أجهزة وزارة الداخلية تواصل حملاتها الأمنية الموسعة بجميع مديريات الأمن جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية ضبط ثلاثة عناصر إجرامية بشمال سيناء لإتجارهم بالمواد المخدرة تحرير ( 153) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة انطلاق جلسة الشيوخ لمناقشة السياسات المالية الضريبية إدارة شؤون البيئة بالديوان العام تقوم بالتفتيش على 35 منشأة غذائية وصناعية محافظ كفر الشيخ يعلن دعم منظومة النظافة بالمراكز بـ « 4 سيارات 5 طن ولودر » محافظ بورسعيد يستقبل النائب الدكتور ”محمود حسين ”رئيس لجنة الشباب و الرياضة بمجلس النواب محافظ الغربية يتفقد أعمال رصف طريق الشين قطور ويتابع استقبال طلبات التصالح في مخالفات البناء محافظ كفرالشيخ يتابع جهود إزالة البناء المخالف بدسوق جيش الاحتلال يعترف بإصابة عميد في معارك وسط غزة تعطل الاتصال عبر الإنترنت في شرق إفريقيا ببسب تضرر كابلات تحت الماء
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

حوادث القطارات..«أينما تكونوا يدرككم الموت»

حادث قطار الإسكندرية
حادث قطار الإسكندرية

تعددت الأسباب والموت واحد، فمن لم يمت غرقًا على متن قارب للهجرة غير الشرعية، مات مدهوسًا بين عربات قطار أو محروقًا داخل مصنعًا، فكل الطرق داخل المنظومة العشوائية تؤدى إلى الوفاة مهما حاولنا وضع مبررات لجعل الصورة تبدو أفضل مما هى عليه، ولأن العشوائية هى سيدة الموقف، فإن حياة الإنسان تكون الثمن الذى يدفعه نتيجة تجاهل الحكومة علاج أوجه التقصير التى خلفتها سنوات الإهمال والفوضى، ولنا فى حوادث القطارات عبرة لمن يعتبر، إذ استيقظت مصر قبل أيام على حادث مروع إثر تصادم قطارين مما نتج عنه عشرات القتلى ومئات المصابين، وهو ما دفعنا إلى فتح ملف «حوادث القطارات» للوقوف على أوجه التقصير، منذ خروج القطار من محطة مصر وصولًا إلى وجهته والعقبات التى تواجهه خلال الرحلة وآليات التغلب عليها، وما هى الوسائل الحديثة التى يمكن الاستعانة بها لوقف «نزيف القضبان»، ولأن هيئة السكك الحديدية من الهيئات التى عشش داخلها الفساد واتخذها موطنًا وسكنًا دائمًا فكان لابد من إلقاء الضوء على مخالفات أخرى يتم ارتكابها وهى لا تقل حجمًا عن كوارث القطارات وعلى رأسها عدم وجود حرم آمن للسكك الحديدية، وهو ما يجعل مقتنياتها على المشاع لكل من تسول له نفسه الاستيلاء عليها.

أزمات السكك الحديدية

مشاكل كثيرة تعانى منها سكك حديد مصر، على الرغم من أنها من أقدم خطوط السكك الحديدية فى العالم، إذ أنها الوحيدة التى ربطت بين قارتى أفريقيا وآسيا خاصة أنها من أغنى الهيئات فى مصر، وتمتلك نحو ٩٥٧٠ كيلومترًا من الخطوط الحديدية التى تربط كل أجزاء الجمهورية، كما تمتلك أراضى على طول تلك الخطوط فى أهم وأغلى المناطق داخل المدن والقرى، فضلًا عن وجود عشرات المبانى التى تمتلكها الهيئة من مخازن مهجور منذ عشرات السنين.

