا لهيمنة التكنولوجيا وتطوراتها المُتسارعة على اهتمامات المُستهلكين في كافة أنحاء العالم، والمُستهلكين العرب على وجه التحديد. يُمكنك مُلاحظة ازدحام الأسواق التجارية وتهافُت الجميع في الوطن العربي للحاق بأحدث إصدارات الهواتف المحمولة، إذ تعكس تلك الظاهرة مدى تعلُق المواطن العربي بالتكنولوجيا ورغبته الأصيلة في الاستمتاع بما تُقدمه من ميزات مُثيرة تُلبي احتياجاته. وفي سياق مُتصل، انتشرت في الآونة الأخيرة المنصات الإلكترونية التي توفر خدمات الألعاب الاون لاين المُثيرة للاعبين العرب، لتوفر بذلك عالم يعُج بالإثارة والتنافس الحاد بين اللاعبين، والذي يُتيح أيضًا إمكانية تحقيق الأرباح الهائلة. وتبرُز منصة luckyones كواحدة من أبرز تلك المنصات، إذ توفر كل ما يرغب اللاعب العربي في تجربته فيما يتعلق بعالم الكازينو الرائع، حيث الألعاب المُتنوعة والبطولات الشرسة، وكذلك فُرصته لربح مبالغ نقدية ضخمة!
وبتحليل مشهد الإعلام العربي وعلاقته الوطيدة بتكوين، وفي كثير من الأحيان توجيه، الرأي العام العربي، نجد أنه هناك لاعبين رئيسيين لطالما كانت لهم اليد العُليا في القيام بمثل تلك المهام. الأمر الذي بمرور الوقت أدى لتضاؤل مصداقية تلك القنوات الإعلامية نتيجة لسيطرة بعض الجهات على أصواتها وتطويعها لنشر ما يخدم المصالح الشخصية لتلك الجهات. وربما كانت هذه هي الشرارة التي أطلقت المشاعل وفتحت الأبواب على مصرعيها لقدوم وسائل الإعلام الجديدة إلى المشهد الإعلامي العربي، إذ توفر بديلًا قويًا ومُباشرًا لوسائل الإعلام التقليدية، نظرًا لما توفره من بث فوري للأحداث من قِبل الأفراد، وعرض غير مُوجه لطبيعة الأحوال اليومية.
لقد أتاح ذلك الانتشار الواسع لوسائل الإعلام الجديدة إمكانية التوعية السياسية والاقتصادية بصورة كبيرة، حيث ساهمت منصات مثل فيسبوك وإكس "تويتر سابقًا" بدورًا جوهريًا في تنظيم الاحتجاجات وتنسيق المسيرات التظاهرية أثناء فترات الاضطرابات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط. ويعود الفضل في ذلك الدور إلى طبيعة تلك المنصات الفورية وخاصية المُراسلات السريعة، الأمر الذي يُسهل من عملية تجميع الأفراد بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية. وإلى جانب ميزة التواصل السريع، فقد عملت تلك المنصات كذلك على توليد شعورًا عامًا بالتضامن والمُشاركة في الاهتمامات والمصالح، لتتحول إثر ذلك حالة الاحتقان الفردية إلى حالة من الاطمئنان والأمل في تحسُن الأوضاع.
وبالرغم من المُساهمة الفعالة التي تقوم بها وسائل الإعلام المُعاصرة، إلا أنه هناك بعض العيوب الخاصة بها كما هو الحال فيما يتعلق بوسائل الإعلام التقليدية. فبنفس الأسلوب الذي يُتيح إمكانية نشر الحقيقة بمُنتهى السرعة من خلال وسائل البث المُتطورة، يُمكن أيضًا إساءة استخدام تلك الوسائل بغرض تضليل الرأي العام العربي وتوجيهه لصالح مُخططات مُعينة. اضف إلى ذلك إمكانيات تزييف الصور والتلاعُب بمُكوناتها من خلال التطبيقات الحديثة المُتخصصة في تعديل الصور، إلى جانب استئجار شهود الزور من ضعاف النفوس للإدلاء بروايات مُغايرة للواقع الفعلي.
وهنا يأتي دور المنظمات المُجتمعية والدعم اللازم من القطاع الحكومي لتوعية الجمهور العربي بآليات عمل وسائل الإعلام الحديثة وكيفية الاستفادة منها بالشكل الأمثل، وكذلك الحد من مخاطر تلك الوسائل والسماح لها بالعمل التراخيص اللازمة وفقًا للقوانين المحلية، وذلك نظرًا لخطورة وأهمية دورها في تشكيل الرأي العام العربي. لم يعُد الفضاء الرقمي مُجرد وسيلة للتسلية أو حتى لتلبية المُتطلبات الفردية، بل امتد دوره ليُشكل آراء المُجتمع ويلعب دورًا في مُنتهى الأهمية فيما يتعلق بتوجيه الرأي العام وتوعية المُواطنين تجاه الأحداث الجارية في المُجتمع العربي.