رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

سماء عربية

فؤاد حجاج لـ«الزمان»: العامية هى مَنْ اختارتنى ولم أخترها أنا

كذّب الادعاء بأن اللهجة العامية ضد لغة القرآن الكريم

سعدت كثيرًا بكتابة أشعار مسلسل «حديث الصباح والمساء» لمحفوظ

لا أتناغم مع قصيدة النثر.. ولكن!


بين ديوانه الأول "وادى حوف" الصادر عام 1971م، وآخر دواوينه "الحد الفاصل" عام 2015م، رحلة طويلة مترعة بفنون الكتابة والإبداع، اختار شاعرنا فؤاد حجاج خلالها العامية لغة محببة لقصائده، فكتب بها عشرات الأغانى والبرامج الإذاعية والمسرحيات، مثريًا حياتنا الأدبية بروائع لها مذاقها الخاص ونبضها المختلف، مما أهله لنيل العديد من الجوائز، فكرمه الرئيس السادات فى العيد الأول للفنون والثقافةعام 1979م، ولم يكن قد تجاوز بعد 30 عامًا، وكرمته محافظة القليوبية بإقامة مؤتمر اليوم الواحد عام 2003م، وصدر كتاب شمل كل إبداعاته، بعنوان «فؤاد حجاج .. أغنية للإنسان»، كما حظى بتكريمات عديدة من أغلب الجامعات المصرية.. "الزمان" التقت الشاعر الكبير فى حوار عن الإبداع عامة وعن مؤلفاته: فى المحكمة – غنوة المطر – نور النار – فتافيت الجمر .. ولندع السطور تتكلم.

* تنوع نشاطكم الإبداعى ما بين المسلسلات الإذاعية والبرامج الشعرية والمسرحيات والسيناريوهات والدراسات النقدية، فهل تتسع بوتقة المبدع لهذه التعددية؟

- كلما نظرت خلفى أتعجب مثلك لهذا الجنون، ولكنها كانت حالة مسيطرة جامحة، لم أتمالك نفسى فى الانسياق خلفها، لقد تربيت باحتضان الإذاعة لموهبتى وتشجيعها، وكان للأستاذ الكبير فهمى عمر وإذاعة الشعب الفضل فى توهجى واستمرار تقديم برامجى دورة تلو الأخرى، ولم يكن هناك التعقيد والعراقيل، وأعتز بكتابتى لمسلسل "جذور فى الهواء" عن رواية كاتبنا الكبير ثروت أباظة، كما قدمت الفوازير لمدة خمس سنوات متتالية، بصوت عبدالرحمن أبو زهرة، ومن البرامج الشعرية "غربة عبدالعال" فى 30 حلقة بصوتى، وللمسرح كتبت "والله زمان يافاطمة" عن حياة فاطمة، وللأطفال عرض لى مسرح البالون "قطار الحواديت" وأخرجها الدكتور عمرو دوارة، وكان أول مسلسل تليفزيونى للأطفال "حكايات الشاطر حسان" من بطولة يونس شلبى، وفى مجال السيناريو كتبت "أوتار التغريب" وأخرجها المخرج السينمائى حسن الصيفى، وكان آخر مسلسل للأطفال وأذيع على القناة الأولى "يعيش ياميش" بطولة فؤاد المهندس وأخرجه يحيى زكريا، وبالنسبة لكتابتى للدراسات فهى التى نادتنى لارتباطى وانتمائى للطبقة العمالية، فحاولت البحث على مدى عام، عن الجذور البعيدة للمسرح، ودوره فى الطبقة العمالية وأصدرت "المسرح والعمال" عن هيئة الكتاب، ووضعت يدى على نصوص تسبق ما كتبه يعقوب صنوع، وصفتها الدكتوره نهاد صليحة عميدة معهد التذوق الفنى بأنها دراسة غير مسبوقة.