وقد خرجت بعض المؤشرات الأولية التى لم يلتفت لها أحد خلال السنوات القليلة الماضية، إذ زاد معدل حوادث القطارات بشكل كبير، ومع ذلك لم يتم تحديث خطوط السكك الحديدية، فضلًا عن تهالك القضبان بين المحطات، ولم تقم وزارة النقل بتجديد هذه القضبان بحجة عدم توافر ميزانية، وهذا ما دفع وزير النقل الجديد الدكتور هشام عرفات للاهتمام بها خلال الفترة الماضية من أجل  تطوير قطاع البضائع الخاص بالسكك الحديدية، خاصة بعد أن تم تجاهل هذا القطاع منذ سنوات طويلة بعهد وزير النقل الأسبق المهندس محمد منصور، إذ تم استيراد 18 جرارًا خاصًا بالسكك الحديدية، وتم نقل هذه الجرارات إلى  قطاع البضائع، وبعدها تعطلت هذه الجرارات، وكان ذلك سببًا رئيسيًا فى تدهور قطاع البضائع، وخطة عرفات هى الاهتمام هذا القطاع حتى يتم ضخ استثمارات إلى السكك الحديدية، والاستفادة منها فى تطوير عربات القطارات، كما أن مترو الأنفاق من ضمن أولويات وزير النقل أيضًا حتى يتم الاهتمام بتطوير خطوط المترو، خاصة الخط الأول، وإدخال عربات جديدة للخط من أجل تحسين الخدمة به.

الدكتور حسام فودة مستشار وزير النقل الأسبق، كشف لـ«الزمان» أن الدكتور هشام عرفات كان مستشارًا لوزير النقل علاء فهمى فى عام 2010، إذ أن فهمى كان من أذكى الوزراء الذين قاموا بعمل طفرة فى السكك الحديدية، فبدأ بعمل طفرة مع العاملين بخطوط السكك الحديدية والمترو، وكان وزير النقل الأسبق يتعامل مع العمال ويستمع لمشاكلهم، وهذا ما أدى إلى محافظة العمال على الجرارات والقطارات التى يستخدمونها بسبب تعامل وزير النقل معهم بآدمية، بعدما كان يعاملهم الوزراء السابقون للنقل بما يشبه السخرة، كما أن فهمى هو من تعاقد مع هيئة الإنتاج الحربى التابعة للقوات المسلحة على تصنيع الـ220 عربة ومنها العربات المكيفية والـ« فى أى بى»،  فعرفات وزير النقل الحالى مشترك فيها وكان حلمه أن يتم تطوير قطاع السكك الحديدية خاصة أنه كان يرى دائمًا ورش الصيانة التابعة للسكك الحديدية بها أفران وتنتج قطع غيار، وبالتالى لا يحتاج إلى استيراد هيئة السكك الحديدية بشراء قطع الغيار من الخارج بالدولار، كما أنه كان يسعى دائمًا إلى حصر الخردة التى كانت تسرق من الورش، لافتًا إلى أنه كان تلميذ علاء فهمى، فوزير النقل الأسبق طالب الحكومة وقتها بأن يتم السماح له بـ90 يومًا يتعرف خلالها على ملفات الوزارة، لافتًا إلى أن الوزارة بها 11 هيئة، فكان يريد التعرف على كافة ملفاتها.

وأضاف فودة أن عرفات كان يمر مع وزير النقل الأسبق على الورش والمترو، ونجح عرفات بتعدية الحفار الذى كان يقوم بالحفر بمحطة مترو مصر الجديدة بعدما فوجئ العاملون بمواسير الصرف الصحى، وعرفات هو من قام بحل هذه الأزمة، كما أن عرفات قام بعمل حصر لعربات البضائع المنتشرة على جميع خطوط السكك الحديدية، حين كان عددها 14 ألف عربة، وسر اهتمامه ايضًا بالسكك الحديدية والمترو أن هذين القطاعان يتعاملان مع أرواح المواطنين.

وكشف فودة أنه منذ ٦٠ عامًا كان حجم البضائع التى تنقل بواسطة القطار تزيد عن ٧٠% من إجمالى البضائع المنقولة بين المحافظات والمدن، وفى عام ٢٠٠٠ انخفضت تلك النسبة لتصل إلى نحو ٤% فقط، وفى ٢٠١٥ تناقصت النسبة بشكل مفزع حتى قلت عن ٠.٩% مما يعنى أقل من 1%، وبهذه النسبة تركت الطرق والكبارى تتحمل أكثر من ٩٩% من حجم النقل فزادت الحوادث بشكل مخيف، مما أدى إلى احتلال مصر المركز الأول عالميًا فى نسبة حوادث الطرق وعدد ضحاياها، كما تهالكت الطرق فى عموم مصر.

