رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

عندما يتجرأ الصعلوك

الاختلاف ليس بالضرورة أن يكون رحمة.. فقد يكون وبالا على المختلفين...

صحيح أنه مظهر من مظاهر الحياة.. وسنة من سنن الوجود ... وآية من آيات الله فى الكون ... ولكن ذلك عندما يكون اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد...

صحيح أنه دليل الحرية ... وعلامة بارزة للطبائع البشرية... ولكن فى إطاره المنضبط.. وفى حراسة أدبياته المصونة.....

صحيح أنه كالفاكهة يشتهيها بعض الناس بل الكثيرون منهم... ولكن هناك من أنواع الفاكهة ما هى مر المذاق .... نافذ الرائحة.. وأى رائحة أنها الرائحة النتنة الكريهة!!!...

صحيح أنه ظاهرة صحية تدل على التمدين الإنساني... والتحضر البشري... ولكنه أودى بحياة أمم وقضى على آمال شعوب...

فى الحقيقة إن الاختلاف منه ما يمكن التجاوز عنه... ومنه ما يتطلب الوقوف ضده ومجابهته... بكل الطرق الممكنة والأساليب المشروعة... لأنه سيؤثر لا محالة على علاقة الأشخاص.. وأحيانا الأمم... مما يترتب عليه بلبلة فكرية .. وزعزعة الثقة .. فى مسلمات ومبادئ وقيم وحقائق تمثل هوية أمة ومعتقد صنف من البشر..

ولعل من أبرز أشكال الاختلاف وأشدها أثرا ما يتعلق بالسياسة ويرتبط بالحكم... لأن نتائجه عادة ما تكون وخيمة إلى أبعد الحدود...

ويزيد من خطورة الاختلاف... الحديث عنه.. وتكراره.. والتفنن فى عرضه.. والإبداع فى تناوله وتجسيده وتجسيمه ... بصورة توغل الصدور ... وتدفع إلى مزيد منه بل وتغرى إلى إحيائه من جديد وإن كان قديما..

خصوصا حين تصدر مؤلفات وروايات .... يحمل البعض منها عنوانا يكشف عن خلل واضح فى تقدير الأمور ومراعاة الظرف السياسى الخطير للغاية التى تعيشه أمتنا العربية والإسلامية.. فى دول شقيقة متعددة... ينذر بعودة الطائفية البغيضة التى قضت على كل الآمال فى الخروج... من مأزق التشتت والاختلاف الذى تعيشه الأمة العربية والإسلامية فى هذه الأونة الخطيرة من تاريخ الشعوب العربية والإسلامية ....

لصالح من تم نشر رواية كهذه؟؟!!... التى تحمل وقائع تاريخية بعينها ... اختار العقلاء والحكماء من أبناء هذه الأمة عدم الوقوف أمامها طويلا....

ناهيك عما إذا كان كاتبها يتعمد إغفال الحقائق التاريخية الثابتة ويعتمد على الروايات الواهية ويسعى وراء المناطق المعتمة فى التاريخ الإسلامي... ويبذل جهدا بالغا فى إلقاء الضوء عليها وسبر أغوارها...

والعجيب أنه يتباهى بتسليط الضوء على هذه المناطق والوقائع الشائكة... كما أنه يصر على أمر يمس الدين فى جوهره... ويتعلق بمكانة الصحابة الكرام... بل يتجرأ عليهم.. وأحيانا يتهمهم بغير دليل ... ويفتات عليهم ويقتات على سيرهم رغم شرفها ... ويرسم بخياله المريض لوحة باهتة عن رموز وشخصيات لها تاريخ حافل بالبطولات وينسج لهم أشكالا وصور هم منها براء...

ولذلك أقول:

من هذا الشخص الذى يلمذ هنا تارة ؟؟!!... ويتهم هناك تارة أخرى؟؟!!...

من هذا الشخص الذى يمتلك من الأدوات التى يحكم بها على الصحابة الكرام «رضوان الله عليهم»؟؟!!...

من هذا الشخص الذى يصدر أحكاما جاهلة من ناحية ومريضة ومغرضة من ناحية ثانية؟؟!!...

من هذا الشخص الذى يصمم على استخدام معاول الهدم فى ديننا؟؟!!!... أى معاول هدم تلك؟؟!!!... يا أيها الصعلوك!!... أنا لا أسبك ولا ألعنك.. ولكن قدرك بين هؤلاء الذين تخطئ فى حقهم ... يجعلك «صعلوك» والابتسامة تملأ وجهى ولكنها ابتسامة غضب.. تجلعنى أقسم بالله... إننى سأعلن عن غضبتى ...

