رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

وا إسلاماه

التفاصيل الكاملة.. باحث في الفكر الإسلامي يكشف شرعية صوم «عاشوراء» في الأديان السماوية

محمد أبو العيون
محمد أبو العيون

قال محمد أبو العيون، الباحث في الفكر الإسلامي، إن الاحتفال بيوم العاشر من المحرم، المعروف لدى العامة بـ«عاشوراء»، في الأصل هو شعيرة دينية مشتركة بين اليهود والمسيحيين والمسلمين، دل عليه الحديث المروي في صحيحي البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما، قال: «قدم النبي صلى الله عليه وسلم، المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فسأل: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالحٌ، نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم "يقصدون فرعون"، فصامه موسى مسلم شكرًا لله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أحقُ بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه»، ومنذ ذلك الحين أصبح صوم عاشوراء سنة ثابتة بالقول والفعل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وأضاف أبو العيون، في تصريحات صحفية  أن هناك حديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لما صام رسول الله يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال: إذا كان عام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم»، وهذا الحديث يدل على أن «عاشوراء» مشترك دينيٌ وإنسانيٌ واحد يُجمع عليه أتباع الأديان السماوية الثلاث.

 

وأوضح أن ارتباط هذا اليوم بنجاة بني إسرائيل من فرعون مصر جعل الكثير من المؤرخين يرجحون أن الاحتفال بـ«عاشوراء» مناسبة فرعونية كان المصريون القدماء يحيون طقوسها منذ فجر التاريخ، وورثها منهم بنو إسرائيل الذين كانوا يقطنون مصر حينئذ، والحقيقة أننا لا نمتلك دليلًا ملموسًا يؤكد هذه المعلومة، والثابت لدينا أنه شعيرة دينية احتفل بها اليهود شكرًا لله على نجاة موسى عليه السلام من فرعون، ثم أقر نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم صوم هذا اليوم للغرض ذاته، وظل المسلمون يحرصون على صيام هذا اليوم طوال العهد النبوي، وما تلاه من سنوات الخلفاء الراشدين، ثم سنوات حكم معاوية بن أبي سفيان، دون أي تدخلٍ للسياسة، ودون ظهور أي صراع أو حروب مذهبية حوله.

 

وأشار الباحث في الفكر الإسلامي، إلى أنه عقب استشهاد الإمام الحسين بن علي - رضي الله عنهما - في موقعة كربلاء والذي واكب العاشر من المحرم عام 61 هجرية، تحول «عاشوراء» من شعيرة دينية إلى معركة سياسية يتصارع فيها ثلاثة أطراف، الطرف الأول يتمثل في معتنقي المذهب الشيعي الذين يحيون في هذا اليوم ذكرى استشهاد الإمام الحسين - رضي الله عنه - ويقيمون الأربعينيات الحسينية، ويأتون بطقوس سياسية أكثر منها دينية، وهو ما جعل الطرف الثاني - المتمثل في أتباع الجماعات السلفية - يدخل معهم في صراع خلطوا فيه الدين بالسياسة؛ فالسلفية أنكروا حجية صيام عاشوراء واعتبروا الاحتفال به بدعة وعدّوا كل الأحاديث الواردة في فضل هذا اليوم ضعيفة، ليس لقدح في رواة هذه الأحاديث ولكن نكاية في أتباع المذهب الشيعي، ونجحوا في مصر - كأنموذج - في الضغط على وزارة الأوقاف المصرية من أجل إغلاق مسجد الإمام الحسين في هذا اليوم، خوفًا من إقامة الحسينيات وما يتبعها من التبشير الشيعي، وهو القرار الذي يُطبق بالفعل في مصر منذ سنوات مضت.

 

أما الطرف الثالث الذي زُج به في هذا الصراع السياسي؛ فيمثله أهل السنة والجماعة، الذين يحرصون على الاحتفال بهذا اليوم وفقًا للتشريع الثابت عن رسول الله صلى الله عليه، والمتمثل في صيام تاسوعاء وعاشوراء، دون أي خلط سياسي أو تطرف مذهبي.

 

والحقيقة أن عاشوراء، يوم عظيم يُدل على أن الأديان السماوية الثلاث يجمعها مشترك تشريعي وإنساني واحد؛ فالجميع - يهود ومسيحيون ومسلمون - يصومون هذا اليوم شكرًا لله على نجاة نبي الله موسى من فرعون وجنوده، وإذا أضفنا إلى هذا المشترك أقوال المؤرخين بأنه احتفال فرعوني قديم، نجد أنه احتفال تشترك في إحيائه البشرية جمعاء؛ لذلك أنا أدعو أن يصبح عاشوراء يومًا لمد جسور التواصل ودعوة للتسامح والسلام، بعيدًا عن معارك السياسة والمذهبية الطائفية.