رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

 دوافع العمليات الإرهابية وعقيدتها الفكرية

إن الجامع العلنى والسرى بين كل التكوينات التكفيرية هو «شيطنة» كل من يعاديها واستغلال المجتمعات البسيطة، وهذا ما اتضح خلال المراحل الثلاث، مرحلة "بن لادن" ومرحلة "الزرقاوى" والمرحلة "الداعشية"، وانطلاقًا من هذا الفكر المنغلق على نفسه، مارست هذه التنظيمات أبشع الجرائم الإرهابية، وبات الإرهاب أبرز التحديات التى يواجهها العالم المعاصر. ينتمى تنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق والشام» إلى الفكر السلفى الجهادى، ويهدف القيّمون عليه إلى إعادة ما يسمونه «الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة»، وهو يتخذ من العراق وسوريا مسرحًا لعملياته و«جهاده».

أما الإرهاب عند الأمم المتحدة، فيقصد به: أعمال العنف الخطيرة التى تصدر من فرد أو جماعة بقصد تهديد الأشخاص أو التسبب فى إصابتهم أو موتهم، سواء كان يعمل بمفرده أو بالاشتراك مع أفراد آخرين، ويوجه ضد الأشخاص أو المنظمات أو المواقع السكنية أو الحكومية أو الدبلوماسية أو وسائل النقل والمواصلات، وضد أفراد الجمهور العام دون تمييز، أو الممتلكات، أو تدمير وسائل النقل والمواصلات بهدف إفساد علاقات الود والصداقة بين الدول، أو بين مواطنى الدول المختلفة، أو ابتزاز أو تنازلات معينة من الدول فى أى صورة كانت، لذلك فإن التآمر على ارتكاب أو محاولة ارتكاب أو الاشتراك فى الارتكاب أو التحريض على ارتكاب الجرائم يشكل جريمة الإرهاب الدولى.

تشكّل هذا التنظيم فى العام 2013 على أنه اندماج ما بين تنظيم «دولة العراق الإسلامية» الذى تشكّل فى العام 2006 وهو يتبع لتنظيم القاعدة، وبين تنظيم «جبهة النصرة» فى سوريا، إلا أن هذه الأخيرة رفضت الاندماج.

تعود أصول تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى عام 2004، حيث شكّل الأردنى أبو مصعب الزرقاوى تنظيمًا أسماه «جماعة التوحيد والجهاد»، وأعلن وقتها عن مبايعته تنظيم «القاعدة» بزعامة «أسامة بن لادن»، ليصبح ممثل هذا التنظيم فى المنطقة أو ما سمّى «تنظيم القاعدة فى بلاد الرافدين».

إن المدارس الدينية هى أهم بؤر نشر الفكر الدينى المتشدد، لاسيما فى السعودية وباكستان وأفغانستان، فجاء استثمار واستغلال هذه المدارس الدينية خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى باعتبار هذه المدارس بيئة خصبة لإنبات الفكر الدينى المتطرف لمواجهة مدّ الفكر الشيوعى الكافر، بتمويل سخى من الولايات المتحدة والسعودية ومن دول أخرى لاسيما الدول الخليجية،  فبدلًا من أن يبرز هؤلاء الجانب المتسامح فى الإسلام، حاولوا إبراز الجانب الفكرى الأحادى من الدين، فكل طرف يلجأ للاستشهاد بسور من القرآن كقرائن قوية لما يقومون به، وهنا السياسة لا السماحة الدينية هى التى تأخذ طريقها فى التعليل أو اختيار ما يؤيد نزعاته التكفيرية المتشددة، أى يقومون بتفسير آيات من القرآن الكريم دون التدقيق فى أسباب النزول، أو السماح فى التأويل عندما يخالف نزعاتهم وبالتالى إعطاؤها تفسيرات أحادية الجانب، ويمكنهم رصد الجوانب المخالفة فى سلوك الآخرين حسب رؤيتهم الدينية، وقراءتهم للنصوص القرآنية، وهذا دأبهم على أى حال فى تكفير الآخرين.

حقيقة إننا نقف حيارى إزاء مسائل عديدة يثيرها هؤلاء، هل نشفق على أمتنا من شعوذات هؤلاء؟ ومباركتهم للتخلف المتأصل فينا، فى سلسلة تواصل من السلف التكفيرى إلى هؤلاء، أى إلى الخلف التكفيرى (النجيب) فهؤلاء طمسوا الجانب النيّر المتسامح من الإسلام، فقد شوّهته ثوابتهم التى لا تقبل الجدل ولا القراءة العصرية، ولا تفسيرات الشرّاح والمجتهدين كعقوبة المرتد وهى القتل، وحظر النقد لما فيه من نظر واجتهاد، ورفض الثقافة المتقدمة والتكنولوجيا المتطورة التى أنتجت المطبعة والكهرباء والسيارة فالطيارة وأخيرًا وليس آخرًا الإنترنت..! وهم يريدون أن يعودوا بنا إلى البادية بمطايا الإبل (سفينة الصحراء)، ويرون أننا بهذا التخلف ينبغى أن نسود العالم، عالم اليوم، وأن الغرب سينهار مع حضارته المادية، وسيحكم الإسلام عموم العالم، ولا شراكة فى الحكم من أحد سوى الدين الإسلامى بحاكمية هى لله وحده، وبالطبع هم الخلائف الحقيقيون والوارثون المؤهلون لإدارة شؤون البلاد والعباد.

لقد سلك الفكر التكفيرى والتعصب والخلافات المذهبية بالمسلمين مسلكًا خطيرًا باعد بين اتباع المذاهب وبعد كل خطوة ومحاولة من العلماء المخلصين لدرء الفتن وردم الهوة ورأب الصدع والتقريب بين المذاهب نسمع من بعض المتطرفين الجهلاء والمغرضين تصريحات جهولة وشاذة أو عمليات إرهابية دموية حاقدة ضد الأبرياء من المسلمين لتعكير هذه الأجواء التقريبية والروحية البناءة بين اتباع المذاهب الإسلامية وفى ظروف حرجة يواجه فيها المسلمون أشد التحديات والمؤامرات الشرسة والتى تجسدت فى الأيام الأخيرة بإحراق المصحف الشريف من قبل المتطرفين الصليبين والصهاينة الحاقدين على الإسلام والمسلمين.

 وأيًا كان من هذه القناعات والنوايا فإن تصرفات التكفيريين تعطى الذريعة للصهاينة والصليبين بتضاعف حملاتهم الحاقدة الإعلامية المتعمدة المعلنة منها الطعن والإساءة لكتاب الله العزيز الذى "لايآتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" والطعن فى نبى الإسلام محمد والقول إن المسلمين إرهابيون تتعدد الدوافع التى تقود الفرد إلى الإرهاب، وقد عرض كثير من الباحثين العديد من النظريات التى تفسر لماذا يندفع الفرد إلى الإرهاب فمنهم من يرى بوجود دوافع شخصية بذات الشخص، ومنهم من ركز على الجوانب السيكولوجية ومنهم من ركز على الاعتبارات المادية، فى حين ذهب فريق آخر إلى القول إن ذلك يعود إلى الجوانب الوجدانية.