الدوري الإنجليزي يكشف خريطة الموسم القادم بالكامل ويفجر مفاجآت بالجملة الصين تستدعي سفير ألمانيا بعد اعتقالات بتهمة التجسس لصالح بكين المقاولون العرب لإدارة المرافق تحصل على الجائزة الأولى في التشغيل والصيانة والتحول الرقمي بمنتدى مصر لإدارة الأصول بمناسبة الاحتفال بعيد تحرير سيناء.. الإفراج بالعفو عن عدد من النزلاء المحكوم عليهم بعثة الزمالك تصل غانا لمواجهة دريمز في الكونفدرالية الأهلي يخسر أمام الترجى 21-25 في نصف نهائي الكؤوس الأفريقية لليد النائب عصام خليل: سيناء الفيروز ميراث الأجداد تبدد على رمالها مطامع الحالمين بايدن يعين مبعوثة جديدة للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط نيجيريا.. أمطار غزيرة تهدم سجنا وتمنح نزلاءه فرصة ذهبية مصرع شخصين في حادثين منفصلين بالوادى الجديد مصادر فلسطينية: حماس وفتح ستعقدان لقاء الجمعة في بكين لمناقشة إنهاء الانقسام الداخلي بروتوكول تعاون لتنفيذ التطوير المؤسسي الرقمي لمجمع اللغة العربية
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

اللواء طيار أحمد كمال المنصوري يكشف كواليس جديدة تنشر لأول مرة عن حرب أكتوبر

محرر الزمان و اللواء أحمد كمال المنصوري
محرر الزمان و اللواء أحمد كمال المنصوري

كنت أول طيار عبر قناة السويس وأخر من هبط فى حرب أكتوبر
كنت شاهد عيان على واقعة استشهاد عاطف السادات أول شهيد فى حرب العبور
مفيش طيار زى حسنى مبارك
الإسرائيليون لقبونى بـ«المجنون» بعد مناورة «الموت الأخير»
أطول معركة جوية حطمت القواعد العسكرية فى العالم
شفت مصر عارية فى نكسة 1967
إسرائيل دمرت جميع المطارات ما عدا مطارى الأقصر والغردقة
مبارك الطيار الوحيد الذى حلق فى الجو إثناء تدمير المطارات
شيدنا 632 دشمة لحماية 500 طائرة
100 طيار حموا سماء مصر بعد النكسة
نفذنا 52 طلعة عمليات فى 18 يومًا
هذه قصة استشهاد أصغر طيار خلال تدمير 180 دبابة إسرائيلية فى العريش
قلت للسادات:«عملت اللى هتعمله كفلاح لو حد اعتدى على بيتك»
صدام حسين بعت سربين طيران بأسرهم وقال «أنا مش عايز دول تانى»

على مدى 6 ساعات جلس اللواء طيار أحمد كمال المنصورى قائد تشكيل «الفهود السوداء» فى حرب السادس من أكتوبر والملقب بـ«الطيار المجنون» بين محررى جريدة «الزمان» ليقص ويروى ماذا فعل كل منهم فى موقعه؟.. وكيف حمل كل منهم أمانته وأدى دوره؟.. وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة زاد فيها الظلام يحملون مشاعل النور ليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر بين اليأس والرجاء».


اللواء «المنصورى» تحدث لأول مرة عن كواليس بين ضباط القوات الجوية بقيادة اللواء محمد حسنى مبارك ومحطات التلاحم والتصادم بينهما، كاشفًا رواية جديدة عن استشهاد شقيق الرئيس الراحل محمد أنور السادات وكيف دمر طائرتين فانتوم قبل إقلاعهم من مطار مطار الميليز الإسرائيلى.


