رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي مقال رئيس التحرير

سليمان‭ .. ‬بين‭ ‬‮«‬بني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬والشياطين... ‭ ‬وســــــاعــــة‭ ‬الــــــرحيــــل‭   ‬

كل‭ ‬شيئ‭ ‬له‭ ‬حدود‭ .. ‬كل‭ ‬أول‭ ‬وله‭ ‬آخر‭ .. ‬كل‭ ‬بداية‭ ‬ولها‭ ‬نهاية‭ .. ‬حتى‭ ‬الشر‭ ‬له‭ ‬عُمر‭ ... ‬

 

ولكن‭ ‬سبحان‭ ‬الله‭ .. ‬سبحان‭ ‬علام‭ ‬الغيوب‭ .. ‬سبحان‭ ‬مالك‭ ‬الملك‭ ‬والملكوت‭ ... ‬

 

أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬بشر‭ .. ‬ليس‭ ‬لشرهم‭ ‬نهاية‭ .. ‬ليس‭ ‬لأذاهم‭ ‬حدود‭ ..!!! ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وجدوا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ .. ‬وإلى‭ ‬اليوم‭ ‬الموعود‭ .. ‬

 

بعد‭ ‬أن‭ ‬كانوا‭ ‬علامات‭ ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬آيات‭ ‬الشر‭ ‬المشهود‭ .. ‬أمام‭ ‬العالمين‭ .. ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬الزمان‭ ‬بلا‭ ‬سدود‭ .. ‬

 

فاستحقوا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬عليهم‭ ‬شاهدا‭ .. ‬متربصا‭ .. ‬متوعدا‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الخلود‭ .. ‬يوم‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬ساق‭ ‬ويدعون‭ ‬إلى‭ ‬السجود‭ .. ‬

 

قرائي‭ ‬الأعزاء‭ ‬

 

صدقوني‭ .. ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬أبدا‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬شريرة‭ .. ‬لم‭ ‬أعرف‭ ‬الكراهية‭ ... ‬لا‭ ‬يلمس‭ ‬قلبي‭ ‬إلا‭ ‬الحب‭ ‬والوفاء‭ ‬والتسامح‭ ‬والعفو‭ .. ‬لأن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬في‭ ‬قلبي‭ ‬عظيم‭ ‬كبير‭ .. ‬فلم‭ ‬يفسح‭ ‬المجال‭ ‬قيد‭ ‬أنملة‭  ‬ليكون‭ ‬هناك‭ ‬قدر‭ ‬تلك‭ ‬المساحة‭ ‬لأي‭ ‬مما‭ ‬يغضب‭ ‬ربي‭ ... ‬

 

ولكني‭ ‬لا‭ ‬أدري‭ ‬ما‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ....!!!!!‬

 

أبسبب‭ ‬حب‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ... ‬وغيرتي‭ ‬عليه‭ ‬فقط‭ ‬؟؟؟؟‭!!!!!! ... ‬وعلى‭ ‬انتهاكهم‭ ‬حرماته‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬بعد‭ ‬تطاولاته‭ ‬عليه‭ ‬فقط‭ ‬؟؟؟؟؟؟‭!!!!!!! .....‬‭ ‬

 

أم‭ ‬لأن‭ ‬عيناي‭ ‬ترى‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ... ‬رؤيا‭ ‬العين‭ ‬حقيقتهم‭ .. ‬المؤلمة‭ ‬التي‭ ‬تدفعني‭ ‬أن‭ ‬اتمعر‭ ‬لوجه‭ ‬الله‭ ‬محاربة‭ ‬إياهم‭ ... ‬متصدية‭ ‬لهم‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يقومون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬متعنت‭ .. ‬وأذى‭ ‬مطلق‭ ‬لكل‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬حولهم‭ .. ‬

 

ومما‭ ‬يدعم‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬حربي‭ ‬لهم‭ ... ‬وعدم‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬أخطاءهم‭ ‬وشرورهم‭ ... ‬هذه‭ ‬العنصرية‭ ‬التي‭ ‬ينتهجونها‭ ... ‬والكبر‭ ‬الذي‭ ‬يعتليهم‭ ... ‬والقبح‭ ‬الذي‭ ‬يكسوهم‭ ... ‬

 

وهم‭ ‬يؤذون‭ ‬البشر‭ .. ‬ويكيدون‭ ‬لهم‭ .. ‬ومن‭ ‬يعترض‭ ‬يسحقوه‭ ‬بدعوى‭ ‬‮«‬معاداة‭ ‬السامية‮»‬‭... ‬

 

ولا‭ ‬أدري‭ ‬أي‭ ‬باطل‭ ‬يدافعون‭ ‬عنه‭ ‬؟؟‭!! ... ‬وبأي‭ ‬باطل‭ ‬يكون‭ ‬معيارهم‭ ‬؟؟‭!!! .. ‬

 

وهم‭ ‬يرفضون‭ ‬النقد‭ ... ‬أو‭ ‬الشجب‭ ... ‬وحين‭ ‬رد‭ ‬عدوانهم‭ .. ‬نكون‭ ‬أعداء‭ ‬السامية‭ ... !!!!!!!!! ‬

 

أي‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬نرد‭ .. ‬ليكون‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬منا‭ ‬لما‭ ‬يقومون‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ..!!! ... ‬نكون‭ ‬نحن‭ ‬المعتدين‭ ... ‬ويكون‭ ‬تجاهنا‭ ‬الانتقام‭ ..... !!!!! ‬

 

إذن‭ ‬ماذا‭ ‬عنهم‭ ‬المعتدون‭ ‬أساسا‭ ‬؟؟؟‭!!!!!!!....‬

 

لا‭ ‬أدري‭ ‬كيف‭ ‬يعطون‭ ‬لأنفسهم‭ ‬حق‭ ‬الاعتداء‭ ‬؟؟؟‭!!!!! .... ‬ويجردونا‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الرد‭ ‬والاعتراض‭ ‬؟؟؟؟؟‭!!!!!! .... ‬

 

لماذا‭   ‬؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟‭!!!!!!!!!!!!!!!! ....‬

 

ولمتى‭ ‬؟؟؟؟؟؟؟؟؟‭!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ...‬

 

وأين‭ ‬أمة‭ ‬الإسلام‭ ‬منهم‭ ‬؟؟؟؟؟‭!!!!!!!!! .... ‬

 

هم‭ ‬يعلمون‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فضلهم‭ ‬عن‭ ‬العالمين‭ ... ‬وأنهم‭ ‬أساءوا‭ ‬تلك‭ ‬الأفضلية‭ .. ‬عاقبهم‭ .. ‬حيث‭ ‬أنهم‭ ‬المغضوب‭ ‬عليهم‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭ .... ‬

 

وهكذا‭ ‬أصبحوا‭ ‬أعظم‭ ‬أعداء‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ... ‬شأنهم‭ ‬شأن‭ ‬اللعين‭ ‬المتكبر‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ... ‬شأنهم‭ ‬شأن‭ ‬‮«‬المسيخ‭ ‬الدجال‮»‬‭ (‬السامري‭) ‬أو‭ (‬ابن‭ ‬الصائد‭) ... ‬

 

أين‭ ‬أمة‭ ‬الإسلام‭ .. ‬من‭ ‬ردعهم‭ ‬وردهم‭ .. ‬أين‭ ‬أنتم‭ ‬من‭ ‬الثأر‭ ‬لله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ .. ‬من‭ ‬إنقاذ‭ ‬سائر‭ ‬المسلمين‭ ‬المقهورين‭ ‬تحت‭ ‬قبضتهم‭ ... ‬لخدمة‭ ‬مخططهم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ... ‬دون‭ ‬موقف‭ ‬كريم‭ ‬صريح‭ ‬شريف‭ ‬تجاه‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية‭ ‬؟؟؟؟‭!!!!!! .... ‬

 

كيف‭ ‬لهم‭ ‬الاستسلام‭ ‬للفرقة‭ ‬والانقسامات‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬؟؟؟‭!!!! .... ‬

 

كيف‭ ‬لهم‭ ‬عدم‭ ‬التكاتف‭ ‬والاتحاد‭ ‬للتصدي‭ ‬لإفسادهم‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬؟؟‭!!!!!... ‬

 

كيف‭ ‬ولمتى‭ ‬؟؟؟‭!!!! .... ‬هذه‭ ‬اللامبالاة‭ ‬؟؟؟؟‭!!!... ‬والغفلة‭ ‬؟؟؟‭!!!...  ‬وهذا‭ ‬التفريط‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬؟؟؟‭!!!! .. ‬

 

 

‭     ‬حسبـــــي‭ ‬اللــــــه‭ ‬ونـــــعم‭ ‬الوكــيـــــل‭ !!!!!!!‬

‭  ‬وأفـــوض‭ ‬أمـــري‭ ‬إلــــى‭ ‬اللــــــه‭ ‬إن‭ ‬اللــــــه‭ ‬بصيــــــر‭ ‬بالعبــــــاد‭ !!!!!!‬

 

