”المقايضة الكبري” هل تتخلي مصر عن أصولها جميعًا للتخلص من أزمة الديون؟ خبراء يجيبوا علي السؤال الأصعب
تداولت انباء الفترة الماضية علي لسان خبراء اقتصاد ورؤساء تنفيذين ورجال اعمال عن توقعاتهم بشأن تصريحات رئيس الحكومة الدكتور مصطفي مدبولي حول ما تحدث عنه بشأن ديون مصر وخفض تلك الديون دون الافصاح عن تفاصيل وهو ما فتح الباب أمام تكهنات البعض.
حيث دخل هشام عزالعرب، الرئيس التنفيذى للبنك التجارى الدولى CIB، فى نقاش مع رجل الأعمال حسن هيكل، نجل الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل، بشأن فكرته التى أطلق عليها «المقايضة الكبرى» لحل أزمة ديون الدولة.
البداية كانت بإعادة حسن هيكل تغريدة له، عبر حسابه بمنصة «إكس»، بشأن فكرة «المقايضة الكبرى» لحل أزمة ديون الدولة.
وعلق هيكل على تغريدته المثيرة للجدل، كاتبًا: «منذ حوالى العام، قلت للسيد رئيس الوزراء على الهواء إن الدين العام المحلى غير قابل للاستمرار، ولا يمكن حله إلا بالمقايضة الكبرى. تحدث سيادته عن حل جذرى ونهائى للدين العام المحلى سيعلنه قريباً. فهل يكون ده؟!».
يأتى تعليق هيكل بعد تصريحات الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، بشأن تبنى الحكومة خفض الدين العام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى إلى مستويات لم تشهدها الدولة منذ نحو 50 عامًا.
وكان حسن هيكل طرح فكرة «المقايضة الكبرى» كحل على مستوى الدين المحلى، موضحًا أنه يقوم على نقل استثمارات الدولة إلى الصندوق السيادى، بحيث تمتلك الدولة نحو 70% منه، ثم تقديم نصف هذه الحصة إلى البنك المركزى وليس إلى البنوك التجارية، مقابل ما يتراوح بين 5- 7 تريليونات جنيه، بحسب تقييم الجهاز المركزى للمحاسبات، على أن يخصم هذا المبلغ من الدين العام المستحق على الدولة.
حسن هيكل يطرح فكرة لـ حل أزمة الدين المحلى (تفاصيل)
وعلق هشام عز العرب على تغريدة هيكل كاتبًا: «لو ده يبقى إعلان إفلاس يا أبوعلى. إحنا تقريبا 40% من الأذون الحكومية مملوكة للأجانب هاتديهم أصول بدلها ورد فعلهم هيبقى إيه والباقى أموال مودعين عاوز تصادرها وتديهم أصول بدلها هى الناس لاقية تاكل؟!».
وأضاف: «أما الديون الخارجية وقتها زى اليوروبوند هتعمل فيها إيه؟، وهل هيسمح لك بالحصول على تمويل فى المستقبل من الأسواق الدولية، يا صديقى هى نظريا افتكاسة لطيفة، بس واقعيا غير قابلة للتطبيق، وكلها أسئلة يجب الرد عليها بتفاصيل التعامل مع ردود الأفعال محليا ودوليا، وطبعا إنت أكتر واحد فاهم يعنى إيه ردود أفعال».
وعاد هيكل ليرد على عز العرب كاتبًا: «يا مساء الخير أولاً. اللى بحاول أقوله إن الدين العام المحلى أما وقد وصل لـ13 تريليونا تقريبا وفى ظل إجمالى إيرادات الموازنة بـ 3 تريليون، فمفيش حل إلا كده. ليه؟، حتى لو سعر الفائدة نزل لـ17% فالفائدة على الدين المحلى ستأكل 70- 80% من الإيراد».
وأضاف: «ومن ناحية تانية مفيش برنامج أصول يقدر يدفع فائدة شهرية بـ 250 مليار. أى لا تخفيض سعر الفائدة ولا برنامج بيع أصول يقدر. مع الأسف مش شايف حل تانى. ولا حد طرح حل تانى. ولا حد قال ليه الحل ده ما ينفعش على الأقل على الشق المملوك محليا».
