الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

أخبار

سيناء.. تتعدد المطامع وتختلف التهديدات

يحتفل المصريون فى 25 أبريل من كل عام بذكرى تحرير سيناء، وهو اليوم الذى استردت فيه مصر أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندى إسرائيلى منها، وفقًا لمعاهدة كامب ديفيد، وفى هذا اليوم تم استرداد كامل أرض سيناء ما عدا مدينة طابا التى استردت لاحقًا بالتحكيم الدولى فى 15 مارس 1989.
لقد حاربت مصر فى اكتوبر ١٩٧٣ ليس من أجل الحرب فقط ولكن من أجل تحقيق سلام قائم على العدل ولقد حاولت مصر طرح هذا السلام مرات عديدة على إسرائيل قبل خوضها للحرب ولكن قوبل بالرفض من جانب إسرائيل ومن ببن هذه المحاولات والمبادرات على سبيل المثال المبادرة الفرنسية ١٩٦٩ وأعقبها مبادر " روجرز الأولى" فى نهاية نفس العام والمبادرة الأمريكية التى طرحها وزير الخارجية الأمريكى وأعقبها مبادرة اخرى "لروجرز" عام ٧٠ كما أن جميع هذه المبادرات فشلت بسبب تعنت الجانب الإسرائيلى وإصراره على عدم إعطاء مصر أرضها بالكامل وفى المقابل إصرار مصر على حقها فى كامل أراضيها.
أن تعنت إسرائيل ورفضها التفاوض فى عودة الأرض التى احتلتها من مصر جاء من منطلق اعتمادها على وجود مانع مائى طبيعى متمثل فى "قناة السويس" وعدد ٢ مانع صناعى متمثلين فى الساتر الترابى وخط بارليف وبالطبع كل هذه الموانع تؤمن حدودها بشكل كامل وتمثل حائط الصد أمام أى محاولات اقتحام من الجانب المصرى.
وفى ضوء عدم اقتناع إسرائيل بالسلام وتسليم الأرض المصرية كان لازما على مصر استخدام القوة العسكرية لتحقيق الهدف النهائى وهو السلام ولذلك خاضت مصر حرب ١٩٧٣ وحققت المعجزة وهدمت نظرية الامن الإسرائلية المبنية على احتلال أرض خارج حدود إسرائيل من خلال الاستناد على موانع طبيعية وصناعية لتأمين حدودها ووجودها.
أن حرب ٧٣ بدأت بقيام القوات المسلحة المصرية بـ٣ اقتحامات رئيسية متمثلة فى اقتحام قناة السويس واقتحام الساتر الترابى واقتحام خط بارليف فى ٦ ساعات فى ظل تأمين العدو لهذه الموانع بخطط نيران بمختلف أنواعها واشكالها.
وهذا الاقتحام يعد إنجاز لم يحدث فى التاريخ من قبل ولا يعد عبور لافتا إلى أن مصر خاضت الحرب فى ظل تفوق العدو الإسرائيلى بالسلاح والتكنولوجيا ورغم كل ذلك حققنا نجاح منقطع التنظير وهذا ما جعل حرب اكتوبر تدرس فى كبرى الأكاديميات العسكرية بعد هذا النجاح لأنها حالة المثالية لقوات مسلحة حققت النصر بأقل الإمكانيات وحققت أهدافها على قوى أعلى فى إمكانيات وقامت فى افتتاحية الحرب بعمل ٣ اقتحامات رئيسية فى ٦ ساعات وكانت مفتاح النصر والسلام والأساس القوى للذى بنى عليه السلام.
وبالفعل تم تحرير جزء من الأرض وبعد ذلك وافق الرئيس السادات على وقف إطلاق النار بعد التدخل الأمريكى لصالح إسرائيل وقال وقتها الرئيس السادات جملته الشهيرة "أنه مستعد لحرب إسرائيل وغير مستعد لمحاربة إسرائيل وأمريكا معا" وهنا تجلت فطنة الرئيس السادات وإدراكه لحجم الموقف لخروج القوات المسلحة من المعركة منتصرة وفى موضع قوة لتمثل بذلك ورقة ضغط أثناء مفاوضات السلام وجاء خطاب الرئيس السادات فى مجلس الشعب مؤكدا أنه مستعد للذهاب إلى أبعد نقطة فى العالم سعيا إلى السلام العادل حتى لو كان إلى الكينست ذاته ولخصت هذه العبارة استراتيجية الاستعداد لبدء عملية السلام ومفاوضات السلام التى تمثل القوة الناعمة.
إن ذهاب الرئيس السادات إلى إسرائيل كانت جرّأت منقطعة النظير ليقنع الإسرائليين بالسلام من موضع قوة حيث قال لقد جئت على قدمين ثابتتين فتغير الوضع ٣٦٠ درجة وبالفعل اقتنع العدو الإسرائيلى أنهم لن يعيشوا فى سلام إلا بالسلام وهذه هى احترافية الرئيس السادات فى استخدام القوة الذكية، ومن فطنة السادات أيضا جعل الولايات المتحدة الأمريكية وهى القوة الوحيدة فى العالم التى تساند إسرائيل بشكل كامل أن تقف بجانب مصر فى تنفيذ خطتها فى استرداد الأرض أن تكون راعية للسلام بديلا من دخول الأمم المتحدة ومنعا من تعدد القوى والمصالح.
