رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

مجد.... فى ذكرى تدمير إيلات

مازالت مصر تعيش هذه الأيام ذكرى غالية وعزيزة على كل المصريين، بل على سائر أمتنا وجميع شعوبنا العربية والإسلامية، ألا وهى ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وفيها سطرت ملحمة البطولة والفداء وسجلت بأحرف من نور أسمى آيات التضحية وأرقى معانى الوفاء وأخلد صور الوطنية والانتماء.

 

من أجل الكرامة المفقودة، وردًا للاعتبار، بعد المرار الذى عاشته سنوات طوال، فكان الانتصار.

 

وإدراكًا من قواتنا المسلحة بقيمة الأمانة التى تحملها على عاتقها بأنها صمام أمان الوطن فى تحمل ذلك العبء العظيم فى الداخل والخارج وإيمانًا منها بطبيعة الصراعات والتحديات الإقليمية والدولية فضلًا عن حالة التمزق، والانهيار والانقسام الذى تتقوقع فيه أمتنا العربية، مما يجعلها صيدًا ثمينًا ولقمة سائغة، الأمر الذى دفع مصر باعتبار مسئولياتها ومكانتها وموقعها، فى الذود، عن حياض العروبة، والدفاع عن أراضيها.

 

لا تزال قواتنا المسلحة المصرية تتحرك.. تؤدى أمانتها تجاه الوطن الغالى للحفاظ عليه وعلى أرضه وعلى ما هيته وعلى شعبه العظيم... تقدم كل غالٍ ونفيس.. تقدم كل طاقتها لإتمام دورها ومنها الاستمرار فى استكمال معداتها وعتادها بالتسليح... ذلك التسليح الذى يوغر صدور أعداء الوطن الذين يتخذون من الجيش المصرى أحد أهدافهم الرئيسية، لأنه تلك العقبة بالنسبة لهم فى النيل من مصر شعبًا وأرضًا، فأى تسليح حيئنذ الذى يرسخ عزيمتها وإصرارها على المضى فى أداء الأمانة فى التصدى والحفاظ على مقدرات هذا الوطن رغم حقد الحاقدين وكيد الكائدين وتآمر المتآمرين.

 

ها هى قواتنا المسلحة الباسلة تواصل التسليح بعون عظيم من الله عزل وجل مؤيدة بنصره، على الرغم من الظروف الاقتصادية والسياسية التى تمر بها البلاد، فقد عقدت العزم على مواصلة السير، نحو التحديث والبناء، فى سائر المجالات ومختلف الميادين، فى السلم والحرب، مهما كلفها ذلك من عناء وجهد.

 

لذا نراها تتطلع بنظرها الثاقبة هنا وهناك، تبحث عن بغيتها، من أحدث الآلات والمعدات التى لا يستغنى عنها جيش وقد عقدت العزم على تكبد الصعاب، من أجل استحداث ما تحتاجه من تلك الأسلحة برًا وجوًا وبحرًا.. تارة لتنافس الصقور... فى فرنسا وتارة أخرى.. استعدادًا لمواجهة التماسيح فى البحار وثالثة لمجابهة الذئاب الشاردة فى الصحراء.

وهكذا تتحرك فى كل اتجاه، لتقتني ما تحتاج إليه، تدجج به رجالها فيدجج به شعبها، فخرًا وعزًا وشرفًا.

 

لذا شهدت السنوات القليلة الماضية تحركات واعية، بانتقاء ما يدعم جيشنا، من قطع معدات عسكرية ثقيلة سواء من المعسكر الشرقي أو الغربي على حد سواء.

وها هى القوات البحرية المصرية، تتزين هذه الأيام فى عرسها الذهبي... تتألق وهى تعيد أجمل ذكريات انتصاراتها، فى أعياد نصر أكتوبر الخمسين، تلك الذكرى التى لا يمكن أن ننساها، ابتهاجًا وفرحًا وفخرًا بتدمير الوحدات البحرية الإسرائيلية فى هذا الوقت، وهى «المدمرة إيلات» والتى كانت من أكبر الوحدات البحرية التابعة للعدو .

ففى 21 أكتوبر 1967، وبعد النكسة بشهور قليلة، قامت القوات البحرية المصرية، بتدميرها وتكبد العدو خسائر مادية وبشرية فادحة.

 

والعجيب أن هذه الضربة القاسمة فى صفوف جيش العدو، كانت فى عز المحنة التى مرت بها مصر، فى حربها الضروس مع إسرائيل، ولعل هذا الانتصار وسط الانكسار، يؤكد هذه الإرادة الفولاذية، والكرامة الأبية، التى ترفض الاستسلام أو الإذعان.

 

كيف لا تكون فخرًا تلك اللحظة كيف لا تكون عنوانًا على مر الزمان... ودعمًا مهمًا كان من قسوة الظروف أو حصار الأيام؟؟

 

ومن حسن الطالع أن تتواكب تلك الذكرى الجميلة باستقبال معدات نوعية جديدة، تمثل إضافة حقيقة لقواتها البحرية، سواء كانت «فرقاطة الفاتح» أو «الغواصة 42» التى تسلمتها القوات المسلحة المصرية، ورفعت علم مصر عليها، والتى تمتلك من القدرات والإمكانيات ما تعزز قوات الأسطول البحرى.

