رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خارجي

وزير الري الليبي بحكومة الوفاق لـ«الزمان»: المياه السبب الرئيس للصراعات المسلحة في الوطن العربي

وزير الري بحكومة الوفاق الليبية مع محرر الزمان
وزير الري بحكومة الوفاق الليبية مع محرر الزمان

ضرورة استغلال عائد البترول فى مشروعات المياه لتحقيق التنمية المستدامة

الجدوى الاقتصادية لتحلية مياه البحر أكبر من النهر الصناعي

مياه الخزان الجوفى النوبى غير متجددة ولا بد من الحفاظ عليها للأجيال القادمة

فتح المهندس عبدالله طاهر السنى وزير الرى بحكومة الوفاق الليبية، قلبه لجريدة «الزمان» متحدثا عن دور المجلس العربى للمياه فى مواجهة أزمة نقص المياه التى يعانى منها أغلب الدول العربية، ورؤيته فى إدارة الأزمة، ومقدار العجز الذى تعانى منه ليبيا بين مواردها المائية وحجم استهلاكها منه، ومستوى الكفاءة التى يعمل بها مشروع النهر الصناعى العظيم، ومشروعات معالجة مياه الصرف الصحى، ومحطات تحلية مياه البحر التى تعتزم ليبيا إقامتها لزيادة مواردها من المياه.

حدثنا عن حكومة الوفاق الليبى؟

حكومة الوفاق برئاسة المهندس فايز السراج هى الحكومة المنبثقة عن اتفاق الصخيرات الذى وقع فى المغرب بين الفرقاء الليبيين فى 17 ديسمبر 2015 تحت رعاية الأمم المتحدة، وبدأت مهام عملها فى 19 يناير 2016.

وما الدور الذى تضطلع به هذه الحكومة؟

يسعى المهندس فايز السراج إلى الخروج بليبيا من النفق المظلم الذى دخلته منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافى، وذلك من خلال تجميع الفرقاء السياسيين وتوحيد كلمتهم لوضع رؤية وطنية لمستقبل العمل السياسى بالبلاد.

شاركت هذا الأسبوع فى اجتماعات المجلس العربى للمياه فما هى القضايا التى تم مناقشتها؟

أكدنا بشدة على أن المياه أحد أسباب الصراع فى الوطن العربى، لأن الزراعة هى المستهلك الرئيسى للمياه، كما أنها تستوعب أكبر قدر ممكن من العمالة ذات الخبرات المحدودة، وعندما تنضب المياه، يضطر سكان الريف إلى النزوح للمدن، مما يؤدى لحدوث صراع بينهم وبين السكان الأصليين، وهذا هو السبب الأول للهجرة غير الشرعية التى يبحث المواطن من خلالها عن مستوى معيشى أفضل.

وهل لذلك علاقة بالتنظيمات الإرهابية؟

بكل تأكيد لـن الشباب الذى يعانى من البطالة واليأس من المستقبل يكون فريسة سهلة للتنظيمات الإرهابية التى تبحث عن عناصر جديدة للقتال معها، وهذا ما بدا واضحا فى سوريا عندما تعرضت للجفاف قبل قيام الصراعات المسلحة، مما اضطر العديد من سكان القرى إلى النزوح للمدن فظهرت داعش وغيرها وانتهى الأمر بالسكان إلى نزوحهم لمعسكرات اللاجئين.

من وجهة نظرك ما الدور الذى يجب أن يلعبه المجلس العربى للمياه فى حل الأزمة؟

أعتقد أن المجلس مطالب بتخطى فكرة البحث والتحليل العلمى الذى تميز به المؤتمر، وأن يقوم بوضع خطة عمل تنفيذية لمواجهة النقص الحاد فى المياه التى يعانى منها أغلب الدول العربية ورفعها إلى رؤساء الدول لاتخاذ قرارت بشأنها على مستوى القمة.

وإلى أى مدى وصلت مشكلة نقص المياه؟

أكثر من 80% من الموارد المائية السطحية فى الوطن العربى تأتى من خارجه، وهذا فى حد ذاته تحد كبير، كما أن البلاد العربية تقع فى الحزام الجاف فهناك 13 دولة تعد من أفقر 19 دولة فى الموارد المائية عالميا، أى أن متوسط نصيب الفرد فيها من المياه أقل من ألف متر مكعب سنويا، بل إن من بينهم دول دخلت حد الفقر الحاد وهو أقل من 500 متر مكعب سنويا، ومصر على وشك أن تدخل هذه المرحلة بعد أن وصل نصيب الفرد بها إلى حوالى 590 مترا مكعبا فقط.

وما أهم توصية قدمتها فى الاجتماع؟

طالبت بإعادة النظر فى المحاصيل التى تزرعها كل الدول العربية، واعتبار الاستيراد جزءا من الموارد المائية، وأن تتكامل الدول ذات الحدود المشتركة فى إنتاجية المحاصيل، لأن نقطة المياه ستصبح أهم من برميل البترول ولا بد من استغلال عائدات النفط فى إقامة مشروعات الموارد المائية لإيجاد حلول دائمة لأزمة نقص المياه.

