رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

إثيوبيا تدفع بـ«ورقة الشيطان» فى أزمة سد النهضة

لجأت إثيوبيا لحيل شيطانية جديدة لتمرير عملية الملء الثانى حيث تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبرا عن تقدمها بشكوى للأمم المتحدة، معتبرة أن توقيع مصر والسودان على اتفاقية دفاع مشترك بمثابة إعلان حرب ضد إثيوبيا، فى محاولة منها لكسب الوقت نظرا لأنه لم يتبقى سوى 54 يوما على ميعاد الملء الثانى لبحيرة السد خلال شهر يوليو القادم.

وقال وزير الدولة الإثيوبى للشئون الخارجية، رضوان حسين خلال إحاطة قدمها لسفراء الدول الآسيوية، أن من الأسباب التى عرقلت محادثات سد النهضة "المزاعم غير العقلانية لمصر وتحركات السودان المدمرة"، معتبرا أن جميع مخاوف السودان بشأن السد قد "عولجت".

وكان الدكتور ياسر عباس وزير الرى السودانى قد تحدث عن ترقب 20 مليون مواطن سودانى على ضفتى النيل "كارثة الملء الثانى لسد النهضة"، لافتا إلى إعداد بلاده عدة سيناريوهات للحد من مخاطر الملء الثانى للسد دون اتفاق".

فيما اعتبرت الدكتورة مريم الصادق المهدى وزيرة خارجية السودان أن تنصّل إثيوبيا من الاتفاقات السابقة يعنى المساس بسيادتها على إقليم بنى شنقول المقام عليه سد النهضة، والذى انتقل إليها من السودان بموجب الاتفاقية التى وقعت بين البلدين عام 1902.

وأضافت الوزيرة أن محاولات إثيوبيا التنصل من الاتفاقات الدولية بتعبئة الرأى العام الداخلى، من شأنه تسميم مناخ العلاقات الدولية بين دول الإقليم مؤكدة حرص بلادها على إطلاع قادة أفريقيا على كل تفاصيل وضع مفاوضات سد النهضة قائلة لقد "قدمنا كافة التنازلات" وعلى إثيوبيا تحمل تبعات تصرفاتها ضد جيرانها.

فى سياق متصل تعهد الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى بقيامه بالاتصال برئيس الوزراء الإثيوبى، آبى أحمد، لتقريب وجهات النظر فى ملف السد للوصول لحل يُرضى جميع الأطراف، مشيدا خلال لقائه بوزيرة الخارجية السودانية الدكتورة مريم الصادق، بالخطوات التى اتخذها السودان للوصول لاتفاق قانونى بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، مؤكدًا دعم بلاده للحوار من أجل التوصل إلى حل يُرضى جميع الأطراف، وأن المدخل الصحيح لمعالجة نقاط الخلاف هو الاتفاق على رؤية إستراتيجية لإدارة مياه النيل.

واعتبر الرئيس الأوغندى أن ملء وتشغيل السد يتطلب النظر إلى الجوانب البيئية، فيما أكدت وزيرة الخارجية السودانية أن "رفض إثيوبيا يجعلها فى خانة المعتدى الذى يستنفذ الوقت لإنزال الضرر بالآخرين"، وشرحت الوزيرة السودانية، خلال لقائها بالرئيس موسيفينى، مراحل التفاوض منذ التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ بين الدول الثلاث بالخرطوم فى مارس 2015 والموقف السودانى الإيجابى للتوصل إلى اتفاق يفتح الطريق أمام المصالح المشتركة.

من جانبه أعرب رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدى رئيس الاتحاد الأفريقى فى دورته الحالية خلال لقائه بالوزيرة السودانية عن تفهمه لموقف السودان، ومطالبه الواضحة، مؤكدا أنه سيبذل كل جهده فى سبيل إيجاد حل للأزمة بما يحقق أمن واستقرار المنطقة.

وكشفت وزارة الموارد المائية والرى المصرية، عن وضعها لأربعة خطط لتفادى خطر الملء الثانى لسد النهضة على منظومة الرى فى مصر، وقال محمد غانم، المتحدث الرسمى باسم الوزارة، إنه تم الاستعداد لكل السيناريوهات المحتمل حدوثها وفقا لأسوأ الظروف من خلال إدارة منظومة قوية لكل قطرة مياه.

وفى تطور جديد للسياسة الأمريكية تجاه أزمة السد قرر الرئيس الأمريكى جون بايدن إيفاد "جيفرى فيلتمان"، للقرن الأفريقى، خلال الأسبوع المقبل لبحث أزمتى سد النهضة وإقليم التيغراى ومن المقرر أن تشمل جولة المبعوث الأمريكى، مصر والسودان وإريتريا وإثيوبيا، فى محاولة لمعالجة الأزمات السياسية والأمنية والإنسانية فى القرن الأفريقى.