لم يتوقف «الطيار المجنون» عن مفاجأتنا بروايات وقصص تجسد البطولة والجسارة لرجال القوات المسلحة، ولم يسقط من ذاكرته أحد منهم، ما زال يتذكر أصغر طيار شهيد فى حرب أكتوبر يدعى «بخيت» والذى غرد خارج السرب، ولم ينصاع لأوامر قادته وخاض معركة منفردة حتى نفذ هدفه واستشهد، وقبله النقيب طيار سليمان ضيف الله والذى أقسم على إسقاط الطائرة الميراج الإسرائيلية رغم إصابة طارته قائلًا:«ودين أمى ما أنا سايبه» ونجح فى تدميرها، ويسترجع «المنصورى» أطول معركة جوية خاضها استمرت 13 دقيقة واستشهد فيها زميله النقيب طيار حسن لطفى إثناء صد هجوم 6 طائرات إسرائيلية، وكيف سار بطائرته على الأرض بطريق الزعفرانة أمام العين السخنة.


«المنصورى» أول طيار عبر قناة السويس بتشكيله فى حرب أكتوبر وحلق فوق سماء سيناء الطاهرة وآخر طيار هبط فى الحرب فى يوم 24 أكتوبر، وقصّ لنا معارك العزة والشرف منذ قصف المطارات المصرية فى عام 1967 وحتى تحرير سيناء، كاشفًا رواية توقيع عقوبة عليه بسبب حديثه مع الرئيس السادات ورسالة الثلاثة الدقائق أمام الرئيس عقب إسقاط الطائرة الفانتوم.
صور تدمير المطارات المصرية فى حرب النكسة ما زالت عالقة فى ذهنه وكيف رأى مصر عارية، متطرقًا إلى الطيار الوحيد الذى كان يحلق فى السماء وقت قصف المطارات المصرية فى حرب النكسة، والمطارات التى سقط من حسابات إسرائيل خلال الهجوم الغادر.

الكثير من الأسرار والقصص التى كشفها اللواء أحمد كمال المنصورى لأول مرة خلال ندوته المثيرة بين جدارن جريدة «الزمان» ووسط محرريها فى ذكرى احتفال مصر بالعيد الـ45 لحرب السادس من أكتوبر.


فى البداية حدثنا عن المفارقات فى سلاح الجو بينا وبينا الاحتلال؟
تعتبر المقارنة ظالمة قبل أى شيء طائرتى إمكانياتها محدودة لا تحلق أكثر من 45 دقيقة، وكانت وتحمل صاروخين وفيها 200 طلقة، لا تقارن بطائرات أميركا التى تستخدمها إسرائيل وهى طائرات الفانتوم «الشبح»، وأنا بقى من قتلة الأشباح.
طائرتهم تحلق أكثر من 3 ساعات فى المعركة، بها 8 صواريخ و3000 طلقة، بها 2 طيارين أحدهم مسؤول عن تشغيل الطائرة والآخر مسؤول عن قتل الخصم، فهم كانوا أكثر منا عددًا وعدة، لكن الطائرة بالطيار، والفرس بالفارس.
 

 كيف تغلبتم فى المعارك الجوية على تلك المفارقات الضخمة؟ 
أى فكرة خارج الصندوق هى اللى بتنفع، أما الأفكار التقليدية فتبوء بالفشل، مكنش ينفع نعترض ونقول عايزين طائرات فانتوم زى إسرائيل، لأننا بكدا نكون مش عايزين نتحرك أو نعمل حاجة، لكن ثقتنا بالله، وإيقاننا بالنصر كنا لا نهاب الموت علشان كدا انتصرنا. 
 

