رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

نافذة دولية جديدة لاحتواء أزمة سد النهضة

استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأسبوع الجارى، الرئيس الكونغولى فليكس تشيسيكيدى، الرئيس الحالى للاتحاد الأفريقى تطورات أزمة سد النهضة، حيث أكد "تقدير مصر لجهوده وثقتها فى قدرته على التعامل مع ملف السد".

وشدد على حرص بلاد على دعم جهود التفاوض برعاية الكونغو الديمقراطية ومشاركة الشركاء الدوليين بهدف الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن قواعد عملية الملء والتشغيل لسد النهضة، وعدم المساس بأمن مصر المائى.

من جانبه، أكد الرئيس تشيسيكيدى، حرصه خلال المرحلة الراهنة على تكثيف التنسيق بشأن هذه القضية الحساسة لمساعدة كافة الأطراف لتحقيق تقدم فى المفاوضات الثلاثية، مشيداً بالجهد الكبير الذى تبذله مصر سعياً للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن حول سد النهضة يراعى مصالح الدول الثلاث.

وأجرى رئيس الكونغو الديمقراطية، زيارة مماثلة للسودان وإثيوبيا، لتقريب وجهات النظر بشان ملف سد النهضة، فى إطار رعاية بلاده لمفاوضات سد النهضة الإثيوبى، كرئيسة للاتحاد الأفريقى حاليا.

كما واصل المبعوث الأمريكى الخاص لمنطقة القرن الأفريقى، جيفرى فيلتمان، جولته فى المنطقة حيث زار كلا من "السودان وإثيوبيا وإريتريا"، بعد زيارته لمصر مؤكدا أن إدارة الرئيس جو بايدن جادة فى حل قضية سد النهضة لما تمثله من أهمية بالغة لمصر.

وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، إنها تسعى فى الوقت الراهن للتوصل إلى اتفاق حول الملء الثانى لخزان سد النهضة، دون التطرق إلى القضايا الأخرى، معتبرة أن مكاسب السد ستكون للجميع، كما أشار المتحدث باسم الوزارة السفير دينا مفتى، إلى أن "مصر والسودان يسعيان لتدويل قضية سد النهضة.

بينما تتمسك إثيوبيا برعاية الاتحاد الأفريقى للمفاوضات، معتبرا أن "سد النهضة سيصبح بنكا لإمدادا دولتى المصب بالمياه خاصة خلال فترة الجفاف، لذلك فإن بلاده حريصة أن يتم التوقيع على الملء والتشغيل قبل بدء الملء الثانى.

وقال مفتى إن "ما ستقوم به إثيوبيا فى الملء الثانى سيقلل من مخاوف دولتى المصب فى فترة الجفاف والجفاف المستمر بضمان الانسياب المنتظم للمياه إليهما" على حد تعبيره، موضحا أن "أديس أبابا ستواصل التفاوض بشأن سد النهضة من خلال الاتحاد الأفريقى، وأن "الاتحاد الأوروبى لا يزال مراقبا لهذه المفاوضات.

من جانبها أكدت الدكتورة مريم الصادق المهدى وزيرة خارجية السودان قدرة بلادها على إرغام إثيوبيا بعدم الملء الثانى لخزان سد النهضة دون اتفاق، والذى يستهدف فرض هيمنتها وتركيع الدول الأخرى، مؤكدة أن الخلافات بشأن سد النهضة يمكن حلها خلال ساعات إذا توفرت الإرادة السياسية للإثيوبيين.

وأوضحت المهدى، أن هناك تنسيقا بين السودان ومصر على أعلى المستويات بشأن سد النهضة، وأن التنسيق يتم بصورة مستمرة وكبيرة لمنع إثيوبيا من ملء خزان السد دون اتفاق، إلا أنها استبعدت اللجوء إلى الخيار العسكرى إذا استنفدت كل الخيارات المتاحة، مشيرة إلى أن السودان سيواصل التصعيد السياسى والقانونى عبر اللجوء إلى مجلس الأمن الدولى والتحكيم الدولى.

وقال اللواء متقاعد محسن فؤاد، إنه إذا استمرت إثيوبيا فى إصرارها بعدم التوقيع على اتفاق قانونى ملزم بمشاركة دولتى المصب قبل ملء وتشغيل السد، وتحديد آليات وجهة فض النزاعات، فسنجد أنها وضعت نفسها فى الموقف الذى قد تضطر فيه لبدء الملء الثانى مع بدء موسم الفيضان يوليو القادم مما يعتبر اعتداءً سافراً على أمن السودان ومصر.

أضاف لـ"الزمان" أن العالم لن يلوم أيا من مصر أو السودان إذا قامتا بمساعدة إقليم بنى شنقول بناءً على طلب أبنائه من الأصول السودانية للاستقلال عن إثيوبيا والعودة إلى البلد الأم السودان.