ومن ضمن الحلول هى توفير التمويل اللازم من خلال السماح للهيئة بإنشاء فنادق على أراضيها المجاورة لمحطات القطار وبناء عمارات وأبراج فى بقية تلك الأراضى، وسيجلب ذلك مئات المليارات لأن تلك الأراضى فى أغلى مناطق المدن، وبعد التطوير يجب تعاقد الهيئة مع وكالة إعلانية لاستغلال الشاشات فى المحطات والقطارات بشكل أمثل يوفر مئات الملايين من الجنيهات، وأن توضع خطة كاملة لزيادة حجم المنقول عبر القطارات من بضائع لـ٦٥% من حجم البضائع المتداولة، حجم المنقول من مواد بترولية لـ٨٥% من المنقولة بين المحافظات.

إحصائية رسمية

وقد كشفت إحصائية رسمية أن إجمالى عدد حوادث قطارات السكك الحديدية منذ عام 2006 حتى العام الماضى، بلغ 12 ألفًا و236 حادثًا، إذ تعتبر أعلى معدلات الحوادث كانت فى عام 2009 وبلغت 1577 حادثًا وأقلها فى 2012 الذى شهد 447 حادثًا، وذلك بسبب توقفات الحركة فى عام 2011.

وذكرت بيانات الإحصائية التى أعدتها هيئة السكك الحديدية بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن أعلى معدلات للوفيات والإصابات كانت فى حادث قطار مزلقان منفلوط فى ديسمبر 2012، وراح ضحيته 51 حالة وفاة، يليها حادث قطار العياط فى 2013 وراح ضحيته 15 شخصًا وأصيب 25 آخر.

واقعة تعاطى الحشيش

قال اللواء مدحت شوشة، رئيس هيئة السكك الحديدية، إنه تم معاقبة السائقين الذين ظهروا فى مقطع الفيديو وهم يتعاطون مخدر الحشيش ووقفهم عن العمل احتياطيًا، لحين انتهاء التحقيقات طبقًا لنص المادة 99 من لائحة نظام العاملين بالهيئة، إذ أن هذا الفيديو تم تصويره فى شهر يناير 2017 لجرار قطار مخصص لتجديدات وصيانة السكك، ويعمل فى مناطق الصيانة والتجديدات، وليس قطارًا محملًا بالركاب أو البضائع، لافًتا إلى أن جميع السائقين العاملين على القطارات يتم إخضاعهم للكشف الطبى بصفة دورية، بخلاف الكشف المفاجئ فى أثناء مسيرهم بالقطارات، للتأكد من تعاطيهم المواد المخدرة من عدمه، وفى حالة ثبوت ذلك يتم إبعادهم عن العمل حرصًا على أمن وسلامة الركاب والمواطنين، وهناك 6 آلاف سائق ومساعد بالسكك الحديدية، وما حدث حالة فردية.

«عامل البلوك» بين المخاطر والأزمات

«عامل البلوك» هو الجندى المجهول المسئول عن تحويل القضبان وغلق مزلقان السكك الحديدية عند قدوم القطار، فعليه الجزء الأكبر من المسئولية، إذ تتوجه إليه دائمًا أصابع الاتهام فى أى حادثة وتحميله المسئولية، ولكن لم يتحدث أحد عن مشاكله وطبيعة عمله والمخاطر التى يتعرض لها، كانت لنا زيارة سريعة بين بعض عمال البلوك للتعرف على مشاكلهم والأزمات التى تواجهم فضلًا عن الدور المحورى على شريط السكك الحديدية.سلم يصعد عليه إلى مبنى مرتفع فى كل المحطات، يتواجد به عدد كبير من الأجهزة والملاينات التى مر عليها أكثر من 70 عامًا هذا هو حال البلوكات المتواجدة بخط قطار «المرج – شبين»، الذى استفاض أحد عمال البلوكات فى الحديث عن إحدى المحطات، قائلًا: «العرب طلعوا عليا مرة وسرقونى وخدوا منى كل حاجة حتى هدومى وفضلت من غير لبس لحد الصبح، زميلى جه يستلم منى ولقانى على الوضع ده، إحنا أكتر ناس بتشتغل ومع ذلك مبناخدش حقنا، أنا شغال بقالى أكتر من 30 سنة الأساسى بتاعى مجبش 600 جنيه».