كيف كانت الروح المعنوية بين الضباط والصف والجنود خلال فترة ما بعد النكسة وصولًا إلى حرب العبور؟
كانت مرتفعة جدًا، لأن الله سبحانه وتعالى قال: «ومن يقاتل فى سبيل الله فيُقتل أو يَغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا»، وكنت دائمًا أناجى الله وأقول «يا رب بلاش يٌقتل دى، خلينا فى الشق التانى يغلب لحد ما نشوف هنعمل إيه مع اليهود دول».
وأنا كنت قائد تشكيل «الفهود السوداء» مقاتلات فى سرب انتحار، وكنت بجيب الطيارين اللى عندى وأقول لهم «أنا مش عايز حد يموت فى سبيل الوطن، اللى هيموت فى سبيل الوطن هيكسر طيارة تساوى 50 مليون، وهيجيب لأهله مصيبة»، وهذا يتحقق بحاجتين الامتثال لقول الله «إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى».

ما حقيقة التقاطك أول صورة سيلفي في التاريخ؟
فعلًا ألتقط أول صورة سلفى فى التاريخ مع طائرتى الميج 21 الروسية حتى قبل وجود الهواتف المحمولة، أنا جبت الطيارة، وحفرت قدامها حفرة، وحطيت فيها كاميرا كودك قديمة، سلف تايم 30 ثانية، ووجهتها على الطيارة، وقمت طالع جرى واقف جنب الطيارة، وأصبحت هذه الصورة هى أجمل صورة للطيارة الميج 21 فى العالم، وأول صورة سيلفى فى نفس الوقت.

هل جمعك مواقف مع الرئيس السادات؟ قصها لنا؟
نعم، الموقف الأول كان الرئيس السادات مجتمع بالطيارين برئاسة اللواء محمد حسنى مبارك آنذاك وتحدثت عن عيوب التليفونات الموجود داخل الوحدات وكيف تعرقل عملية التواصل مع القيادة فى القاهرة ومن الممكن أن تأخر تبليغ القيادة بالمستجدات، وبعد أن غادر الرئيس جزانى اللواء مبارك وحرمنى من العلاوة 3 أشهر وغنيت ظلموه، خصموا نص ماهيتى، وطبعًا من وراء الرئيس.

أين كنت خلال تدمير المطارات المصرية فى نكسة 67؟
كنت فى مطار العريش وشوفت مصر عريانة ملط؛ لأن اليهود كان بيفكروا خارج الصندوق قالوا نضرب الساعة 8:35 الصبح، وقت راحة المصريين، والطيار الوحيد اللى كان طاير هو الرئيس حسنى مبارك وهبط فى مطار الأقصر.
اللواء «مبارك» حينها كان قائد لواء القاذفات -طائرات القاذفات كانت بتشيل 10 طن قاذفات روسية تسمى تيو 16، كسلاح ردع لتل أبيب- وكان بيختبر الطائرات، وطلع الساعة 8:30، وهجوم إسرائيل بدء 8:35، فحسنى مبارك قعد ينادى على المطارات «أنزل فين؟» مفيش ولا مطار رد، قام واخد طائراته ونزل فى مطار الأقصر.
 وخلصت حرب 67 فى نصف ساعة فقط، يعنى الساعة 9 بالضبط كانت الحرب خلصانة، وإسرائيل ضاربة المطارات بتاعتنا بـ200 طيارة.

هل يعنى ذلك أن الطيران الإسرائيلى لم يدمر جميع المطارات المصرية كما هو شائع؟
معلومة لا يعلمها الجميع أن جميع المطارات المصرية تم تدميرها بالكامل إلا مطاريين وهما الأقصر والغردقة، وبعد فترة زمنية قصيرة تذكرت إسرائيل أن هناك مطارين لم يتم ضربهما فعادت الطائرات الإسرائيلية ودمرتهما.

سر انهيار سلاح الجو المصرى فى حرب 67؟
علشان مفيش دُشم، لذلك لما أتى قائد الطيران المصرى صدقى محمود -الله يرحمه- قال لـ«عبد الناصر»، عايزين دُشمة تختبئ تحتها الطائرات لحمايتها، فبطل حرب 73 هى الدُشم.
الرئيس السادات واللواء حسنى مبارك بنوا 632 دشمة، حفظنا فيهم طيارتنا، رغم أن عدد الطائرات كان 500 فقط، لكن كنا عاملين دشم احتياطية.

