إدانات دولية بمجلس الأمن لقرار إسرائيل احتلال قطاع غزة بالكامل

شهدت جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الأحد، رفضا دوليا وإدانات لقرار إسرائيل احتلال كامل غزة، وتحذيرات من تداعيات "خطيرة" للقرار على الوضع الإنساني في القطاع المحاصر.
جاء ذلك في كلمات ممثلي عدة دول في مجلس الأمن، بينها: بريطانيا وفرنسا وروسيا والجزائر والكويت وفلسطين وغيرها من الدول الرافضة للانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
** بريطانيا
قال نائب الممثل الدائم لبريطانيا لدى الأمم المتحدة جيمس كاريوكي، إن قرار إسرائيل باحتلال قطاع غزة يعد "سفكا إضافيا للدماء لن يضمن إطلاق الرهائن وسيفاقم معاناة الفلسطينيين"، داعيا تل أبيب للعدول عن قرارها.
وقال كاريوكي، إن على إسرائيل "رفع القيود عن دخول المساعدات الإنسانية وفتح جميع الطرق البرية" إلى القطاع المحاصر.
وشدد على ضرورة عمل المنظمات الدولية والأممية "بأمان" في غزة.
وقال كاريوكي، إن قرار إسرائيل "توسيع العمليات العسكرية بغزة يعد سفكا إضافيا للدماء لن يضمن إطلاق الرهائن وسيفاقم معاناة الفلسطينيين".
جدير بالذكر أن الجلسة الطارئة لمجلس الأمن عقدت بطلب من بريطانيا والدانمارك وفرنسا واليونان وسلوفينيا، وبدعم روسيا والصين والصومال والجزائر وباكستان لبحث الوضع في الشرق الأوسط، وخاصة قضية فلسطين.
والجمعة، أقر "الكابينت" خطة تبدأ باحتلال مدينة غزة (شمال)، عبر تهجير سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية.
ويلي ذلك مرحلة ثانية تشمل احتلال مخيمات اللاجئين وسط قطاع غزة، والتي دمرت إسرائيل أجزاء واسعة منها، ضمن حرب متواصلة بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر 2023.
** فرنسا
حذر نائب مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة، دارماد هيكاري، من "آثار إنسانية حادة" جراء قرار إسرائيل احتلال قطاع غزة بالكامل.
وقال هيكاري: "نذكر بمعارضتنا الشديدة لأي خطة لاحتلال قطاع غزة وضمه واستيطانه أو تهجير سكانه قسريا".
وأكد أن فرنسا "تدين بأشد العبارات خطة إسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية للسيطرة على كامل قطاع غزة".
وشدد على أن "توسيع الحرب في غزة له آثار إنسانية حادة في عموم القطاع حيث يعيش المدنيون في ظروف بائسة لا يمكن تحملها".
وقال هيكاري، إن "معاناة المدنيين في غزة يجب أن تتوقف على الفور. وعلى إسرائيل فتح جميع معابر غزة بشكل عاجل للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية".
وأكد أنه "من الضروري أن تمتثل إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي".
** روسيا
دعا نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، إسرائيل "إلى التخلي خطتها لاحتلال كامل غزة، واصفا بذلك لأنه "تصعيد خطير".
وقال بوليانسكي، في كلمته بالمجلس: "للأسف، إسرائيل لا تستمع لأحد وتفضل العنف الذي يعرض أمن وحياة الرهائن للخطر".
وأضاف: "لا يوجد سبب لنصدق إسرائيل حين تقول إنها تريد تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين".
وأوضح أن ذلك يتضح من خلال أفعال ما يُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أمريكيا وإسرائيليا.
وحذر نائب مندوب روسيا من أن "التهجير القسري للمدنيين واستخدام التجويع كسلاح حرب قد يشكلان جرائم ضد الإنسانية".
وقال: "نؤيد بشكل ثابت ودائم التسوية الدبلوماسية للقضية الفلسطينية على أساس صيغة (دولتين لشعبين)، والتي ستزيل المخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل، وكذلك تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة لدولته المستقلة".
وتابع بوليانسكي: "نأمل أن تدرك واشنطن ذلك، بدلا من البقاء متفرجة ومنح إسرائيل الضوء الأخضر".
** الجزائر
جدد مندوب الجزائر الدائم بالأمم المتحدة عمار بن جامع، الأحد، رفض بلاده لقرار إسرائيل احتلال كامل قطاع غزة، قائلا إن ذلك يوضح أن قتل الجيش الإسرائيلي 18 ألف طفل فلسطيني بالقطاع "ليس كافيا" ضمن قائمة جرائمهم.
وأكد بن جامع، في كلمته بالمجلس، إدانة الجزائر بأشد العبارات قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر (الكابينت) "تشريد كامل سكان مدينة غزة وشمالها وفرض سيطرة كاملة على القطاع".
وقال: "بعد 22 شهرا من التهجير والتجويع والتطهير العرقي، فإن العملية المقررة لن تقوم فقط بزيادة الخراب بل ستقضي على كامل ما تبقى في غزة".
وأضاف بن جامع، أن "غزة تواجه الجحيم، وهي بين أيدي قوة محتلة تهدد السلم والأمن الدوليين".
وأشار مندوب الجزائر إلى أن قرار إسرائيل "بإعادة احتلال غزة جاء كما لو أنها أصلا ليست تحت الاحتلال وتعاني من حصار غير إنساني".
وأوضح أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي "مستمرة بتكتيكاتها التي تتصل بالإبادة الجماعية وتنوي القيام بالمزيد".
