اغتيال الأحلام.. كيف تؤدي جبايات الحوثي لإفلاس المشاريع باليمن؟

عانى اليمني، سليم ناجي (اسم مستعار)، من خسارة فادحة تجاوزت 100 ألف دولار، كانت تمثل رأس ماله الذي جمعه لتحقيق حلمه بمشروع خاص بالحديدة.
لكن هذا الحلم تبخّر، وأُجبر على إغلاق مشروعه بسبب الأعباء المالية التي فرضتها مليشيات الحوثي.
وكان مشروع ناجي عبارة عن مطعم للوجبات الشعبية على شارع رئيسي في قلب مدينة الحديدة، وقد كلفته التجهيزات والمعدات والتراخيص التجارية إلى جانب التكاليف التشغيلية أكثر من 55 مليون ريال يمني (سعر الدولار الواحد 335 ريالاً بمناطق الحوثي).
بعد بضعة أشهر من انطلاق المشروع وجد ناجي كما يقول لـ"العين الإخبارية" نفسه في صراع مرير لتغطية "الجبايات غير القانونية والمتعددة والتي فرضها الحوثيون والتي أدت إلى تضخم التكاليف التشغيلية" بشكل جعل استمرارية المشروع مستحيلة.
قصة ناجي ليست حالة فردية، وإنما نموذج لمئات اليمنيين خاصة العائدين من الخارج، الذين حاولوا ضخ رؤوس أموالهم في مشاريع صغيرة ومتوسطة في شمال وغرب البلاد قبل أن يصطدموا بالواقع الذي يفرضه الحوثيون من رسوم غير قانونية فضلاً عن تحديات في الكهرباء والمياه مما أدى لإفلاسهم.
حملات نهب منظمة
لا يعود إغلاق المطاعم والمحال التجارية التابعة لأمثال ناجي، إلى سوء الإدارة والخبرة أو بسبب المنافسين وعدم فهم السوق وانما إثر ما يمكن تسميته "النهب المنظم" الذي يمارسه الحوثيون على القطاع الخاص مما يخلق بيئة طاردة للاستثمار.
ويؤكد ناجي أنه ليس الأول والأخير من تعرض للإفلاس، إذ هناك "محلات أُغلقت أمام زبائنها وأخرى على وشك الإغلاق بسبب الجبايات الذي يفرضها ما يسمى مكتب الصناعة والتجارة التابع للحوثيين في الحديدة".
ويتجسد هذا النهب المنظم للحوثيين، وفق ناجي، في الرسوم غير القانونية، منها الضرائب على الأرباح وتحتل المرتبة الأولى تليها التأمينات، الصحة ، الأشغال العامة والطرقات فضلا عن ارتفاع فاتورة الماء والكهرباء بنسبة 200% في ظل تآكل القوة الشرائية للمواطنين إثر الحرب الحوثية وانقطاع المرتبات.
وأوضح أن الحوثيون يستغلون مؤسسات الدولة في الحديدة وصنعاء كغطاء لفرض هذه الرسوم، وبالأخص مكاتب الصناعة والتجارة الذي تُمارس تعسفات غير مبررة وجبايات قاتلة خاصة على أصحاب المشاريع الصغيرة والمحلات التجارية الناشئة التي تفتقر على القدرة على تحمل هذه الأعباء المالية.
بيئة غير آمنة
غالب سعيد، ضحية أخرى تعرض للإفلاس عقب إغلاق مطعمه الشعبي ومشروعه الخاص في محافظة الحديدة بسبب التكاليف الباهظة والبيئة غير الآمنة.
وقال سعيد (اسم مستعار) إن الدخل الشهري لمحله كان "يتوزع بين فاتورة الكهرباء والتي تصل إلى 250 ألف (حوالي 500 دولار) يليها فاتورة المياه التي تصل بالشهر الواحد إلى 100 ألف ريال (قرابة 190 دولاراً).
وأكد ما تبقى من دخل المطعم كان يذهب لجيوب مليشيات الحوثي تحت مسميات "الضرائب" و"التأمينات" و"الأشغال" و"الصحة" و"النظافة" فضلاً عن تمويل "الفعاليات الطائفية" للمليشيات.
وأضاف في حديثه أنه "لم يحقق أي أرباح فاضطريت لإغلاق المشروع، بعد أن شعرت أنني أصبحت عاملاً لصالح المليشيات ولست مالكاً للمطعم وأعمل من أجل مشروعي الخاص".
وبحسرة، عبّر سعيد عن ندمه "لخسارته عشرات ملايين الريالات لتشييد مشروعه الخاص في مناطق وبيئة غير آمنة تُسلب فيها الحقوق غصباً عن مالكيها".
وأضاف "كنا نسمع أن الحوثيين يفرضون ضريبة الخُمس لكن الواقع أثبت أنهم شريكاً إجبارياً وفعلياً في أرزاق الناس".