لا‭ ‬أملك‭ ‬إلا‭ ‬الدعاء‭ ‬والقلم‭ .. ‬وأُبرئ‭ ‬نفسي‭ ‬من‭ ‬غفلة‭ ‬أولي‭ ‬الأمر‭- ‬إلا‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ربي‭- ‬وتهاونهم‭ ‬في‭ ‬حقوق‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالي‭ !!!!!! ... ‬

 

وأشهد‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬نيتي‭ ‬وعلمي‭ ... ‬وأسأله‭ ‬أن‭ ‬يرزقني‭ ‬القوة‭ ‬والثبات‭ ‬والرشاد‭ ‬والحماية‭ ... ‬وأنا‭ ‬أغير‭ ‬عليه‭ ‬وأبلغ‭ ‬عنه‭... ‬

 

أسأله‭ ‬أنني‭ ‬أستودع‭ ‬نفسي‭ ‬وأهلي‭ ‬وقلمي‭ ‬وديني‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ... ‬وأحتسب‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أقدمه‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬الله‭.. ‬لله‭ ... ‬

 

وأناديه‭ .. ‬يا‭ ‬الله‭ ...  ‬أنا‭ ‬ضعيفة‭    ‬احتمي‭ ‬بك‭ ... ‬

‭                          ‬أنا‭ ‬منكسرة‭   ‬قويني‭ ‬بك‭ ... ‬

‭                          ‬أنا‭ ‬حائرة‭     ‬ألوذ‭ ‬بــك‭ ... ‬

 

احتاج‭ ‬عونك‭ .. ‬وبأسك‭ .. ‬وقوتك‭ .. ‬ومددا‭ ‬عظيما‭ ‬من‭ ‬عندك‭ .. ‬يحميني‭ ‬ويؤيديني‭ ‬ويفتح‭ ‬عليّ‭ ‬فتحا‭ ‬عظيما‭ .. ‬وأنا‭ ‬أغير‭ ‬عليك‭ .. ‬أجمع‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬أجلك‭ .. ‬أحارب‭ ‬قوما‭ ... ‬أنت‭ ‬أعلم‭ ‬به‭ ‬مني‭ .. ‬أنت‭ ‬الأقدر‭ ‬عليه‭ ‬مني‭ .. ‬أسألك‭  ‬أن‭ ‬تساعدني‭ .. ‬

 

أسألك‭ ‬أن‭ ‬تكفيني‭ ‬شرهم‭ .. ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬حتى‭ ‬أتم‭ ‬رسالتي‭ ‬لك‭ ... ‬توكلت‭ ‬عليك‭... ‬وأنبت‭ ‬إليك‭ .. ‬فلا‭ ‬ملجأ‭ ‬منجاة‭ .. ‬منك‭ ‬إلا‭ ‬إليك‭ ...  ‬

 

ها‭ ‬أنا‭ ‬ذا‭ ... ‬أواصل‭ ‬حديثي‭ ‬عن‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ... ‬وتحالفهم‭ ‬واشتراكهم‭ ‬مع‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭.. ‬و«المسيخ‭ ‬الدجال‮»‬‭ ‬في‭ ‬إفساد‭ ‬الأرض‭ ‬وشيطنتها‭ .. ‬انتقاما‭ ‬من‭ ‬ذرية‭ ‬بني‭ ‬آدم‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭.. ‬لأفضلية‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ..... !!!!!‬

‭          ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ .. ‬وأنا‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬السحر‭ .. ‬أي‭ ‬عن‭ ‬جن‭ ‬بني‭ ‬اسرائيل‭ ‬وارتباطهم‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وجدوا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ .. ‬أن‭ ‬ابدأ‭ ‬ببني‭ ‬اسرائيل‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭... ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬منطقيا‭ ... ‬لماذا‭ ‬؟؟؟‭!!!!! .... ‬

 

‭          ‬لأن‭ ‬سحر‭ ‬السحرة‭ ‬إبان‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى«عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ... ‬كان‭ ‬سحرا‭ ‬على‭ ‬التخييل‭ .. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يملكون‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬التغيير‭ ... ‬تغيير‭ ‬الحقيقة‭ .. ‬وكانوا‭ ‬أضعف‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬تعلموا‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الشياطين‭ ‬قبل‭ ‬وبعد‭ ‬وفاة‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭... ‬

 

‭         ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬سحرة‭ ‬فرعون‭ ... ‬والذين‭ ‬بلغ‭ ‬عددهم‭ ‬ثمانين‭ ‬ألفا‭ ‬أو‭  ‬سبعين‭ ‬ألفا‭ .. ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأعداد‭ .. ‬نذكر‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬ألوفا‭ .‬‭. ‬وهزموا‭ ‬جميعا‭ .. ‬وخروا‭ ‬سجدا‭ ‬لرب‭ ‬العالمين‭.. ‬آمنوا‭ ‬برب‭ ‬موسى‭ ‬وهارون‭..  ‬

 

‭         ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬انهزموا‭ ‬أمام‭ ‬كليم‭ ‬الله‭ .. ‬أمام‭ ‬النبي‭ ‬‮«‬اللين‮»‬‭ ... ‬‮«‬فقولا‭ ‬له‭ ‬قولا‭ ‬لينا‮»‬‭ ‬موسى‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭  ‬

 

‭         ‬لتكون‭ ‬هذه‭ ‬أضعف‭ ‬مراحل‭ ‬بني‭ ‬اسرائيل‭ .. ‬في‭ ‬السحر‭ ... ‬وإنما‭ ‬كانت‭ ‬قوتهم‭ ‬قبل‭ ‬وبعد‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ ‬كما‭ ‬قلنا‭  .. ‬وحتى‭ ‬الآن‭ .... ‬

 

‭         ‬لذلك‭ ‬أرجأت‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬عصور‭ ‬القوة‭ .. ‬لأنها‭ ‬قائمة‭ ‬حتى‭ ‬الان‭ ... ‬ليكون‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬الساعة‭ ... ‬دون‭ ‬انقطاع‭ ‬أو‭ ‬انفصال‭ .. ‬

 

‭        ‬إذن‭ ‬فإن‭ ‬النوع‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬وهو‭ ‬تسخيير‭ ‬الشياطين‭ ... ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يأخذ‭ ‬تركيزا‭ ‬و‭ ‬نصيبا‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ... ‬لأنه‭ ‬محاولات‭ ‬لتملك‭ ‬الأرض‭ ‬وشيطنتيها‭ ... ‬

 

‭       ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬النوع‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬الذي‭ ‬يُستعان‭ ‬فيه‭ ‬بالجن‭ ‬والشياطين‭ !!!! .... ‬لأن‭ ‬الشياطين‭ ‬لهم‭ ‬علاقة‭ ‬قوية‭ ‬بالسحر‭... ‬لأنهم‭ ‬أساس‭ ‬السحر‭ ... ‬ولأنهم‭ ‬هم‭ ‬قوة‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬أذية‭ ‬البشر‭ ... ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬لنا‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭... ‬وندلل‭ ‬أن‭ ‬الشياطين‭ ‬علموا‭ ‬الناس‭ ‬السحر‭....‬‮«‬يعلمون‭ ‬الناس‭ ‬السحر‭ ..‬‮»‬‭ .. ‬وماداموا‭ ‬علموا‭ ‬غيرهم‭ ‬إذن‭ ‬أنهم‭ ‬أصحاب‭ ‬الصنعة‭ .. ‬محترفين‭ ‬ومتقنيها‭ ...‬

 

‭         ‬فالجن‭ ‬أجسام‭ ‬نارية‭ ‬شفافة‭ ‬خلقوا‭ ‬من‭ ‬النار‭.....‬‮«‬ولقد‭ ‬خلقنا‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬صلصال‭ ‬من‭ ‬حمإ‭ ‬مسنون‭ ‬والجان‭ ‬خلقناه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬من‭ ‬نار‭ ‬السموم‮»‬‭ ... ‬

 

‭         ‬ولهم‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التشكل‭... ‬ويخترقون‭ ‬الجدران‭ ‬وسرعتهم‭ ‬تفوق‭ ‬البشر‭.... ‬وهكذا‭ ‬تحكمهم‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬يتشكلون‭ ‬عليها‭ .... ‬‮«‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬رجال‭ ‬من‭ ‬الإنس‭ ‬يعوذون‭ ‬برجال‭ ‬من‭ ‬الجن‭ ‬فزادوهم‭ ‬رهقاً‭ ‬‮»‬‭ ... ‬وإجماع‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬والجماعة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬البشر‭ ‬لا‭ ‬يمكنهم‭ ‬رؤية‭ ‬الجن‭ ‬على‭ ‬صورته‭ ‬الحقيقية‭.... ‬‮«‬أنه‭ ‬يراكم‭ ‬هو‭ ‬وقبيله‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬ترونهم‮»‬‭ ... ‬

 

