تجارة «البويضات» سيناريو جديد فى مسلسل تجارة الأعضاء

يومًا بعد يوم، تتكشف ضمائر البشر ونواياهم الخبيثة فى استغلال الطب تلك الرسالة السامية فى تحقيق أغراض تتنافى مع المعتقدات العامة وصحيح الإسلام، وفى ظل غياب الرقابة نشطت عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية، لتتحول أجساد الفقراء إلى سلعة تباع وتشترى.

"الزمان" رصدت سلعة جديدة يتم ترويجها داخل بعض مراكز الحقن المجهرى التى تعمل بالمخالفة للقانون، تلك السلعة تسمح للعاقر بأن تنجب، بعد أن يتم استئصال "المبيض" من السيدة السليمة إلى أخرى عقيمة بعد أن ثبت علميًا فشل الحقن المجهرى لكثير من الحالات التى خضعت لها، فتنتهى المسألة بالنسبة للمركز مقابل حفنة من الدولارات.

خلفية طبية

بالعودة إلى أطباء لمعرفة جدوى تلك العملية، اكتشفنا أن الهند وباكستان أولى الدول التى قامت بعمل عمليات استئصال بويضة من السيدة وزرعها بسيدة أخرى بهدف الإنجاب، لتنتقل العملية إلى مصر لكن بالخفاء دون أن يعلم أحد "لأنها عمليات مشبوهة".

فى بداية الأمر كان علينا أن نفهم مدى علمية هذا الأمر، وهل من الممكن أن تتنازل السيدة أو الفتاة عن إحدى البويضات الخاصة بها.

 فى هذا السياق، قال الدكتور حلمى أبو زيد، استشارى الولادة والحقن المجهرى بمستشفى جنة التخصصى بالهرم: "انتشرت تلك العملية فى الآونة الأخيرة، مع مطلع العام 2016، وتحدث بمراكز الحقن المجهرى والتلقيح المجهولة والتى تعمل بالمخالفة للقانون، فمن الناحية العلمية والطبية يحتوى المبيضين عند ولادة البنت حوالى 1 – 2 مليون بويضة، ويقل عدد البويضات بالتدريج فيصل عند سن البلوغ حوالى 300 ألف بويضة، ويبلغ عددها عند سن 37 – 38 سنة حوالى 25 ألف، وعند انقطاع الدورة الشهرية تصل إلى أقل من ألف بويضة، ويخرج من المبيضين بويضة واحدة غالبًا كل شهر فى يوم التبويض، وتخرج ما يقرب من 500 بويضة فقط من المبيضين".

وتابع أبوزيد: "خلال فترة خصوبة المرأة من سن البلوغ إلى انقطاع الطمث، وعندما يتم إجراء هذه العملية يتم فى البداية عمل تحليل مخزون المبيض عند السيدة والتى تبلغ فوق سن 30 سنة، والتى تعانى من تأخر فى الحمل لسبب غير معروف، أو أجرت جراحة سابقة فى المبيض مثل إزالة كيس على المبيض أو تثقيب المبيض أو استئصال أحد المبيضين، أو لا تستجيب لحقن تنشيط التبويض، كل هذه الأسباب تجعل السيدة تفكر فى عمل عمليه جراحية بإدخال بويضة أخرى من جسد سيدة أخرى."

واستطرد: هذه العملية تتكلف أسعار باهظة، ولكن تكون آخر الحلول أمام السيدات لتحقيق حلم الإنجاب، فيتم عمل عملية جراحية لهن بغرفة عمليات واحدة، وعقب أن يتم عمل تحليل مبيض لهن ويفضل أن تكون المتبرعة فى سن العشرينات، يتم نقل المبيض وتثبيته فى عنق الرحم، وهذه العملية قد تفشل لحصولهن على بويضات غير نشطة".

فيما أوضح مصدر طبى – رفض ذكر اسمه – أن أسعار تلك العمليات تبدأ من 240 دولار وتشترط المراكز الحصول على السعر بالعملة الصعبة، والحالات التى تقوم بعملية التبرع، يتم الحصول عليها بمعرفة سماسرة "عمال تراحيل".

ضحايا تنازلوا

تروى حنان السيد، تجربتها مع العملية، قائلة: أبلغ من العمر 33 عامًا، وأعمل فى  مركز حقن مجهرى شهير بالدقى، وأعول 5 أبناء، وخضعت لعملية تبرع لمصلحة إحدى الحالات، وذلك لأتمكن من تسديد مصروفات أبنائى بالمدرسة، بعد أن رأيت عشرات الحالات تدخل وتخرج دون أن يحدث لها أية مضاعفات طبية.

وتستكمل حنان حديثها: "كل يوم يأتى لنا العديد من السيدات، حلمهن الوحيد هو الإنجاب، إلى أن جاء يوم وقامت سيدة بإجراء عملية حقن مجهرى لثلاث مرات ولم تنجح، وقامت بتجربة كل الوسائل حتى تنجب، لكنها لم تنجب إلى أن جاءت يوما إلى دكتور المركز وطلبت منه إخضاعها لعملية زرع بويضة، وقامت إحدى صديقاتها بتلك العملية فى الخارج ونجحت فى الحصول على طفل، وبالفعل وافق الطبيب، فالعملية عبارة عن عملية جراحية يقومون بفتح الرحم واستئصال إحدى البويضات، وتستغرق ما يقرب من 6 ساعات كما أكدوا لى عقب الإفاقة، ومر على هذا الأمر 3 أشهر".

الشرع

الشيخ على عمر، عضو لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أكد أن قول الله تعالى: «والذين هم لفروجهم حافظون، إلا عن أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون»، لا يفرق فى وجوب حفظ الفرج بين الرجال والنساء، وحفظ الفرج مطلق يشمل حفظه عن فرج الآخر وكذلك عن منيه، والفتوى تعنى أن الأصل فى الإبضاع التحريم ولا يباح منها إلا ما نص عليه الشارع، والبويضات تابع لبضع المرأة، فكما أن البضع لا يحل إلا بعقد شرعى صحيح، فكذلك بيع البويضة لا يجوز شغله، ومنها أن البويضات ليست قابلة للبدل والإباحة، فإن الشارع حرم استمتاع غير الزوج ببضع المرأة، ولذلك فالتبرع أو الانتفاع ببويضات المرأة حرام شرعًا.

القانون

ترى الدكتورة ملكة زرار، أستاذة الشريعة والقانون، أنه ليس من حق النساء استئصال وزراعة البويضات أو التنازل عنها، كون الجهاز التناسلى الخاص بالمرأة ليس مشروعًا استثماريًا لتحقيق الربح، مشيرة إلى أن عقود تنازل البويضات باطلة، إذ يجرم القانون ذلك ويعتبره أشد من جريمة الزنا، لافتة إلى أن ما يحدث فجور علمى، فالتلاعب بالأنساب يجعل الطفل حائرًا بين الأم البيولوجية والأم الحاصلة على البويضة ، فالعقم ليس مصيبة من المصائب ولكنه ابتلاء من الله، والقوانين الوضعية التى تحلل ذلك فى الهند والدول الأوروبية ترده للحرية الشخصية، وهذا ما استقرت عليه محكمة النقض الفرنسية، فيما يعتبر فعل ذلك فى مصر جنحة تخضع لقانون العقوبات.