تحتوى البلوكات من الداخل على ما يقرب من 50 ملاوينة وذلك طبقًا لعدد الخطوط المتواجدة بكل محطة، وتختلف كل محطة عن الأخرى على حسب المهام المحددة لها التى تساعد على التحويل للقطارات وفتح وإغلاق السيمافورات التى تعطى إشارة الدخول أو الوقوف للقطار.

وأضاف عامل آخر: «إحنا اللى بنشيل، بنشتغل 12 ساعة متواصلة وبردوا مش عاجبين، تتسرق البلنجات كل يوم ونرجع نركب غيرها يوميًا ونبلغ ولا حد بيسأل فينا، إحنا أكبر ناس مظلومة فى السكك الحديدية، القطار ميقدرش يمشى من غيرنا، بنعيش فى مناطق جبلية، ومع كل دا بنأخد أقل مرتبات».

وخلال جولتنا أيضًا، فى القناطر الخيرية التابعة لمحافظة القليوبية، والتى يوجد بها مزلقان للقطارات وحوله منطقة سكنية، وطريق عمومى، ويوجد بجوار المزلقان موقف لسيارات الأجرة، وتبعد غرفة عامل البلوك عن المزلقان بمسافة لا تزيد عن ثلاثة أمتار، وشكلها الخارجى يدل على أنها تم تجديدها منذ وقت قصير، فقمنا بالتحدث إلى عامل البلوك الذى رفض ذكر اسمه، وبسؤاله عن أهم المشكلات التى تواجهه خلال فترة عمله اليومية، فقال إن هناك العديد من المشاكل، ولكن بعضها غير مهم أما أهمها هى ازدحام منطقة المزلقان بصورة دائمة بسبب الطريق العمومى، وموقف السيارات، وهذا الازدحام يشكل خطرًا كبيرًا على السيارات التى تمر على المزلقان.

وأضاف نفترض أن هذا الازدحام استمر لفترة طويلة وهذا ما حدث فى وقت سابق، فاضررت لأن أعطى إشارة لسائق القطار حتى لا يمر إلا بعد أن تمر السيارات، وهذا يعتبر تأخيرًا للقطار وفى نفس الوقت خطر على كل من حول هذا المزلقان.

المواطنين

«بقت حاجة صعبة، كل مرة أركب فيها القطار المكيف علشان أرتاح وأوصل بسرعة، أخرج منه مش طايق نفسى، ولازم يقف وسط الطريق نصف ساعة من غير سبب».. بهذه الكلمات عبر حسام مصطفى، عن حالة القطارات المكيفة فى هيئة السكك الحديدية.

وقال عادل: «أسافر بين القاهرة والإسكندرية مرتين أسبوعيًا، والمشكلة التى تواجهنى واحدة وهى تأخر موعد وصول القطار على الرصيف، لمدة نصف ساعة أو ساعة فى بعض الأحيان، وحينما تسأل عن سبب التأخير لا تجد إجابة منطقية أو إجابة من الأساس على السؤال، وكأن هناك سرًا، وبدأ هذا الأمر بالتحديد بعد أحداث ثورة 25 يناير، إلى أن استقرت الأوضاع السياسية ومعها انحصرت الأزمة، لكن فى الفترة الأخيرة وبالتحديد آخر 8 أشهر زادت الأزمة بشكل كبير».

فيما قال أحمد كمال، إننى أركب القطار المكيف مرة كل شهر، وفى الأشهر الأخيرة كنت ذاهبا إلى محافظة الغربية بالتحديد مدينة طنطا، ودفعت 20 جنيهًا ثمن التذكرة فى القطار المكيف «الإكسبريس»، وبعد أن صعدت إلى القطار والذى تحرك متأخرًا عن موعده فى محطة مصر، والوصول لنصف المسافة وبالتحديد فى محطة قويسنا توقف القطار دون أى سبب لمدة تجاوزت الساعة، وبعد أن سألت «الكومسرى» علمت أن هناك قطارًا معطلًا، فى نفس سكة القطار الذى أركبه لذلك توقف القطار، علمًا بأن هذه ليست أول مرة يحدث هذا الأمر فحدث كثيرًا.