حتى‭ ‬أن‭ ‬علماء‭ ‬أهل‭ ‬السُنة‭ ‬اعتبروا‭ ‬من‭ ‬يدعي‭ ‬أنه‭ ‬رأى‭ ‬الجن‭ ‬على‭ ‬صورته‭ ‬الحقيقية‭ ‬فاسق‭ ‬مردود‭ ‬الشهادة‭.... ‬يقول‭ ‬الإمام‭ ‬الشافعي‭: ‬‮«‬وممن‭ ‬تُرد‭ ‬شهادته‭ ‬ولا‭ ‬تُسلم‭ ‬له‭ ‬عدالته‭ ‬من‭ ‬يزعم‭ ‬أنه‭ ‬يرى‭ ‬الجن‭ ‬عيانا‭ ‬ويدعي‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬منهم‭ ‬أعواناً‮»‬‭.‬

 

حتى‭ ‬أن‭ ‬خازن‭ ‬جهنم‭ ... ‬‮«‬من‭ ‬الجان‭ ‬المؤمن‮»‬‭ ‬لم‭ ‬يستطيع‭ ‬النبي‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ... ‬رؤيته‭ ‬على‭ ‬حقيقته‭.. ‬لشدة‭ ‬المنظر‭ .. ‬وهول‭ ‬الرؤية‭ ..‬‭. ‬لأن‭ ‬الرسول‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬لو‭ ‬رآه‭ ‬على‭ ‬حقيقته‭ ‬لو‭ ‬زهقت‭ ‬روحه‭ ... ‬فتشكل‭ ‬الجان‭ ‬له‭ .. ‬لشدة‭ ‬حبه‭ ‬وتعلقه‭ ‬بالمصطفي‭ .. ‬فكان‭ ‬يود‭ ‬أن‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ... ‬حتى‭ ‬ينعم‭ ‬برؤيته‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ..... ‬

 

ويرجع‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬مادة‭ ‬الجن‭ ‬اللطيفة‭ ‬النارية‭ ‬الشفافة‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬رؤية‭ ‬البشر‭.... ‬فلا‭ ‬يمكنهم‭ ‬مشاهدة‭ ‬الجن‭ ‬على‭ ‬حقيقته‭... ‬لكن‭ ‬يمكن‭ ‬مشاهدته‭ ‬إذا‭ ‬تشكل‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬أخرى‭ ‬تخضع‭ ‬لحدود‭ ‬البصر‭ ‬البشري‭... ‬كصورة‭ ‬إنسان‭ ‬مثلا‭... ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الكائنات‭ ... ‬

 

ولما‭ ‬يتشكل‭ ‬الجن‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬فإنهم‭ ‬يخضعون‭ ‬لقوانين‭ ‬تلك‭ ‬الصورة‭..... ‬فمثلاً‭ ‬إذا‭ ‬تشكل‭ ‬الجن‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬إنسان‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يخترق‭ ‬الجدران‭... ‬ويموت‭ ‬بالرصاص‭... ‬ويمكن‭ ‬قتله‭ ‬والإمساك‭ ‬به‭...  ‬فهو‭ ‬خاضع‭ ‬لقوانين‭ ‬الإنسان‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الجن‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬صورته‭ ‬الحقيقية‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬لأنه‭ ‬قد‭ ‬يهلك‭ ‬ويُقتل‭... ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬بنا‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬الجن‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬للصورة‭ ‬التي‭ ‬تتشكل‭ ‬بها‭ ‬لفعلوا‭ ‬المصائب‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬دون‭ ‬قدرة‭ ‬عليهم‭.‬

 

لذلك‭ ‬يستعين‭ ‬السحرة‭ ‬بالجن‭ ‬لتملك‭ ‬قوى‭ ‬تفوق‭ ‬قدرات‭ ‬الإنسان‭ ‬العادي‭ ‬للتسلط‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬والتحكم‭ ‬فيهم‭ ‬والاستخدام‭ ‬في‭ ‬الشر‭ ‬والضر‭ ‬وقد‭ ‬أخبرنا‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬السحر‭ ‬كفر‭ ‬والسحرة‭ ‬كفار‭. ‬

 

ولكن‭ ‬سبحان‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬عز‭ ‬فارتفع‭ ‬وعلا‭ ‬فامتنع‭ ‬ووهب‭ ‬ونزع‭ ‬وضر‭ ‬ونفع‭ ‬وسن‭ ‬وشرع‭ ‬وفرق‭ ‬وجمع‭ ‬وذل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لعظمته‭ ‬وخضع‭ ‬‮«‬‭ ‬لَئِن‭ ‬سَأَلْتَهُم‭ ‬مَّنْ‭ ‬خَلَقَ‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالأَرْضَ‭ ‬لَيَقُولُنَّ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬قُلْ‭ ‬أَفَرَأَيْتُم‭ ‬مَّا‭ ‬تَدْعُونَ‭ ‬مِن‭ ‬دُونِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬إِنْ‭ ‬أَرَادَنِيَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬بِضُرٍّ‭ ‬هَلْ‭ ‬هُنَّ‭ ‬كَاشِفَاتُ‭ ‬ضُرِّهِ‭ ‬أَوْ‭ ‬أَرَادَنِي‭ ‬بِرَحْمَةٍ‭ ‬هَلْ‭ ‬هُنَّ‭ ‬مُمْسِكَاتُ‭ ‬رَحْمَتِهِ‭ ‬قُلْ‭ ‬حَسْبِيَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬يَتَوَكَّلُ‭ ‬الْمُتَوَكِّلُونَ‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الزمر‭ ‬

 

الله‭ ‬الذي‭ ‬خلق‭ ‬الإنس‭ ‬والجان‭ ‬وذكر‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭: ‬شياطين‭ ‬الإنس‭ ‬والجان،‭ ‬إذاً‭ ‬هناك‭ ‬شياطين‭ ‬من‭ ‬الإنس‭ ‬وهناك‭ ‬شياطين‭ ‬من‭ ‬الجان‭ .. ‬فالإنس‭ ‬والجان‭ ‬الذين‭ ‬ءامنوا‭ ‬بالله‭ ‬هم‭ ‬الصالحين‭.. ‬أما‭ ‬الإنس‭ ‬والجان‭ ‬الذين‭ ‬استعانوا‭ ‬ببعضهم‭ ‬على‭ ‬الكفر‭ ‬وعبادة‭ ‬إبليس‭ ‬وإفساد‭ ‬الأرض‭ ‬فهم‭ ‬الشياطين‭ ‬من‭ ‬الإنس‭ ‬والجان‭.‬

 

وسبحانه‭ ‬عز‭ ‬من‭ ‬قائل‭ .. ‬‮«‬وَأَنَّا‭ ‬مِنَّا‭ ‬الصَّالِحُونَ‭ ‬وَمِنَّا‭ ‬دُونَ‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬كُنَّا‭ ‬طَرَائِقَ‭ ‬قِدَداً‮»‬‭ ... ‬سورة‭ ‬الجن‭ ......... ‬وكذلك‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ : ‬‮«‬يَا‭ ‬مَعْشَرَ‭ ‬الْجِنِّ‭ ‬وَالْإِنْسِ‭ ‬إِنِ‭ ‬اسْتَطَعْتُمْ‭ ‬أَنْ‭ ‬تَنْفُذُوا‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْطَارِ‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالْأَرْضِ‭ ‬فَانْفُذُوا‭ ‬لَا‭ ‬تَنْفُذُونَ‭ ‬إِلَّا‭ ‬بِسُلْطَانٍ‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الرحمن‭ ‬

 

الجن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬زمان‭ ‬ومكان‭ ... ‬يرفعون‭ ‬راية‭ ‬الغدر‭ ‬وعدم‭ ‬الأمان‭ .. ‬يحاولون‭ ‬جاهدين‭ ‬إبعاد‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬الجنان‭ .. ‬يلازمون‭ ‬الأنبياء‭ ‬والمرسلين‭ ..‬‭.  ‬‮«‬وَكَذَلِكَ‭ ‬جَعَلْنَا‭ ‬لِكُلِّ‭ ‬نَبِيٍّ‭ ‬عَدُوًّا‭ ‬شَيَاطِينَ‭ ‬الْإِنْسِ‭ ‬وَالْجِنِّ‭ ‬يُوحِي‭ ‬بَعْضُهُمْ‭ ‬إِلَى‭ ‬بَعْضٍ‭ ‬زُخْرُفَ‭ ‬الْقَوْلِ‭ ‬غُرُورًا‭ ‬وَلَوْ‭ ‬شَاءَ‭ ‬رَبُّكَ‭ ‬مَا‭ ‬فَعَلُوهُ‭ ‬فَذَرْهُمْ‭ ‬وَمَا‭ ‬يَفْتَرُونَ‮»‬‭ ... ‬وهكذا‭ ‬يظل‭ ‬وجودهم‭ ‬سنة‭ ‬كونية‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭ .. ‬أعاذنا‭ ‬الله‭ ‬منهم‭ ‬الرحمن‭ ‬الرحيم‭ ... ‬

 