إنه لأمر جلل ونكاية غير محسوبة العواقب أن يصمم مؤلف الرواية على إظهار وإبراز خطايا الصحابة مع العلم أن معظمها غير مؤكد.. ومنها ما ذكر فى بعض المصادر المغرضة التى تنحاز ضد كبار الصحابة... ويشتم منها بل يفوح التشيع... والسؤال الذى أحب أن أوجهه له هو لماذا تحرص على تجميع كل هذه الحكايات المثيرة للجدل فى كتاب واحد يزيد عن 700 صفحة؟؟!!....

الحقيقة لأمر صادم.. وخاصة أن أغلب هذه الحكايات لها بعض المواقف التى لم نعهدها من الصحابة الكرام... ولماذا تركز بشكل واضح على الجوانب السيئة؟؟!!...

يبدو أن الموضوع يفوق العنوان ليصبح عدوانا صارخا على جيل قدم الغالى والثمين لخدمة الدعوة الإسلامية ولانتشار التوحيد والديانة السمحاء فى ربوع المعمورة...

وإذا كانت الرواية اتسمت بالحبكة الدرامية والقدرة على رسم الشخصيات وسرد الأحداث... ففى بعض الأحداث التى سجلتها الرواية... يتسم بعدم الدقة والتلبيس والتدليس والاعتماد على الواهى من الروايات ....

لذلك لا يستطيع باحث أن يعثر لها على دليل صحيح ثقة ... فضلا عن أنها رواية مؤلمة مفجعة تبعث على القنوط واليأس وتولد شعورا بالشك فى الدين وأئمته... كما تحمل قدحا ظاهرا فى سياسة الإسلام وفلسفته ومنهاجه وطرق تناول وتعامل أبناء هذا الدين العظيم .. وتلك الديانة الحنيفة.. مع المشكلات والأزمات والقضايا التى واجهتهم لتعطى إيحاءً بأن هذه هى طبيعة الإسلام ... وهؤلاء هم رجاله الأوائل!!!! .. الذين يتصرفون على النحو الذى أردت أن تكونه عنهم... وهم منه براء....

إذا فليس بالغريب ولا العجيب على الكاتب أن يؤسس على فكرته هرما زائفا أو تلا وهميا... ويبنى عليه احتضان الإسلام للعنف فى دعودته بل ويعتمد..

والله إنه لاتهام صريح وطرح قبيح لرواية خبيثة.. ولرؤية فجة.. غير محايدة... تحاول أن تحكى عن رحلة دم إبان ما سماهم بالقتلة الأوائل...

فضلا عن أنها رواية غير موثقة تعتمد على الروايات الضعيفة الواهية.... كان الأقدر بالمؤلف أن يستوعب خطورة تناول تلك الحقبة من تاريخ الإسلام بهذا الأسلوب الملتوى الذى يتخذ الانتقاء سبيلا فى الرواية وأسلوبا فى كتابة ما يخدم فكرته ويتوافق مع عنوانها...

ومن هنا أقول.. بل وأتساءل موجهة سؤالى لهذا «الصعلوك»!!!... وأنا لا أسبك ولا ألعنك ولكن أوصف قدرك بين هؤلاء العمالقة .. ومحاولتك للنيل منهم تجعلك «صعلوكا»!!...

ما هو الغرض الذى تسعى إليه من وراء كل تلك الاتهامات والكتابات ؟؟!!!.... هل تسعى للتشكيك والهدم فى صحيح الدين بالنيل من رجاله .... « رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه»؟؟!!....

أم أن الغرض الذى تسعى إليه الشهرة؟؟!!... وأى شهرة تلك التى تأتى على حساب هؤلاء؟؟!!... هل مالت نفسك إلى الدنيا .. حتى استعبدتك إلى هذه الدرجة؟؟!!... هل بعت الآخرة من أجل دار الفناء؟؟!!... أم أن الرسول الكريم هان عليك!!... وهان عليك أصحابه الكرام؟؟!!...

أم أن الغرض الذى تسعى إليه حفنة من المال؟؟!!.. أى مال هذا الذى تسعى إليه؟؟!!!... والله أنت عندى كمن قال الله عز وجل فيهم:» ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم» سورة البقرة....