 فيما أكدت غادة السمان: «خلاص مبقتش بركب القطار بعد ما كان وسيلتى الأفضل للتنقل بين المحافظات، بسبب عدم الانضباط فى المواعيد وبقى مقرف جدًا على الرغم من أنى بركب المكيف والمفروض بيكون أحسن خدمة لكن طبعًا ولا خدمة ولا أى حاجة».

فيما ردت عزيزة محمد: «القطار المكيف مش مكيف ده أى حاجة تانية يعنى لما بركبه بلاقى عربات مكيفة والتانية غير مكيفة والتكيف فيها ضعيف جدًا، وبلاقى كمان العمال الموجودين فى القطار فصلوا التكييف دون أى مبرر، ولما سألتهم ردوا عليا أصل عدد الناس اللى فى العربية قليل وبنوفر الطاقة».

فيما أشار محمد إبراهيم: «أنا بقالى 30 سنة بركب القطار، والصراحة زمان كان فى قطار مكيف يأتى فى موعده ويتحرك بموعده، لكن الآن لم يعد هناك التزام». 

وعبر أحمد أبو علم، عضو مجلس النواب، عن استيائه الشديد من المسئولين فى السكك الحديدية، قائلًا: «مسئولو السكك الحديدية فى غيبوبة وأطالب بوضع حلول سريعة للمشكلات المزمنة والتطوير السريع للمنظومة، وأن المجلس سيقوم بدوره وسيطلب من وزير النقل توضيح والرد على هذه المشكلة، وخاصة بعد الحادثة الأخيرة».

جولة ميدانية

ولم يكن أمام «الزمان» لرصد معاناة المواطنين إلا الركوب داخل واحد من قطارات الموت ما بين شبين القناطر والقاهرة، ورصدنا أشخاصًا يفترشون الأرض وقطارات متهالكة ومزلقانات عشوائية، مما يتسبب فى معاناة يتعرض لها قطاع كبير من الطلاب والموظفين الذين يترددون عليه يوميًا، على الرغم من وعود المسئولين بتطويرها وتحسين الخدمة فيها،

 يقول محمود عبدالمعطى طالب فى كلية التجارة جامعة الأزهر، بالرغم من أنها وسيلة صعبة وخطيرة إلا أنها وسيلة سريعة ورخيصة تناسب جميع طوائف الشعب ونستطيع من خلالها إقامة علاقات مع البلاد المجاورة ومعرفة عاداتهم وتقاليدهم، على الرغم من قصر الرحلة.

أما  مصطفى فريد طالب بكلية إعلام جامعة القاهرة فيقول إنها من أخطر الوسائل التى يستخدمها، ولكنها أسهل الوسائل كى تقله إلى أقرب مكان إلى جامعته، وبالرغم من ذلك لا زالت تفتقد القطارات عناصر الأمن والسلامة، الواجب توافرها للحفاظ على صحة الركاب، ويُضطر فى بعض الأحيان إلى أن يركب وسيلة أخرى بتكاليف أكبر.

محمود عبدالمجيد يعمل موظفًا فى إحدى القطاعات الحكومية يوضح أنه يعمل منذ أكثر من ثمانى سنوات، كان خلالها يواجه معاناة يومية مع القطار فى رحلة الذهاب والعودة، وما زال حريصًا على أن يستقل القطار نظرًا لأنه أسهل وسيلة إلى محل عمله، ويشير إلى أن المسئولين على السكك الحديدية لابد وأن يولوا القطارات عناية أكبر، لأنها تخدم جمهورًا عريضًا من الشعب.

 طوال فترة رحلة القطار لم نصادف فرد أمن سواء من الأمن الإدارى التابع لهيئة السكك الحديدية أو من الشرطة، كما لم نصادف وجود أى «كمسرى» داخل القطار يراجع التذاكر مع الركاب وتحصل قيمتها ممن يراوغون فى دفع سعرها.

العقوبة القانونية للإهمال

وأكد المستشار أسامة الرخ، المحامى بالنقض والإدارية العليا، أن المتهمين بحوادث القطارات يحالون إلى محكمة الجنح بتهمة القتل والإصابة الخطأ والتى تصل أقصى عقوبة بها إلى 10 سنوات، وذلك وفقًا للمادة 238 من قانون العقوبات، التى تنص على «من تسبب خطأ فى موت شخص آخر بسبب إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 شهور وبغرامة لا تجاوز 200 جنيه أو كليهما»، مشيرًا إلى أنه إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال المتهم إخلالًا جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذى نجم عنه الحادث، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن 5 سنوات وبغرامة لا تزيد عن 500 جنيه.

