رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

نكشف مخطط إسرائيل للتوغل في القارة السمراء

خلال العقدين الماضيين، عملت تل أبيب، جاهدة لتطوير علاقتها بالقارة السمراء، حيث اتخذت وزارة الخارجية الإسرائيلية، محاولتين سابقتين في ذلك المسار إلى أن قررت اتخاذ محاولة ثالثة، وأعلنت هذا الأسبوع الانضمام إلى الاتحاد الأفريقي، بعد نحو 20 عامًا من الإطاحة بها.

ومن هذا المنطلق، قالت الباحثة في الشأن الإسرائيلي - الفلسطيني في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الدكتورة هبة شكري، لجريدة «الزمان»، إن إسرائيل أعلنت مؤخرا ‎ وبشكل رسمي حصولها على صفة عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، وهو حصاد عمل ‏الدبلوماسيون الإسرائيليون منذ نحو عقدين من الزمن.

وأكدت الدكتورة هبة شكري: «الحقيقة أن إسرائيل كرَّست جهدها، خلال السنوات ‏الأخيرة، وعملت على التغلغل في القارة الأفريقية واختراقها، وتمكنت من بسط نفوذها، أمنيا وعسكريا ‏واقتصاديا، وتوطيد علاقاتها على كافة المستويات مع الدول الأفريقية، للوصول إلى هذه اللحظة».‏ ‏

وأضافت: «فواقعيا.. تتمتع إسرائيل بعلاقات بـ46 دولة في أفريقيا، ولديها شراكات واسعة النطاق وتعاون مشترك في ‏عدد من المجالات المتنوّعة، بما في ذلك التجارة والمساعدات، ولا شك أن حصولها على صفة مراقب ‏بالاتحاد سيعزز من قدرتها على التعاون والتقارب مع دول القارة».‏

وأشارت إلى أن مبادئ الاتحاد الأفريقي، والتي تستند إلى التعاون وتسوية المنازعات بطرق سلمية، وعدم ‏اللجوء إلى القوة المسلحة فى تسوية النزاع، وأن تكون دولة محبة للسلام، ومتعاونة ومحترمة للمواثيق ‏الدولية؛ تتنافى مع حصول إسرائيل على صفة العضو المراقب، ويعد قبولها انتهاكاً لمعايير الاتحاد، إلا أنه ‏يمكن إرجاع الدعم الذي لاقته من قبل بعض دول الاتحاد إلى اعتقادها بأن إسرائيل هي المفتاح الأساسي ‏للعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

‏ وتبين الباحثة في الشأن الإسرائيلي، أن العضوية تعد بمثابة تتويجا لجهود حثيثة بُذلت من قبل وزارة الخارجية الإسرائيلية، على مدار الأعوام ‏الأخيرة وقسمها الأفريقي والسفارات الإسرائيلية في القارة، مؤكدةً أنه سيساعد لا محالة على تعزيز نشاط إسرائيل في ‏القارة الأفريقية، وهو ما يرتبط ارتباطا وثيقا بهدف إسرائيل في توسيع دائرة الدول المُطبعة، ولفرض وجودها ‏داخل المنطقة الأفريقية و العربية.

ولفتت إلى أنه من جانب آخر تهدف إسرائيل، إلى تدعيم علاقاتها بدول الجوار العربي ‏الأفريقي، بغية الالتفاف حول الدول العربية، إذ أن أهمية المنطقة تنبع من كونها تشكل عمقاً أمنياً لإسرائيل، ‏فضلاً عن ارتباط الأمن القومي العربي مباشرة بأمن إسرائيل، وفي هذا الإطار يمكن إدراك ما يمكن أن تلعبه ‏إسرائيل، من دور أبرز يؤثر على الأمن القومي في تلك المنطقة.‏

وكشفت أنه من خلال اكتسابها صفة المراقب فسيتعين على إسرائيل، ‏حضور مؤتمراته والاطلاع على وثائق الاتحاد، والمشاركة في اجتماعات الأجهزة والهياكل التابعة للاتحاد ‏الإفريقي، والمشاركة في المداولات، وإلقاء كلمة خلال الاجتماعات العلنية للاتحاد الأفريقي، لكنها لا تتمتع ‏بحق اقتراح قرارات أو حق التصويت‎.‎