هل دار حوار بينك وبين قائد القوات الجوية بعد انتصار أكتوبر؟
نعم لما رجعنا من الحرب وقلت للواء «مبارك» يا فندم إحنا بنقبض 50 جنيه، وسواق الترلة بيقبض ألف، قالي:« وأنت تفرق عن أى حد أيه» قلتله: «لا يا فندم أنا أفرق كتير عن أى حد، أنا حرصى على الموت قدر حرص اليهود على الحياة»، رد عليا: «يعنى أيه يعنى عرفنا؟»، قلتله: «بسيطة يا فندم، لو جت دلوقتى طيارة إسرائيلية، أنا هاخد طيارتى واطلع، والخيار الوحيد اللى عندى، أن أقتله؛ لأن أنا لو ما اقتلتوش هييجى ياخد أمى وأختى».

ما هو القرار الذى أحزنك؟
قرار وقف العمليات والحرب يوم 22 أكتوبر، إنها ليلة بكى فيها القمر، أنا فى اليوم ده بكيت بدموع.

كم عدد الطيارين الذين شاركوا فى حرب الاستنزاف؟
مصر كان فيها 100 طيار مقاتل فقط بيدافعوا عن سماها كى تظل عذراء، يعنى كان فى كل مطار 15 طيار تقريبًا؛ لأن الطيار بيصحى قبل الفجر بساعة، ولازم يكون مربوط فى طيارته بـ6 أحزمة قاعد فيها قبل الشروق بساعة، منتظر أى أمر بالتحرك، «أى فى رباط». 
وأمر التحرك يحتاج 3 دقايق فقط، دقيقة أشغل الطيارة، دقيقة أطلع من تحت الدشمة، دقيقة أكون على ارتفاع 1000 قدم، ولو تأخرت عن 3 دقايق أتحاكم.
بفضل ساعتين مربوط فى الطيارة، وبعدين ساعتين راحة، ثم أطير ساعتين؛ لإن الطيار المقاتل عامل زى لاعب الكرة لازم يمارس رياضته، وأظل هكذا حتى غروب الشمس، واليوم اللى بعده آخد فترة الليل، الطيار المقاتل فقط هو اللى فى رباط، حتى وإحنا فى حالة سلام. 

هل التقيت طيارين يهود من المشاركين فى حرب أكتوبر بعد الحرب؟
الطيارون اللى كانوا ضدنا فى 73، قابلتهم بعد الحرب فى باريس، لإن فيه طيارين يهود من فرنسا، تطوعوا للحرب مع إسرائيل، فأنا كنت بشتغل فى شركة طيران فرنسية، فتقابلت معهم، ولقيت طيار منهم ذراعة الشمال مبتور، فلما سألته: «من إيه ده؟ قالى دا من الطيار المصرى المنصورى المجنون».

ماذا عن أطول معركة جوية منذ نكسة 67 وحتى حرب أكتوبر؟
كانت معركة بين طائراتين مصريتين أمام 6 طائرات فانتوم أمريكية كنت أنا وزميلى الشهيد حسن لطفى، لصد الهجوم بعدما دخلت 6 طائرات إسرائيلية عند السخنة 2 للاستطلاع و4 للحراسة والراجل يطلع، لكن أحنا كنا رجالة ووقفنا وقفة رجالة علشان كدا ربنا نصرنا، فقمت واخد زميلى وطالعين لهم، هما لما يشوفوا طائرتين ميج 21 على الرادار يعتبروهم كالتكاتك بسبب فرق الإمكانيات، لكن ميعرفوش إن لحمنا مر.
إحنا علمنا نفسنا بنفسنا، وعلمنا نفسنا أن فيه مناورة اسمها مناورة الموت الأخير، عندما تنقطع الأسباب والوسائل، بقلب الطيارة وأحط وشها فى الأرض، والطيار لو نزل ورايا مش هيطلع تانى.

