رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

حظر الكتب وحرقها ليس حلًا

 أجرت معى إحدى القنوات الفضائية مقابلة حول المصادرة التى تعرضت لها شحنة من الكتب فى إحدى المدن الليبية الحدودية، كانت تريد أن تعبر بها الحدود إلى البلاد، فاستخدم أصحاب السلطة الأمنية مهاراتهم العقلية فى الحكم على هذه الكتب بأنها مفسدة للعقول خارجة على الشريعة وقاموا بمصادرتها وحرقها.

 

وكان شجبى واضحًا لمثل هذا التصرف، المعادى لقيم الحرية الفكرية، والذى يكرس الجهل والحظر على الفكر سبيلًا لحماية العقول بينما هو يزيد هذه العقول طمسًا وقمعًا، وتأكيدى أن الرقابة ليست حلًا، وإنما الحل هو التوعية وتربية العقول وبناء الإنسان، فالثقافة والعلم والمعرفة هى الحصانة وليس المنع والمراقبة، وتحولت المقابلة إلى أشبه بمناظرة فكرية، عندما أشركت القناة أطرافًا أخرى، وأحضرت شيخًا فاضلًا من جماعة الأوقاف، دافع عن عملية المصادرة، وذكر أسماء بعض الكتب، وذكر مضامين بعضها الذى قال إن فيها كتابًا يتحدث عن الزاردشتية وآخر عن البوذية وثالث عن المسيحية ورابع عن المذهب الشيعى ورأى فى ذلك مخالفة لصحيح الدين الإسلامى، ومصادرتها أو منعها حماية للمسلم.
وقلت فى اللقاء إننا نعيش فى عصر السماوات المفتوحة وأن الفكر الإنسانى متاح فى شبكة المعلومات العالمية، بحيث يصبح أى حظر على أى كتاب نوعًا من العبث لأن الفكر موجود على هذه الوسائط فى متناول كل إنسان.
والآن أضيف قائلًا لفضيلة الشيخ الذى يخشى على الناس من مطالعة الكتب التى حذر منها، وأسأل فضيلته هذه الأسئلة، لو أنه كان فى مجلس يحضره عدد من المثقفين وطرحت أسئلة مثل ماذا تعرف عن زاردشت؟ فقال أحدهم لا أعرف شيئًا، بينما تكلم الثانى شارحًا فكر زاردشت شرحًا وافيًا، ثم طرح سؤال آخر ماذا تعرف عن حامورابى؟ فقال أحدهم لا أعرف، فنهض الثانى الذى تكلم عن زارادشت وقدم شرحًا وافيًا عن أفكار وشرائع حامورابى، ثم طرح سؤال عن بوذا فقال الأول لا أعرف بينما تولى المثقف الذى سبق أن تكلم عن زاردشت وحامورابى، شارحًا الديانة البوذية، ثم جاء سؤال رابع وخامس وسادس عن الديانات المسيحية واليهودية وعن أفكار المذهب الشيعى أو المذهب الدرزى أو اليزيدى، فاعتذر الأول بأنه لا يعرفها بينما أفاض المثقف الثانى الذى تكلم سابقًا فى شرح هذه الديانات والمذاهب، فمن ترى الذى يفوز بإعجاب الشيخ الفاضل من مكتب الأوقاف؟ هل تراه سيعجب بالأول الذى اعترف بجهله بكل هذه المواضيع وقال لا أعلم أم بالمثقف الثانى الذى كان قادرًا على فهمها جميعًا وشرح ما تعنيه بإفاضة وعلم واقتدار؟
هذا هو سؤالى الذى أرجو أن يجيبنى عليه بصدق وأمانة.
 وسأوافقه على مبدأ المصادرة والمنع والرقابة إذا قال إن إعجابه سوف يذهب إلى الرجل الأول الذى قال لا أعلم شيئًا عن هذه المواضيع.
 فما رأى أصدقاء الصفحة؟؟

بين الكتب المصادرة رواية جميلة للروائى الراحل عبدالرحمن منيف هى قصة حب مجوسية، وهى لا علاقة لها بالمجوسية إلا فى الرمز الأدبى، وواضح أن المصادرة جاءت بسبب العنوان، كذلك كتاب الروائى والكاتب المصرى الشهير إبراهيم عيسى وهى مسائل تدعو للعجب والضحك.