وكان من الفطنة أيضا للسادات البدء مباشرة فى مفاوضات السلام بعد الحرب لأنه من الضرورى التفاوض مع الجيل الذى تم هزيمته فى الحرب وعدم الانتظار لوقعت طويل للبدء فى السلام مع أجيال أخرى تظهر على الساحة لم تشارك فى الحرب وقد تختلف المواقف الإقليمية والدولية وقتها وبالتالى سيكون ذلك فى صالح إسرائيل.
أن معاهدة السلام لم تهدف إلى سلام منفرد بين مصر وإسرائيل حيث نصت فى ديبجتها أن حكومة جمهورية مصر العربية وإسرائيل تؤكدان التزاماتهما بإطار السلام المتفق عليه فى كامب ديفيد وهذا الإطار يؤسس لسلام ليس بين مصر وإسرائيل فقط ولكن لإسرائيل وجيرانها من دول العرب.
وقد وقعت إسرائيل على هذا الالتزام وللأسف لم تعى بعض الدول العربية موقف مصر فى هذا التوقيت وقاطعوا مصر.
إن سيناء ليست منقوصة السيادة كما يزعم البعض وهذا غير صحيح وأن كلا الدولتين يحترم سيادة دولته على أراضيه وأن القوات المتواجدة فى سيناء ما هى إلا ترتيبات أمنية لا تنتقص من السيادة وتم وضعها باتفاق الطرفين وأن الترتيبات الأمنية التى تم النص عليها فى معاهدة السلام لم تمنع مصر من الدفع بعناصر إضافية من القوات مسلحة لمكافحة الإرهاب فى كل سيناء.
أن تحرير سيناء هو ملحمة متكاملة جمعت بين حرب أكتوبر ومعارك سياسية دبلوماسية خاصة بمعاهدة السلام وانتهت بعد معركة استرداد طابا فكانت ملحمة متعددة الجوانب والأبعاد وليست معركة قوات مسلحة فقط.
وتعد التهديدات التى واجهت سيناء تغيرت فى الشكل والنوع فتحول العدو من جيش نظامى واضح المعالم إلى جماعات إرهابية مسلحة تراعها دول تهدف أيضا لاحتلال جزء من أرض سيناء وخاصة ما بين شرق العريش حتى خط الحدود الدولية والسيطرة على هذه المنطقة ومحاولة دفع الفلسطنيين بالقوة لتنفيذ مشروع غزة الكبير ويعد هذا التهديد غير تقليدى يختلف عن الحرب مع إسرائيل
أن القوات المسلحة خاضت معركة أخرى بالتعاون مع الشرطة المدنية مع عدو خفى مستتر متمثل فى جماعات إرهابية مسلحة ولقد حقق الجيش المصرى انتصار أبهر العالم فى القضاء على هذه الجماعات وتدمير البنية التحتية لهم والتى وصلت إلى نسبة ١٠٠٪‏ وشارك فى هذه الملحمة أهالى سيناء الشرفاء الذين يمدون القوات المسلحة بالبيانات والمعلومات عن الإرهاب والدروب والطرق وهذا ليس غريب على أحفاد من شاركوا فى حرب أكتوبر ٧٣ وساعدوا القوات المسلحة وقتها أيضا.
أن مصر هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى كافحت الإرهاب فى مسارين متوازيين مكافحة الإرهاب فى شقها العسكرى وشقّها التنموى الاقتصادى والاجتماعى بالتوازى مع مواجهة الإرهاب حيث تم إقامة مشروعات تنموية واستثمارية كبرى فى نفس مناطق مكافحة الإرهاب وتوفير طرق ومساكن وحياة آمنة لتحقيق تنمية المستدامة التى تراعى حق الأجيال القادمة وعلى سبيل المثال من هذه المشروعات مشروع ازدواج قناة السويس ومشروعات الإنفاق التى تربط سيناء بالأراضى المصرية موضحا أن جميع الدول تقوم بإعادة الإعمار بعد الانتهاء من مكافحة الإرهاب أو انتهاء الحروب إلا مصر تقوم بالتنمية أثناء مكافحة الإرهاب فى توقيت واحد وهذه حالة متفردة وغير مسبوقة.
أن التنمية فى بعدها الاقتصادى والاجتماعى تتمثل فى إقامة عدد كبير من مشروعات التجمعات البدوية التى تتناسب فى شكلها مع طبيعة وعادات وتقاليد أهل سيناء والتى تم تجهيزها بالأثاث والمفروشات وأيضا التنمية بالمشاركة والتى ظهرت بصورة كبيرة فى جنوب سيناء من خلال مضمار سباق الهجن الذى جعل أهل سيناء يشاركون فى التنمية بالإبل والجمال فى سباقات دولية ومحلية وإقليمية جذبت السياحة ولفتت أنظار دول الخليج وهذا مثال قوى على التمية بالمشاركة.

slot online
click here click here click here nawy nawy nawy