حالات الانتحار العمالى تثير غضبًا بمواقع التواصل الاجتماعى

حالة من الغضب شهدتها مواقع التواصل الاجتماعى، على خلفية انتحار شاب يعمل بإحدى الشركات الخاصة بمجال خدمة العملاء بالتجمع الخامس، إثر خلاف وقع بينه وبين مديره المباشر، قام على إثره بالتوجه ناحية الشباك الموجود بأحد المكاتب وألقى نفسه من الطابق الثالث ليسقط جثة هامدة.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعى تعليقات كثيرة من روادها حول الواقعة، وأن الكثير من الشباب الذين يعملون بنفس المجال يتعرضون لضغوط مشابهة، فى ذلك السياق، تواصلت "الزمان" فى تقريرها مع مسؤولين فى الشأن العمالى لتوضيح حق العامل فى بيئة عمله، والإجراءات التى تتبعها وزارة القوى العاملة لحفظ حقوق العمال.

فى البداية قال مدحت الغمراوى، مدير مديرية القوى العاملة بالقاهرة، -مكتب شرق مدينة نصر-، إن هناك حملة توجهت الأحد الماضى، من مكتب العمل ضمت موظفين للكشف عن السلامة والصحة المهنية والأمن الصناعى، إلى مقر الشركة التى وقع بها حادث انتحار الموظف.

وأضاف الغمراوى، أن الحملة لم تتحرك لمجرد الحادثة بالتحديد، ولكنه تفتيش دورى لنراقب تنفيذ أحكام قانون العمل من ناحية ساعات العمل الجزاءات.

وعن إذا ما كان الانتحار داخل مقر العمل يُعد إصابة عمل من عدمه، أوضح الغمراوى، أن إصابة العمل تكون بسبب العمل، لكن ذلك انتحار شخص، النيابة هى جهة التحقيق، والقوى العاملة ليست جهة تحقيق، ولكننا كجهة نثبت العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، وتنظيم هذه العلاقة، ومتابعة أحكام العلاقة فقط.

وعن نتائج حملة التى زارت الشركة، أوضح أن الحملة لم ترصد أى مخالفات بالشركة إطلاقًا، فيما عدا بعض الإجراءات البسيطة الخاصة بالسلامة والصحة المهنية وتم التنبيه على الشركة لاستوفاءها، مؤكدًا أن التفيش كان فى إطاره الدورى وليس بسبب هذه الواقعة التى شهدتها المنشأة ولكنه إجراء عادى.

وعن المخالفات البسيطة التى رصدتها الحملة، أوضح "الغمراوى"، أنه نبه باستيفاء الإجازات وإضافة الإجازات التى يحصل عليها العامل إلى ملفه، بالإضافة إلى ضرورة صرف الأجر الإضافى أولًا بأول، بعض التوجيهات لإجراءات السلامة والصحة المهنية، مؤكدًا أن ذلك تم فى الإطار الدورى العادى للتفتيش وليس له علاقة بالحادث.

ومن ناحيته، قدم شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، التعازى لأسرة الموظف المنتحر بإحدى شركات الكول سنتر فى التجمع الخامس، معلنًا تضامنه مع أسرته، واستعداد النقابة لتقديم الدعم القانونى لهم.

وقال "خليقة"، إن النقابة حاليا تعمل على التواصل مع أسرة الشاب لتقديم الدعم القانونى لهم، بما لديها من خبرة عمالية، ومحامين عمالين، للدفاع عن حقوقه ومستحقاته ليست فقط من إدارة الشركة فى مصر، ولكن من أيضًا من إدارة الشركة خارج مصر.

وطالب وزارة القوى العاملة بصفتها الجهة الإدارية لكل العاملين بالقطاع الخاص فى مصر، بالعمل على محورين، الأول التفاوض على مستحقات العامل لدى الشركة، لكى تحصل أسرة العامل على مستحقاته بالتفاوض وليس المحكمة، مشيرًا إلى أهمية تواصل وزارة القوى العاملة مع صاحب الشركة لتغيير سياستها داخل مصر، إذ إنه فى حال وقع الحادث فى بلاد المستثمر كانت القضية ستكون قضية رأى عام.

وأكد رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، أن العامل المصرى ليس رخيصًا، ولا بد من تغيير سياسة المستثمر من جنى الأرباح فقط، ويتم موازنة العمل من من المديرين على الموظفين، وتقليل ضغوط العمل، مشيرًا إلى أن المدير الذى لم تأخذه رحمة أو شفقة بالموظف الذى يعمل معه غير معفى من العقاب، وسنختص المدير والشركة أمام القضاء.

وأوضح "خليفة"، أن الأمر لم يكن وليد اللحظة التى أقدم فيها العامل على الانتحار، ولكنه يواجه ضغط الطوال الشهر لتحقيق "التارجت"، فضلًا عن الضغط الذى يتعرض له العامل فى التعامل مع العملاء، مؤكدًا على ضرورة تواصل المستشار العمالى فى الدولة المالكة للشركة وتطالبه بمستحقات العامل، إذ أن وفاته داخل مقر الشركة تُعد إصابة عمل يستحق عليها كامل التعويض.

وأشار "خليفة"، إلى أن انتحار الشاب يعد مؤشر خطر فى مصر، الأمر ليست مجرد مشكلة واجهت عامل تسببت فى انتحاره ولكنه ناقوس خطر، منوهًا عن أن حالة الشاب توضح التعسف الذى يتعرض له العمال فى القطاع الخاص فى مصر، وليس فى قطاع خدمة العملاء فقط، ولكنه فى قطاعات أخرى كثيرة فى القطاع الخاص.

ولفت إلى أنه على صاحب العمل، أن يدرك أن العامل هو رأس ماله البشرى، وأن التعامل معه هو وسيلة تحقيق الربح، قائلًا: "نحن نعلم أن القطاع الخاص همه الأول الربح.. لكن لا بد أن يشغله البشر العاملين معه، فموضوع التارجت وإنى أكون فوق دماغ العامل وأضغط عليه حتى يصل الأمر به إلى التفكير فى الانتحار والموت وترك أسرته وأولاده، فده مؤشر خطير جدا".

وأكد رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، أن هذا المؤشر الخطير يدفعنا من الناحية الأولى أنه كيف لصاحب العمل أن يختار مديره على النحو الذى يحقق له أهداف عمله ويحظون بالاحترام والحب والتفاهم والحفاظ على بيئة عمل متوازنة وسليمة، ومن الناحية الثانية أنه على المدير أن يعرف كيفية التعامل مع مرؤوسيه.

وفى ذات السياق، قال مجدى البدوى، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، إن الاتحاد العام ينتظر ما ستسفر عنه نتائج تحقيقات النيابة حتى يتثنى له التدخل والمطالبة بحقوقه ومستحقاته، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع تحديد التحرك المناسب فى الواقعة إلا بعد انتهاء النيابة من تحقيقاتها.

وأضاف البدوى، أن القانون حدد إصابات العمل، وحدد الإجراءات، ولكن العامل المنتحر أقدم على الانتحار بإرادته، مؤكدًا أنه بناءً على التحقيقات سيتم اتخاذ القرار المناسب، ولكن طبقا للقانون.

وأشار إلى أن العامل طبقًا للقانون له حقوق، ولن تكون هبة من أحد وستحصل عليها أسرته.