وما نوعية المشروعات التى تقترحها لزيادة مواردنا المائية؟

لا بد من النظر للموارد غير التقليدية للمياه مثل مشروعات استقطاب السحب، واستخراج المياه من الضباب، والتوسع فى محطات تحلية مياه البحر، والآبار عالية الملوحة، ووضع خطة قومية للمعالجة الثلاثية لمياه الصرف الصحى، لإعادة استخدامها فى الزراعة، فقد كانت المعالجة فى أغلب الدول العربية ثنائية يتم التخلص منها فى المصارف الزراعية، أو استخدامها فى زراعة الغابات الشجرية، وفى ظل الفقر المائى أصبح تدويرها مهما على الأقل لتوفير مياه الاستخدامات المنزلية، لأننا خلال عقدين فقط من الزمان سنواجه نقصا حادا من المياه ستنتهى بنا إلى مجاعات حادة.

 حدثنا عن الوضع المائى فى ليبيا؟

نعانى عجزا مائيا يتراوح بين مليارين وثلاثة مليارات متر مكعب من المياه سنويا، إذ تقدر الموارد المتاحة بنحو 5 مليارات متر، فيما يتراوح حجم استهلاكات المجتمع فى الزراعة والاستخدامات المنزلية والصناعة بين 7 و8 مليارات متر.

وما هى مواردكم المائية؟

نعتمد بنسبة 98% على مياه الآبار الجوفية غير المتجددة، وبنسبة 2% على مياه الأمطار، ومحطات تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحى والزراعى.

وكيف تواجهون العجز المائى؟

من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصحى فى الزراعة، لأنها المستهلك الرئيسى للمياه.

وماذا عن النهر الصناعى العظيم بليبيا؟

فكرة النهر الصناعى قامت على نقل المياه الجوفية من جنوب البلاد التى تتمتع بخزان مائى ضخم إلى المناطق الساحلية التى يتركز بها السكان، وتعانى من تملح آبارها، عبر أنابيب ضخمة يصل قطرها إلى أربعة أمتار.

وما هى مكونات المشروع؟

النهر يقوم على أربعة مراحل الأولى توصيل مياه 300 بئر من تازيربو جنوبا إلى منطقة السرير ومنها إلى أجدابيا شمالا، إذ يتفرع إلى فرعين أحدهما لبنغازى والآخر إلى سرت بطول 700 كيلو متر، وتنقل مليونى متر مكعب يوميا، والثانية تبدأ من الحساونة إلى غدامس ومنها إلى طرابلس بطول 600 كيلو متر وتنقل هى الأخرى مليونى متر مكعب وكلاهما انتهى العمل به.

وهل هناك مراحل أخرى للمشروع؟

نعم هناك المرحلة الثالثة التى تبدأ من غدامس غرب ليبيا على الحدود مع الجزائر وتتجه شمالا إلى رأس جدير ومنها إلى الزاوية، وتنقل 250 ألف متر مكعب يوميا بإجمالى 90 مليون متر سنويا، وهى تحت الإنشاء، وهناك المرحلة الرابعة التى تهدف إلى ربط الخطين الأول والثانى وتبدأ من جنوب بنى وليد إلى خليج سرت، ولكنها لم تعمل حتى الآن بالرغم من تركيب خطوط الأنابيب بطول 250 كيلو متر، نظرا لتعرض مكونات المشروع للسرقة بسبب الأحداث التى تمر بها البلاد.

وهل يعمل الفرعان الأول والثانى بكفاءتهما؟

لا فقد انخفضت المياه التى يحملها فرع الحساونة طرابلس من مليونى متر مكعب يوميا إلى حوالى 800 الف متر مكعب فقط، كما تراجعت طاقة فرع تازيربو من مليونى متر إلى 1.2 مليون متر مكعب يوميا بسبب تعرض الخطوط إلى بعض السرقات من المواطنين.

ولماذا أنشأتم النهر الصناعى؟

أكثر من 80% من سكان ليبيا يقيمون فى شمال البلاد على ساحل البحر المتوسط، إذ توجد المدن الكبرى، فيما تتركز خزانات المياه الجوفية فى جنوب البلاد، فكان لا بد من إنشاء مشروع لنقل هذه المياه للمناطق السكانية.

ولماذا لم تفكروا فى نقل السكان إلى الجنوب؟

المدن فى الجنوب قليلة ومستوى المعيشة بها أقل من المدن الشمالية، وكان يجب تأهيلها سواء من ناحية المرافق أو الخدمات حتى تصبح جاذبة للسكان، وهو ما تحرص عليه الحكومة السابقة، لذلك نجد أبناء الجنوب عندما ينزحون إلى الشمال يرفضون العودة مرة أخرى إلى مدنهم الأصلية.

هل تعتقد أن الجدوى الاقتصادية للنهر كانت أكبر من تحلية مياه البحر؟

أعتقد أن إقامة محطات عملاقة لتحلية مياه البحر كانت أهم لأن تكلفة النهر مرتفعة جدا، ومياه الخزان الجوفى غير متجددة، ولو استغلت هذه الأموال فى إنشاء محطات تحلية على البحر المتوسط، لكان أفضل لأن البحر مصدر دائم للمياه، بالإضافة إلى قربه من المدن الرئيسية التى يتركز فيها أغلب السكان.

