رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

الدراما الهندية تهدد المصرية فى عقر دارها

عاطف: الدراما الهندية لم ولن تؤثر على المصرية

عبدالعظيم :الدراما المصرية أصبحت تبحث عن الربح وليس المحتوى 

خضر: الدراما عين الأسرة التى لا تقرأ ولا تكتب.. ويجب الحفاظ على الهوية المصرية

موريس: الأعمال الدرامية الوطنية تحتاج إلى طفرة فى الإنتاج لمواجهة الأجنبيةخير الله: التنوع فى الثقافات يوسع الإدراك لدى المشاهدين

 فتح تراجع مستوى الدراما المصرية الباب على مصراعيه أمام الدراما الهندية لتغزو الثقافة المصرية فى عقر دارها، ساعد على ذلك التوسع فى افتتاح القنوات الفضائية والمتخصصة، التى تقتصر كل فقراتها على عرض هذه المسلسلات، سواء المترجمة أو المدبلجة إلى العربية، الأمر الذى ينذر بالخطر ليس فقط على الدراما المصرية بل وعلى الرؤية الثقافية للمجتمع المصرى بأكمله، فمن المؤكد أنها تحمل عادات المجتمعات التى خرجت منها بصرف النظر عن توافقها مع عاداتنا ومعتقداتنا الدينية.

 خبراء الاجتماع وعلم النفس وكتاب السيناريو ونقاد السينما فندوا الأسباب الحقيقية لانتشار هذه الظاهرة ليس فقط فى مصر بل فى أغلب البلاد العربية.

وترى الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن السبب فى ذلك يرجع إلى أرتفاع نسبة الأمية التى وصلت إلى 26% فى مصر، إلى جانب ارتفاع نسبة البطالة، وطبيعى أن تولد الأيدى العاطلة عقلا عاطلا فيصبح صيدا سهلا لأى ثقافات غريبة.

وأضافت لـ«الزمان» أن الدراما تلعب دورا مهما فى تكوين ثقافة المجتمع، فالإنسان بلا ثقافة يصبح إنسانا بلا عقل يفكر، ولا بد من استغلال الدراما فى نشر الثقافة التنويرية، بشرط أن تحمل الطابع المصرى، فلا ننسى أن نجيب محفوظ عندما تعمق فى البيئة المصرية حصل على جائزة نوبل، وقدم الكثير من الروائع الأدبية كروايته بين «القصرين» و«السكرية».

وأكدت أستاذة علم الاجتماع على حتمية استعادة الهوية المصرية فى أى عمل درامى يقدم للمشاهدين، وأن تخضع المسلسلات الأجنبية خاصة الهندية إلى عدة مراحل قبل إجازتها للمشاهدة، تبدأ بالمرور على نخبة من النقاد والكتاب، ثم لجنة فنية لفرز واختيار الجيد منها بما يتماشى مع الثقافة المصرية، ولا بد من أخذ رأى الجمهور نفسه فى نوعية المسلسلات التى تعرض على الشاشة الفضية، على أن يكون هناك قدر من الشفافية فى اختيار الأعمال دون مجاملة لأحد على حساب دمار مبادئنا الاجتماعية.

وتابعت خضر بأن السينما ظهرت فى مصر بعد 10 أيام فقط من ظهورها فى باريس، إذ قام طلعت حرب باشا بإنشاء استوديو مصر أى أننا من رواد هذا المجال فى العالم، غير أننا أخذنا فى تقليد الأمريكان فى التركيز على أفلام الأكشن، وهذا لا يليق بالدراما المصرية، مشيرة إلى أن وجهة نظرها لا تفتقد شيئا سوى ضعف الإنتاج والتمويل، ولفتت إلى أن مصر مليئة بالمواهب، وحين يتوفر التمويل لها سنجد دراما جيدة وأعمالا خالدة مثلما كانت فى الماضى، خاصة إذا أمكن السيطرة على المنتجين والممثلين الذين يبحثون عن المال بصرف النظر عن خطورة العمل الفنى على المجتمع المصرى.

وشددت خضر على أن شاشة التلفزيون عين الأسرة التى لا تقرأ ولا تكتب ولا بد أن تكون ملتزمة بالأخلاق والعادات المصرية الأصيلة، ومتفقة مع الذوق المصرى الرفيع، مؤكدة أن هناك فيروس يعمل على تدمير الدراما العربية لا بد من التخلص منه باستعادة دور شركات الإنتاج الحكومية لإحداث طفرة فيما تقدمه الدراما المصرية.

من جانبها أوضحت الدكتورة أسماء عبدالعظيم استشارى العلاقات الأسرية، أن الدراما الأجنبية لون من ألوان الثقافة الشرقية ومنها الدراما الهندية التى تقدم فكرا قريبا من العرب، لأنه شعب تحكمه عادات وتقاليد مثلنا، ولأن طبيعة الشعب المصرى متطلع للمعرفة فإنه يفضل سياق الدراما الشرقية لذلك انجذب بشكل كبير لها.

وأشارت أسماء إلى أن الدراما الهندية قد تكون مستفزة فى بعض الأحيان فنجد المشاهد المطولة لأحداث أسرية، ولكن بها إثارة وتشويق إضافة إلى أن المشاهد الرومانسية المألوفة تقدم بشكل جذاب وقد نجد بعض المشاهد العدائية داخل الأسرة الواحدة، توضح لنا مدى اختلاف الثقافات بيننا وبينهم.

