في ذكرى ميلاده.. تعرف على الجملة التي أثرت في مشوار النمر الأسود

رغم تعاسته في الحياة التى عاندته كثيرًا، فقرر الهروب من الحزن إلى البهجة، إذ أنه خسر والده بعد وفاته ولم يُكمل عامه الأول، وتزوجت أمه لتتركه وحيدًا يصارع الدنيا التي لطالما أحبها ولكنها كانت دائمًا تعاكسه، ولكن الجانب الجميل في حياته كان جده، والذي تولى رعايته منذ زواج والدته، وبالمدرسة الصناعية، عثر على الركن المكمل لابتسامته، إذ وجد ناظر المدرسة بذاك الأسمر الموهبة التى كانت مدفونة تحت ملامح الحزن بعينيه، فشجعه على تقديم عرض مسرحي، وبحفل المدرسة تمت دعوة مجموعة من الفنانين من القاهرة، وقابلوه، ونصحوه بالالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وأثناء دراسته بالمعهد، عمل في مسرحية "هالوا شلبى".

الفنان الكبير "أحمد زكي"، تخرج من المعهد عام 1973م، وكان الأول على دفعته، واستمر بالمسرح فترة لمع بها على الصعيد الفني، وجذب أنظار السينيمائيين، وخاصة دوره بـ"مدرسة المشاغبين" والتي كانت علامة بارزة في تاريخه، و"أولادنا في لندن"، "العيال كبرت"، وفى التليفزيون لمع في مسلسل "الأيام" و"هو وهي"، و"أنا لا أكذب ولكنى أتجمل"، و"نهر الملح"، و"الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين".

وكانت أول بطولة له أمام "سعاد حسني" في فيلم "شفيقة ومتولي"، وبرزت أدواره في العديد من الأفلام منها، "إسكندرية ليه، طائر على الطريق، العوامة 70، عيون لا تنام، النمر الأسود، موعد على العشاء، البريء، زوجة رجل مهم"، والعديد من الأفلام التي حققت نجاحات كبيرة على مستوى الجماهير والنقاد على حد سواء.

وتعرض الفتى الأسمر لمواقف لم ينساها طوال حياته، إذ أنها طُبعت بوجدانه، وذلك عندما قام بدور "طه حسين" في مسلسل "الأيام"، فأجرى النقاد مقارنة بينه وبين محمود ياسين، الذي قدم نفس الدور ولكن في السينما، وكانت مقارنة بين من في رصيده 100 فيلم "ياسين"، ومن قام بالتمثيل في 5 أفلام ومسلسل"ذكي"، وكان إصرار سعاد حسني على قيامه بدور البطولة في فيلم "شفيقة ومتولي"، محل انتقاد قوي نظرًا لعدم شهرته في تلك الأثناء، وجاء دوره الثانوى بفيلم "الباطنية" والذي من بعده انهالت الجوائز عليه، رغم أن دوره كان ثانويًا، وكان من بطولة فريد شوقي ومحمود ياسين، ليشعل نيرانًا من الجدل حول هذا الأمر.

وأثار استبعاده من فيلم "الكرنك" عقدة شخصية له بعدم قال منتج وموزع الفيلم رمسيس نجيب: "ما ينفعش الولد الأسود ده يحب سعاد حسني"، ولكنه لم يدع أزمة "الكرنك" تحطمه، وساهم تفوقه بعد سنوات في منحه دور البطولة أمام سندريلا مصر في مسلسل من بصمات العملاق "صلاح جاهين" بعنوان "هو وهي"، محققًا النجاح بالوصول للجمهور داخل بيوتهم دون الاكتفاء بحلم السينما.

ولكن كلمات المخرج "رمسيس نجيب" ظلت ذكرى مؤلمة له، فقال موجهًا الشكر له "لكن لو كنت استسلمت ماكنتش وصلت للنجاح ده" لأنه لولاه ما صب تركيزه على تحقيق أمنيته، التي عاش لها وهي "التمثيل".

تزوج من الممثلة الراحلة "هالة فؤاد"، ولكن من يعرفه جيدًا داخل الوسط الفني يقول إنه أحبها كثيرًا، ولكنه صرح لبعض أصدقائه قبل وفاته أنه ظلم زوجته وأم ابنه الوحيد "هيثم"، لذا قرر ألا يتزوج بعدها لأنه أحبها بشدة، وكشف في أحد حواراته مع المحاور "مفيد فوزي" أنه لم يبك عندما كان طفلا وحتى وصل لعمر الـ15 عاما من عمره، وخلال اللقاء أوضح أنه انفصل عن زوجته هالة فؤاد لعدم الاتفاق في وجهات النظر بينهما، وقال: "في حاجات بين الرجل وزوجته مينفعش حد يعرفها، وأنا تعبان من الوحدة".

 

وعلى الرغم من المنافسة الشرسة التي جمعت النجمين الكبيرين الراحلين أحمد زكى ومحمود عبد العزيز على مدار سنوات تألقهما في عالم السينما، إلا أن هناك علاقة صداقة قوية للغاية جمعتهما، إذ كانا يلتقيان بشكل مستمر، عندما يبدأ أحدهما تصوير أيا من أعماله الفنية.

وأثناء قيام النجم الكبير محمود عبد العزيز بتصوير فيلم"الشقة من حق الزوجة"، للمخرج عمر عبد العزيز، كان فى هذه الأثناء يصور النجم الكبير الراحل أحمد زكى فيلمه "المدمن"، من إخراج يوسف فرنسيس، وكان موقعا التصوير قريبين من بعضهما، فزار أحمد زكى الساحر محمود عبد العزيز في موقع التصوير، وقال زكى، لعمر عبد العزيز مخرج فيلم "الشقة من حق الزوجة" نصًا: "أنا زعلان أوى وغيران من محمود، ليه مجبتنيش في الفيلم ده، بصراحة قصته عجبانى أوى والقضية اللي بيقدمها هامة ومختلفة".

 وقال الطبيب ياسر عبدالقادر الذي تولى علاج أحمد زكي، استطاع أن يقرأ الحالة بشكل جيد منذ البداية، ومعرفة ما سيحدث، مؤكدًا أن أحمد زكي قبل وفاته بشهرين، كان يشتكي للطبيب من غدر الناس، وأنه لا توجد لديه ثقة في أحد، ويتساءل عمن سيتولى دفن جثمانه، وكذلك إقامة السرادق الخاص بالعزاء.

وأوضح الطبيب أن شخصية أحمد زكي تفرض على أي شخص أن يحبها، بسبب إخلاصه الشديد لعمله، وكذلك تواضعه، حيث لم يكن يمتلك سوى سيارة واحدة وتحتاج إلى صيانة في نفس التوقيت.

ولكن بعد صراع طويل مع المرض، رحل "النمر الأسود" عن عالمنا تاركًا تركة مليئة بالخيرات من الأعمال الفنية المزهرة، وذلك في 27 مارس 2005.