وأوضح الدكتور ضياء القوصى مستشار وزير الرى الأسبق بأن فقدان مصر مليار متر مكعب من المياه فقط يعنى تدمير 200 ألف فدان، يعتمد عليها 400 ألف مزارع كمصدر رزق رئيسى لأكثر من مليونى مواطن مصرى.

أضاف لـ"الزمان" بأن إجمالى فيضان النيل من منابعه الثلاثة "النيل الأزرق والأبيض ونهر العطبر ونهر السوباط" بلغ عام 1913 حوالى 40 مليار متر مكعب فقط، للدول الثلاث فماذا لو تكرر ذلك السيناريو هذا العام، فى الوقت الذى تصر فيه إثيوبيا على خصم كمية المياه الموجهة للملء الثانى والمقدرة بنحو 13.5مليار متر من حصة مصر والسودان، فمعنى ذلك هلاك كلا البلدين.

وقال خبير المياه إن القوانين الدولية تنظم إدارة مياه الأنهار المشتركة، على أساس اشتراط إخطار المسبق من دول المنبع لدول المصب، قبل إقامة أى مشروعات على مجرى النهر، ومبدأ ألا ضرر ولا ضرار لكل الدول المتشاطئة، ومع ذلك تعلن إثيوبيا بأن النهر نهرها والسد سدها ولتذهب مصر والسودان إلى حيث يريدون وهو أمر مرفوض شكلا وموضوعا!

وحول اقتراح البعض خروج مصر من اتفاقية إعلان المبادئ، لفت الدكتور القوصى إلى أن هذه الاتفاقية كان يجب أن يستتبعها لائحة تنفيذية كى تضعها فى شكلها القانونى، وهو ما لم يحدث، لافتا إلى أنها الوثيقة الوحيدة التى وقعت عليها الدول الثلاث وأن الأمل الوحيد فى الحل هو الرجوع للمفاوضات.

تعجب خبير المياه من تمسك الجانب الإثيوبى بالمادة التى تشترط موافقة الدول الثلاثة على الوساطة أو التحكيم الدولى، فى الاتفاقية ونقضها المادة التى تنص على ضرورة التوصل لاتفاقية ملزمة لكل الأطراف، وعدم المضى فى إجراءات أحادية الجانب دون أخذ موافقة باقى الدول الأخرى.

وأشار الدكتور ضياء القوصى إلى تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن قضية مياه النيل تمثل لمصر مسالة حياة أو موت، وهى كلمات تحمل معانى كثيرة، مؤكدا أن إصرار إثيوبيا على الاستئثار بمياه النيل، وسعيها لبناء عدة سدود أخرى على منابع النيل بدون التنسيق مع مصر والسودان لن يمر مرور الكرام على المصريين.

وأكد الدكتور عبدالفتاح مطاوع الرئيس الأسبق لقطاع مياه النيل على انتهاء زمن الإيحاءات، وأن المرحلة القادمة هى مرحلة الحسم فى قضية حقوق مصيرية ووجودية، وأن كل الشعب المصرى يضع ثقته فى المؤسسة العسكرية المصرية، ومؤسسات الدولة، والقيادة السياسية الوطنية، فى الحفاظ على حقوق مصر ووجودها ومياه نهر النيل.

وقال خبير المياه إن العقل الإثيوبى المتعنت يكشف كل يوم عن طريقة تفكيره المتعنتة، التى لا تراعى إلا المصالح الضيقة والمتخلفة للسياسيين، الذين يصنعون سياستها المتعنتة، اعتمادا على الدخول فى معارك وهمية وطموحات أكبر بكثير من إمكاناتهم المتاحة.

أكد الدكتور مطاوع أنهم يرتعدون لأن سياسة التعنت الإثيوبى لم ولن تحقق رغبات الإثيوبيين، وأن المصريين لن يهدأ لهم بال إلا بحسم هذه القضية خلال الأسابيع إن لم يكن خلال الأيام القادمة، عندها ستتحول آمال الملء القادم إلى سراب.

شدد رئيس هيئة مياه النيل الأسبق على قناعته التامة بوصول مفاوضات سد النهضة لطريق مسدود منذ انتهاء مفاوضات واشنطن شهر فبراير 2020 ورفض إثيوبيا التوقيع على المسودة التى طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية، وأن على مصر والسودان إيجاد حلا جذريا للمشكلة، يتلخص فى المثل العربى القائل: "بيدى لا بيد عمرو".