أم إن الغرض الذى تسعى إليه هو التنوير والمعرفة «المزيفة طبعا» ... وهنا أقول لك أى معرفة تلك؟؟!!... وأى تنوير هذا؟؟!!.. هل التنوير يأتى عن طريق شتم الصحابة الكرام؟؟!!... هل التنوير يأتى عن طريق الاستهزاء بمن بنوا قواعد أمتنا العربية والإسلامية ؟؟!!!... وفتحو البلدان وعمروا الأكوان وشيدوا أزهى حضارة عرفتها البشرية؟؟؟!... أم أن الاستهزاء بمن اناروا الدنيا كلها وحاربوا العالم بأسره أصبح يسمى تنويرا؟؟!!... والله لقد صدق فيك قول الله العظيم: «ومن الناس من يقول آمنّا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون» سورة البقرة

وأيضا لقد صدق فيك قول الرسول الكريم «إن لم تستح فافعل ما شئت» ...

وأنا أقول أنه لأمر طبيعى... وذلك عندما يتجرأ الصعلوك!!!....

والحق أقول :

لقد وقع مؤرخون عدة فى خطأ بالغ عندما خلطوا الغث بالسمين من رواياتهم ... وكذلك فى سردهم للأحداث وتناولهم للوقائع التى عاشها الإسلام ... ولاسيما فى عصوره الأولى دونما أى تدقيق أو تمحيص لها...

لذلك نود أن نلفت نظر الجميع إلى جملة من الحقائق التى تعد من الضوابط المهمة فى من يكتب فى التأريخ الإسلامى تتعلق بالرواية والسند ونقل الأحداث والوقائع التاريخية.....

ومن هذه الحقائق :

أولا : فيما يتعلق بمنهج الكتابة التاريخية لهذه الفترة الحساسة التى نشبت فيها الخلافات السياسية بين الصحابة...

لقد وضع المحققون من أهل العلم ضوابط ومعايير للكتابة ينبغى أن نعتمد عليها لنصل إلى مستوى مقبول من الأمانة العلمية والتجرد فى نقل الأحداث وسرد الوقائع منها التثبث فى النقل والرواية ... فقصة «عمرو بن الحمق» وغله من سيدنا عثمان «رضى الله عنه» وطعنه له تسع طعنات للتشفي.... (وراويها هو عيسى بن اليزيد وهو منكر الحديث)...

ومنها رواية مشاركة عبد الرحمن بن عديس فى قتل سيدنا عثمان «رضى الله عنه» .. والتى أوردها الواقدى وهى من الروايات المتروكة...

ثانيا : تجنب الطعن واللعن والسب والاتهام بغير دليل من ذلك ما جاء فى الرواية بخلاف هذه المعايير فى سرد واقعة سكر «محمد بن أبى بكر» وقتله لشخص بطريق الخطأ... فهذه الرواية لم أقف على مصدر موثوق منه لها...

ثالثا : التحرز من منهج التهويل والتعميم والتكلف فى التأويل وأعتقد أن الرواية برمتها تخالف هذا المبدأ .. ولا تتفق معه مطلقا بل هى على خلاف ذلك تماما تتخذ التهويل والنحيب سبيلا على من لهم فى قلوب الأمة المنزلة الرفيعة والراسخة ...

رابعا : عدم الخلط بين المشاعر والوقائع وهذا المبدأ انعدم من اللحظة التى كتب فيها روايته... فهو يحمل مشاعر سوداوية لرجال خدموا الدين وأفنوا أعمارهم لعزه ونشره فى ربوع المعمورة...

خامسا: من هذه المعايير استصحاب فضل الأصحاب عند الكتابة عنهم... وهنا ينبغى أن نلفت نظر مؤلف الرواية ... والذى غاب عنه هذا المعيار إلى أمر مهم... وهو ما صرح به الإمام أبى زرعة عندما قال: «إذا رأيت الرجل يطعن فى الصحابة فاعلم أنه زنديق لذلك من مصائب الأمة دون شك الطعن فى أشرف جيل حملوا الرسالة وبلغوا أمانة الإسلام إلى العالمين»..

كيف لا ؟؟!!... وقد انتشر فى ربوع آيات كتاب الله تزكيتهم ومدحهم ووصفهم ونعتهم بكل جميل...

لذلك قيل فى حق الصحابة «رضى الله عنهم» إنا لهم فى قلوب المسلمين مكانة لا يفوقها إلا مكانة النبى «صلوات الله وسلامه عليه»...

