رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

الضمير العالمى أمام الاختبار

تؤكد هذه النبتة الشيطانية التى زرعتها أيادى الشر والإجرام فى أرضنا العربية، أنها تملك مناعة ضد أى عمل من أعمال الخير والرحمة والسلام بل تتمادى فى عدوانها وتأبى الاستجابة لكل مبادرات السلام التى دعت إليها الأطراف العربية والأخرى التى قضت بها المؤسسات الأممية، وها هو إجرام الكيان الصهيونى المسمى إسرائيل يتجلى هذه الأيام من شهر الصيام الكريم فى هذه المجازر الوحشية التى تقوم بها ضد شعب آمن يعيش تحت الاحتلال هو الشعب الفلسطينى، ويعبر فى حراك مدنى سلمى عن مشاعره دون أن يحمل سلاحا أو يرتكب فعلا واحدا يصيب بالأذى أى إسرائيلى، لقد وصل عدد الشهداء فى صفوف التظاهرة السلمية الفلسطينية فى يوم واحد إلى سبعين شهيدا،  قتلوا على يد عساكر الإجرام والتوحش الإسرائيلى، ورغم ادعاءات إسرائيل بأنها تواجه عدوانا فلسطينيا، فهى كاذبة، فاجرة، بدليل أنه لم يسقط من صفوف جنودها لا قتيل ولا جريح واحد، فكيف يستقيم هذا الكلام العاطل الباطل الذى تقوله تبريرا لجرائمها من أنها تواجه إرهابا وتواجه عدوانا.

وكان لا بد أن تتخذ السلطة الفلسطينية بدعم من أعضاء جامعة الأقطار العربية إجراءً أمام مؤسسات العدل الدولية، وأن تقدم ملفا بهذه الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية وهو ما فعله منذ أيام قليلة وزير الخارجية الفلسطينى السيد رياض المالكى الذى طالب المحكمة بالنظر فى هذه الجرائم التى ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها إسرائيل ضد المتظاهرين السلميين من أبناء فلسطين المحتلة، وأن تمثل أمام المحكمة وتأخذ الجزاء العادل الذى تستحقه.

لقد تسلمت الطلب المدعية العامة للمحكمة الجنائية السيدة فاتو بنسودا، خلال اجتماع رسمى بينها وبين الوزير الفلسطينى، الذى قال إن السلطة الفلسطينية تقدم هذه الدعوى باسم الشعب الفلسطينى وهو ممارسة لحق وواجب لهذه السلطة باعتبارها طرفا فى ميثاق روما المؤسس لهذه المحكمة الدولية.

وكان الملف يحتوى على الأدلة والبراهين وأسماء العناصر الإسرائيلية المسئولة والضحايا من الجانب الثانى إحقاقا للحق ولكى لا يفلت المجرم بجريمته ولكى تعلم إسرائيل أن هناك مجتمعا دوليا حضاريا لا يرضى أن يبقى صامتا وهو يرى الدم البريء يسفك، ويرى الضحايا يسقطون دون رادع ولا عقاب.

ونحن نقول هنا إن الضمير العالمى أمام امتحان لا يجب أن يسقط فيه، لأن السقوط هنا معناه العبث بكل القيم الإنسانية التى أقرتها مواثيق حقوق الإنسان المتعددة التى أصدرتها الأمم المتحدة وأصدرتها مؤسسات فى الغرب والشرق، تأكيدا لأن العالم بلغ مرتبة فى التدرج الحضارى لا ترضى بإعادة إنتاج الفترات المظلمة فى تاريخ البشرية ومنها الغزوات الاستعمارية والمجازر التى رافقت هذه الغزوات.

 الاحتلال الإسرائيلى هو آخر احتلال فى العالم، إنه جيب من جيوب الظلام تخلف عن عصره وعن تاريخه ووصمة عار فى حضارة العصر، ويجب أن تتضافر جهود القوى المحبة للسلام فى العالم المعنية بالمثل والمبادى والقيم الإنسانية، على إنهاء هذا الاحتلال وإرغام الدولة الصهيونية على الامتثال للشرعية الدولية التى أقرت أكثر من مرة وأعلنت أكثر من مرة عن أنها مع حل الدولتين.

    ونقول لأهلنا من أبناء الشعب الفلسطينى إن المعركة السلمية التى يقودونها فى الأرض المحتلة، فى هذا الشهر الفضيل، ورغم الثمن المرعب الذى يدفعه الناس رجالا ونساء وأطفالا، صار العالم ينظر إليها بإكبار وتأييد ومناصرة واعتراف بحق هذا الشعب فى الحرية والحياة، وأن أصواتا كثيرة انطلقت فى غرب العالم الذى كان صامتا تدين التجبر الإسرائيلى وتفضح ممارسات هذه الدولة التى قامت على الإرهاب والاغتصاب، وثورة حتى النصر بإذن الله تعالى.

موضوعات متعلقة