فالتاريخ‭ ‬خير‭ ‬شاهد‭ ‬عليهم‭ .. ‬وصفحات‭ ‬الزمان‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬يسجل‭ ‬لهم‭ .. ‬وذكريات‭ ‬الماضي‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬يحفظ‭ ‬سيرتهم‭ ... ‬فها‭ ‬هي‭ ‬بابل‭ (‬العراق‭) ‬في‭ ‬كثرة‭ ‬السحر‭ ‬والسحرة‭.. ‬تضرب‭ ‬المثل‭ ‬في‭ ‬إتقان‭ ‬السحر‭ ‬بحكماء‭ ‬وكهنة‭ ‬وسحرة‭ ‬بابل‭....‬

 

‭ ‬كما‭  ‬أنهم‭ ‬جعلوا‭ ‬من‭ ‬الكواكب‭ ‬آلهة‭ ‬وعبدوها‭.... ‬ويعتقدون‭ ‬أن‭ ‬حوادث‭ ‬العالم‭ ‬كلها‭ ‬من‭ ‬أفعال‭ ‬النجوم‭ ‬والكواكب‭ ‬والطالع‭.... ‬وعملوا‭ ‬أصناماً‭ ‬على‭ ‬أسماء‭ ‬الكواكب‭ ‬وعبدوها‭ ‬وقدموا‭ ‬لها‭ ‬القرابين‭.... ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬جاء‭ ‬سيدنا‭ ‬‮«‬إبراهيم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬ليدعوهم‭ ‬إلى‭ ‬الإسلام‭ ‬لله‭ ‬الواحد‭ ‬الأحد‭ ‬رب‭ ‬الكواكب‭.‬

 

وتواجد‭ ‬السحر‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬زمان‭ ‬فرعون‭ ‬موسى‭ ‬بمصر،‭ ‬ومن‭ ‬أكثر‭ ‬الأمم‭ ‬التي‭ ‬اشتغلت‭ ‬بالسحر‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬بني‭ ‬اسرائيل‭.... ‬كما‭ ‬أشرنا‭ .. ‬وما‭ ‬زال‭ ‬الحديث‭ ‬طويل‭ ‬عن‭ ‬جن‭ ‬بني‭ ‬اسرائيل‭ ... ‬الشركاء‭ ‬في‭ ‬غدر‭ ‬أبناء‭ ‬العم‭ ‬سام‭ ... ‬وعن‭ ‬شياطين‭ ‬إنسهم‭ ... ‬عن‭ ‬مكر‭ ‬جنسهم‭ ... ‬‮«‬قَالَ‭ ‬ادْخُلُوا‭ ‬فِي‭ ‬أُمَمٍ‭ ‬قَدْ‭ ‬خَلَتْ‭ ‬مِنْ‭ ‬قَبْلِكُمْ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْجِنِّ‭ ‬وَالْإِنْسِ‭ ‬فِي‭ ‬النَّارِ‭ ‬كُلَّمَا‭ ‬دَخَلَتْ‭ ‬أُمَّةٌ‭ ‬لَعَنَتْ‭ ‬أُخْتَهَا‭ ‬حَتَّى‭ ‬إِذَا‭ ‬ادَّارَكُوا‭ ‬فِيهَا‭ ‬جَمِيعًا‭ ‬قَالَتْ‭ ‬أُخْرَاهُمْ‭ ‬لِأُولَاهُمْ‭ ‬رَبَّنَا‭ ‬هَؤُلَاءِ‭ ‬أَضَلُّونَا‭ ‬فَآتِهِمْ‭ ‬عَذَابًا‭ ‬ضِعْفًا‭ ‬مِنَ‭ ‬النَّارِ‭ ‬قَالَ‭ ‬لِكُلٍّ‭ ‬ضِعْفٌ‭ ‬وَلَكِنْ‭ ‬لَا‭ ‬تَعْلَمُونَ‮»‬‭ ... ‬سورة‭ ‬الاعراف

 

اللهم‭ ‬يا‭ ‬قوي‭.. ‬ياعزيز‭..  ‬يا‭ ‬متين‭..  ‬يا‭ ‬جبار‭ .....  ‬أهلك‭ ‬اليهود‭ ‬المعتدين‭.... ‬ودمرهم‭ ‬أعداءك‭ ‬أعداء‭ ‬الدين‭ ‬

 

اللهم‭ ‬شتت‭ ‬شملهم‭... ‬وفرق‭ ‬جمعهم‭... ‬ورد‭ ‬كيدهم‭ ‬في‭ ‬نحورهم‭..... ‬واجعل‭ ‬تدبيرهم‭ ‬تدميراً‭ ‬لهم‭... ‬يا‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ... ‬

 

اللهم‭ ‬أنزل‭ ‬غضبك‭ ‬ومقتك‭ ‬على‭ ‬اليهود‭.... ‬ومن‭ ‬والاهم‭ ‬فى‭ ‬مشارق‭ ‬الأرض‭ ‬و‭ ‬مغاربها‭... ‬يا‭ ‬رب‭ ‬رحمن‭ ‬يا‭ ‬رحيم‭ ...‬

اللهم‭ ‬إنك‭ ‬قلت‭ ‬عن‭ ‬اليهود‭ ‬فى‭ ‬محكم‭ ‬التنزيل‭: ‬‮«‬‭ ‬وضُرِبَتْ‭ ‬عَلَيْهِمُ‭ ‬الذِّلَّةُ‭ ‬والْمَسْكَنَةُ‭ ‬وبَاءُوا‭ ‬بِغَضَبٍ‭ ‬مِّنَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬بِأَنَّهُمْ‭ ‬كَانُوا‭ ‬يَكْفُرُونَ‭ ‬بِآيَاتِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬ويَقْتُلُونَ‭ ‬النَّبِيِّينَ‭ ‬بِغَيْرِ‭ ‬الحَقِّ‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬بِمَا‭ ‬عَصَوا‭ ‬وكَانُوا‭ ‬يَعْتَدُونَ‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭ ........ ‬وكذلك‭ ‬قلت‭ ‬وقولك‭ ‬الحق‭ : ‬‮«‬‭ ‬ضُرِبَتْ‭ ‬عَلَيْهِمُ‭ ‬الذِّلَّةُ‭ ‬أَيْنَ‭ ‬مَا‭ ‬ثُقِفُوا‭ ‬إلاَّ‭ ‬بِحَبْلٍ‭ ‬مِّنَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬وحَبْلٍ‭ ‬مِّنَ‭ ‬النَّاسِ‭ ‬وبَاءُوا‭ ‬بِغَضَبٍ‭ ‬مِّنَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬وضُرِبَتْ‭ ‬عَلَيْهِمُ‭ ‬المَسْكَنَةُ‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬بِأَنَّهُمْ‭ ‬كَانُوا‭ ‬يَكْفُرُونَ‭ ‬بِآيَاتِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬ويَقْتُلُونَ‭ ‬الأَنبِيَاءَ‭ ‬بِغَيْرِ‭ ‬حَقٍّ‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬بِمَا‭ ‬عَصَوْا‭ ‬وكَانُوا‭ ‬يَعْتَدُونَ‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬آل‭ ‬عمران‭ ... ‬

 

 

 

اللهم‭ ‬حقق‭ ‬فيهم‭ ‬قولك‭.... ‬و‭ ‬أرنا‭ ‬فيهم‭ ‬آياتك‭ ‬يا‭ ‬نصير‭ ‬المستضعفين‭.... ‬يا‭ ‬رب‭ ‬إنهم‭ ‬قد‭ ‬طغوا‭ ‬و‭ ‬بغوا‭ ‬و‭ ‬عاثوا‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬فسادا‭.... ‬

 

اللهم‭ ‬أهلكم‭ ‬كما‭ ‬أهلكت‭ ‬عادا‭ ‬و‭ ‬ثمود‭ ‬يا‭ ‬رب‭ ‬المقهورين‭ ‬فى‭ ‬فلسطين‭ ‬و‭ ‬العراق‭ ‬و‭ ‬لبنان‭ ‬و‭ ‬سائر‭ ‬بلاد‭ ‬الإسلام‭ ‬المغتصبة‭.... ‬ليس‭ ‬لهم‭ ‬إلا‭ ‬أنت‭ ‬فاجبر‭ ‬كسرهم‭ ‬و‭ ‬ألف‭ ‬بين‭ ‬قلوبهم‭ ‬و‭ ‬وحد‭ ‬صفهم‭ ‬و‭ ‬انصرهم‭ ‬على‭ ‬أعدائك‭ ‬أعداء‭ ‬الدين‭ .... ‬

 

