رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

إحسان عبد القدوس.. فى ذكراه

حلت هذا الشهر الذكرى 98 لمولد أمير كُتّاب الرواية الرومانسية إحسان عبدالقدوس، وأيضًا الذكرى 27 لوفاته، إذ ولد فى غرة يناير 1919م وتوفى فى 12 من الشهر نفسه عام 1990م.

نشأ إحسان عبدالقدوس فى بيت جده لوالده الشيخ رضوان وكان من خريجى الجامع الأزهر ويعمل رئيس كتاب بالمحاكم الشرعية ويتميز بحكم ثقافته وتعليمه بالتدين الشديد ورفض الاختلاط بين الجنسين، وهذا الجو الدينى والذى تواكب مع رؤيته والدته الفنانة والصحفية السيدة روز اليوسف تفتح بيتها لندوات ثقافية وسياسية يشترك فيها كبار الشعراء والأدباء والسياسيين ورجال الفن، أصابه فى البداية بالتشتت، وقد أشار إلى ذلك فى قوله: "كان الانتقال بين هذين المكانين المتناقضين يصيبنى فى البداية بما يشبه الدوار الذهنى حتى اعتدت عليه بالتدريج واستطعت أن أعد نفسى لتقبله كأمر واقع فى حياتى لا مفر منه".

وقد أثر هذا التناقض عليه، ففيما كان متحفظًا فى حياته الخاصة، عشق فى إبداعه الحرية بكل صورها وتمثلها فيما كتب من روايات وقصص مليئة بحكايات الحب غير العذرى، إذ كتب أكثر من ستمائة رواية وقصة وقدمت السينما المصرية عددًا كبيرًا منها، فتحولت 49 رواية الى أفلام و5 روايات إلى نصوص مسرحية و9 روايات أصبحت مسلسلات إذاعية و10 روايات تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية، إضافة إلى ترجمة 65 رواية ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأوكرانية والصينية، وصورت معظم رواياته فساد المجتمع المصرى وانغماسه فى الرذيلة والجنس والشهوات والبعد عن الأخلاق، ومن هذه الروايات (النظارة السوداء) و)بائع الحب) و(صانع الحب) والتى أنتجت قبيل ثورة يوليو 1952م ويتحدث إحسان عن نفسه فيقول: لست الكاتب المصرى الوحيد الذى كتب عن الجنس فهناك المازنى فى قصة "ثلاثة رجال وامرأة" وتوفيق الحكيم فى قصة "الرباط المقدس"، وكلاهما كتب عن الجنس أوضح مما كتبت، ولكن ثورة الناس عليهما جعلتهما يتراجعان، ولكننى لم أضعف مثلهما عندما هوجمت، فقد تحملت سخط الناس على لإيمانى بمسؤوليتى ككاتب.

وقد عاش إحسان حياة مليئة بالأحداث المثيرة، يحارب الفساد بمنتهى الشراسة من خلال أعماله، وعشقه للحرية جعل تاريخه السياسى لايقل أهمية عن تاريخه الروائى إذ طورد وسجن فى جميع العصور بداية من عصر الملك فاروق ومرورًا بعصر جمال عبدالناصر الذى لم تحل صداقتهما دون سجنه، إلى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وظل إلى آخر أيامه يدافع عن فكره وأدبه، ويكتب للناس البسطاء ولا أحد سواهم، ومثلما كانت له معارك سياسية فى قصصه ورواياته التى كتبها كانت له أيضًا منازلات صحفية، عبر سلسلة مقالاته الشهيرة "على مقهى الشارع السياسى"، والتى جمعت فيما بعد وصدرت فى كتاب عن دار المعارف.

يرحم الله إحسان عبدالقدوس الأديب والصحفى والإنسان.

[email protected]