وحذرت خبيرة العلاقات الأسرية من مشاهد الممارسات الدينية غير المقبولة من الديانات السماوية، والتى قد تولد فكرا يتأثر به المشاهدون، حتى وجدنا البعض يفعل نفس الطقوس والعادات غير المقبولة ويوافق عليها، والخطورة الحقيقية فى وجود قنوات خاصة للدراما الهندية تؤثر على المراهقين وتساعد فى تكوين هويتهم وطريقة فكرهم.

وأشارت إلى أن الدراما المصرية أصبحت تبحث عن الربح فخرجت من إبداع المحتوى بحثًا عن الفكرة التى تجذب الجماهير والمال، فأصبح عندنا دراما بلا هدف ذات محتوى مبتذل لا نعرف ما المقصود منها، وغابت صناعة الدراما الهادفة التى تقدم رسائل ناجحة تنمى وتبنى فكر المجتمع .

 وقالت إن الفكرة التى يدور حولها المسلسل أصبحت تكتب بشكل من أشكال الإسقاط بمعنى أن كل شخص يسقط فكرته على الورق دون مرجعية فكرية واضحة أو رسالة محددة للمسلسل، وهذا يفسر مدى انحطاط القصص والروايات السينمائية والدرامية .

وفى سياق متصل أشارت الناقدة ماجدة موريس، إلى أن الدراما الهندية انتشرت بقوة فى مصر منذ عام 2011، ومن المؤسف أنها نجحت بالفعل فى غزو الدراما المصرية فى عقر دارها.

 وأوضحت موريس أن تركيز الدراما الهندية على الأسرة الكبيرة وترابطها وتماسكها أحد أسباب تغلغلها داخل البيوت المصرية ونجاحها، إلى جانب تركيزها على قصص الحب والمشاعر النبيلة التى تتميز بوجود قدر كبير من التعفف، الذى يظهر فى التصرفات وتعبيرات وجه الممثلين، لافتة إلى أن المشاهد المصرى يفضل هذا النوع من الدراما التى يجد فيها قدرا كبيرا من العاطفة .

وأشارت موريس إلى ارتباط وجود الدراما الهندية بالدراما التركية، فلولا وجود الأخيرة لما وجدت الهندية، بالتزامن مع ضعف مستوى الدراما المصرية التى وصلت إلى أدنى مستوى لها بعد توقف التلفزيون المصرى عن الإنتاج، مما أوجد فراغا حقيقيا على الشاشات المصرية .

ولفتت موريس إلى أن الدراما الهندية ليست الوحيدة الدخيلة على الدراما المصرية فقد سبقتها التركية منذ عام 2002 ونالت إعجاب الجمهور المصرى، لتناولها العلاقات بين الرجل والمرأة والرقى فى التعامل والاهتمام بتصوير العمل فى مواقع شديدة النظافة والجمال، لذلك انتشرت فى جميع البلاد العربية.

وأكدت الناقدة السينمائية حتمية الاهتمام بصناعة الدراما الوطنية، لأنها تعبر عن المواطن المصرى، وبها مسلسلات جيدة مثل «المال والبنون»، و«ليالى الحلمية»، و«سوق العصر» وغيرها، لافتة إلى اختفاء الأعمال الجيدة لرحيل الكتاب الكبار أمثال إحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ ويسرى الجندى وأسامة أنور عكاشة، بالتزامن مع توقف كبار المخرجين أمثال محمد فاضل وأنعام محمد على ومجدى أبو عميرة عن العمل تاركين الساحة لكتاب ومخرجين جدد لا يملكون الخبرة الكافية.

وقالت موريس إن الأعمال المصرية افتقدت الإيجابية والقدوة الحسنة والذوق الرفيع، فأصبحت تعرض مسلسل الـ30 حلقة، 29 حلقة منها مليئة بالسلبيات والحلقة الأخيرة هى الإيجابية وهذا ليس كافيا لنشر الثقافة والمبادئ السليمة .

على صعيد آخر قالت الناقدة ماجدة خير الله إن الانفتاح على الثقافات المختلفة شيء جيد ولا مانع من تنوع وسائل الترفيه، فالدراما الهندية موجودة فى مصر منذ الستينيات وكانت أفلام أميتاب باتشان تتفوق على أفلام عادل إمام .

وأوضحت خيرالله أن التنوع فى المشاهدة يوسع الإدراك لدى المشاهدين، فما الذى يمنعنى كمواطن مصرى من مشاهدة المسلسلات الأخرى، وهذا لن يضعف الدراما المصرية لأنها حين تحضر تتراجع أمامها الهندية، مؤكدة أنها لم تؤثر على السوق الفنية المصرية، فالمشاهد له حق الاختيار بين مختلف الدرامات على حسب مذاقه الفنى ورغبته فى مشاهدة ما يحب.

من جانبه أكد السيناريست عمرو سمير عاطف، أن الدراما الهندية لم تؤثر إطلاقا على الدراما المصرية وأكبر دليل على ذلك أن مصر تنتج حوالى 45 مسلسلا طوال العام، تحقق كلها نجاحات جماهيرية، فالدراما المصرية بخير ولم تسقط بعد، كما أن التنوّع فى الأعمال فرصة جيدة للمشاهد للإطلاع على ثقافة الشعوب الأخرى، مؤكدا أن الدراما المصرية ستمر بأزمة بسبب قرار تحديد إنتاج المسلسلات، ولكنها ستتعافى سريعا وتستعيد قدرتها على جذب المشاهدين .

موضوعات متعلقة