وعقب عز العرب كاتبًا: «ما المحلى ده أموال الناس هاديهم إيه وإلا تبقى لبنان تانى، الحل فى الإيراد يا حسن، وحدة الموازنة؛ حتى د. معيط قال مرة إنه لا يرى غير 50% من إيراد الدولة، وثانيا لازم دور أكبر للقطاع الخاص يكبر وينمو ويكسب ويزيد الحصيلة الضريبية، أما تحويش الناس ده يعمل مصيبة اقتصادية».
ورد هيكل: «خالص معلش استحملنى. حضرتك كبنك بدلا من إقراض الحكومة بقيت مقرض المركزى، زى ما أنت عامل النهارده. لا تفرق حاجة مع البنوك».
ورد عز العرب: «هيقرض الحكومة منين يرجع يطبع فلوس تانى ونرجع نشوف الدولار بـ 100 جنيه، وعلى فكرة فلوس المركزى ده الاحتياطى الإلزامى بتاع البنوك يعنى فلوس مودعين وعموما كل أرباح المركزى والضرايب اللى بيدفعها محاسبيا فى حساب وزارة المالية يعنى بس بساطة هتطبع».
وعلق هيكل: «مش حأطبع هو حوالة دين وليس دفع نقدى. بمعنى إنه حولت الأصول بالديون اللى عليها. وسيتصرف فى المديونية برول أوفر زى ما الدولة بتعمل دلوقتى ويقدر يسيل المحفظة المنقولة له على عقود وسنوات طويلة ويسحب السيولة فى تلك الفترة. هذا الحل مفيهوش أى طباعة مختلفة عن الوضع الحالي».
وعقب عز العرب: «ده هيرفع المعروض النقدى دفتريا زى الطباعة بالضبط»، ورد هيكل: «خالص لأنه مطبوع بالفعل».
وختم هشام عز العرب هذا النقاش كاتبًا: «لما نتقابل هشرحلك بالورقة والقلم ومتأكد إنك هتقتنع وقتها بس نتقابل بقى ههههههههه».
قال الخبير الاقتصادى محمد فؤاد، إن إجمالى الدين الداخلى والخارجى لمصر يتراوح بين 360 و380 مليار دولار.
وأضاف فؤاد فى مداخلة هاتفية ببرنامج «الحكاية» على قناة «mbc مصر»، أن الدين الخارجى لمصر يبلغ نحو 161 مليار دولار، بينما يصل الدين الداخلى إلى 11 تريليون جنيه (نحو 230 مليار دولار بمتوسط سعر صرف 47 جنيهًا).
وأشار إلى أن أقل مستوى تاريخى للدين فى 50 عامًا كان نحو 11 مليار دولار فى السبعينيات القرن الماضى.
وبين أن تصريحات رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى بشأن تخفيض الدين إلى مستوى تاريخى لا تعنى العودة إلى 11 مليار دولار، بل خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلى إلى نحو 50% كما فى 1975.
وأوضح أن النسبة الحالية للدين إلى الناتج المحلى تصل إلى 84-90%، مشيرًا إلى أن الحل الوحيد لخفضها هو مبادلة ديون بأصول أو إعفاء ديون كما حدث مع قطر والإمارات.
ولفت الخبير الاقتصادى إلى أن مبادلة الأصول هى الطريقة الرئيسية لتخفيض الدين الخارجى سريعًا، مشيرًا فى نفس الوقت إلى أن الدين الداخلى صعب التعامل معه بهذه الطريقة وسيتأثر فقط بخفض الفائدة قليلاً.
وأعرب عن استغرابه من وجود خطة تخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلى 50% فى 4-5 سنوات، مشيرًا إلى أن السردية الوطنية للتنمية تتوقع نسبة الدين إلى الناتج المحلى 70-85% بحلول 2030 حتى مع أفضل الإصلاحات.
وبين أن المشكلة الأساسية فى مصر هى انخفاض نسبة الإيرادات إلى الناتج المحلى إلى أدنى مستوى منذ 50 عامًا، مؤكدًا أن أى حلول وقتية للدين لن تعالج نقص الإيرادات الجذرى.

