محافظ شمال سيناء: الرئيس السيسي وجه بتخفيض تكلفة الوحدة السكنية للأهالي بنسبة 55% ما موعد انتهاء مبادرة سيارات المصريين بالخارج؟.. وزيرة الهجرة تجيب محافظ شمال سيناء: لا توطين لأي فلسطيني.. وإعادة 3 آلاف إلى غزة قريبا الخارجية: اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية مستقرة والطرفان ملتزمان بها الهلال الأحمر المصري: نراجع شاحنات مساعدات غزة للتأكد من خلوها من أسلحة أو مخدرات أو غيرهما الخارجية: اتصالات مكثفة للتأكيد على رفض مصر لأي محاولة لاقتحام لرفح الفلسطينية بريا الرئيس السيسي يعلن انطلاق البطولة العربية العسكرية للفروسية بحضور الرئيس السيسى.. انطلاق بطولة الفروسية بعرض الموسيقى العسكرية بدء فعاليات افتتاح البطولة العربية العسكرية للفروسية بحضور الرئيس السيسي رئيس الوزراء: مصر تدعم جهود استضافة البحرين القمة العربية 33 فى مايو الزمالك يصدر بيانا بشأن إيقاف القيد بسبب مستحقات خالد بو طيب الرئيس السيسي يشدد على ضرورة وقف الحرب ويحذر من أي عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

الإحساس بالألم بين القرآن والعلم الحديث

 

مازلنا نعيش في رحاب القرآن الكريم الذي ستظل آياته تتحدى البشر بما تحمل من دلائل الإعجاز في مناحي الحياة المختلفة، ولاسيما في عصر العلم، وإذا كنا قد أشرنا في الحلقة السابقة إلى الآيات الكريمة التي حددت في دقة بالغة الأطوار التي يمر بها الوليد البشري والتي على إثرها أسلم الكثيرمن عملاقة الطب في العالم وافتخروا بإسلامهم عندما وقفوا على حقيقة معناها، وأكدوا على اختلاف أماكنهم وأزمانهم أن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون من عند بشر، فكيف للبشر في زمن نزوله أن يكونوا قد اطلعوا على أحدث ما وصلت إليه الإنسانية بعد أربعة عشر قرنًا من الزمان، وهل يعقل أن الأدوات المتوفرة لديهم كانت من الدقة بحيث تستطيع أن تكتشف هذه الحقائق؟؟؟؟

لقد بلغوا هذا العلم بعد مرور سنوات من البحث والدراسة واستعانوا بأجهزة حديثة حتى استقروا على تلك الحقيقة.

إن إيمانهم كان نابعًا من يقينهم البالغ بأن هذه الحقائق من المستحيل أن يكون نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد عرفها ووقف عليها، لا شك أن الذي علمه إياها هو خالقه وخالقنا الذي علم الإنسان ما لم يعلم.

وإذا كانت حقيقة أطوار خلق الإنسان مبهرة فإن موضوعنا اليوم ليس بأقل إبهارًا منه.  

إنه عن الإحساس بالألم ومصدر هذا الإحساس.

يقول تعالى في محكم التنزيل: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء 56).

ويقول سبحانه: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ۖ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) (سورة محمد 15).

ففي الآيتان إعجاز علمي جديد لم تصل إليه الإنسانية إلا في السنوات المتأخرة، فلقد كان الاعتقاد السابق بأن الإحساس مصدر ليس عضو بعينه وإنما الجسم كله حساس للألم، ذلك لأنه لم يكن واضحًا لأحد أن هناك نهايات عصبية متخصصة في الجلد لنقل الأحاسيس والألم حتى توصل العلماء المتخصصون إلى دور النهايات العصبية في الجلد وأنه العضو الأهم لاحتوائه على العدد الأكبر منها.

وقبل أن نتناول هذه الآية الربانية التي تزيد من التأكيد على صدق الرسالة (النبي محمد صلى عليه وسلم)، وأن القرآن كتاب رب العالمين، أود أن أقف قليلًا مع كلمة الإحساس وخاصة أننا افتقدناه كثيرًا في حياتنا.

إن الإحساس شعور يدخل على القلب السرور وهو حالة من نقاء النفس وصفاء القلب ورقة الفؤاد تجعل إنسانًا يميل إلى الخير ويدفع إلى مساعدة الآخرين، حتى شُبه بأنه زهرة متفتحة وسط الزهور الذابلة في أيام الخريف أو أنه سحابة تمرعلى إنسان في يوم حار من أيام الخريف.

الإحساس بالآخرين دليل على نفس سوية وصدق طوية وعلاقة قوية برب البرية سبحانه وتعالى.

إنه بحق يشعرك بأنك ذو قلب رحيم ورقيق يحبب إلى نفسك مساعدة الآخرين وتقديم يد العون لهم.