وأضاف الرخ إذا نشأ عن الحادث وفاة أكثر من 3 أشخاص، فالعقوبة تكون بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 7 سنوات، وتصل إلى الحبس 10 سنوات، إذا كان المتهم متعاطيًا للمخدرات أو أخل بأصول وظيفته، لافتًا إلى أن مجلس النواب هو المنوط به مناقشة تغليظ العقوبة من عدمها.

فيما أوضح الدكتور حمدى، عرفة خبير التنمية المحلية، أن حادثًا بهذا الحجم يتوجب على المسئولين تقديم استقالتهم أو إقالتهم وهو واجب وطنى لابد منه، فالمسئولية هنا مقسمة بين وزير النقل ووزير التنمية المحلية ورئيس هيئة السكك الحديدية ولابد من محاسبتهم على تلك الكارثة التى لن تكون الأخيرة.

وتابع عرفة: هناك ما لا يقل عن 4500 مزلقان عشوائى، وفى ظل وجود أكثر من مليون و500 ألف راكب يوميًا يستخدم القطار كوسيلة للنقل فإن الخطورة أكبر على حياتهم فى ظل تجاهل المسئولين علاج مشاكل الماضى واستمرارهم على نفس المنظومة القديمة، وعليه لابد من توجيه اللوم إلى 27 محافظًا طبقًا للقانون الذى ينظم تلك العملية، وذلك لأنهم مسئولون عن تلك المزلقانات العشوائية التى هى واحدة من أسباب حدوث الكوارث.

فيما علمت «الزمان» من مصدر قضائى بهيئة النيابة الإدارية، أن التقرير المبدئى الذى تم إعداده بواسطة الهيئة يبرئ قائد القطار القادم من الخلف فيما أدان قائد القطار المتعطل وعاملى برج الإشارة فى برج أبيس وبرج خورشيد، وجاء فى التقرير أن قائد القطار المتوقف تلقى إشارة خاطئة بالوقوف ولم يبلغ برج المراقبة الرئيسى ولم يقم بالإجراءات الاحترازية لحماية قطاره والقطارات القادمة مثل وضع كبسولات متفجرة على بعد كيلو متر على الأقل من مكان التعطل لتنبيه القطارات القادمة بوجود عوائق، كما أن القطار القادم من الخلف كان يسير وفقًا لموعده المحدد بسرعة تتخطى 100 كيلو متر فى الساعة من دون أن يتم إخطاره بوجود قطار متوقف.

سرقة خردة السكك الحديدية

«المال السايب يعلم السرقة»، هكذا بات حال مئات الأطنان من الحديد الخردة المهمل على جانبى قطبان السكك الحديدية تحت سمع وبصر المسئولين عن الهيئة، ففى ظل غياب الرقابة التامة على تلك الثروة المعدنية التى قد تستغل، باتت عمليات السرقة تتم بشكل يومى جهارًا نهارًا وبكميات ضخمة.

فى هذا الإطار، أكد المهندس ممدوح عياد، موظف بهيئة السكك الحديدية، أن مسألة السرقة داخل السكك الحديدية قديمة ولن تتوقف طالما لا توجد رقابة مشددة، حيث تنقسم الخردة المعرضة للسرقة ما بين فلنكات وقضبان وبعض القطع الحديدية الصغيرة، وتقوم تشكيلات عصابية صغيرة بجمع المسروقات داخل مخزن يكون مملوكًا لأحد التجار ومن ثم يقوم ببيع هذه الخردة لصالح مصانع الحديد، بأسعار باهظة.

وتابع عياد أن حل تلك الأزمة هو جمع الخردة من جميع محطات الوجه القبلى والبحرى وتخزينها داخل مستودعات السكك الحديدية تحت إشراف شرطة النقل والمواصلات وتعيين حراسة مشددة عليها، ومن ثم عقد المزادات العلنية بشكل أسبوعى، وهو ما يضمن توريد مبالغ إضافية للهيئة يساعدها على حل عجز الميزانية.