أكد اللواء محسن أنه بذلك ستنتهى مشكلة السد لأن كلا من السودان ومصر سيقومان بإدارته بما لا يعرض أمن أيا منهما لأى مخاطر، وبذلك تنتهى مشكلة سد إثيوبيا، أما إذا اضطرت مصر الدخول فى حرب دفاعاً عن وجودها الذى يعتمد على تدفق مياه النيل.

وأوضح اللواء المتقاعد، أن إثيوبيا تسعى لإفشال هذه الدول وقتل سكانها ولذا فلا بد من تدميرها بدك كل بنيته التحتية إلى جانب التخلص من كل أسلحتها ومقاتليها، حتى لا تعود مرة ثانية لتهديد بلاد المصب بالإبادة وإفشال الدولتين عبر حكومة أخرى لها نفس النزعات العدائية.

شدد الخبير العسكرى على أنها ستكون حرباً شرسة ومدمرة وستشعل القرن الأفريقى كله، وقد تمتد لتشمل دولاً أخرى إذا تدخلت فيها، غير أن مصر التى تتعامل بالسلام لا يستهان بها فى الحروب عندما لا يكون لديها إلا ذلك الخيار.

وحول اعتقاد البعض أن هناك عدة دول ممولة للسد ولديها مصلحة فى حمايته، لفت اللواء محسن، إلى أن هناك الكثير من الدول التى تمتلك استثمارات كثيرة فى إثيوبيا نفسها، ستتأثر طبعاً بالقلاقل الداخلية، ولكنهم جميعاً واعين لذلك ومقدرين أن هناك مخاطرة باستثماراتهم فى مثل هذا المناخ غير المستقر.

أكد الخبير الاستراتيجى، أن وضع السد لن يؤثر فى شىء بالنسبة لهم، لأن وضع الأمن القومى الإثيوبى والقلاقل الداخلية هى التى ستؤثر عليهم، متوقعا انهيار ذلك الاتحاد الفيدرالى طالما لا توجد حكومة مركزية قوية، لافتا إلى حرص زعماء إثيوبيا على أن يكون تمويل السد من الإثيوبيين أنفسهم كطريقة لتوحيد البلاد بإعطاء العرقيات المختلفة الإحساس بوحدة الهدف فى مشروع قومى.

فى سياق متصل، قال الدكتور محمد عبدالوهاب أستاذ التاريخ الحديث وخبير العلاقات الدولية بجامعة عين شمس، أن وصول المبعوث الأمريكى "جيفرى فيلتمان" للقاهرة جاء متأخرا بهدف تجميل وجه الولايات المتحدة الأمريكية أمام العالم.

وأوضح الخبير الاستراتيجى، أن الرئيس جوبايدن وصل للبيت الأبيض يوم 20 يناير قبل خمسة شهور، فلماذا كل ذلك التأخير، فى قضية تمس حياة 100 مليون مصرى و20 مليون سودانى، أما محاولات الاتحاد الأفريقى لإيجاد حل فمن الواضح أنها لن تؤتى ثمارها فقد رعت تلك المفاوضات على مدى عدة سنوات لم تستطع خلالها حل القضية.

أشار الدكتور عبدالوهاب، إلى بذل الولايات المتحدة محاولات لإجهاض التقارب المصرى السودانى، لا سيما وأن هناك جماعات ضغط على الحكومة الجديدة يتقدمهم لوبى الزنوج فى أمريكا، لافتا إلى أن اعتماد الديمقراطيين فى الفوز بالانتخابات على للوصول للبيت الأبيض، لذلك تسعى لإرضائهم.

أكد الخبير الاستراتيجى، أن مصر بذلت كل ما فى وسعها للتعامل مع الأزمة حيث طرقت كل الأبواب بما فى ذلك مجلس الأمن، مطالبة بتطبيق القانون الدولى الخاص بالأنهار المشتركة ولم يستجب لها أحد، أما اللجوء لمحكمة العدل الدولية فيتطلب موافقة الدول الثلاثة وطبيعى أن إثيوبيا لن توافق .

وأشار الدكتور عبدالوهاب، إلى أن وجود أنهار مشتركة فى أوروبا مثل نهر بين ألمانيا وفرنسا وسويسرا وهولندا لم تفكر أى دولة منهم بالانفراد بالقرار، لافتا إلى أن محاولات تطويق مصر بقطع مياه النيل عنها بدأت فى القرن السادس عشر عقب اكتشاف طريق راس الرجاء الصالح.

وقال الخبير الاستراتيجى، إن الدكتور بطرس غالى نائب الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة حذر قبل أربعين عاما، من احتمال قيام حروب المياه، كما حذر الكثير من المراقبين من خطورة التقارب بين السودان وإسرائيل وإثيوبيا واسرائيل واحتمالات تطويق مصر مائيا.