ما هى مناورة الموت الأخير؟ 
هى مناورة لجأت إليها فى أطول معركة جوية عندما هاجمنى الطيار الإسرائيلى، وهذه المناورة تحتاج إلى 6500 قدم عن سطح الأرض أقل من ذلك الطيارة مش هتطلع تانى.
فأنا لما قلبت طيارتى إلى الأرض، ببص فى العداد لقيت ارتفاعى 300 قدم بس، يعنى خلاص ميت ميت، قعدت أناجى ربنا، لقيت الطيارة بتطلع معايا تانى، مين بقى اللى طلعها؟ أكيد الملايكة اللى كانت معانا والله أعلم، لإن كل المعادلات بتقول إنى كان لازم أقع بالطيارة لكن الحقيقة المناورة حطمت كل المعادلات العسكرية.
لما نجحت المناورة طلعت لقيت الطيار الإسرائيلى قدامى، رحت مسمى «باسم الله الله أكبر، وضارب أول صاروخ، دخنت طيارته»، وبعدين افتكرت إنه يهودى يعنى مسميش عليه وطلعت الصاروخ التانى، وقلتله: «ابتسم أنت تموت الآن»، ولذلك اليهود عملولى فيلم بسبب المناورة دى، ولقبونى بالمجنون.

أول تشكيل من الطائرات عبر قناة السويس فى حرب أكتوبر؟
أنا قائد أول طيارة فى أول رأس حربة عبرت القناة الساعة 2:05، وخلفى تشكلى «الفهود السوداء».

كيف وقع عليك الاختيار؟
دخل علينا قائد اللواء الساعة 1 الظهر يوم 6 أكتوبر، ووراه جندى يحمل سندوتشات، وأمرنا بالإفطار وناس كتير ما فطرتش وفضلنا صايمين، رغم إن لنا فتوى تجيز الإفطار، اللقطة دى كانت عايزة مخرج سينمائى، عندما أوهمنا القائد بالإفطار وبثقنا كل جزء كان فى فمنا.
وبعد كدا قال الكلام اللى هقول دلوقتى محدش يناقشنى فيه، التشكيل الأولانى اللى هيعبر القناة تشكيل «المنصورى»، ساعتها كنت طاير من الفرحة، خلاص اليوم المشهود جه، وهعدى سينا.
السرب بتاعنا كان 26 طيار، لم يبقى منهم بعد الحرب إلا 6 من الأشرار، وأنا واحد منهم.

هل كلفت مقاتليك بشيء قبل الإقلاع؟
جمعت التشكيل بتاعى، وقلتلهم: «اللى مش هيحلق شعره على إسرائيل مش هيحط رجله فى الطيارة  امتثالًا لقول الله «لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين» وكله حلق شعره، وأنا كمان حلقت شعرى، ومن يومها شعرى مطلعش تانى، واعتبرت دا تاج على راسى.
سيادة اللواء بما إن حضرتك أول رأس حربة فى الطيران المصرى فى 73، ما الذى رأيته عندما حلقت فوق سماء سيناء؟
ولا حاجة خالص، حسنى مبارك – قائد القوات الجوية – كان بيكلمنى على اللاسلكى وبيسأل: «يا منصورى، أيه الموقف عندك؟» قلتله: «خضرة وميه، وقبة سما زرقا مصفية» ودى الكلمات اللى غناها عبد الحليم حافظ، وده أكبر دليل على إننا خدعنا إسرائيل وأدناهم علقة سخنة.

هل هناك مشهد لن تنساه فى الحرب؟
فى شهيد طيار، انفجرت به الطيارة، الشاب دا كان معايا وإحنا طايرين فى وسط المعركة ومبقاش معانا صواريخ، بيبلغنى وبيقولي: «الطيارات بتهاجمنى، أعمل ايه؟، قلتله: اخبط فيهم، راح خابط مباشرة، هما دول الأبطال الحقيقيين».