 

عصابات الخردة

ورصدت «الزمان» شهادة الحاج صابر عبدالنبى تاجر خردة بمحافظة القليوبية حول عمليات السرقة التى تتعرض لها السكك الحديدية، إذ أكد أن بعض «السريحة» تحولوا من سرقة قضبان السكك الحديدية إلى سرقة الخردة ولعل السبب هو سهولة التصرف فى الحديد الخردة والذى يشتريه بعض التجار ممن غابت ضمائرهم ويقومون بجمعه داخل مخازن تمهيدًا لبيعة لصالح مصانع الحديد فى مدينة 6 أكتوبر والتى تلجأ لهذا النوع من الحديد لتتمكن من مواجهة مصانع الحديد الكبرى والتى تستورد قضبان السكك الحديدية من الخارج.

وتابع عبدالنبى: قانونًا غير مسموح بتداول هذه النوعية من الحديد إلا من خلال المزادات، وبالنسبة للحديد الخردة يتم توريده لمصانع الإنتاج الحربى بالأمر المباشر التى تتصرف فيه كيفما تشاء، وبالنسبة للخشب والألمونيوم يتم عمل مزاد مرة أو مرتين أسبوعيًا.

واستطرد عبدالنبى: بعض السرقات تتم بواسطة عمال من داخل هيئة السكك الحديدية إذ يسهلون خروج بعض القطع المعدنية ثقيلة الوزن خارج المخازن وتسليمها لتجار خردة والتى يستخدمها التجار فيما بعد لإضافة نوع من التميز والجودة على الخردة التى يوردونها، وفى بعض الحالات يتجاوز الأمر الحديد الخردة، ويتم إخراج قطع غيار العربات لبيعها بسعر الخردة.

من جانبه، أكد مصدر مسئول بالهيئة العامة للسكك الحديدية – فضل عدم ذكر اسمه– أن الهيئة رصدت مئات الحالات من السرقات داخل وخارج المستودعات الآمنة التى تم تأسيسها قبل عامين لتجميع الحديد الخردة، ويتم إخطار شرطة النقل والمواصلات والتى تتولى مهمة التحقيق فى هذه البلاغات.

وتابع المصدر المسئول: حصاد السرقات بلغ 1000 كيلوجرام، علاوة على مئات الأطنان من الفلنكات وغيرها وهى كميات تساوى ملايين الجنيهات، أما عن عمليات البيع التى تمت بشكل رسمى، 8 آلاف طن خردة، وقد وضعت الهيئة تحت رئاسة اللواء مدحت شوشة تصورًا لحماية حرم المحطات خاصة فى الخطوط الداخلية للوجه القبلى، كذلك تجميع الحديد الخردة وفرزه داخل مخازن السكك الحديدية بأبوزعبل وتعيين حراسات مشددة عليه.

حصاد الموت بالسكك الحديدية

تسلسل حوادث القطارات

وتحتل مصر المرتبة الأولى فى عدد حوادث القطارات وأبشعها من حيث عدد الضحايا، وقد رصدت «الزمان» التسلسل الزمنى لحوادث القطارات، ففى ديسمبر 1993 قتل 12 وأصيب 60 فى تصادم قطارين على بعد 90 كيلومترًا شمالى القاهرة، وفى ديسمبر 1995 قتل 75 راكبًا وأصيب المئات فى تصادم قطار بمؤخرة قطار آخر، وأكدت التحقيقات وقتها أن المسئولية تقع على سائق القطار الذى قام بتجاوز السرعة المسموح بها رغم وجود ضباب كثيف مما لم يمكنه من اتخاذ الإجراءات اللازمة فى الوقت المناسب، وفى فبراير 1997 فى محافظة أسوان أدى خلل بشرى وخلل فى الإشارات إلى وقوع تصادم بين قطارين شمال مدينة أسوان مما أدى إلى وقوع 11 قتيلًا على الأقل والعديد من الإصابات، وفى أكتوبر 1998 بمحافظة الإسكندرية اصطدم قطار بالقرب من الإسكندرية بأحد المصدات الأسمنتية الضخمة مما أدى إلى اندفاعها نحو المتواجدين بالقرب من المكان، وخروج القطار نحو إحدى الأسواق المزدحمة بالبائعين المتجولين مما أدى إلى مقتل 50 شخصًا وإصابة أكثر من 80 مصابًا ومعظم الضحايا ممن كانوا بالسوق أو اصطدمت بهم المصدة الأسمنتية، وأرجعت التحقيقات فى وقتها السبب إلى عبث أحد الركاب المخالفين فى الركوب بفرامل الهواء بالقطار، وفى أبريل 1999 أدى تصادم قطارين من قطارات الركاب إلى مقتل 10 من ركاب القطار وإصابة أكثر من 50 مصابًا معظمهم حالاتهم خطرة، وفى نوفمبر 1999 اصطدم قطار متجه من القاهرة إلى الإسكندرية بشاحنة نقل وخرج عن القضبان متجهًا إلى الأراضى الزراعية مما أسفر عن وقوع 10 قتلى وإصابة 7 آخرين كانت حالتهم خطرة.

