خطة حكومة مدبولي لزيادة حصيلة ضريبة القيمة المضافة.. تطبيق الضريبة على جهات كانت معفاة

تخطط مصر لتنفيذ عدد من التعديلات والإجراءات لزيادة حصيلة ضريبة القيمة المضافة المتوقعة خلال العام المالى المقبل، عبر ضم قطاعات جديدة للاقتصاد الرسمى وتطبيق الضريبة على جهات كانت معفاة منها من قبل، وذلك وسط توقعات بانخفاض تكلفة الإنتاج مع خفض جديد لأسعار الفائدة.
يأتى ذلك فى وقت تتوقع فيه الحكومة المصرية أن تصل حصيلة ضرائب القيمة المضافة على السلع والبضائع المحلية والمستوردة إلى 640.4 مليار جنيه خلال العام المالى المقبل، بزيادة بواقع 214 مليار جنيه مقارنة بتقديرات موازنة العام المالى الجاري، الذى ينتهى فى يونيو المقبل، بحسب البيان التحليلى لمشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2025-2026.
وفى الوقت ذاته، تعتزم الحكومة زيادة حصيلة الضرائب المستهدفة على السلع والخدمات بنسبة 34.4% على أساس سنوى إلى 1.103 تريليون جنيه خلال العام المالى 2025-2026، مدفوعة بارتفاع متوقع فى إيرادات ضريبة القيمة المضافة على السلع المحلية والمستوردة بنسبة 50.2% دفعة واحدة.
تبسيط الإجراءات الجمركية
تعمل الحكومة على إتاحة سداد رسوم الإفراج الجمركى بعد انتهاء ساعات العمل بالبنوك، بهدف خفض عدد الأيام اللازمة للإفراج الجمركى من 8 إلى 6 أيام، مع استمرار عمل الخدمات الجمركية بالعطلات الرسمية وأيام الجمعة، وفق بيان حكومى صادر فى 20 أبريل الماضي.
إعفاءات مقابل التسجيل
تحدث مسؤول حكومى عن 80% من إجمالى حصيلة ضريبة القيمة المضافة يأتى من السلع المستوردة، وبالتالى عند تنشيط عملية الاستيراد ترتفع الحصيلة، مضيفاً أن ارتفاع سعر الصرف سيدعم أيضاً نمو إيرادات القيمة المضافة.
"الشق الآخر لزيادة حصيلة القيمة المضافة هو التسهيلات الضريبية الجديدة التى دخلت حيز التنفيذ"، بحسب المسؤول.
مصر تمنح إعفاءات ضريبية عن السنوات السابقة للمواطنين الذين لم يسجلوا دخولهم أو أنشطتهم الخاضعة لضريبة القيمة المضافة، شريطة قيامهم بالتسجيل حالياً، وبالتالي، سيتم التعامل مع المسجلين الجدد كممولين بدءاً من العام المالى المقبل، ما سيسهم فى زيادة حصيلة القيمة المضافة التى حددتها الدولة فى الموازنة الجديدة.
وأضاف، إن هناك تعديلات لتقليل قائمة السلع والخدمات المعفاة من ضريبة القيمة المضافة، وإعادة النظر فيها للتوسع فى تطبيقها بغرض زيادة الحصيلة الضريبية.
المسؤول أكد أن قائمة السلع والخدمات المنتظر إعادة النظر فيها تصل لنحو 54 سلعة، موضحاً أن المشروع يتضمن 5 سلع وخدمات أبرزها المقاولات، والمشروبات المحلاة، والإيجارات الإدارية.
يتماشى هذا التوجه مع توصيات سابقة صادرة عن صندوق النقد الدولي، الذى أشار إلى أن السلطات المصرية حدّدت 19 إعفاءً من أصل 58 إعفاءً مطبقاً حالياً على السلع والخدمات بموجب قانون ضريبة القيمة المضافة، يمكن أن يتم إلغاؤها لتعزيز الإيرادات دون الحاجة إلى رفع النسبة الضريبية.
وبموجب هذه التقديرات الجديدة، فإن الحكومة تتجه إلى إلغاء عدد كبير من الإعفاءات الضريبية المطبقة حالياً على سلع وخدمات متنوعة.
فيما يتعلق بالإعفاءات الضريبية لبعض السلع، أوضح مسؤول مطلع على الملف أنه لن يتم إلغاء أى إعفاء إلا من خلال تشريع قانونى يُعرض على البرلمان، مضيفاً أن الحكومة لم تقر أى تعديلات فى هذا الشأن حتى الآن، رغم توصيات صندوق النقد، "لكن قد يبدأ النقاش حولها منتصف العام المقبل"، بحسب المسؤول.