كم عملية نفذتوها فى حرب أكتوبر؟
نفذنا 52 طلعة عمليات فى 18 يومًا، بما يعادل 4 أو 5 طلعات يوميًا وإحنا صائمين، مع أن معدل الطيران العالمى طلعة أو اتنين فقط، وتاخد يوم أجازة، فما فعلناه كان بدعم من الله.

كنت أول طيار عبرت القناة.. فمن هو آخر طيار هبط فى الحرب؟
من حسن حظى كنت أنا أول طيار عبرت القناة وآخر طيار هبط يوم 24 أكتوبر فى آخر معركة جوية، ومعظم الطيارات اللى ضربتها، كنت بروح لمكان الطيارة، وآخد منها قطعة، علشان تدفن معايا لعلها تشفع لى عند الله.

نعلم أن كل طيار يكتب وصيته ويسلمها لزميله فى الحرب.. ما هى وصيتك؟
كنت كاتب ورقة فلوسكاب وموصى إنها تدفن معايا، كاتب فيها رسالة لربى قلت فيها: «برجاء تخفيف 30% من حسابى، علشان أنا قاتلت فى سبيلك يا رب».
كتبت لزوجتى «لو استشهدت، أقعدى ربى عيالك، أنا ليا منك رجلين أقعدى ربيهم، ولو أتجوزتى هعرف وهطلعلك من التربة».
أنا ربنا خصنى بحاجات جميلة، أنا أول طائرة طلعت، وأنا آخر طائرة نزلت، وأول طيارة أسقطت الفانتوم.. إلخ، وأنا الوحيد اللى نزل بالطيارة فى الشارع.

هل خضت أى معارك مع الشهيد طيار عاطف السادات؟
اخو الرئيس عاطف السادات كان أول شهيد فى الحرب، وكنت شاهد عيان على لحظة استشهاده، إذ اختارنى الرئيس مبارك لتأمين سرب طائراته «السوخوى» المكلفة بإلقاء القنابل على أهداف إستراتيجية إسرائيلية.

عاطف السادات كان قائد تشكيل طائرات قاذفة، فاللواء حسنى مبارك قالي: «أنت هتطلع مع الطيارات دى تأمنها وترجعهالى تاني؛ لإن أنا بطلع قبلها بـ3 دقايق، علشان العدو يلتحم معايا وينشغلوا بيا، وطياراتنا القاذفة تعدى أثناء الالتحام، علشان تؤدى مهمتها.. ومبارك قالى ترجعلى الطيارات دى سليمة».

فأنا كنت بعرض نفسى للظهور أمام الرادار، علشان الطيران الإسرائيلى يلتف حولى وطياراتنا تعدى، وعاطف السادات كان مع الطيارات القاذفة اللى راحت ضربت مطار الميليز فى سيناء، وإحنا معاهم بنأمنهم، أنا بدخل المطار قبلهم، علشان الصواريخ كلها تنضرب على، والدفعة الأولى من الصواريخ تخلص، على ما يفكروا يجهزوا دفعة صواريخ التانية، كانت طياراتنا القاذفة ضربت المطار. 
وبعدين وإحنا بنلف علشان نرجع بقى، لقيت عاطف السادات بيلف ناحية المطار تانى وبيقول «بسم الله، الله أكبر»، وراح داخل مصطدم بطائرتين قبل إقلاعهم، كانوا طالعين يلحقوا اللى جاى يضرب بعد كدا.

