”المكسب السهل والسريع” يقود شباب للسجن والتهمة تهديد قيم المجتمع ونشر محتوي خادش للحياء

في وقت يعاني فيه المجتمع من وطأة التحديات الاقتصادية والاعباء المعيشية، تسللت تطبيقات مثل "تيك توك" داخل البيوت المصرية وأصبح واقع الحياة اليومية عرض مباح لكل من "هب ودب" وأصبحت أسرار البيوت علي الملأ في محاولة للبحث عن زيادة نسبة المشاهدات لجني الارباح السريعة والسهلة من خلال "اللايف" الذي يجمع من خلاله الباحثين عن المكسب السريع بعض الهدايا والتي يتم ترجمتها لاحقًا الي اموال.
مكسب سهل وسريع
البداية كانت مع القبض على "أم سجدة"، إحدى أبرز صانعات المحتوى على منصة التيك توك، بعد نشرها مقاطع وصفت بأنها تحتوي على إيحاءات غير لائقة، إلى جانب اتهامات بكسب أموال بطرق غير مشروعة، حيث كشفت مقاطع الفيديو التي تظهر فيها "أم سجدة" صلتها بعدد من التيك توكرز المتورطين في إنتاج محتوى مشابه، يحض على هدم القيم الأسرية وافساد الذوق العام، والتحريض على نشر الفسق والفجور، وهو ما فتح الباب أمام كشف شبكة أوسع من المتهمين.
كما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على "أم سجدة"، التي عرفت بانتشار فيديوهاتها المثيرة للجدل، الت تتنافى مع القيم الأسرية وافساد الذوق العام، والتحريض على نشر الفسق والفجور، و إنتاج محتوى غير لائق والتورط في معاملات مالية مشبوهة، وتشير التحريات إلى أن نشاطها ارتبط ارتباطا وثيقا بصديقها المقرب "لوشا"، الذي اتضح لاحقا أنه شاركها في تصوير وبث محتوى مخالف للقيم، قبل أن يتم توقيفه هو الآخر منذ ساعات وذلك بعد أيام من القبض عليها، لاشتراكه معها في نفس الوقائع ونشره فيديوهات تخل بقيم وعادات المجتمع والأسرة المصرية.
الأمر نفسه تكرر مع "مونلي"، الذي عُرف بظهوره المتكرر في فيديوهات مع "سوزي الأردنية" فقد تم ضبط "سوزي" أولًا بتهم نشر محتوى خادش وغسل أموال قدرت بنحو 15 مليون جنيه، استثمرتها في عقارات وأصول لإخفاء مصدرها، قبل أن يتم لاحقا وخلال الساعات القليلة الماضية القبض على "مونلي" لاشتراكه معها في بث مقاطع مثيرة للجدل ومخالفة للقيم الأسرية.
المفارقة أن هذه الصداقات القوية التي جمعت بين مشاهير منصة التيك توك، سواء في العمل أو في الحياة الشخصية، تحولت إلى خيوط قادت الأجهزة الأمنية من متهم إلى آخر، فبمجرد سقوط أحدهم، كانت المعلومات التي تظهر في التحقيقات تفتح الطريق للإيقاع بالآخرين.
وتواصل النيابة العامة تحقيقاتها مع جميع المتهمين، مع فحص حساباتهم البنكية وحركة أموالهم وممتلكاتهم، تمهيدا لإحالتهم إلى المحاكمة بتهم تتراوح بين نشر محتوى خادش والتحريض على الفسق، إلى غسل الأموال وجرائم معلوماتية.
وهكذا لم يحتاج الأمر سوى بضعة أيام حتى تحول طريق هؤلاء المشاهير وصانعي المحتوى من قمة الترند إلى أسفل قفص الاتهام، بعدما كانت صداقاتهم وسيلة للشهرة، فأصبحت سببا في سقوطهم الواحد تلو الآخر داخل قفص الاتهام.
خبراء قانون يحذرون
يرى ياسر أبو عميرة "خبير بالقانون" أن ما يجري على "تيك توك" تجاوز فكرة الترفيه العابر، ليتحول إلى ما وصفه بـ"سباق البذاءة والانحدار"، قائلاً:
"مصر التي أنجبت طه حسين، والعقاد، وزويل، ونجيب محفوظ، ترفض أن يُختزل تاريخها وثقافتها في فيديوهات هابطة لمجموعة من العابثين الباحثين عن المال السريع. نحن أمام أزمة أخلاقية ومعرفية، وليست فقط قانونية. ما يحدث عبر التيك توك محاولة منظمة لقتل الطموح المشروع لدى الشباب، حتى أصبح البعض يعتقد أن العلم لا طائل منه مقارنة بما يمكن جنيه من المال مقابل بث محتوى تافه".
يضيف أن المواجهة لم تعد خطابًا تحذيريًا، بل صارت خطوات تنفيذية على الأرض. ويستشهد بالحملة الأمنية الأخيرة التي أطلقتها وزارة الداخلية مطلع أغسطس/آب 2025، والتي استهدفت 7 من أبرز صناع المحتوى على "تيك توك"، من بينهم أسماء اشتهرت بمقاطع مثيرة للجدل مثل "شاكر محظور"، و"مداهم"، و"أم مكة"، و"أم سجدة"، و"سوزي الأردنية".
هذه الحملة – كما يوضح – لم تقتصر على توقيف الأشخاص، بل شملت تحقيقات موسعة حول مصادر الدخل، وأدوات إنتاج المحتوى، وارتباط بعض المقاطع بممارسات محرمة قانونيًا مثل حيازة مخدرات أو أسلحة غير مرخصة.
ويقول أبو عميرة: "هذه الحملة إعلان واضح أن الدولة لن تسمح بتقويض بنيتها القيمية، وأن النصوص القانونية لم تعد حبرًا على ورق، بل تُطبق كجزء من استراتيجية أوسع لضبط الفضاء الرقمي".