الضرائب تشكل ما يزيد عن ثلثى إيرادات الموازنة المصرية فى المعتاد، بحسب البيان التحليلى لمشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2025-2026.
تقدير الضريبة
قال مسؤول حكومى آخر: "لن تُرفع قيمة أى ضريبة مدرجة، سواء القيمة المضافة البالغة 14% أو غيرها إلا بقانون، متوقعاً إرجاء كافة التشريعات فى الوقت الراهن"، وأضاف: "هذه الأمور تأخذ وقتاً كبيراً لتنفيذها يمكن أن يتجاوز العام".
أوضح المسؤول أن تقديرات القيمة المضافة وزيادتها للعام الجديد تعمل عليه الحكومة الآن من خلال حملات على الأنشطة التجارية غير الرسمية، مثل المعلمين الذين يقدمون دروساً خصوصية، وتجار المنتجات الغذائية، والشقق المفروشة، والنشاط التجارى الإلكتروني، حيث تم حصر عدد كبير منهم من خلال جروبات "فيسبوك" و"واتساب".
تراجع التضخم
نبيل عبد الرؤوف أستاذ المحاسبة والضرائب وكيل المعهد العالى للحاسبات وتكنولوجيا المعلومات بأكاديمية الشروق، قال، إن نسبة الزيادة المتوقعة فى ضريبة القيمة المضافة يمكن قياسها على أساس معدلات نمو الاقتصاد القومى أو الناتج المحلى الإجمالي، والمتوقع زيادته وفق المؤشرات المحلية والدولية خلال السنة المالية المقبلة 2025/2026 إلى نحو 9.1 تريليون جنيه بالأسعار الثابتة.
أرجع عبد الرؤوف الزيادة المتوقعة فى الحصيلة إلى بوادر التعافى من معدلات التضخم المرتفعة، والاتجاه نحو مزيد من الرواج التجارى فى مبيعات السلع والخدمات.
تباطأ ارتفاع أسعار المستهلكين بمدن مصر بوتيرة حادة من 24% فى يناير إلى 12.8% فى فبراير، قبل أن يتسارع قليلاً إلى 13.6% فى مارس.
بمقارنة سعر ضريبة القيمة المضافة فى مصر بالدول المجاورة نجد أن المعدل فى مصر سواء لضريبة القيمة المضافة 14% أو سعر الجدول، يُعد أقل من المعدلات العالمية، مما يدفع نحو مزيد من الاستهلاك للسلع والخدمات ويعزز من قدرة الحكومة على تحصيل الأرقام بالموازنة للعام المالى المقبل، وفق عبد الرؤوف.
وأضاف أن خفض أسعار الفائدة سيؤدى إلى مزيد من الانخفاض فى كلفة إنتاج السلع والخدمات وهو ما سينعكس على زيادة المبيعات وبالتالى ارتفاع الحصيلة الضريبية لضريبة القيمة المضافة.
خفض البنك المركزى المصرى خلال أبريل الماضي، أسعار الفائدة لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات من أعلى مستوى تاريخى لها، بواقع 225 نقطة أساس، ليصل سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى إلى 25% و26% و25.5%، على الترتيب.
استهلاك السلع
ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب السابق، قال إن حصيلة ضريبة القيمة المضافة تعتمد على حجم تداول السلع والخدمات، وحجم الاستيراد، وتحرك أسعار السلع، والقوة الشرائية للمواطنين، مؤكداً أن التضخم ليس هو العامل الوحيد فى تقدير زيادة الحصيلة.
وأوضح عمر أن كل زيادة بقيمة جنيه فى الضريبة على علبة السجائر توازى حصيلة قدرها 8 مليارات جنيه سنوياً، إذ يقدر حجم الاستهلاك من السجائر بواقع 4 مليارات علبة سنوياً.
كما تظهر بيانات البيان التحليلي، زيادة متوقعة فى ضريبة القيمة المضافة على التبغ والسجائر بواقع 16.5 مليار جنيه، حيث تستهدف موازنة 2025-2026 حصيلة قدرها 111.7 مليار جنيه، مقابل حصيلة متوقعة فى السنة المالية 24/25 بحوالى 95.2 مليار جنيه.
ويعد التبغ والسجائر من سلع الجدول التى تُعد من أهم مصادر إيرادات القيمة المضافة.