هل هناك مواقف أعادتك لحرب أكتوبر؟
كنت فى مستشفى القوات الجوية، وعلى السلم لقيت ست لبسه طرحه سودا وبتبكى، فسألتها: «مالك يا أمى»، قالتلي: «يا ابنى أخدوا البطاقة العلاجية ونادوا على 20 واحدًا، وأنا بغسل يوم ويوم، ولو مغسلتش كلى النهاردة هموت.. قلتلها هاتى البطاقة» قالتلي: «أنا ابنى كان طيار زيك كدا، سألتها ابنك كان اسمه ايه» قالتلي:«بخيت»، طبعًا افتكرته ودخلت على مدير المستشفى، ومسكته بشده من أيده، وقلتله قوم معايا لأم بخيت.
عارفين مين بخيت؟ بخيت كان أحد الطيارين اللى بيرموا قنابل ورا المضايق، وكان ضمن 40 طيارة سوخوى فى مأمورية لتدمير لواء مدرع إسرائيلى جاى بالدبابات اللى أميركا نزلتها فى العريش، فأنا كنت طالع مع الطيارات السوخوى علشان أؤمنهم.
الأربعين طيارة دول، أصغر طيار كان فى آخر طياره كان اسمه «بخيت» دا كان لسه متخرج، عنده 19 سنة، ودخلو ضربوا اللواء دا وكان 180 دبابة، ففى دبابات جريت يمين وشمال، أنا باصص من بعيد لقيت «بخيت» بيلف، قائد اللوا بتاعه بيتكلم: «رايح فين يا بخيت؟ مردش، ارجع يا بخيت؟ ردش.. بخيت غرد خارج السرب لوحده، ولف دخل على الدبابات اللى بتجرى دى وراح نازل 1، 2، 3 بسم الله، الله أكبر، انفجرت الطيارة.. هو ده بخيت اللى أمه قاعدة على سلم المستشفى».
 

هل هناك مشاهد أخرى ترويها لنا عن فدائية الطيار المصري؟
كنا فى معركة جوية أنا وزميلى سليمان ضيف الله، وطيارته أصيب وكانت هتنفجر، فقلتله أقفز منها، لإن الطيارة –كما هو معروف تنفجر فى 30 ثانية، رد وقالى «ودين أمى ما أنا سايبة»، وراح مفجر طيارته فى طيارة العدو، وقفز من طيارته حى إلا أن الطيارين الإسرائليين ضربوه وبتروا ساقة وخرجت أمعاءه واستشهد.

ما قصة أنك عوقبت فى الحرب بسبب شجاعتك وجسارتك ومشاركتك فى العمليات رغم مرضك؟
كنت مريض ودرجة حرارتى 40 ودكتور السرب عندنا، لازم يوميًا يكشف على الطيارين قبل ما يطيروا الفجر، اللى عنده حرارة عاليه، أو ضغط أو زكام ما يطيرش.

والدكتور بيقولى مش هتطير، وأنا سامع اللاسلكى بيقول «فضة فضة فضة» يعنى هجوم جوى متوقع بأكثر من 40 طيارة، رحت جارى على الطيارة، والدكتور يجرى ورايا ويقولى مش هتطير يا منصورى، وبعدين ركنت على جناح الطيارة، ومجرد الدكتور ما قرب منى، زحلقته من على جناح الطيارة وطلعت السلم جرى، طلع ورايا السلم، وقعته من على السلم وطلعت بالطيارة، وأنا طالع بالطيارة، والطيارات داخلة على المطارات، شافونى بقوا يرموا القنابل ويجروا، ولما رجعت، أول حاجة عملها الدكتور كشف على، ملقاش أى أثر للحرارة.

ليه حضرتك بتفتخر بجزاء اللواء حسنى مبارك فى الحرب؟ 
أنا الطيار الوحيد اللى أخدت نجمة الشرف، وأخدت جزا من حسني مبارك، ودا بسبب إنى طيرت وحرارتى 40 من غير أوامر، بس هو كان لازم يدينى جزا، علشان محدش يعمل زيى ويعرض حياته للخطر وهو مريض.
بس أنا معلق الجزا دا عندى فى المنزل، لإن دى شهادة  إنى دخلت المعركة رغم مرضى.