وأود أن أنبه المؤلف إلى أمر من الدين بمكانة ... وهو أن أهل السنة لهم منهج فى التعامل مع الصحابة يحفظ لهم المكان والمكانة فمحبتهم بالقلب والثناء عليهم باللسان بما أسدوه من المعروف والإحسان أمر يمثل حقا من حقوقهم علينا ... قال تعالى: «وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ» سورة الحشر....

كما أن لهم حق الكف عن سرد مساوئهم.. والوقوف عليها طويلا ... ولفت الأنظار إليها ... قال «صلوات الله عليه وسلم» : «لا تسبوا أصحابى فوالذى نفسى بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه» رواه البخارى...

هذه المنزلة التى استحقوها لما بذلوه من أجل نصرة الإسلام وما قدموه من تضحيات جسيمة بالمال والوقت والنفس لأجل رفعة الإسلام... يقول تعالى: «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ «وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ * تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا* سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ * ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَاةِ * وَمَثَلُهُمْ فِى الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا» سورة الفتح...

لهذا يجل المسلمون الصحابة إجلالا كبيرا ولا يقبلون أن يتطاول أحد عليهم ولو بلفظ عابر... وذلك لما نزل فى حقهم .. من آيات بينات تكشف عن مكانتهم .... وفى ذلك يقول سبحانه وتعالى: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ * فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ*أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» سورة الأعراف ....

كما قال تعالى: «لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» سورة الحشر ....

من يستطع الطعن فيهم بعد ذلك ... إن هذه الشهادة هى شهادة الخالق عز وجل فيهم؟؟!!!..

من يستطيع أن يذمهم بعد هذا المدح الربانى الصادر فى حقهم؟؟!!!!!...

لقد خصهم الله سبحانه وتعالى بالاصطفاء والاختيار وهو أمر لا يخضع للتصور ولا للإدراك ولا للقياس ومن ثم لا مجال بمفاضلتهم مع غيرهم... مهما بلغت أعمالهم ... وليس معنى ذلك أنهم بالمعصومين .. ولكن اقتضت مكانتهم ألا يتجاوز أحد من المسلمين فى حقهم واعتبر العلماء أن قدحهم علامة على نقص الدين فى النفس ... يقول الإمام مالك واصفا مبغضى الصحابة :» إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح فى النبى فلم يمكنهم ذلك فقدحوا فى أصحابه» ...

والله لقد جاء الزمان الذى أراد فيه الجهلاء والصعاليك أن يقدحوا فى النبى «صلى الله عليه وسلم» و أن ينالوا من أصحابه «رضوان الله عليهم»....

والله إنى لأتعجب وأندهش أين المؤسسات الدينية من كل ما يحدث؟؟!!!.... أين الأزهر؟؟!!.... أين دار الإفتاء؟؟!!... أين وزارة الأوقاف؟؟!!... أين مجمع البحوث الإسلامية؟؟!!... أين اللجنة الدينية بالبرلمان؟؟!!!!..... أين العلماء الأجلاء الفضلاء؟؟!!!!..... أين ؟؟!!... وأين؟؟!!!.... وأين؟؟!!!... أين الإنسان البسيط المؤمن بفطرتك.. أناديك فاسمعنى فلتخرج لتدافع عن أصحاب الرسول «ًصلى الله عليه وسلم»....

يا قوووووووووم.... هلموا!!!.....

هل يقف كل هؤلاء صامتين ؟؟!!!.... أمام هذا الصعلوك !!!!... عندما تجرأ على الصحابة الكرام؟؟!!!....

هل أصبحت تلك المؤسسات «لا ناقة لها ولا جمل» ؟؟؟!!!.... أو أنها تجاه هذا الموقف ستبقى صامتة عاجزة عن الرد؟؟؟!!!...

من الممكن أن أقول كلاما أكثر من ذلك ... هل أقوم بحمل «شاكوشا» لهدم تلك المؤسسات فى حالة إذا كانت ستبقى عاجزة !!!.... صامتة!!!!....

إنكم وبهذه الطريقة تفتحون الطريق أمام الصعاليك لأن يخطئوا فى حق الكبار من الصحابة !!.... إنكم بذلك ستسمحون «للصعلوك بأن يتجرأ»...

إنكم بذلك تفتحون الباب أمام العقيدة الصحيحة للتصدي... وحينها سيقول الزنادقة والصعاليك إرهاب!!!!.... فى حين أنهم يدافعون عن الرسول «صلى الله عليه وسلم»فى صحابته .... لكن هؤلاء الصعالقة سيتفقون ويتفقهون فى أن ذلك إرهاب.. لأنهم اعتادوا وارتادوا تدليس وتلبيس الحق بالباطل... عنهم حرية وتعبير!!....