‭ ‬يا‭ ‬رب‭ ‬دعوناك‭ ‬كما‭ ‬أمرتنا‭.... ‬فاستجب‭ ‬لنا‭ ‬كما‭ ‬وعدتنا‭.... ‬

آمـــــيـــــــن‭.. ‬آمــــــــيــــــن‭.. ‬آمـــــــــيـــــن‭ ‬

‭ ‬

بني‭ ‬اسرائيل‭ ‬الذين‭ ‬ادعوا‭ ‬أن‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ ‬كان‭ ‬ساحراً‭ ‬وأنه‭ ‬كبير‭ ‬السحرة‭...  ‬ونسبوا‭ ‬له‭ ‬خاتم‭ ‬سليمان‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب‭.... ‬فهو‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬عندهم‭ ‬في‭ ‬سفر‭ ‬الملوك‭ ‬الأول‭ ‬وسفر‭ ‬أخبار‭ ‬الأيام‭ ‬الأول‭ ...‬حسب‭ ‬التلمود‭!!!!!!!.....‬

 

‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬الأنبياء‭ ‬الثمانية‭ ‬والأربعين‭... ‬وإبن‭ ‬داود‭ ‬وثالث‭ ‬ملوك‭ ‬مملكة‭ ‬إسرائيل‭ ‬الموحدة‭ ‬قبل‭ ‬إنقسامها‭ ‬إلى‭ ‬مملكة‭ ‬إسرائيل‭ ‬الشمالية‭ ‬وهي‭ ‬المملكة‭ ‬التي‭ ‬بقي‭ ‬يحكمها‭ ‬قبائل‭ ‬إسرائيل‭ ‬الإثنا‭ ‬عشر‭ ...... ‬ومملكة‭ ‬يهوذا‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬والتي‭ ‬حكمها‭ ‬أبناء‭ ‬قبيلة‭ ‬يهوذا‭ ‬وهي‭ ‬القبيلة‭ ‬الوحيدة‭ ‬الباقية‭ ‬من‭ ‬القبائل‭ ‬الإثنا‭ ‬عشر‭ ‬حسب‭ ‬كتابات‭ ‬اليهود‭........ ‬

 

ولا‭ ‬عجب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فهم‭ ‬أصل‭ ‬النفاق‭ ‬والكذب‭ ‬والخديعة‭ ‬والغدر‭ ... ‬وكل‭ ‬معاني‭ ‬الخسة‭ ‬و‭ ‬النقيصة‭ .... ‬فهم‭ ‬أصل‭ ‬الشر‭ ‬وكذلك‭ ‬هم‭ ‬أعوانه‭ .. ‬هم‭ ‬أولاد‭ ‬إبليس‭ .. ‬هم‭ ‬أصل‭ ‬المكر‭ ‬الخسيس‭ ... ‬هم‭ ‬مهد‭ ‬ومنبع‭ ‬التدليس‭ ... ‬هم‭ ‬‮«‬بني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭!!!!!!!..... ‬

‭  ‬قلْ‭   ‬للذئاب‭ ‬ِ‭   ‬العَاويات‭ ‬ِ‭   ‬ترَجّلي‭      ....   ‬و‭ ‬اعطي‭  ‬مَكانك‭ ‬ِ‭ ‬للذئاب‭ ‬ِ‭ ‬من‭ ‬البشرْ

‭  ‬لذئاب‭ ‬ِ‭  ‬صُهْيونَ‭     ‬التي‭    ‬بجوارها‭     ....   ‬أنت‭ ‬ِ‭ ‬الذئابُ‭  ‬أحَنُّ‭  ‬من‭  ‬بعض‭ ‬ِ‭ ‬البقرْ

لذئاب‭ ‬ِ‭  ‬صُهْيونَ‭    ‬التي‭   ‬في‭  ‬دِ‭ ‬ينها‭    ....   ‬سَفكُ‭   ‬الدماءِ‭   ‬جَزَاءُ‭  ‬إلقاءِ‭  ‬الحَجَرْ‭ ‬

لذئاب‭   ‬صهيون‭   ‬التي‭   ‬بعظامنا‭     ....   ‬تبني‭  ‬السلالم‭   ‬ل»المسيح‭  ‬المنتظر‮»‬‭ ‬

 

لكنه‭ ‬عندنا‭ ‬هو‭ ‬سليمان‭ ‬ابن‭ ‬النبي‭ ‬داود‭ ‬‮«‬عليهما‭ ‬السلام‮»‬‭......  ‬قد‭ ‬أرسل‭ ‬كلاهما‭ ‬لبنيّ‭ ‬إسرائيل‭.... ‬وتولّى‭ ‬سليمان‭ ‬الملك‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬والده‭ ‬الّذي‭ ‬كان‭ ‬عادلاً‭ ‬مع‭ ‬شعبه‭ ‬رحيماً‭ ‬بهم‭..... ‬ويحكم‭ ‬بينهم‭ ‬بما‭ ‬أمره‭ ‬الله‭.... ‬

 

تابع‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬نهج‭ ‬والده‭..... ‬وبفضل‭ ‬الله‭ ‬كان‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬التحكّم‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬المخلوقات‭ ‬والكائنات‭ ‬مثل‭ ‬الإنس‭ ‬والجن‭ ‬والطير‭ ‬والرياح‭ ‬والنحاس‭ ‬الذي‭ ‬يلين‭ ‬له‭..... ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬ولسليمان‭ ‬الريح‭ ‬غدوها‭ ‬شهر‭ ‬ورواحها‭ ‬شهر‭ ‬وأسلنا‭ ‬له‭ ‬عين‭ ‬القطر‭ ‬ومن‭ ‬الجن‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬بإذن‭ ‬ربّه‭ ‬ومن‭ ‬يزغ‭ ‬منهم‭ ‬عن‭ ‬أمرنا‭ ‬نذقه‭ ‬من‭ ‬عذاب‭ ‬السعير،‭ ‬يعملون‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬من‭ ‬محاريب‭ ‬وجفان‭ ‬كالجواب‭ ‬وقدور‭ ‬راسيات‭ ‬اعملوا‭ ‬آل‭ ‬داود‭ ‬شكرًا‭ ‬وقليل‭ ‬من‭ ‬عبادي‭ ‬الشكور‮»‬‭  ‬سورة‭ ‬سبأ

 

‭ ‬كما‭ ‬علّم‭ ‬الله‭ ‬سليمان‭ ‬لغة‭ ‬الطيور‭ ‬والحيوانات‭..... ‬وسخّر‭ ‬له‭ ‬جيشاً‭ ‬عظيماً‭ ‬من‭ ‬الإنس‭ ‬والجن‭ ‬والطير‭..... ‬ممّا‭ ‬جعله‭ ‬دائم‭ ‬الشكر‭ ‬والذكر‭ ‬والاستغفار‭ ‬كثير‭ ‬الصلاة‭...... ‬

 

هذا‭ ‬هو‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ... ‬الذي‭ ‬سخر‭ ‬الله‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬ما‭ ‬سخر‭ ... ‬ووفر‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬المقومات‭ ‬التي‭ ‬جعلته‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المخلوقات‭ ‬النارية‭ ‬الملعونة‭ ‬بعضها‭ ... ‬تلك‭ ‬المخلوقات‭ ‬التي‭ ‬لو‭ ‬أٌطلقت‭ ‬لخربت‭ ‬البلاد‭ ‬ودمرت‭ ‬أحوال‭ ‬العباد‭ ... ‬وعاثت‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬الفساد‭ .... ‬

 

أشتهر‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬بالذكاء‭ ‬منذ‭ ‬صغره‭ ... ‬و‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الايام‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬سليمان‭ ‬مع‭ ‬والده‭ ‬داوود‭ ‬‮«‬عليهما‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬جائهما‭ ‬رجلان‭ ‬يطلبان‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬قضيتهما‭......‬حيث‭ ‬إنّ‭ ‬أحدهما‭ ‬كان‭ ‬يملك‭ ‬أرضاً‭ ‬فيها‭ ‬زرع‭ ‬والآخر‭ ‬راعياً‭ ‬للغنم‭..... ‬وقد‭ ‬دخل‭ ‬الغنم‭ ‬الأرض‭ ‬ليلاً‭..... ‬وأفسد‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬زرع‭.... ‬فحكم‭ ‬داود‭ ‬لصاحب‭ ‬الأرض‭ ‬بالغنم‭ ‬تعويضاً‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تأكّد‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬القصة‭ ‬من‭ ‬الراعي‭.... ‬

 

لكنّ‭ ‬سليمان‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬رأي‭ ‬آخر‭ ‬استأذن‭ ‬والده‭ ‬به‭..... ‬وكان‭ ‬حكمه‭ ‬بأن‭ ‬يأخذ‭ ‬صاحب‭ ‬الغنم‭ ‬الأرض‭ ‬ليصلحها‭.... ‬ويأخذ‭ ‬صاحب‭ ‬الأرض‭ ‬الغنم‭ ‬لينتفع‭ ‬بلبنها‭ ‬وصوفها‭...... ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬انتهى‭ ‬صاحب‭ ‬الغنم‭ ‬من‭ ‬إصلاح‭ ‬الأرض‭ ‬أخذ‭ ‬غنمه‭.... ‬وأخذ‭ ‬صاحب‭ ‬الحديقة‭ ‬حديقته‭..... ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وداود‭ ‬وسليمان‭ ‬إذ‭ ‬يحكمان‭ ‬في‭ ‬الحرث‭ ‬إذ‭ ‬نفشت‭ ‬فيه‭ ‬غنم‭ ‬القوم‭ ‬وكنا‭ ‬لحكمهم‭ ‬شاهدين،‭ ‬ففهمناها‭ ‬سليمان‭ ‬وكلا‭ ‬آتينا‭ ‬حكمًا‭ ‬وعلمًا‭ ‬وسخرنا‭ ‬مع‭ ‬داود‭ ‬الجبال‭ ‬يسبحن‭ ‬والطير‭ ‬وكنا‭ ‬فاعلين‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الأنبياء