هل حسنى مبارك صاحب أول ضربة جوية فعلًا؟ 
هو اللى خطط وهو اللى وجه؛ وبعدين جمال عبد الناصر بعد مصيبة 67، جاب حسنى مبارك ومسكه كلية الطيران، علشان يخرج طيارين، وفعلًا مبارك خرج 400 طيار خلال 9 دفعات فى 3 سنين، ودى عمرها ما حصلت.
ولما فاق جمال عبد الناصر، قال لمبارك أنت بتعمل أيه هنا، تعالى أنت قائد القوات الجوية علشان إحنا داخلين على حرب، وكان مبارك عقيد راح مرقيه لواء.
جمال عبد الناصر مسكه الطيران، وقيادة القوات، والسادات التعلب الذى حير أميركا وثق فيه.. هما الاتنين اتفقوا على كفاءة  مبارك، إحنا اللى هنقول إنه وحش.
وطول عمرى أقول جمال عبد الناصر جدى، والسادات أبويا، ومعلمى حسنى مبارك، مش ممكن أنسى له ده، وهو فعلًا مفيش طيار زى حسنى مبارك.

هل كرمك السادات؟ وهل صح أنك أخذت معك قطعة من الطيارة الإسرائيلية التى أسقطتها؟
السادات قال عايز أشوف الطيارين اللى أسقطوا الفانتوم؟، فرحت له، قالهم فين الطيارين، قالوا له هو ده، أتعجب، وقال: هو ده الطيارين!.. فلما دخلت أتكرم طلبت منه 3 دقايق أتكلم فيهم، فسمح لى .
قولتله ياريس:« أنا عملت اللى هيعملوا الرئيس أنور السادات الفلاح، لو حد اعتدى على بيته، وأنا حاربت لآخر قطرة فى دمى وهى «وقود طيارتى»، وضربت لحضرتك طيارة بـ50 مليون جنيه، ورجعت بطيارتى سليمة، ودى حته من الطيارة اللى أنا ضربتها» وشكرًا.

هل أسرتم طيارين إسرائليين فى الحرب؟
طبعًا، كنا فى أحد المطارات العسكرية، وجت طيارات إسرائيلية، ضربنا منها طيارتين، وأسرنا الطيارين عندنا، وأول ما نزلوا أخدناهم على استراحة الطيارين وقدمنا لهم ساندوتشات وشاي؛ لإننا كعرب تعلمنا أننا نحارب اللى معاه سلاح، لكن الأعزل نكرمه.
ورغم أنهم قتلوا لنا أسرى، إلا أننا منعملش كدا، لإن سيدنا محمد علمنا كده؛ وكان من ضمن الأسرى اليهود، يهودى عراقى بيتكلم عربى، فأنا سألته: «أنتوا جرى لكم أيه؟ أنتوا مكنتوش كةه؟، رد قالي: «مش إحنا اللى جرى لنا، أنتو اللى جرى لكم  أيه!».
 

ما دور العرب فى دعم سلاح الجو المصرى والجيش فى حرب أكتوبر؟
العرب بالكامل تعاونوا معنا، الجزائر بعتت سربين طيارات ميج 21، وسربين من نوع آخر، ورئيس الجزائر بنفسه راح روسيا-لإنها كانت واقفه تصدير الأسلحة بسبب الفلوس- ودفع 400 مليون دولار، وجعل روسيا تبعت لنا الطيارات قبل 10 أيام من الحرب.
الملك فيصل والشيخ زايد وقفوا إمدادات البترول، العراق (صدام حسين بعت سربين طيارات، وبعت الطيارين بعائلاتهم يقعدوا فى طنطا، وقال لحسنى مبارك أنا مش عايز دول تاني)، السودان كانت باعته قوات كتيرة لينا، والكويت أيضًا، والمغرب، وسوريا، وتونس.

موضوعات متعلقة