رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي مقال رئيس التحرير

زمـن الرثـاء - بقلم الهام شرشر

                                                           

بسم الله الرحمن الرحيم
«إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِىَ 
أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا»
صدق الله العظيم. سورة المزمل
النوم إحدى ملذات الحياة و متع الدنيا … و يا لروعة الإيمان حين نحرمه على جفوننا ليلا «يقظة بعدغفلة» ….. رغبة و متعة لاواجبا لنحظى بحب ٌٌإلهى ما بعده لذة و سعادة … النوم راحة من أى هم أومرض …. يا لعظمة الإيمان حين نتنازل عن جزء من هذه الراحه …. و لو بتسبيح على الأصابع …استغفار و صلاة على النبى ….. متعة روحية … واستغفار العليل … ان شاء الله

عزيزى القارئ : 
قرأنا الفاتحة على صفحات الأهرام فى عهد طاهر لوجهه تعالى ….. شهد فيه علينارب العزة …. و لم و لن نخلف الوعد معه ما حيينا إن شاء الله .
قد نلتقى نحن …. أنا و أنتم .. و نفترق و افترقنا .. لكننا أبدا ً … لا يمكن أن نفترق عن لقائه سبحانه وتعالى …. فى الدنيا … و حتى اللقاء الأعظم …. إن شاء الله .
أمة الإسلام .. إلى القيام … للتوبة عن المعاصى .. و طلب الغفران .. بالصلاة .. و المحافظة على الوضوء …. فلنبقى على طهارة الجسد و الروح والنفس …. لنبقى على طاعة خالقنا و بارئنا … قبل المرض أو الموت … قبل حسرة الفوت بسكرة الموت …. قبل فوات الآوان .

قرائى الأعزاء :
كل عام و أنتم بخير … و كل عام و مصر بخير و سلام …. وأمن …. وأمان … و سائر البلدان الإسلامية والعربية .
و نحن فى لحظات صيام … فى أيام غفران و رحمة و عتق من النيران ….. لا يكون هناك نفسهادئة راضية مطمئنة … كل حسب وقدر علاقتها بالله عز وجل .
لنرى أنفسنا هكذا … فى حديث رب العزة … لكليمه موسى عليه السلام …. حيث قال : «يا رب هل أكرمت أحدا بمثل ما أكرمتنى به … فقد أسمعتنى كلامك» … حيث يقول الله تعالى : «و كلم الله موسي تكليما » ….. « و يا موسى إنى اصطفىتك على الناس برسالاتى و بكلامى» …. و «يا موسى إن ليعبادا أخرجهم فى آخر الزمان .. أكرمهم بشهر رمضان …. هم أقرب إلى منك … فلقد كلمتك وبيني وبينك سبعون ألف حجاب … فإذا صامت أمة محمد «صلى الله عليه و سلم » شهر رمضان أرفع تلك الحجب عن إفطارهم … يا موسى …. طوبى لمن عطش كبده …. وجاع بطنه ».
دون لقائى …. يا موسى من صام يوما ًَمن رمضان استوجب عندى ما لا عين رأت و لا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر … قال موسى : « اللهم أكرمنى بمثل ما أكرمت أمة محمد» … قال الله : «ياموسى : إنها لأمة محمد خاصة » …..