وهناك مسألة أخرى لا يفوتنا الوقوف عندها وهى تتعلق بحرية الرأى وطبيعة الاختلاف ونظرة الإسلام إليهما... فبعض الناس يتصور أن التاريخ هو رأى شخصى ووجهة نظر فردية.. لكن على العكس من ذلك تماما فإن التاريخ مبنى على الوقائع والأحداث ...

ومن هنا فصياغة الرأى تكون طبقا للوقائع ... لا صياغة الوقائع فى قوالب الرأى ... وذلك مثلما يحدث فى برامج «التوك شو» -الغراء-.. فى عرض القضايا التى ترفع من مستوى المشاهدة دون النظر إلى أن هذه القضايا تعد معول هدم !!!...

وبهذا ننبه على الجريمة التى ترتكب بحق تاريخنا من بعض المؤرخين الذين نقلوا من كتاب تاريخ الطبرى فانتشرت تلك الروايات المغلوطة باعتبارها من المسلمات التاريخية ... والتى استغلها مؤلف هذه الرواية بصورة واضحة دفعت لا محالة إلى التشكيك فى الصحابة الذين لا يوجد لهم مثيل فى الزهد والتقوى والإيمان...

أقول هذه الأمور بمنطقية شديدة وبداخلى مشاعر يملأها الغضب .. ويسيطر عليها الحزن والأسى ... كيف لا ؟؟!!!.... وأنا التى ومنذ ما يزيد عن 15 عاما... أدافع عن دين الله .. اتحدث عن رسوله «صلى الله عليه وسلم» ... بعد أن عشت منذ نعومة أظافرى فى حبه ... ومدح أهل بيته .. وأذكر بل وأتذكر سير الصحابة الأوائل «رضى الله عنهم ورضوا عنه»...

أنا التى كتبت عن الإمام الحسين ثائرا وشهيدا... كتبت عن عمر ... وتمنيت لو عاد الزمان .. وعاد معه عمر... لقد صرخت صرخات أسمعت الدنيا كلها... صرخات زلزلت الجبال الراسيات يوما أن قلت واااااااااا عمراااااااه....

أتألم حين أتذكر أنك تخطئ فى حق هؤلاء الصحابة.... يااااااه الله !!!....

أنت تخطئ فى حق أبو بكر الصديق... الذى قال عنه الرسول الكريم... صاحب التجليل... الرؤوف الرحيم :» لو وزن إيمان أبو بكر فى كفه وإيمان الناس فى كفه لرجح إيمان أبو بكر»....

إذا فمن أنت ومن تكون؟؟!!!.... لتتجرأ عليهم أيها الصعلوك!!....

أنت تخطئ فى حق عمر بن الخطاب.... الذى كان ملهما وملهما بالقرآن... عمر الذى أقام دولتة على العدل... عمر الذى أحيا السنة وأمات الفتنة... عمر وما أدراك ما عمر!!!!...

أذن فمن أنت ومن تكون؟؟!!!.... للتتجرأ عليهم أيها الصعلوك!!....

أنت تخطئ فى حق ذى النورين... الذى كانت تستحى منه الملائكة... فلقد روى عن عَائِشَةَ.... قَالَتْ : « كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِى بَيْتِى .... كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ .... أَوْ سَاقَيْهِ ... فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ ... فَأَذِنَ لَهُ ... وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ..... فَتَحَدَّثَ ... ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ ... فَأَذِنَ لَهُ ... وَهُوَ كَذَلِكَ ..... فَتَحَدَّثَ ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ .... فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..... وَسَوَّى ثِيَابَهُ .... فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ .... فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ .... ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ ؟!.... فَقَالَ: ( أَلَا أَسْتَحِى مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِى مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ )؟؟!!.....

إذا فمن أنت ومن تكون؟؟!!!.... للتتجرأ عليهم أيها الصعلوك!!!....

أنت تخطئ فى حق على بن أبى طالب.... أول من آمن من الصبيان.... رجل فدا رسول الله بروحه وبنفسه... زوج ابنته «صلى الله عليه وسلم»... والد سيدا شباب أهل الجنة...

من أنت ومن تكون؟؟!!.... لتتجرأ أيها عليهم الصعلوك!!!....

والله أنى لأتعجب للمرة الثاينة.. من هذا «الصعلوك»:

أفلا تخشى انتقام الله عزوجل الله على سبيل انتقامه للرسول والصحابة الكرام؟؟!!!...