إنه سر السعادة وعنوان التميز بين الآخرين.

إنه يدعوك للتأمل في كل جميل وخاصة الأشياء المجردة البعيدة عن العين.

وقمة الإحساس وذروته وأروعه الإحساس بالله الخالق الذي ينطق الكون بأكمله باسمه، ويسبح بحمده ويهتفون له آناء الليل وأطراف النهار، هذا الإحساس من عين الجود، وليس من بذل المجهود.

إنه إحساس يولد الراحة والسكينة والاطمئنان ولايمكن لإنسان مهما بلغ أو وصل أو امتلك أن يستغني عنه.

وكما يكون الإحساس بالله نقطة تحول في حياة الإنسان تأخذه نحو رضاه فإن الإحساس بالنفس والثقة بالذات من دواعي الصحة النفسية السوية والشخصية القوية الواثقة من خطواتها البالغة لآمالها.

وإذا كان الإحساس بالنفس علامة وأمارة على الثبات والاستقرار فإن الإحساس بالآخرين كمال ما بعد من كمال ونضج أتى أكله وبلغ إلى رشده، وما أجمل ما قاله النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه).

كما أنه دليل على أدب رفيع المستوى يملي على صاحبه مراعاة مشاعر الآخرين وجبر خواطرهم، مما يجمع القلوب ويؤلف النفوس، وتأمل ما قاله الحبيب المصطفى: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث من أجل أنه يحزنه).

هكذا يربي الإسلام وينمي هذا الخلق الذي يرفع الحرج عن الآخرين.

لذا لك أن تقف مع قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا) (سورة الأحزاب 53)، وعش ما فيها من توجيهات ربانية سامية تمس أدبًا من آداب الضيافة في الإسلام.

بل لك أن تتعمق في هذا الموقف الصعب الذي كان من الممكن أن يتسبب في أزمة بين الصحابة، وهذا الأعرابي الذي لم يأخذ في اعتباره أدب المساجد وضرورة صيانتها وحفظها من الأذى والقذر فبال فيه وسط دهشة واستنكار منهم، فما كان من النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا أن أمرهم بتركه حفاظًا على صحته ثم أعطاه درسًا مفيدًا دون أن يمس مشاعره، فقال له صلوات الله وسلامه عليه: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر وإنما هي لذكر الله والصلاة).

ولك عزيزي القارئ أن تلاحظ موقف سيدنا يوسف عليه السلام بعد أن مكن الله له في الأرض، فلم يوجه اتهامات صريحة لأخواته على الرغم مما فعلوا به، كل هذا حفاظًا على مشاعرهم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على نبل خلقه وجمال نفسه.

قال تعالى: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (سورة يوسف 100).

وبعد أن وقفنا عند محطة الإحساس وبينّا مدى عناية الإسلام به فهيا ننتقل لموضوع المقال وهو الإحساس بالألم.

لك عزيزي القارئ أن تعرف ما اكتشفه علماء التشريح من أن كل أعصاب الإحساس موجودة تحت الجلد مباشرة فلو احترق الجلد ووصل الكي إلى اللحم لما كان هناك شعور بالألم دون الأعصاب التي تشعر بالألم موجودة تحت الجلد فقط فتجعل الإنسان يشعر بالألم وتنقله إلى مراكز الجملة العصبية.

لذلك يعد من أهم وظائف الجلد هو الإحساس بجميع أشكاله من لمس وحرارة وألم إذ هو المستقبل الرئيس لها، ومن هنا ندرك أن مواقع الإحساس بالألم وألم الحريق بالذات موجودة في الجلد.

أما عن طبيعة الجلد فلك أن تعلم أنه مؤلف من طبقتين طبقة اسمها البشرة وهي قد تكون سميكة أو رقيقة بحسب موقعها في الجسم، وبحسب الاحتكام وبحسب البيئة، والثانية اسمها الأمة وفيها عجب العجاب إذ هي مؤلفة نسيج ضام فيها شعريات دموية ونهايات عصبية وغدد تفرز الدهون وغدد عرقية ومنطقة دهنية تحت هذه الأدمة وهي الطبقة الفعالة في الجلد، وإذا كانت هذه هي مكونات الجلد، فماذا عن الإحساس الجلدي؟؟؟ الإحساس الجلدي قسمه العلماء إلى مجموعتين الأولي هي إحساس دقيق يختص بتمييز حاسة اللمس الخفيف والفرق البسيط في الحرارة، والثانية إحساس أولي ويختص بالألم ودرجة الحرارة الشديدة علمًا بأن كل إحساس منهما يعمل بنوع مختلف من الوحدات العصبية.

هذا وقد أوضح علماء التشريح أن الجلد هو الجزء الأغنى بنهايات الأعصاب الناقلة للألم والحرارة.