مدى استفادة إسرائيل من الانضمام إلى الاتحاد الأفريقي

أولا: المستوى السياسي

أوضحت الدكتورة هبة شكري، أنه على الرغم من أن انضمام إسرائيل كعضو مراقب للاتحاد لن يتيح لها الفرصة ‏بالتدخل في قراراته، إلا أنه سيساعدها على تدشين تحالفاً أفريقياً داعماً لها، يَحول دون التصويت ضدها في ‏المحافل الدولية، أو حتى يضمن تبني بعض الدول لموقف الحياد بدلاً من التصويت ضدها، وعلى الصعيد ‏الآخر، فستعمل إسرائيل، لا محالة للتأثير على أي تحركات إفريقية داعمة للقضية الفلسطينية.‏

ثانيا: المستوى الاقتصادي

نوهت الباحثة في الشأن الإسرائيلي، أن إسرائيل تهدف من خلال تواجدها بالاتحاد إلى فتح أسواق جديدة للبضائع ‏الإسرائيلية، وتوسيع نشاط الشركات الإسرائيلية في مجالات الزراعة والاتصالات والبنية التحتية وغيرها، ‏إلى جانب الصادرات الأمنية ومبيعات السلاح، فضلاً عن تعزيز رغباتها في السيطرة على ثروات القارة ‏السمراء.‏

ثالثا: أزمة سد النهضة

قالت الدكتورة هبة شكري، إنه لا يمكن إغفال ارتباط الوجود الإسرائيلي في أفريقيا بشكل عام برغبتها في مواجهة الدور المصري، ‏وبصفتها اليد الخفية في أزمة سد النهضة، فبلا شك، ستلعب إسرائيل دوراً أكبر في تلك القضية، وستعمل ‏على التأثير بشكل أكبر على دول حوض النيل، التي تقيم علاقات معها جميعاً بالفعل،‎ ‎كما أن الحلم الإسرائيلي ‏بالحصول على حصة ثابتة من مياه النيل لازال قائماً، والذي تسعى إسرائيل لتحقيقه منذ تأسيس الدولة.‏

رابعا: القضية الفلسطينية

ترى الباحثة في الشأن الإسرائيلي- الفلسطيني، أنه على الرغم من محدودية دور ‎إسرائيل، بعد انضمامها كعضو مراقب في صناعة واتخاذ القرار على مستوى ‏الاتحاد، إلا أن تمكنها من الحصول على العضوية تعتبره مكسب سياسي بالنسبة لها ويساعدها على ملء أي ‏فراغ قد يصب في صالح القضية الفلسطينية.

وأردفت أن انضمام إسرائيل للاتحاد، حتى ولو بصفتها عضو مراقب، فهو حلقة ضمن سلسلة ‏المخططات الإسرائيلية التي تسعى دولة الاحتلال من خلالها لشرعنة ممارستها الاستيطانية و تحسين ‏صورتها أمام المجتمع الدولي وكسب المزيد من الحلفاء لدعمها في المحافل الدولية، فضلاً عن قطع الطريق ‏على أي محاولات لدعم القضية الفلسطينية.

ومن جانبه، اعتبر الخبير الفلسطيني المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، فايز عباس، خلال تصريحات لجريدة «الزمان»، أن عودة إسرائيل إلى الاتحاد الأفريقي، هو انتصارا معنويا لإسرائيل، وضربة قاسية للدول العربية الأفريقية، وأيضا ضربة للدبلوماسية الفلسطينية، التي لم تنجح بإحباط عودة إسرائيل إلى أفريقيا.

وقال عباس، إن إسرائيل تمكنت من العودة إلى أفريقيا في العشر سنوات الأخيرة من أوسع الأبواب باستغلالها للأوضاع الاقتصادية في القارة السمراء.

وعلل الخبير الفلسطيني، أن إسرائيل قدمت لروؤساء هذه الدول السلاح والأموال وفتح الأبواب بالولايات المتحدة لهذه الأنظمة، قائلا: «وفي نهاية المطاف صوتت الدول الأفريقية في مجلس الأمن لصالح إسرائيل».

وأشار إلى أن أغلب الدول التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل، عادت إليها وبقوة واتخذت موافق معادية للشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة ومؤسسات دولية أخرى.

وأوضح عباس، أن أول من بدأ بتكييف وزيارات أفريقيا، كان وزير خارجية إسرائيل السابق أبيجدور ليبرمان، والذي كان مندوبا أوروبيا، لكنه فتح أفريقيا ووضع الأسس لذلك.

ويرى عباس، أن إسرائيل، هي من دعم إثيوبيا لبناء سد النهضة، واستطاعت خلق أزمة بين إثيوبيا ومصر والسودان، ولم تكتفي بذلك وإنما كانت الداعمة أيضا إلى تقسيم السودان.

موضوعات متعلقة