وهل وضعتم إستراتيجية لتوفير موارد غير التقليدية للمياه؟

وضعنا إستراتيجية عام 2005 تم تحديثها عام 2013، وتعتمد على استعادة كفاءة 8 محطات تحلية مياه بحر منتشرة على طول الساحل، والتى انخفضت كفاءتها إلى 30%، منذ أحداث الثورة ونستهدف الوصول بطاقتها الإنتاجية إلى 390 مليون متر مكعب من المياه سنويا.

وهل تستهدفون إنشاء محطات جديدة؟

نستهدف إنشاء محطات جديدة لتوفير 1.5 مليار متر مكعب، أهمها محطة التحلية بشرق طرابلس لإنتاج 400 ألف متر يوميا بتكلفة 950 مليون دينار ليبى تعادل 687 مليون دولار.

وماذا عن حصاد مياه الأمطار؟

لدينا 18 سدا على الوديان لاستقطاب مياه الأمطار الموسمية توفر حوالى 61 مليون متر سنويا، ولدينا دراسات جدوى لإنشاء 25 سدا آخر.

وماذا عن محطات معالجة مياه الصرف الصحى؟

لدينا 24 محطة لمعالجة لمياه الصرف الصحى، ونسعى لإنشاء 200 محطة جديدة، بتكلفة تتراوح بين 2.4 إلى 3 مليارات جنيه، بما يعادل 1.8 مليار دولار إلى 2.1 مليار دولار، وهى مشروعات حيوية ستساهم فى توفير مياه الرى للزراعة.

وما هو حجم الأراضى الصالحة للزراعة؟

 تتراوح مساحة الأراضى الزراعية بليبيا بين 135 ألف هكتار تعادل 321 ألف فدان و140 ألف هكتار تعادل 333 ألف فدان، غير أن مساحات كبيرة منها تعرضت للتصحر نتيجة البناء عليها، ولا زالت ظاهرة التعدى على الأراضى الزراعية مستمرة.

هل لا زلتم تعتمدون على المياه التى كانت تأتيكم فى سفن نقل البترول؟

أى سفينة بترول تحتاج إلى ملء خزانها بالمياه بعد تفريغ البترول حتى تحافظ على اتزانها طوال رحلتها البحرية، ولكن المياه العذبة قليلة الكثافة ولذلك فإن وزنها أقل من المياه المالحة، وكان ذلك سببا فى رفض السفن الفكرة، كما أنها كانت فكرة غير عملية لأن مسطح الفراغ الذى يستوعب 6.3 برميل بترول يستوعب متر مكعب واحد فقط من المياه.

حدثنى عن خزان الحجر الرملى النوبى؟

هو خزان قديم منتشر فى مصر وشرق ليبيا وشمال شرق تشاد وشمال غرب السودان، وهناك هيئة مشتركة من الدول الأربعة لعمل الدراسات اللازمة للاستغلال الاقتصادى للخزان، مقرها الرئيسى بالعاصمة الليبية طرابلس ولها فرع وطنى بكل دولة.

وهل حققت الهيئة أهدافها؟

مشكلة الهيئة أنها تعتمد فى تمويل مشرعاتها البحثية على الجهات المانحة مثل اليونسكو، وغيره وكان الأفضل أن تتولى كل دولة تمويل مصاريف خبرائها، كما أن الخبراء لا يتبادلون المعلومات فيما بينهم بشفافية، ولا بد أن تفصل الحكومات بين الخلافات السياسية والتعاون فى مجال التنمية لتحقيق المصالح العليا للشعوب لأن المياه أساس حياة الإنسان.

وكيف ترى الوضع المائى فى الخزان؟

المياه الجوفية فى الخزان غير متجددة، كما أنه بعيد عن أى مجرى مائى يمكن أن يساهم فى تجديد مياهه ولو على المدى البعيد، ولكن كمية المياه به ضخمة جدا، وكفيلة بقيام أنشطة سكانية مستقرة عليها لمئات السنين، ولكن لا بد من الحفاظ عليها لأنها ملك لنا وللأجيال القادمة، فمن غير المنطقى أن تقوم الشركات الاستثمارية فى منطقة شرق العوينات بمصر بزراعة محاصيل أعلاف، ويجب أن تشترك الدول فى وضع خريطة للمحاصيل التى يجب زراعتها أو حظر زراعتها فى الحوض حفاظا على حق الأجيال القادمة فى المياه.

أخيرا.. هل هناك خلافات مائية مع دول الجوار تونس والجزائر؟

لدينا مشروعات زراعية فى منطقة «حمادة الحمراء –غدامس» تعتمد على الزراعات المطرية على الحدود المشتركة مع الجزائر وهى منطقة استثمارية واعدة يتم التنسيق فيها بين الحكومتين من خلال تجمع الساحل والصحراء.