رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

حارتنا

«العود».. احتضنه محمد علي وحافظ عليه معهد الموسيقى من الاندثار 

على أوتاره عزف محمد عبدالوهاب أجمل أغانيه، وبنغماته تغزل الشيخ إمام فى عيون «بهية»، وصاحبت ألحانه «كوكب الشرق» طيلة رحلتها مع الغناء، وأوصى فريد الأطرش أن يدفن بجواره، صوته يتسرب إلى قلبك دون أن تشعر، وموسيقاه تشاركك لحظات الفرح والحزن والحب والشجن.


فى ورشة صغيرة داخل شارع محمد على يجلس عم محمد كرم، أحد أقدم وأشهر صانعى «آلة العود» بمصر، وفى يده قطعة خشبية فى طريقها لتصبح عودًا رائعًا يطرب الأذن ويحرك القلوب.


امتهن عم محمد، الرجل الستينى صناعة العود منذ 40 عامًا، وقت أن كان شارع محمد على يحتضن جميع أنواع الفنون والموسيقى، وقبل أن يزدحم بضجيج المارة والباعة الجائلين، وبضع محال صارعت من أجل البقاء فى صناعتها العريقة للآلات الموسيقية، فى الوقت الذى انصرفت أغلب الورش عن الصناعات القديمة واتجهت لبيع الأثاث.

حب المهنة والشغف بها لم يكن دافع عم محمد الوحيد للاستمرار فيها، بل اقتناعه بأن وجود العود مرتبط ارتباطًا وثيقًا بوجود معهد الموسيقى العربية، فأغلب رواده الآن من طلاب معهد الموسيقى، كما أنه يرى أن الفن الأصيل ما زال يحظى بشعبية كبيرة خاصة بين كبار السن.


وعن مراحل تصنيع العود، يقول الرجل الستينى، إن العود يمر بعدة مراحل كى نصل للشكل النهائى، فى البداية يتم تصنيع الجزء الخلفى للعود «القصعة»، ثم الجزء الأمامى وهى واجهة العود «الوش»، ثم «الرقبة» وهو الجزء الذى تثبت فيه الأوتار، ومن ثم يتم تنظيف العود من الخشب الزائد ودهانه، ثم المرحلة الأخيرة وهى تركيب الأوتار على العود.

 
وتختلف أصوات النغمات الصادرة من العود باختلاف الخامات المستخدمة فى صناعته، فكلما كان الخشب أجود كلما كان الصوت أجمل، فخشب الأبانوس الأفضل فى صناعة العود، كما أن نوع الأوتار يؤثر أيضًا على صوت النغمات، فأفضل الأوتار من حيث الصوت هى التركية والأمريكية.


تتباين تفاصيل العود حسب حاجة العازف عليه، فالمُبتدئ يستخدم عودًا أخف وزنًا، وأقل فى عدد الأوتار، والعود العادى يبلغ عدد أوتاره 12 وترًا، بينما المبتدئ يستخدم عودًا به 9 أوتار فقط، كما أن هناك العود الحريمى الذى يتميز بطول رقبته وصغر قصعته ليسهل على المرأة حمله والعزف عليه.


وعن الأسعار، تبدأ من 300 جنيه للعود الذى يستخدمه المتدربون، وتصل إلى 5000 جنيه  وأكثر حسب نوع العود وجودة خاماته، أما عن الوقت المستغرق فى تصنيع الأعواد، فيقول عم محمد إن صناعة 10 أعواد مُتقنة تحتاج إلى أسبوع كامل.

شُغف عم محمد قاده لتوريثها لابنه عبدالرحمن صاحب الـ52 عامًا، فاصطحبه معه إلى الورشة إلا أنه قرر ألا يعيش فى جلباب والده، ولم يضغط عليه مرة أخرى لقناعته بأن صناعة العود قائمة على الحب والشغف.

وعلى الرغم من أن إقبال الفنانين على شارع محمد على قل كثيرًا عن فترة الستينيات والسبعنييات، إلا أن عم محمد يؤكد أن أحمد عدوية ومحمد الحلو لا يزالان يأتيان إليه لشراء الآلات الموسيقية ولاسيما العود.