وتابع مندوب الجزائر متسائلا: "هل يمكن أن نتخيل ما سيحصل لو نفذت هذه الخطة (إعادة احتلال غزة)؟!".
وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي "يريد أن يدفع بسكان غزة بالكامل خارج وطنهم، حتى لا يبق لهم دولة أو علم أو أي مستقبل أو أمل في وطنهم".
وجدد بن جامع، التأكيد على أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في غزة "جرائم حرب، ومن يرسم خريطته بالدماء يجب أن ألا يفلت من العقاب ويجب أن تكون هناك مساءلة".
ومستهجنا اعتزام السلطات الإسرائيلية السيطرة الكاملة على قطاع غزة، قال إن ذلك يأتي "كما لو أن التجويع حتى الموت لأكثر من 200 إنسان لم يكن كافيا، وكما لو أن قتل 18 ألف طفل، و12 ألف امرأة لم يكن كافيا ضمن قائمة الجرائم التي تطول".
وأردف: "نؤمن بقدرة الفلسطينيين على الصمود، كما نؤمن بأن غزة على الرغم من جروحها ستعود وتنهض من جديد في يوم من الأيام".
وقبل أيام، نشرت وزارة الصحة بقطاع غزة قائمة أسماء 18 ألفا و430 طفلا فلسطينيا قتلهم الجيش الإسرائيلي منذ بدئه حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر 2023 وحتى 30 يوليو 2025.
وقال بن جامع، بأن الحكومة الإسرائيلية "لا تأبه للقانون الدولي ولا لمجلس الأمن، وتتحرك بوحشية وقساوة وتعتبر الفلسطينيين حيوانات بشرية".
وأضاف: "أجل، هي تعتبر الفلسطينيين حيوانات بشرية، وبالتالي تخطط لمقتل الفلسطينيين وتستخدم لذلك كل أداة من التجويع والعطش والأسلحة والذل".
وجدد بن جامع، دعواته الملحة لمجلس الأمن للتحرك ضد الخطط الإسرائيلية قائلا: "لا نسمع شيئا من المجلس سوى الصمت، والصمت ليس محايدا، فهو يقتل".
وقال: "لا بد أن ينهض مجلس الأمن للدفاع عن الطفل الفلسطيني الجائع، وعن الأم الفلسطينية التي تبحث عن ابنها تحت الأنقاض، وعن الأب الفلسطيني الذي أُبيد وهو يبحث عن الطعام لأبنائه".
** الكويت
جدد مندوب الكويت لدى مجلس الأمن طارق البناي، في كلمته التي ألقاها نيابة عن دول مجلس التعاون الخليجي، التأكيد على موقف المجلس "الثابت بدعم القضية الفلسطينية ورفض جميع أشكال الاحتلال والاستيطان".
وأعرب مندوب الكويت، عن "بالغ القلق والإدانة القاطعة والاستنكار الشديد" لقرار إسرائيل "الخطير" باحتلال كامل قطاع غزة.
وقال إن القرار يمثل "تهديدا مباشرا لحياة أكثر من مليوني فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، ويؤسس لمرحلة جديدة من الإبادة الجماعية والتهجير القسري، وينسف بشكل كامل أي فرص لتحقيق حل الدولتين، ويشكل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة".
وأضاف البناي: "تكرار مشاهد الإبادة الجماعية أمام أعين هذا المجلس دون ردع يمثل إخفاقا للنظام الدولي، ويهدد بتجريد المجلس من دوره ومصداقيته، لا سيما في هذه القضية، ويبعث برسالة مدمرة للشعوب بأن القوانين الدولية تطبق بانتقائية".
وأكد على "وجوب اتخاذ اجراءات عاجلة وملزمة لوقف العدوان الإسرائيلي وضمان الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام".
** فلسطين
قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، في كلمته بجلسة مجلس الأمن: "لا يجب أن نكتفي بالشعور بالذنب والعار وعلينا التحرك الآن لإيقاف الإبادة الجماعية".
وأضاف أن "إسرائيل تقتل فلسطين في غزة وهذا هو هدفها، كما تسعى لتعزيز سيطرتها على غزة لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة".
وأشار منصور، إلى أنه في غزة "يعاني أكثر من مليوني ضحية معاناة كبيرة لا يمكن للعقل البشري أن يتصورها، ولم يعد مسموحا لنا خذلانهم أكثر من ذلك، ولا يجب أن نكتفي بالشعور بالذنب أو العار، والمجلس مدين بالتحرك الآن لإيقاف الإبادة الجماعية".
وأضاف: "لا يمكن نكران أن إسرائيل لا تبالي بما يقوله أحد، وأن كل ما يهم الآن هو القدرة على تحويل الإدانات إلى أعمال عادلة، وأن التاريخ سيحكم على الجميع".
وأعرب مندوب فلسطين، عن تقديره لـ"وصف الجميع تقريبا لعمق الألم والمأساة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني".
واستدرك "إلا أن ذلك ليس كافيا ويجب التحرك لمعالجة الوضع ووضع حد له وإلا فإن هذا الوصف لا يعني شيئا إن لم يتم التحرك".
ودعا منصور، مجلس الأمن إلى التحرك "بموجب الفصل السابع، لحرمان إسرائيل من السعي وراء أو الاستمرار بهذه الحرب المليئة بالجرائم الفظيعة".
ويسمح الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة باستخدام القوة أو العقوبات الاقتصادية لفرض تنفيذ القرارات.
وأدانت دول عربية وإسلامية، خطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة واعتبرتها تصعيدا خطيرا ومرفوضا وانتهاكا للقانون الدولي.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، والسماح بدخول كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و258 شهيدا و152 ألفا و45 مصابا من الفلسطينيين، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.