ليعكس ذلك مدى الجهود المبذولة، كدولة وكقيادة، فى تعزيز علاقة مصر بالدول الكبرى ومدى حالة التوازن، التى تعيشها مصر فى علاقتها مع الدول الأخرى.

 

 

إن هذه «الفرقاطة » التى تسلمتها قواتنا المسلحة الباسلة، إنما تعمل على دعم القدرات القتالية والفنية للقوات البحرية المصرية وتقوم أيضًا بتطوير منظومة القتال البحرية، علمًا بأن هذه الفرقاطة تستخدم فى نشر المركبات دون طيار وطائرات دون طيار تحت الماء، وتضم رادار ثلاثى الأبعاد، وثنائى الإشعاع، يستطيع رصد صاروخ ذى مقطع رادارى منخفض. كما أنها تتضمن منظومة حرب إلكترونية كاملة، ولها القدرة كذلك على القيام بمهام استخبارية إلكترونية، كما أن هذه الفرقاطة تتعدد مزاياها وتتنوع.

 

 

ومما يثير الدهشة أن طاقم هذه الفرقاطة والذى يبلغ 28 مقات لً، لم يأت بها إلى مصر إلا بعد أن أجروا لعدة أيام تنفيذ تدريب مشترك مع القوات البحرية الفرنسية بالمحيط الأطلنطي.

 

هذا ولقد قامت الفرقاطة  البحرية الفاتح بتنفيذ أولى مهامها التدريبية بإجراء، رماية بالذخيرة الحية، فى مناورة «ذات الصوارى » أبرزت مدى التدريب أطقم الوحدة الجديدة.

 

كما ضمت مصر إلى قواتها البحرية الغواصة 42 ، منطراز 209 / 1400 التى أتت بها من ألمانيا، كل ذلك منأجل ردع كل من تسول له نفسه، أن يقترب من ساحتها، أو يسعى لتهديد أمنها.

 

 

وعلى ذلك تستمر القوات المسلحة بإرسال رسائل أرجو أن تصل إلى مستحقيها. وهكذا تمضى مصر بسواعد أبنائها الأحرار الشرفاء المقاتلين الأبرار بكل وشموخ وكبرياء رغم كل الأعاصير والمؤامرات... رغم كل الصعوبات والتحديات.. إلا أن ذلك لا يزيدها إلا صمودًا.. رغم صعوبة وشدة الابتلاءات والاختبارات.

 

 

وإذا كانت القوات المسلحة تقوم بواجبها فى حماية الجبهة الخارجية.. ليس فقط فى الحرب بل على الصعيد الداخلي فى السلم، في معركة التحدي الأعظم وهى مرحلة تحقيق السلم الاجتماعي، الذى لا يكون إلا بدورها فى معركة الحياة... معركة التنمية... معركة التعمير والبناء.

 

 

فهي خير سند وخير ظهير... هي سرقوه مصر...هي ذلك اللغز العظيم في استقرارها... واستمرار وحدتها والإصرار على عدم تفتيتها.

 

إنها ذلك اللغز الذى يمثل حصن الأمان والحماية للوطن الغالي... وهو يبعد كل أياٍد آثمة للنيل من مصر وأمنها ليس فقط على الحدود ممثلين في أعداء الوطن من الخارج أو حتى من أبناء خونة مارقين على تلك الحدود، ولكن أيضًا من الداخل وهم يقطعون تلك الأيادي الآثمة من بين اعتداء أو فساد أو أي لون من ألوان الخراب... وجب علينا أن نحييهم في عيدهم وأن نشاركهم فرحتهم على الدوام خاصة وهم يتصدون اليوم لحماية محاولات اغتصاب الوطنية، ومعانى الانتماء وانتزاعها من العقول والقلوب والوجدان قبل اغتيال لأرواح في الداخل أو على الحدود فىأى مكان.

 

ذلك حين أخذوا على عاتقهم إعادة البناء المجتمعي والقيم من خلال اشتراكهم فى استعادة بناء الشخصية المصرية من جديد التي كانت قد سلبت وأهدرت دماءها جراء الغزو الفكري والمعنوي للإجهاز على روح الشخصية المصرية ليحكموا قبضتهم بالسلاح تارة، وبإعادة بناء

الفكر وتوجيهه تارة أخرى.

 

معهم كل المصريين... معهم كل القلوب والأرواح ظهيرًا لهم فى معركتهم... معركة الحياة... هو يتسلحون بالسلاح من ناحية ومن ناحية أخرى بترسيخ الفكر وأسمى معانى الإنسانية ألا وهى الانتماء للوطن من خلال البطولات الرائعة التى يسجلونها فى كل لحظة من

لحظات حياتنا.

 

تحت رعاية قائد هو مقاتل... ابن بار... من خيرة أبنائها ورجالاتها الشرفاء الأوفياء، الذى يقود تلك الملحمة... وهو لا يزال بارًا.... بقسمه فى أداء الأمانة مهما كلفه ومهما عانى... رغم كل الابتلاءات ومهما بلغت التحديات

والعثرات.

 

«إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى

«مِّنَ الْؤُْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللََّ

عَلَيْهِ .a