* كان لهزيمة يونية 1967 أثرٌ سيئ فى نفوس المثقفين، فهل انعكست إرهاصات الانكسار على كتاباتكم؟

- كان لنا دورنا الاستنهاضى لترميم الشروخ التى سببتها الهزيمة، ولم يكن الأمر مقتصرًا على الكتابة فقط، ولكن أيضًا فى اللجان الشعبية، والتطوع فى قوافل المقاومة والمشاركة فى حرب الاستنزاف، وسافرت مع مجموعة من شباب شبرا بعد أن اجتمع بنا يوسف السباعى بمقر المؤسسة العمالية، لشرح الدور المطلوب منا بجوار جبل عتاقة بالسويس للتمهيد لقواعد الصواربخ، وظللنا فى العراء لثلاثة أسابيع، وديوانى الأول "وادى الخوف" به العديد من القصائد التى عكست هذه الأجواء المشحونة.

* هلا تحدثنا عن بواعث اختياركم للعامية كلغة لإبداعاتكم؟

- المفارقة أن أغلب شعراء العامية كانت بداياتهم بالفصحى، وقد كتبت الفصحى فى البداية، بل كتبت أشعار مسرحية "يوم من هذا الزمان" لمسرح الغد وأخرجها الدكتور عمرو دوارة، لكنى وجدت فى العامية بغيتى لترجمة ما أشعر به من مشاعر وأفكار.. فالعامية هى التى اختارتنى، ولم أخترها أنا.

* لكن البعض يرى أن الكتابة بالعامية المصرية عجزت عن اختراق كل مساحتنا العربية، فبماذا تعلق؟
- أرى أن العامية المصرية أصبحت معروفة فى أرجاء المنطقة العربية.. والفضل يعود لأم كلثوم وللفيلم المصرى، وندوات الأبنودى فى العديد من الدول العربية تؤكد كلامى، والادعاءت بأنها ضد لغة القرآن الكريم يرد عليها بعبارة أحمد شوقى: "لا أخشى على الفصحى قدر خشيتى من عامية بيرم التونسى عليها"، فاللغة وعاء للأفكار، والقصيدة الفصحى الركيكة أخطر على لغتنا من القصيدة العامية الجيدة.

* كانت لكم قصيدة مشهورة عن محاكمات شخوص الروائى العالمى نجيب محفوظ، هلا ذكرتم بواعثها؟

- بعد فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل عام 1988م، انتابنى شعور طاغٍ بالسعادة، لأننى أعتبر أدب محفوظ جزءًا من تكوينى المعرفى والثقافى، جنبًا إلى جنب مع يوسف إدريس.. وبقدر انبهارى بالتحليل النفسى فى روايات ديستوفسكى، وتقديرى لكفاح مكسيم جوركى وبقدر عشقى لوليم شكسبير بعد أن قرات الـ36 مسرحية، كانت شخصيات روايات نجيب محفوظ هى التى أخذت منى وقتًا طويلًا من البحث والتحليل، ووجدتها أمامى تطالبنى بالإعلان عن سعادتى إبداعيًا، فجمعت هذه الشخصيات لتحاكم مبدعها، وصدرت بـعنوان "كان ليه ياعم نجيب" عن هيئة الكتاب، ولا يفوتنى أن أقول أننى سعدت جدًا بكتابتى لأشعار مسلسل "حديث الصباح والمساء" لمحفوظ.

 * مَنْ مِنْ النقاد كان أكثر إنصافًا لروائعكم؟

- عدد كبير، علمًا أن همى الأعظم ليس النقاد بل اهتمامى بالناس والجماهير.. وقد تحمس لأعمالى عبدالفتاح البارودى وكتب عنى فى جريدة الأخبار، وأيضًا الدكتور عمرو دوارة ومحمود الحلوانى ومحسن الخياط وأمين بكير ورفعت المرصفى وآخرون لا تسعفنى الذاكرة لذكرهم جميعًا.

* كمتابع لمشهدنا الشعرى المعاصر، كيف ترون قصيدة النثر؟

- أتابع المشهد الشعرى منذ 30 عامًا، لكونى كنت مسئولًا عن الصفحة الأدبية بجريدة "العمال" الأسبوعية.. وقد توجست فى البداية من النصوص النثرية، ولكنى لم آخذ موقفًا تجاهها، بل أنى فى مسابقة شعرية بساقية الصاوى أعطيت المركز الأول لقصيدة النثر رغم عدم تناغمى معها، ومبدأى دع الطيور تغرد والفيصل فى التأثير والاستمرار.. من لم يتجدد ينقرض.