أما عن وجه الإعجاز العلمي التي جاءت به الآيتان في ضوء العلم الحديث فلنا أن نقول إن الله تعالى بيّن لنا من خلال الآيتين أن الجلد هو محل العذاب، فربط سبحانه بين الجلد والإحساس بالألم في الآية الأولى، وأنه حينما ينضج الجلد ويحرق ويفقد تركيبه ووظيفته يتلاشى الإحساس بألم العذاب فيستبدل بجلد جديد مكتمل التركيب تام الوظيفة، تقوم فيه النهايات العصبية المتخصصة بالإحساس بالحرارة بالألم لتجعل من هذا الإنسان الكافر بآيات الله يذوق عذاب الاحتراق بالنار.

وكما أشرنا فإن النهايات العصبية المتخصصة للإحساس بالحرارة وألم الحريق لا توجد بكثافة إلا في الجلد، وما كان بوسع أحد مهما كان مستواه العلمي قبل اختراع المجهر وتقدم علم التشريح الدقيق أن يعرف هذه الحقيقة التي أشار إليها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا، فمن إذن علّم محمدا وأطلعه على هذه الحقائق؟؟؟ إنه الخالق سبحانه.

أليس في هذا خير دليل على وجود وحدانية الخالق؟؟

أليس في هذا خير دليل على أن القرآن حق وأن الرسول حق؟؟؟؟ أليس في هذا سبيل لإزالة الغشاوة التي أعمت هؤلاء الملاحدة ومنكري رسالة الإسلام؟؟؟ أليس في هذا بيان يدل على عظمة القرآن الكريم وتحديه وإعجازه الباقي ببقاء الزمان والمكان؟؟؟؟

بلى إن الآيات تنطق بالحق وتعلن عن طبيعة المعجزة القرآنية

ولم يكتف الأمر عند هذا بل دعونا ننتقل إلى الآية الثانية التي هدد فيها القرآن الكريم الكفار بالعذاب بماء حميم يقطع أمعاءهم وأخيرًا اكتشف السر في التهديد بتقطيع الأمعاء، وهو أن الأمعاء لا تتأثر بالحرارة ولكنها إذا قطعت خرج منها الماء الحميم إلى منطقة تسمى (المساريقا) الغنية بمستقبل الحرارة والألم والنهاية العصبية الناقلة لهما إلى المخ، فيشعر الإنسان عندئذ بأعلي درجات الألم علمًا بأن الأمعاء خالية من الداخل من المستقبلات الحسية، بينما توجد بكثافة عالية في منطقة المساريقا التي تقع بين الصفاق الجداري والطبقة الخارجية​ للأمعاء المغلقة بالصفاق الحشوي التي يوجد بها عدد كبير من جسيمات باسيني الناقلة للحرارة والألم.

وبهذا تلتقي الحقيقة القرآنية مع الحقيقة العلمية لأن مصدرها واحد وهو الله جل وعلا.

ولعل خير من يجسد هذه الحقيقة هذا الحوار الراقي الذي دار بين العالم الكبير دكتور تاجات تاجاسون رئيس قسم التشريح والأجنة في جامعة شاينج وأي بتايلاند وعميد كلية الطب عندما سُئل عددًا من الأسئلة في مجال تخصصه كان منها ما يتعلق بالجلد، فأجابنا قائلًا إذا كان الحرق عميقًا دمر عضو الإحساس بالألم، قال: نعم، وبعد أن ترجمت له الآيتان موضوع المقال سئل هل يمكن أن تكون هذه الآيات قد جاءت إلى محمد صلى الله عليه وسلم من مصدر بشري؟؟ فأجاب: لا يمكن أن يكون ذلك، قلنا فمن أين جاءت؟؟؟ قال: لا يمكن أن تكون مصدرًا بشريًا ولكن أسألكم أنتم من أين تلقى محمد هذه العلوم؟؟؟ قلنا له من عند الله، فقال لنا ومن هو الله؟؟؟؟ قلنا له إنه الخالق لهذا الوجود.

إذا رأيت الحكمة فالحكمة تدل على الحكيم، وإذا رأيت العلم في هذا الوجود دل على أنه من صنع العليم، وإذا رأيت الخبرة في تكوين المخلوقات دل على أنها من صنع الخبير، وإذا رأيت النظام الواحد في هذا الوجود والترابط المحكم والترابط المحكم دلك على أنه من صنع الخالق، فأقر بما قلنا.

أسلم تاجاسون عندما لمس بنفسه الحقيقة القرآنية التي يعلمها جيدًا ولم يصل إليها أقرانه إلا بعد بحث ودراسة مضنية وطويلة واستعانوا بأجهزة دقيقة ومتطورة.

ولعل هذا أكبر دليل وأقصى سبيل إلى الإيمان ولنا مع الإعجاز العلمي في القرآن لقاء مقبل إن شاء الله.