رئيس وزراء لبنان يدعو إلى إعادة بناء مفهوم الأمن القومي العربي
أكد رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، اليوم، أن العروبة ليست ماضياً يُستذكر، بل لا تزال مشروعاً للمستقبل، مشيرا إلى أن جامعة الدول العربية هي التعبير المؤسسي عن السيادة العربية.
وقال سلام، خلال كلمته أمام المندوبين الدائمين في مقر جامعة الدول العربية بحضور كل من الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، والأمين العام المساعد السفير حسام زكي، إن الجامعة العربية كانت أول تجربة إقليمية في العالم الحديث، سبقت الأمم المتحدة بشهور، وسبقت الاتحاد الأوروبي بعقود، لتقول إن العروبة، في جوهرها، ليست انتماءً لغويا أو وجدانيا فحسب، بل مشروع تعاونٍ وعمل بين دول ذات تاريخ مشترك ومصير واحد.
وأضاف سلام أن جامعة الدول العربية تقع في قلب معادلةٍ جديدة: لم تعُد فقط مرجعًا رمزيًا للعروبة، بل هي مطالبة اليوم أكثر من أي يوم مضى بأن تتحول إلى أداةٍ استراتيجية لحماية المصالح الجماعية، وإطار لتفعيل القدرات المشتركة في الأمن والتنمية والمعرفة، مشيرا أن المنظمات الإقليمية الحديثة لم تنشأ لتحل محل الدول، بل لتقوّيها، وتمنحها عمقًا سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، وتجعلها أكثر قدرة على التفاعل مع التحولات العالمية.
وقال رئيس الوزراء اللبناني إن منطقتنا تمر بلحظةٍ فارقة من تاريخها الحديث. فقد شهدنا خلال العامين الماضيين تصعيداً مجنوناً في فلسطين، واهتزازاتٍ أمنيةٍ في الخليج والبحر الأحمر، ودورات من العنف وأزماتٍ سياسية واقتصادية وبيئية واجتماعية خانقة في مشرق وطننا العربي كما في مغربه، ناهيكم عن الحرب في لبنان، مشيرا إلى أن كل هذه التحديات كشفت أن الحاجة اليوم هي إلى إعادة بناء مفهوم الأمن القومي العربي على أسسٍ حديثة: أمنٌ لا يُختزل في البعد العسكري وحده، مهما كانت أهميته، بل يشمل البعد الاقتصادي والتعليمي والتكنولوجي والاجتماعي.
وأكد سلام أن الأمن العسكري ركن أساسي من أركان الأمن القومي، لكنه يبقى شرطًا غير كافٍ ما لم يُدعَم بالأمن الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي، لأن البنادق لا تحمي وطنا جائعا ولا مجتمعا منقسما على ذاته، ولا دولة عاجزة عن إنتاج المعرفة، مشددا على أن في قلب هذه التحديات تبقى فلسطين، القضية التي تختصر في ظلمها معنى الغياب العربي، وفي صمودها معنى الأمل العربي.
وشدد على أن رهاننا اليوم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووقف الاستيطان، وحماية المدنيين، ودعم مسار الاعتراف بدولة فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي تبنيناها في قمة بيروت عام 2002، و"إعلان نيويورك" لحل الدولتين الذي رعته كل من السعودية وفرنسا.
وأكد سلام رفض لبنان لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين أو توطينهم في بلدٍ آخر رفضاً قاطعاً، مشددا على ضرورة الاستمرار في دعم وكالة الأونروا لتتمكن من أداء دورها الإنساني تجاه الأشقاء الفلسطينيين، فضلاً ان دعمها هو دعم للاستقرار في الدول المضيفة أيضًا.
كما أشار إلى أن قضية الأمن المائي لا بد أن تُدرَج في صميم التفكير العربي المشترك، لا كملف تقني، بل كجزءٍ من الأمن القومي بأبعاده الاستراتيجية، مشددا على ضرورة أن تتحول الدبلوماسية المائية إلى أحد أركان الأمن العربي، القائم على التعاون الإقليمي، واحترام الحقوق التاريخية، وتبني مقاربة "المصالح المشتركة".