‭ ‬

وكان‭ ‬سليمان‭ ... ‬وكان‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ .. ‬الذي‭ ‬مكنه‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ .. ‬وأعطاه‭ ‬قدرة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لغيره‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ... ‬حين‭ ‬سأل‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬الملك‭ .. ‬فأعطاه‭ ‬حق‭ ‬الملك‭ .. ‬فكان‭ ‬جزيل‭ ‬العطاء‭ .. ‬أن‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المخلوقات‭ .. ‬حين‭ ‬يعرف‭ ‬لغتهم‭ ... ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الجن‭... ‬

 

ليرينا‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬يرضى‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬عباده‭ .. ‬يمكنه‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ .. ‬كيف‭  ‬أنه‭ ‬يكون‭ ‬مسيطرا‭ .. ‬وعلى‭ ‬من‭ ‬؟؟؟؟؟‭!!!!!.... ‬الجبابرة‭ ‬من‭ ‬المخلوقات‭ ‬وهم‭ ‬الجان‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يتصورون‭ ‬أنهم‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬وجدوا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ .. ‬ولن‭ ‬نذهب‭ ‬لبعيد‭ .. ‬فجدهم‭ ‬طاووس‭ ‬الجان‭ .. ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ..‬‭. ‬

 

ورغم‭ ‬قوتهم‭ ‬الجبارة‭ ... ‬وقدرتهم‭ ‬الفائقة‭ ... ‬وامكاناتهم‭ ‬الهائلة‭ ... ‬وسيطرتهم‭ ‬المطلقة‭.. ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬خاتم‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬سليمان‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ..!!!!! ‬لماذا‭ ‬؟؟؟؟‭!!!! .... ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬أقوى‭ ‬منهم‭ ... ‬بقدرة‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ .. ‬الخالقة‭ ‬لأي‭ ‬قوة‭ ‬أخرى‭ ‬أيا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ .. ‬حيث‭ ‬مكنه‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬ذلك‭ ‬الجان‭ ... ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬قبضته‭ ... ‬تحت‭ ‬أمرته‭ ‬وطاعته‭ ... ‬بقوة‭ ‬تفوق‭ ‬كرهيتهم‭ ‬لسليمان‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ... ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬باليد‭ ‬حيلة‭ ... ‬سليمان‭ ‬أقوى‭ ... ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يسحقهم‭ ‬ويبيدهم‭ ..... ‬‮«‬عبدي‭ ‬أطعني‭ ‬تكن‭ ‬مثلي،‭ ‬تقل‭ ‬للشيء‭ ‬كن‭ ‬فيكون‮»‬‭ ....... ‬‮«‬عبدي‭ ‬أطعني‭ ‬تكن‭ ‬عبدا‭ ‬ربانيا‭ ‬تقول‭ ‬للشيء‭ ‬كن‭ ‬فيكون‮»‬‭ ............. ‬‮«‬من‭ ‬عادى‭ ‬لي‭ ‬ولياً‭ ‬فقد‭ ‬آذنته‭ ‬بحرب‭ ‬مني،‭ ‬وما‭ ‬تقرب‭ ‬لي‭ ‬عبدي‭ ‬بشيء‭ ‬أحب‭ ‬إلي‭ ‬مما‭ ‬افترضته‭ ‬عليه،‭ ‬ومازال‭ ‬عبدي‭ ‬يتقرب‭ ‬إلي‭ ‬بالنوافل‭ ‬حتى‭ ‬أحبه‭ ‬فإذا‭ ‬أحببته‭ ‬كنت‭ ‬سمعه‭ ‬الذي‭ ‬يسمع‭ ‬به‭ ‬وبصره‭ ‬الذي‭ ‬يبصر‭ ‬به‭ ‬ويده‭ ‬التي‭ ‬يبطش‭ ‬بها‭ ‬وقدمه‭ ‬التي‭ ‬يمشي‭ ‬بها‭ ‬وإذا‭ ‬سألني‭ ‬لأعطينه‭ ‬وإذا‭ ‬استغفرني‭ ‬لأغفرن‭ ‬له‭ ‬وإذا‭ ‬استعاذني‭ ‬أعذته‮»‬‭ ... ‬

 

كان‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬الدعوة‭ ‬والدين‭ ‬الصحيح‭ ... ‬واستعان‭ ‬بذلك‭ ‬بالإنس‭ ‬والجن‭ .. ‬لتظهر‭ ‬تلك‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬سليمان‭ ...‬‭ ‬لتظهر‭ ‬تلك‭ ‬العظمة‭ ‬في‭ ‬التحكم‭ ... ‬لتظهر‭ ‬تلك‭ ‬القدرة‭ ‬في‭ ‬انصياع‭ ‬الجن‭ ‬له‭ ..... ‬

 

‭ ‬فبينما‭ ‬كان‭ ‬يتفقّد‭ ‬جنده‭ ‬عندما‭ ‬لاحظ‭ ‬غياب‭ ‬الهدهد‭ ‬دون‭ ‬علمه‭ ‬وإذنه‭ ....  ‬وعندها‭ ‬صرح‭ ‬قائلا‭ : ‬‮«‬لأعذبنه‭ ‬عذابًا‭ ‬شديدًا‭ ‬أو‭ ‬لأذبحنه‭ ‬أو‭ ‬ليأتيني‭ ‬بسلطان‭ ‬مبين‮»‬‭ ... ‬

 

‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬عاد‭ ‬الهدهد‭ ‬من‭ ‬رحلته‭ ‬وأتى‭ ‬بدليل‭ ‬قوي‭ ...‬أذهب‭ ‬عنه‭ ‬العذاب‭..  ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬بخبر‭ ‬‮«‬سبأ‭ ‬ملكة‭ ‬اليمن‮»‬‭ ...  ‬‮«‬أحطت‭ ‬بما‭ ‬لم‭ ‬تحط‭ ‬به‭ ‬وجئتك‭ ‬من‭ ‬سبأ‭ ‬بنبأ‭ ‬يقين‭* ‬إني‭ ‬وجدت‭ ‬امرأة‭ ‬تملكهم‭ ‬وأوتيت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ولها‭ ‬عرش‭ ‬عظيم‭ * ‬وجدتها‭ ‬وقومها‭ ‬يسجدون‭ ‬للشمس‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الله‭ ‬وزين‭ ‬لهم‭ ‬الشيطان‭ ‬أعمالهم‭ ‬فصدهم‭ ‬عن‭ ‬السبيل‭ ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يهتدون‮»‬‭.... ‬

 

وذلك‭ ‬أغضب‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ .. ‬أحزنه‭ ..  ‬فلم‭ ‬يتوقّع‭ ‬أن‭ ‬يسجد‭ ‬أحد‭ ‬لغير‭ ‬الله‭.... ‬فأرسل‭ ‬برسالة‭ ‬إلى‭ ‬الملكة‭ ‬يدعوها‭ ‬وقومها‭ ‬إلى‭ ‬الدين‭ ‬الحق‭ ..‬‭. ‬وعبادة‭ ‬الله‭ ‬وحده‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬شريك‭ ‬له‭...  ‬وأرسلها‭ ‬مع‭ ‬الهدهد‭ ‬الّذي‭ ‬أوصلها‭ ‬للملكة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يراه‭ ‬أحد‭... ‬

 

‭ ‬فقرأت‭ ‬سبأ‭ ‬الرسالة‭ ‬على‭ ‬وزرائها‭ ‬وكانت‭ ‬الرسالة‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬حكاها‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ :‬‮«‬‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬سليمان‭ ‬وإنه‭ ‬بسم‭ ‬الله‭ ‬الرحمن‭ ‬الرحيم‭ * ‬ألا‭ ‬تعلو‭ ‬عليّ‭ ‬وأتوني‭ ‬مسلمين‮»‬‭... ‬

 

أي‭ ‬إسلام‭.... ‬إي‭ ‬تسليم‭ ‬لله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ .. ‬إي‭ ‬توحيد‭ ‬عظيم‭ ‬به‭ ‬وبقدرته‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭.. ‬إي‭ ‬سؤال‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬،،‭ ‬وإي‭ ‬عطاء‭ ‬من‭ ‬الله‭ ... ‬ليكون‭ ‬إي‭ ‬وفاء‭ ‬له‭ .. ‬حبا‭ ‬فيه‭ .. ‬وغيرة‭ ‬عليه‭ .. ‬ليرد‭ ‬ذلك‭ ‬الحب‭ ‬بأي‭ ‬عزة‭ .. ‬أي‭ ‬شمم‭ ... ‬أي‭ ‬كبرياء‭ .. ‬أي‭ ‬عظمة‭ .. ‬أي‭ ‬قدرة‭ ... ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تمتع‭ ‬بها‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ .. ‬وهو‭ ‬يأمر‭ ‬‮«‬بلقيس‮»‬‭ ‬وقومها‭ ‬أن‭ ‬يسلموا‭ ‬قبل‭ ‬قدومهم‭ ‬إليه‭ .... ‬

