رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

متى تنسحب ومتى تتنازل؟

يعرف الانسحاب بأنه تراجع فى الحديث أو العاطفة أو الجسد عن طريق الصمت أو كبت المشاعر أو الانفصال عن الآخرين؛ الانسحاب له أشكال عدة لكن يمكن أن يكون الانسحاب العاطفى أكثر تعقيدًا فى بعض الأحيان من الأنواع الأخرى؛ وهو يحدث عندما لم يعد الشريك يلبى الاحتياجات العاطفية للطرف الآخر.

ولنتعمق بشكل أكبر فى الانسحاب وأشكاله ومتى تقرر الرحيل ومتى تتنازل؛ يجب أن تعلم أولاً أن تلبية الاحتياجات الخاصة يعتمد باستمرار على الأشخاص الذين حولنا بالرغم من أننا فى بعض الأحيان قد نخشى الرفض أو التعبير؛ وهذه تعتبر بداية الانسحاب

أول خيوط الانسحاب دافعها دائماً ما يكون الغضب؛ فبعض الناس لا يمانعون فى جعل الآخرين يغضبون باستمرار دون مراعاة لمشاعرهم أو حتى عن قصد؛ إنهم أشخاص يجيدون التلذذ بإغضاب أشخاص حتى وإن كانوا لا يريدون التعامل معهم بعد ذلك؛ وفى بعض الأحيان الغضب أمر غير مقصود خاصة بين الأزواج فغالبًا ما يؤدى الغضب المكبوت بينهم إلى الانسحاب حيث يغضب شخص واحد فى العلاقة ويرى بالنهاية أنه غالبًا ما يكون من الجيد الانسحاب عندما يشعر أن غضبه سيؤدى إلى سلوك غير عقلانى وكلمات غير لائقة مع الشريك.

بوجه عام عند الشعور بالغضب فى الحالة الأولى من الجيد الانسحاب تمامًا أما فى الحالة الثانية فمن المفيد أخذ قسط من الراحة لكلا الطرفين مهما كان شكل العلاقة للعودة إلى حالة أكثر هدوءًا لأن الانسحاب هنا أداة للتهدئة والتفكير بعقلانية يجعلك تتعامل مع الموقف بعقلانية أكثر

كذلك انسحب من الشخص الذى لم يعالج من صدمات الطفولة؛ فأنت فى علاقة غير آمنة بسبب انسجام شخص منذ الصغر مع بيئة غير صحية خرج منها مشبع بأفكار غير قادرة على تكوين روابط اجتماعية قوية له وستعانى معه كثيراً دون فائدة؛ ولا يختلف الأمر كثيراً مع الشخص الذى يتأثر بالعوامل الخارجية فى كل قراراته فأنت محاط طوال الوقت بشخص فاقد للهوية تحركه أى تأثيرات خارجية من أى شخص؛ وهى عوامل تخلق مزيداً من التوتر والاستياء الذى يجعل دائرة المشاعر السلبية تتسع وتؤدى إلى مزيد من الانسحاب.

من المفيد كذلك الانسحاب حين تفقد الشغف أو الرغبة فى المتابعة؛ فقد تجد نفسك تتفاعل وتجاهد لإبقاء الود أو استمرار العلاقات ولكن دون جدوى؛ وهنا من المريح والصحى الابتعاد قليلاً ثم إعادة الاتصال بالشخص المنسحب بمجرد اكتشاف سبب الخلل الذى أدى للانسحاب ومعالجته وهى أن يكون الطرف الآخر سواء شريكا أو صديقا أو زميلا صادقاً مع نفسه ويعمل على إيجاد السبب الجذرى لانسحاب الطرف الآخر ثم إتخاذ خطوة جادة تجاهه للعودة من جديد ومعالجة ما تم هدمه والعودة هنا مقياس هام لا يمكن الإغفال عنه فى معرفة ما إذا كان الشخص يريد بالفعل الاستمرار فى علاقته الاجتماعية معك أم لا؛ فمن يريد الحفاظ عليك سيعرف حجم الضرر والخطأ تجاهك وسيعمل على إصلاحه مهما كلفه الأمر لعودة المياه لمجاريها ومن لا يريد الاحتفاظ بك ستجده يخسرك على أتفه الأسباب وهذا النوع من العلاقات يضيع الوقت ويأكل من مشاعرنا الإنسانية ووجب الابتعاد عنه فوراً.

لدينا جميعًا أنماط فى علاقاتنا نعلم أنها غير مفيدة لإطالة عمر العلاقة فقد توصلنا بعض العلاقات للتفكير فى الانتقام على سبيل المثال؛ فأسباب الانسحاب متعددة ولن يشملها مقال واحد للحديث عنها بالتفصيل؛ ولنتحدث عن الجزء الثانى من المقال وهو متى تتنازل وما هى المواقف التى يمكن أن تتنازل فيها حتى وإن لم تكن المخطئ.