رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تكنولوجيا

الحداثة بين الماضى والحاضر

الكاتبة
الكاتبة

وها نحن نعيش بوجهين متناقضين فهل نحن نتنفس طبيعيًا؟ ننام، نقوم، ونمارس أشغالنا وحياتنا دون اللجوء إلى التكنولوجيا الحديثة وهل هذا يمكن أن يكون بِمنأى عن حاجاتنا اليومية التى أصبحت منا قاب قوسين بل أدنى!

وها نحن اليوم نعيش فى عالم الإنترنت والفضائيات التى نقلتنا نقلة نوعية من عالم قبلًا كنّا نعيشه محدودًا  ....

فقبلًا؛ كنّا ننتظر نشرة الأخبار عند الثامنةِ والنصف لنعلم ماذا يجرى حولنا فى العالم وكانت الأمور أبسط والحياة فيها متسع من الوقت، لنمارس هوايات أخرى نحبها ونسعى لتنفسّ عن أنفسنا بممارستها وبمجرد أن تنتهى فقرة التكنولوجيا المتطورة المتمثّلة بهذا الضوء الفضى الذى كان يزورنا لوقتٍ محدود وعند إطفاء التلفاز نرقد بسلامٍ  ليومنا التالى فنستيقظ على نشاط لنكمل يومنا التالى بمحدودية الواجبات المطلوبة منا !

أما اليوم، فما نراه من تأثيرات غيّرت الكثير من المفاهيم التى كنّا قد تعودنا عليها والتى كانت محدودة وترضينا وكنا ننشد الوقت ونحتار ماذا نفعل بباقى الوقت .

فنلجأ إما  للقراءة، وإما فى سهراتنا نجتمع مع الأهل والأقارب نتحدث بما جرى معنا فى هذا النهار أو فى أيّام وأشهر سابقات... ونشعر بتلك الانسيابية الجميلة فى الأحاديث مع بَعضنَا ونختم سهراتنا بموعد مع كتاب جديد أو رواية ادخرناها لآخر الليل فنستمتع بهذه الدقائق قبل النوم وكم كنّا نشعر بالسعادة حين نصل إلى مشهدية ما من الرواية نداعبها مع خيالنا، أما اليوم وقد اشتقنا لرائحة الكتب، التى أصبحت مجرد النظر إليها كقيمة جمالية تُزيّن مكتبتنا فلهمسات الصفحات عندما تقلب آخر الليل نغم جميل وعندما نطوى الصفحة للقاء آخر غدًا.. لِذَا افتقادنا لهذه الجماليات الطبيعية ووحشية الأمان  لهو نقص لا يسد ثغرتهِ إلا العودة إلى الاعتدال بين أن ننغمس فى هذه الطريق دون وجود بوصلة معينة تعيدنا إلى الوجهة الصحيحة قبل فوات الأوان.. ونرى اليوم أكثر وسائل التواصل الاجتماعى التى انتشرت كالنار فى الهشيم ولَم تدع أحدًا من كبير أو صغير إلا وأحصته فيها وجهان سلبى وإيجابى.

 أما الوجه الأول، فعشوائية وسهولة الدخول على الآخر أصبحت كمن شرَّع باب بيته إلى كل من هب ودب فلم يعد هناك خصوصيات، ولم يعد هناك صور للمحبة المغلفة بمحدودية الشخص نفسه، فقط كل من يريد أن يُعرّف الآخرين بكل همسة تنفخ فى أسوار بيته فتُهزَم الخصوصيات، عدا عن أساليب التحرش البغيض، وعدم احترام الآخر عبر الصفحات الافتراضية كما يلحق بهذه السلبيات مسمى  الكيديات التى تندرج تحت اسم «ثقافة» منتشرة وقد سببت مشاكل كثيرة حتى أودت بحياة البعض، كما وصلت الأمور إلى حدّ التشهير برفض ينقاد منه هذا أو تلك لرغبات الآخرين.

 أما الوجه الثانى الإيجابي فيُعتبر مما أنعمت بهِ علينا هذه الوسائل فهو المعرفة، سهولة البحث، والمدونات العالمية، التى نستطيع أن  نراها بدقيقة أمامنا فتختصر الوقت وتفيدنا بما نريد معرفته حتى أنها تختصر المسافات لكى لا نضيع وقتنا وتستغله فى شيء آخر.

وفِى النهاية استعمال هذه الوسائل تعود فى اختيارها للشخص نفسه وأين تضع إصبعه وهو يبحث عن الوجه السلبى أو الإيجابى.

وما عالمنا الافتراضى ووجود التكنولوجيا الحديثة فى حياتنا اليوم أراه كمثل من يحمل بيدهِ سكينًا ليقطع بها الخضار ليحضر وجبة غذائية مهمة له ولأفراد أسرته، وآخر يحملها ليقتل بها نفسًا بغير حق!

العصر أمامنا ونحن المخيرون كيف نستخدمه...!

موضوعات متعلقة