 

لتسجل‭ ‬‮«‬رهبة‭ ‬الإسلام‮»‬‭ ‬رهبتها‭ ‬بيدها‭ ... ‬لتحفر‭ ‬رهبتها‭ ‬بنفسها‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وجد‭ ‬ذلك‭ ‬الإسلام‭ ‬والتسليم‭ ‬لله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ .. ‬تسبق‭ ‬رهبته‭ ... ‬رهبة‭ ‬جنوده‭ ‬من‭ ‬الأنبياء‭ ‬والرسل‭ .. ‬لتكون‭ ‬عزة‭ ‬الأنبياء‭ ‬والرسل‭ ‬بتلك‭ ‬الرهبة‭ ... ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬الرهبة‭ .. ‬

 

 

 

فاستشارتهم‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ :‬‮«‬‭ ‬أفتوني‭ ‬في‭ ‬أمري‮»‬‭ ... ‬

 

فأجابهم‭ ‬القوم‭:  ‬‮«‬نحن‭ ‬أولو‭ ‬قوة‭ ‬وأولو‭ ‬بأس‭ ‬شديد‭ ‬والأمر‭ ‬اليك‭ ‬فانظري‭ ‬ماذا‭ ‬تأمرين‮»‬‭ ‬

 

وقالت‭ ‬بلقيس‭: ‬‮«‬‭ ‬إن‭ ‬الملوك‭ ‬إذا‭ ‬دخلوا‭ ‬قرية‭ ‬أفسدوها‭ ‬وجعلوا‭ ‬أعزة‭ ‬أهلها‭ ‬أذلة‮»‬‭  ‬وخافت‭ ‬على‭ ‬قومها‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬فهي‭ ‬تعرف‭ ‬قوة‭ ‬جيوشه‭...  ‬وأرسلت‭ ‬له‭ ‬الهدايا‭ ‬والكنوز‭ ‬من‭ ‬ذهب‭ ‬وأحجار‭ ‬كريمة‭ ‬لتختبر‭ ‬صدق‭ ‬دعوته‭... ‬فإذا‭ ‬قبلها‭ ‬فهو‭ ‬راغب‭ ‬بالدنيا‭ ‬ولا‭ ‬حجة‭ ‬له‭ ‬عليها‭...  ‬وإذا‭ ‬رفضها‭ ‬فهو‭ ‬نبي‭ ‬صادق‭... ‬لا‭ ‬ضير‭ ‬بالذهاب‭ ‬له‭...‬

 

إلّا‭ ‬أنّ‭ ‬رد‭ ‬سليمان‭ ‬كان‭ ‬‮«‬أتمدونني‭ ‬بمالٍ‭ ‬فما‭ ‬آتاني‭ ‬الله‭ ‬خير‭ ‬مما‭ ‬آتاكم‭ ‬بل‭ ‬أنتم‭ ‬بهديتكم‭ ‬تفرحون،‭ ‬ارجع‭ ‬اليهم‭ ‬فلنأتينهم‭ ‬بجنود‭ ‬لا‭ ‬قبل‭ ‬لهم‭ ‬بها‭ ‬ولنخرجنّهم‭ ‬منها‭ ‬أذلة‭ ‬وهم‭ ‬صاغرون‮»‬‭ ..... ‬

 

فخرجت‭ ‬إليه‭ ‬بلقيس‭ ‬وقومها‭ ‬مسلمين‭... ‬وعندما‭ ‬علم‭ ‬سليمان‭ ‬بقدومها‭ ...‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يبهرها‭ ‬بقدرة‭ ‬الله‭ ‬عزّ‭ ‬وجل‭.... ‬

 

فطلب‭ ‬من‭ ‬معشره‭ ‬أن‭ ‬يحضروا‭ ‬له‭ ‬عرشها‭ ‬فتنافس‭ ‬بذلك‭ ‬الإنس‭ ‬والجن‭.... ‬فكان‭ ‬الجن‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬إحضاره‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬سليمان‭ ‬من‭ ‬مجلسه‭....‬ولكن‭ ‬وزيره‭ ‬والّذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬علم‭ ‬بكتاب‭ ‬الله‭ ‬كان‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحضر‭ ‬العرش‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تطرف‭ ‬عين‭ ‬سليمان‭.... ‬

 

يا‭ ‬الهي‭ .... ‬

من‭ ‬هنا‭ ‬نعلم‭ ‬ونتعلم‭ ‬وندرك‭ ‬ونعي‭ ‬ونفهم‭ ‬ونتفهم‭ ....  ‬أن‭ ‬العبد‭ ‬الصالح‭ ‬المؤمن‭ ‬بالله‭ ... ‬المستمسك‭ ‬بكتابه‭ ... ‬الدارس‭ ‬و‭ ‬المتعمق‭ ‬في‭ ‬علمه‭ .‬‭.. ‬المتدبر‭ ‬في‭ ‬شأنه‭... ‬يستطيع‭ ‬بفضله‭ ‬أن‭ ‬يقضي‭ ‬أي‭ ‬أمر‭ ... ‬يقدر‭ ‬أن‭ ‬يهزم‭ ‬الجن‭ ‬و‭ ‬الشياطين‭ ‬ولو‭ ‬كره‭ ‬الكافرون‭ .... ‬وكأن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يسجل‭ ‬في‭ ‬القران‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬البيان‭ ‬العظيم‭ .. ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يفوقه‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬بإذنه‭ .. ‬حين‭ ‬يكون‭ ‬عبدا‭ ‬صالحا‭ ‬طائعا‭ .. ‬ليكون‭ ‬ذل‭ ‬الإذلال‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الجان‭ .. ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يحجمهم‭ ... ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يذكرهم‭ ... ‬بأن‭ ‬هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬ذرية‭ ‬بني‭ ‬آدم‭ ‬الذين‭ ‬رفض‭ ‬جدكم‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ‬السجود‭ ‬له‭ .. ‬هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬ذا‭ ‬لهم‭ ‬الأفضلية‭ ‬رغم‭ ‬قوتكم‭ ‬وبأسكم‭ ... ‬هم‭ ‬الباقون‭ ‬بصلاحهم‭ ‬وطاعاتهم‭ ‬وانتم‭ ‬المنظرين‭ !!‬‭!!!! .. ‬

 

وصدق‭ ‬كلامه‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬العبد‭ ‬صالح‭ ‬المؤمن‭.... ‬وفي‭ ‬لحظات‭ ‬كان‭ ‬عرش‭ ‬بلقيس‭ ‬أمامه‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬من‭ ‬فضل‭ ‬ربي‭ ‬ليبلوني‭ ‬أأشكر‭ ‬أم‭ ‬أكفر،‭ ‬ومن‭ ‬شكر‭ ‬فإنما‭ ‬يشكر‭ ‬لنفسه‭ ‬ومن‭ ‬كفر‭ ‬فإنّ‭ ‬ربي‭ ‬غني‭ ‬كريم‮»‬‭ ... ‬

 

ولم‭ ‬يكتف‭ ‬سليمان‭ ‬بالعرش‭ ‬لإبهار‭ ‬بلقيس‭....  ‬وقومها‭ ‬فأمر‭ ‬‮«‬الجن‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يبنوا‭ ‬له‭ ‬قصراً‭ ‬عظيماً‭ ‬فوق‭ ‬الماء‭ ‬يستقبل‭ ‬فيه‭ ‬الملكة‭..... ‬وكانت‭ ‬أرضه‭ ‬من‭ ‬زجاج‭ ‬صافٍ‭ ‬شفّاف‭ ‬شديد‭ ‬الصلابة‭ ‬والقوة‭.... ‬ووضع‭ ‬العرش‭ ‬فيه‭.... ‬فدهشت‭ ‬بلقيس‭ ‬لما‭ ‬رأت‭ ‬العرش‭..... ‬وعندما‭ ‬حاولت‭ ‬الدخول‭ ‬إليه‭ ‬خافت‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬الذي‭ ‬يسري‭.... ‬ورفعت‭ ‬عن‭ ‬قدمها‭ ‬لتسير‭ ‬على‭ ‬الماء‭ .... ‬

 

فأخبرها‭ ‬سليمان‭ ‬بأن‭ ‬الأرضية‭ ‬زجاج‭.... ‬فصدقت‭ ‬بالدعوة‭ ‬وأعلنت‭ ‬إسلامها‭ ‬وقالت‭: ‬‮«‬رب‭ ‬إني‭ ‬ظلمت‭ ‬نفسي‭ ‬وأسلمت‭ ‬مع‭ ‬سليمان‭ ‬لله‭ ‬رب‭ ‬العالمين‮»‬‭ ‬