أفلا تخشى أن يلم بك بعض من الاضطرابات المعوية... حينها لا تستطيع أن تتحكم فى حاجتك... ؟؟!!!... كأبسط صور من الانتقام!!!...

اللهم أرينى فيه وفى أمثاله عجائب قدرتك!!!....

فبدلا من أن أحاول أن أحارب أعداء الإسلام... وأطلب من الله العون فى أن يعطينى القوة والقدرة على التصدى لهم.!!!... أجد نفسى كذلك أحارب أصحاب ديننا !!!... «المفروض يعنى»؟؟!!!.... أهذا من المعقول؟؟!!!... أم أن هذا الشخص يدعى أنه منا!!!!.... يدعى أنه شهد بالله يوما !! أو بوحدانيته !! .... أو دان بالإسلام دينا!!...

هكذا دفعت عن دين الله عزوجل ... كنت أحاول أن أحيى النزعة الدينية و العقيدة الإيمانية وأستجلب المبادئ الربانية... والقيم الإسلامية الرفيعة ... التى كانت دافعا وسببا فى ما شهده العالم الإسلامى من ازدهار وتقدم فى كل ميدان وفى كل مجال...

ويزيد تعجبى من هؤلاء الذين يغردون خارج السرب... يعزفون لحن النشاذ... يروون قصص الضلال... إنهم يخلطون بين الأمور ولا يفرقون بين ما هو يتعلق بالدين من الثوابت التى أجمعت عليها الأمة وأصبحت محل اتفاق فيما بينها وبين ما يمكن الاجتهاد فيه ...

وبهذه المناسبة أتعجب لمرات بعد مرات من أستاذ جامعى يحتل منصبا رفيعا.. يقول: «إننا لسنا فى حاجة إلى تدريس قصة عقبة بن نافع.. وإنما فى حاجة إلى تدريس دور السيد طلعت حرب !!!... وأقول له وأمثاله ممن يقعون فى هذا الخطأ ... متعمدين أو دون ذلك فى التفكير وفى الرؤية ...

إن هذا لتدليس واضح ... فتدريس قصة هذا الصحابى الجليل .. تحمل العبرة والعظة... وتؤثر فى التشكيل والتكوين.. وتربى على الشجاعة والإقدام .. وعلى الاحترام لمن أفنى حياته فى سبيل نشر الإسلام...

ولا يمكن أن يصطدم تدريس كتاب عقبة مع الحديث عن السيد طلعت حرب... فإذا كان لدراسة القصص تأثيرا فإن لدراسة حياة شخصية معاصرة أفنت حياتها من أجل نهضة مصر بمفهومها الشامل والعام.. لهو أمر لا يستغنى عنه لأنه يحمل المثل والقدوة فى حياتنا العامة والتى نفتقدها وللأسف الشديد فى نخبنا ... والتى بلغ التباس الأمور عندها إلى أنها تخلط بين الأمرين على هذا النحو!!!...

أيها السادة ...

ليس عجبا أن تصدروا هذه الأحكام ....

وليس عجبا أن تتهكموا على من لهم الفضل... فى دخولنا فى هذا الدين العظيم.. فيبدوا أنكم اتخذتم منه موقفا تكشفونه كل حين ...

عزائى كبير ... وحزنى عظيم.. على ما آلت إليه الأمور بين مثقفين فى هذه الحقبة المريرة التى نعيشها ....

عزائى لصنف من أتباع هذا الدين أن يكون معول هدم له .. وأن يستخدم على هذا النحو المشين والمسىء..

فرفقا بأمتنا وحنانيكم على دينكم ووطنكم..

أقول إننى ورغم كم هذه المرارة التى فى حلقى ... سوف أنتصر عليكم جميعا !!... أتعرفون لماذا؟؟!!... لأنى على الحق المبين !!!... لست وحدى!!... الله معى...

وبأعلى صوتى أقول فيك يا الله..... فيك يا الله.... فيك يا الله ....

ولعن الله قوما ضاع الحق بينهم.. لأنه أى حق .. حق الله فى أغلى خلق الله .. فى حق حبيبه «صلوات الله عليه» .. بحق ما يرتكب فيه من خلال صحابته!!!.... ألا يكفى انتهاك المقدسات !!... والعجز والصمت الرهيب تجاه ما يجرى تجاهها... حسبى الله ونعم الوكيل!!...

موضوعات متعلقة