رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

«ليلى»

قبل أكثر من تسعة أشهر من كتابة تلك المقالة؛ كنت متعبة للغاية أنا وشقيقى الأوسط فى التحضير لإتمام عرس شقيقتى الصغيرة والذى كان الجميع يتأهب له فى حدث مميز جمع كل قلوب المحبين حول بعضهم البعض حتى شقيقى الأكبر المتواجد فى بلاد بعيدة للغاية ولم يستطع الحضور بعد أن اجتاح العالم جائحة كورونا إلا أنه كان قريباً للغاية بقلبه طوال الوقت وزوجته؛ بعد الزواج بفترة ليست كبيرة تلقيت من زوج شقيقتى نبأ حملها؛ وكأن الخبر نزل على قلبى كالمهدئ والمسكن لكل هموم وأوجاع العالم التى كنت أشعر بها وسط زحام الحياة؛ فى تلك اللحظة انفتح أمامى طاقة من النور بعد أن غمرنى إحساس بالحنين الشديد لأبى والذى كنت أتمنى أن يكون بيننا فى تلك اللحظة الدافئة لكننى كنت أعلم من قلبى جيداً أنه يشعر بنا فى عالمه الأخر؛ على مدار تسعة أشهر من القلق والسهر والخوف والارتباك والترقب والتعب جاءت أخيراً اللحظة الحاسمة التى طال انتظارها؛ فى اليوم العشرون من شهر أبريل الموافق اليوم الثامن من شهر رمضان المبارك وقبل انطلاق مدفع الإفطار بنصف ساعة جاءت إلى الدنيا "ليلى"؛ أتذكر كل التفاصيل فى تلك اللحظة حينما حملتها بين يدى؛ كانت صغيرة الحجم للغاية فحملتها بحذر ونظرت لها بحب واشتياق لا يوصف لتفتح عيناها لأول مرة على العالم أمامى؛ كنت أول من تراه بعينيها وكانت أول من أبكى بالدموع فرحاً لرؤيتها؛ كان شعورا لا يوصف أن أحمل قطعة من قلبى بين يدى؛ ابتسمت لها ثم نظرت لأمى التى كانت تنتظر بشوق أن تحملها بين ذراعيها وهى تردد من داخلها لقد تحقق حلمى أخيراً فى رؤية حفيدتى؛ بالرغم من أن لى باع طويل فى الكتابة قدمت خلاله مئات المقالات إلا أن إحساسى فى تلك المقالة مختلف تماماً عن أى شىء قد كتبته؛ أشعر وكأننى أكتب لأول مرة، إنه شعور قد يصعب وصفه وأنا أتحدث عن "ليلى"؛ تلك الجميلة الصغيرة ذات الملامح التى تذيب القلب شوقاً وحباً لرؤيتها طوال الوقت؛ والتى حين أحملها أشعر بأن أمان العالم كله قد اجتمع بين يدى واجتاح قلبى وجسدى؛ أعانى من إرباك فى مشاعرى بسبب تلك الصغيرة التى بمثابة الهواء الذى أتنفسه أنا وعائلتى؛ فهى ليست أول حفيدة لعائلتنا فحسب بل هى أول حب وفرحة جاءت بعد رحلة طويلة من الأحزان فقدنا فيها وجوهاً نحبها كثيراً؛ لقد اختلف كثيراً تفكيرى فى المستقبل بل وأصبح شعور الخوف نفسه مختلف عن شعورى بالخوف من السابق؛ فى السابق كنت أخاف من نفسى؛ أما الآن بعد قدوم "ليلى" أصبحت أخاف على نفسى؛ لأننى أود وبشدة أن أكون إلى جوارها أطول فترة ممكنة؛ أود أن أحفظ ملامحها جيداً؛ أن أراها يوماً تلو الآخر تكبر أمامى؛ أن أقدم لها كافة سبل الراحة والأمان التى ستبحث عنها فى حياتها؛ ألا تشعر أبداً أنها وحيدة وأن هناك قلوبا حولها تحبها بصدق وعلى استعداد بأن تقدم روحها فداء لها؛ أصبحت أخشى كثيراً أن أبتعد أو أرحل دون أن أحفظ ملامحها جيداً أو أشعر بلمسة يديها الصغيرة وهى تحتضن يدى؛ لم أجد شيئا أقدمه لها وسط كل ذلك الخوف سوى تلك المقالة التى أعلم جيداً أنها يوماً ما ستعود إليها لتقرأها؛ وستعلم حينها كم أحبها وأخشى عليها من كل شىء وأود لو أن أقضى طوال حياتى إلى جانبها أقدم لها الحب والرعاية الذين تستحقهم.