 

الله‭ ... ‬يا‭ ‬حبيبي‭ ‬يا‭ ‬الله‭ ... ‬من‭ ‬أعتز‭ ‬بك‭ .. ‬كان‭ ‬عزيزا‭ ‬عندك‭ .. ‬ورفعة‭ ‬شأنه‭ ‬بين‭ ‬يديك‭ ‬وأمام‭ ‬خلقك‭ ... ‬

الله‭ ... ‬يا‭ ‬حبيبي‭ ‬يا‭ ‬الله‭... ‬من‭ ‬أحبك‭ .. ‬من‭ ‬أطاعك‭ .. ‬كان‭ ‬بك‭ ‬وبأنسك‭ ‬آية‭ ‬في‭ ‬الكون‭  .. ‬دليلا‭ ‬لجودك‭ ...  ‬

الله‭ ... ‬يا‭ ‬حبيبي‭ ‬يا‭ ‬الله‭...‬من‭ ‬كنت‭ ‬له‭.. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬لك‭.. ‬كان‭ ‬بك‭ ‬أغنى‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬الدنيا‭.. ‬متفردا‭ ‬في‭ ‬ملكك‭ ... ‬

الله‭ ... ‬يا‭ ‬حبيبي‭ ‬يا‭ ‬الله‭.. ‬اصلي‭ ‬على‭ ‬النبي‭.. ‬لعلها‭ ‬تساعدني‭..  ‬استجمع‭ ‬قوتي‭.. ‬وأنا‭ ‬أسطرها‭ ‬شرفا‭ ‬في‭ ‬وصفك‭ ...‬

الله‭ ... ‬يا‭ ‬حبيبي‭ ‬يا‭ ‬الله‭... ‬يا‭ ‬روح‭ ‬الروح‭.. ‬يا‭ ‬منية‭ ‬الوجد‭ ‬المجروح‭... ‬شوقا‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬حبك‭ ‬كطائر‭ ‬مذبوح‭ ... ‬

الله‭ ... ‬يا‭ ‬حبيبي‭ ‬يا‭ ‬الله‭ ... ‬ادركني‭ ‬فاض‭ ‬بي‭ ‬الحب‭ ‬فأنا‭ ‬في‭ ‬هواكم‭ ‬اتعذب‭ .. ‬ما‭ ‬بين‭ ‬اللهفة‭ ‬في‭ ‬الكتمان‭ ‬أوالبوح‭ .. ‬

الله‭ ... ‬يا‭ ‬حبيبي‭ ‬يا‭ ‬الله‭ ... ‬لا‭ ‬تأخذني‭ ‬عنك‭ ‬الدنيا‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬أجلك‭ ... ‬أنا‭ ‬لك‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬دنيا‭ ‬المتاع‭ ‬والجنوح‭ .. ‬

 

وحين‭ ‬مرض‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬سليمان‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬مرضاً‭ .. ‬واحتار‭ ‬في‭ ‬علاجه‭ ‬الإنس‭ ‬والجن،‭ ‬تنبه‭ ‬سليمان‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬أن‭ ‬شفاء‭ ‬الانبياء‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬الطبيب‭ ‬المداوي‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ .. ‬فهو‭ ‬شفاء‭ ‬كل‭ ‬البشر‭ ..‬‮«‬وإذا‭ ‬مرضت‭ ‬فهو‭ ‬يشفين‮»‬‭ .. ‬فما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬إلا‭ ‬الدعاء‭ ... ‬وكذا‭ ‬الاستغفار‭ .‬‭.. ‬حيث‭ ‬تربى‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬أبيه‭ ‬داوود‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتغنى‭ ‬الجبال‭ ‬معه‭ .. ‬وتتمايل‭ ‬طربا‭ ‬بصوته‭ ‬العذب‭ .. ‬وبآدائه‭ ‬المخلص‭ .. ‬الذي‭ ‬يتركز‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬لله‭ ‬تعالى‭ ...‬ليعزف‭ ‬بذلك‭ ‬أعزب‭ ‬وأروع‭  ‬سيمفونية‭ ‬عرفها‭ ‬الوجود‭ ‬وأدركتها‭ ‬البشرية‭ .. ‬حتى‭ ‬أنها‭ ‬خلدت‭ ‬صوته‭ ‬إلى‭ ‬الآبد‭ ... ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الخلود‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬القران‭ ‬الكريم‭ :‬‮«‬‭ ‬يا‭ ‬جبال‭ ‬أوبي‭ ‬معه‭ ‬والطير‮»‬‭ ... ‬لتظل‭ ‬مزامير‭  ‬داوود‭ ‬أعذب‭ ‬ذكر‭ ‬في‭ ‬الوجود‭ .. ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكرره‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬البشرية‭ .. ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬معيارا‭ ‬ضرب‭ ‬به‭ ‬المثل‭   ... ‬حين‭ ‬قام‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬بتشبيه‭ ‬صوت‭ ‬ابن‭ ‬مسعود‭ ‬بصوت‭ ‬الذهب‭ .... ‬

 

وهكذا‭ ‬ولم‭ ‬يكتب‭ ‬الشفاء‭ ‬لسليمان‭ ‬على‭ ‬أيديهم‭  ... ‬ولكن‭ ‬كانت‭ ‬ببركة‭ ‬المداومة‭ .. ‬فداوم‭ ‬على‭ ‬الدعاء‭ ‬والاستغفار‭.. ‬الذي‭ ‬قهر‭ ‬بهما‭  ‬استمرّ‭ ‬المرض‭ ‬وبشدّة‭... ‬الذي‭ ‬كلما‭ ‬اشتد‭ ‬عليه‭ ‬المرض‭ ‬كان‭ ‬داعما‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬الدعاء‭ ‬والاستغفار‭ ... ‬حتى‭ ‬أتم‭ ‬الله‭ ‬لع‭ ‬الشفاء‭.. ‬وأعاد‭ ‬الله‭ ‬له‭ ‬صحّته‭ ‬وقوّته‭ ‬وملكه‭... ‬حين‭ ‬لم‭ ‬ييأس‭ ‬من‭ ‬رحمة‭ ‬ربه‭.‬

 

وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬تزوج‭ ‬من‭ ‬بلقيس‭ ‬و‭ ‬قد‭ ‬وهبه‭ ‬الله‭ ‬غلاماً‭ .. ‬و‭ ‬رغم‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬توارثها‭ ‬عن‭ ‬أبيه‭ ‬داوود‭.. ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬سليمان‭ ‬صاحب‭ ‬القوة‭ ‬العظيمة‭ ‬الذي‭ ‬حين‭ ‬مَلكه‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬ملّكه‭ ‬الدنيا‭ ... ‬فتحكم‭ ‬في‭ ‬الرياح‭ ‬وتعلم‭ ‬لغة‭ ‬المخلوقات‭ ‬كلها‭ ‬فحكمهم‭ ... ‬وتأمر‭ ‬على‭ ‬الجان‭ ‬فكانوا‭ ‬يصنعون‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬وإن‭ ‬كانوا‭ ‬مقرهين‭ ... .. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬أصبح‭ ‬أبا‭ ‬لم‭ ‬ينس‭ ‬أنه‭ ‬بشر‭ .. ‬ورغم‭ ‬قوة‭ ‬الإيمان‭ ‬واليقين‭ ‬بالله‭ .. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬خاف‭ ‬على‭ ‬ابنه‭ ... ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬التوكّل‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬والرضا‭ ‬بقضائه‭ ‬وقدره‭... ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬خاف‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬فتنة‭ ‬الشيطان‭... ‬فرفعه‭ ‬للسحاب‭.. ‬

 

‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬عزّ‭ ‬وجل‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬ويعطي‭ ‬الدرس‭ .. ‬حيث‭ ‬أمر‭ ‬ملك‭ ‬الموت‭ ‬ليقبض‭ ‬روحه‭ .. ‬حين‭ ‬دخل‭ ‬سليمان‭ ‬رآه‭ ‬متوفياً‭ ‬على‭ ‬كرسيّه‭... ‬ليكون‭ ‬لسليمان‭ ‬العبرة‭ ..  ‬حيث‭ ‬رجع‭ ‬إلى‭ ‬صف‭ ‬الأنبياء‭ .. ‬كتم‭ ‬حزنه‭ ‬على‭ ‬فراق‭ ‬ابنه‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ..‬نسى‭ ‬أنه‭ ‬بشر‭ ‬أو‭ ‬حاول‭ ‬أن‭ ‬ينسى‭ ‬أنه‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬‭.. ‬لأن‭ ‬حب‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أكبر‭ ‬وأعظم‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬فلذات‭ ‬الأكباد‭ ‬خاصة‭ ‬عند‭ ‬الأنبياء‭ ... ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬عند‭ ‬الصالحين‭ ‬الأولوية‭ ‬العظمي‭ ‬لطا