ومع دخول الألفية الجديدة استيقظت مصر على فاجعة كبرى، ففى فبراير 2002 حدثت كارثة العياط إذ راح ضحيتها أكثر من ثلاثمائة وخمسين مسافرًا بعد أن تابع القطار سيره لمسافة 9 كيلومترات والنيران مشتعلة فيه، وهو ما اضطر المسافرين للقفز من النوافذ، ولم تصدر حصيلة رسمية بالعدد النهائى للقتلى، واختلف المحللون فى عدد الضحايا، إذ ذكرت بعض المصادر أن عدد الضحايا يتجاوز 1000 قتيل، وإن لم يصدر بيان رسمى بعدد الضحايا وهذا ما آثار الشكوك فى الحصيلة النهائية فى عدد الضحايا، وفى فبراير 2006 اصطدم قطاران بالقرب من مدينة الإسكندرية مما أدى إلى إصابة نحو 20 شخصًا، وفى مايو 2006 بالشرقية اصطدم قطار شحن بآخر فى محطة قرية الشهت بمحافظة الشرقية مما أى إلى إصابة 45 شخصًا، وفى أغسطس 2006 وفى طريق «المنصورة – القاهرة» اصطدم قطاران أحدهما قادم من المنصورة متجهًا إلى القاهرة والآخر قادم من بنها على نفس الاتجاه مما أدى إلى وقوع تصادم عنيف بين القطارين، واختلفت الإحصاءات عن عدد القتلى فقد ذكر مصدر أمنى أن عدد القتلى بلغ 80 قتيلًا وأكثر من 163 مصابًا بينما قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن 51 لقوا حتفهم، وفى يوليو 2007 القاهرة اصطدام قطاران شمالى مدينة القاهرة وراح ضحيته 58 شخصًا كما جرح أكثر من 140 آخرين، وفى أكتوبر 2009 تصادم قطاران فى منطقة العياط على طريق «القاهرة – أسيوط» وأدى إلى مقتل 30 شخصًا وإصابة آخرين، إذ تعطل القطار الأول وجاء الثانى ليصطدم به من الخلف وهو متوقف مما أدى لانقلاب أربع عربات من القطار الأول، وفى 11 نوفمبر 2012 تصادم قطارين بالفيوم نجم عنه مقتل 4 مواطنين وجرح العشرات، وكان التصادم بين قطار متجه إلى الإسكندرية وآخر إلى الفيوم، ووقع بين قريتى سيلا والناصرية بمركز الفيوم، وفى 17 نوفمبر 2012 عند مزلقان قرية المندرة التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط، اصطدم قطار تابع لسكك حديد مصر بحافلة مدرسية راح ضحيته نحو 50 تلميذًا إضافة إلى سائق الحافلة ومُدرّسة كانت برفقة التلاميذ، وفى 14 يناير 2013 أودى حادث تصادم مع قطار تجنيد فى البدرشين بحياة 17 مجندًا وجرح أكثر من 100، وفى 18 نوفمبر 2013 حادث تصادم مع سيارتين أودى بحياة أكثر من 27 شخصًا وجرح أكثر من 30، وفى 11 أغسطس 2017 حادث تصادم بين قطار ركاب قطار 13 إكسبريس القاهرة / الإسكندرية بمؤخرة قطار رقم 571 بورسعيد / الإسكندرية بالقرب من محطة خورشيد على خط القاهرة / الإسكندرية، أودى بحياة 41 شخصًا وإصابة 132 آخرين.

موضوعات متعلقة