قرائى الأعزاء :
أبدأ معكم و نبدأ سويا لحظة الصفاء و الدعاء على من ظلم … و شهر … و سب … و لعن … وكذب … و ادعى زورا و بهتانا … و بالباطل قال : “ و يا خيبة ما قال …. و يا حسرة ما قال ….فهل ينفعه ما قال … حين يسأل عما قال؟؟….. فماذا تكون إجابته لما قال؟؟؟؟!!!! ……. (لأثبت واتثبت و أقوى و ابتسم و استهلم من القرآن رشدى … و ينطلق لسانى …. و إن كان لم يضق صدري… واطمئنان قلبى بدينى و نصرة خالقى …. و دفاعه عن الحق … الذى زلزل أرض الباطل …. تحت أقدام أهل الباطل ….«أما الزبد فىذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فىمكث فى الأرض» …… 
لتبتلع هذه الأرض التى تزلزت …. ومعها ففجرت بركانا فى العقول و الوجدان و الضمائر … لتنكسرالأقلام التى ما كانت إلا ريشة ذهبت فى مهب الريح …. لا قيمة … و لا وزن …. ولا لون …. ولاصفة …. 
و لا أقول إلا ما قاله يوسف عليه السلام : « و ما أبرئ نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا من رحم ربى» ….. و يدفعنى ما جاء فى القرآن الكريم : « إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا » صدق الله العظيم .
يا ترى أصائم هو ؟! …. أم مصل هو ؟! ….. أم ذاكر هو ؟!…. وعابد هو؟! … و قائم بين يدى ربه فى الصلوات و التراويح هو ؟! أأغنى له ذلك من الله سبحانه و تعالى ؟!
أتساءل عن سر خروج هذه النفس عن سماحتها … لكى تكون مرتعا للشيطان …. بمنهجه فى الحقد والحسد و الغل ….. التى مع ذلك خرجت عن سماحة الدين … و تقوى الله سبحانه و تعالى … أى شيئ فى الدين يستحق ذلك العداء ذلك الجفاء؟؟!! .. تلك الحرب الرخيصة التى لا ترضى إلا الشيطان و أعوانه من الإنس و الجن!!!
أم أنه لم ينوى الصيام من أصله ….. لأنه لاتجتمع نية الصيام فى قلب حاقد أسود مريض …. أوعقل مظلم ضيق أبق كعبد رقيق …. أو مع ضمير ميت أو مغيب زنديق …… ليكون لسانه هكذا …و كذبه وبهتانه وقودا للنار و سعيرها …. ألسنة حداد أشحة على الخير … لا تعرف معروفا … و لاتنكرا منكرا … بل هى قلوب حاقدة … ران عليها التراب … أو قلوب غلفا أغلفت عليها بالأقفال …حيث قال تعالى : ((أم على قلوب أقفالها )) …. أم طبع و ختم على القلب … و البصر … و البصيرة… 
ينطبق عليها قول الله تعالى : (( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا )) ….. (( فإن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون )) .. 
أعلم يقينا أن النفاق موجود …. و باق ببقاء الإنسان … ليظل الفارق بين الحق و الباطل .. بين النور والظلام … بين الخير و الشر …. بين الطيب و الخبيث … بين الرفيع و الوضيع … بين أصحاب الأقلام الشامخة و الأكف العالية …. والنفوس المتواضعة و الشخصية المؤمنة الواثقة فى الله و بالله ولله …. فهى لأجله تعمل … ننتظر رضاه و تأمل مناه و وصولا لمنتهاه .
فرق شاسع بين هذه الأقلام وأصحابها … المدافعة عن الحق … التى تخرج جهادا فى سبيل الله …من أجل تطهير الكلمة التى هى أخطر أسلحة الإنسانية … التى تقيم أمم و تشيدها …. أو أنها تبيدغيرها و تدمرها .

قرائى الأعزاء 
كم أشعر بالسعادة و أنا أعود إليكم …. لإحياء دعوتى إلى الله …. بجهادى الأعظم لأنه جزء منالحفاظ على الأرض …. بالحفاظ على الوطن … وماهيته .. و شرفه … و عرضه … بإعادة شرفالكلمة و صونها …. 
أعلم آن الفرق عظيم شاسع بين أصحاب الأقلام الشامخة … و المدارس الفكرية الرائدة القائدة …. والعقول الواعدة … و بين أقلام الفتنة …. التى تبيت ليلها خوضا فى أعراض الناس … و انتهاك الحرمات والنيل من الشرفاء .
و أزلزل قلوبهم بقول رسول الله «صلى الله عليه وسلم » : «من تتبع عورة مسلم فضحه الله فى عقرداره » … وقوله كذلك : « يا أيها الناس لاتتبعوا عورات الناس فإن من تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته» …. 
فما بال من افترى كذبا … و قال ظلما و بهتانا … من وحى شيطانه … أو من خبيث أوحى إليه … أومنافق أمده بمعلومة خاطئة …. فألغى عقله … وأمات فكره … و ختم على قلبه … و باع ضميره وقلمه ….. إين انت من قوله تعالى : « و من يكسب خطيئة أو أثما ثم يرمى به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا »…. 
و بكل إيمان … و يقين … و ثقة …. و قوة ... وصلابة ….. تزيد يوما بعد يوم … و ثباتا يقوى لحظة بعد لحظة …. شموخا يكبر نفسنا بعد نفس … و عزا بالله ناصرا … ووكيلا … و مدافعا ….فهذا وعده نصرا مؤزرا … حيث قال تعالى : «إن الله يدافع عن الذين ءامنوا» … و الله حسيبى لاينسى … و لا يخذل من يدافع عن دينه و عن سنة نبيه ….. و عن إعادة الكرامة … و إحياء معانى الحياء … التى لوثت فطمست … بالجراءة و الجفاء … و عدم تقوى الله … و الإطاحة بالأخلاق والفضيلة فى الدنيا و ثواب الآخرة … و يكفينى قول رسول الله «صلى الله عليه وسلم » عندما رأى رجلا ينصح أخاه قال له : « دعه فإن لم تستح فاصنع ما شئت» … الذى لا يستجيب و لا يمتثل لداعي الهداية ……. و من كان هذا دأبه …. فلا ينظر إلى الأقزام و المتاجرين ….. برقيق الكلمة 
أعوان إبليس … فى إرساء قواعد الجاهلية من جديد … بالتعتيم على الحق .. والخير … والأخلاق… و الفضيلة …. بشيوع الفاحشة … والأخلاق الفاسدة … والأفكار الهدامة …. بما فى ذلك منضرب الدين قبل الوطن … أو أنه ضرب للوطن قبل الدين ….
حين يتم من خلال ذلك الباطل إعداد نفوس لاتعرف الله … و لا ترقب فى مؤمن إلا و لا ذمة ….
وهذا والله زمن الفتنة … وهذا ما استوجب خروجى …. بجريدتيكم الغراء «جريدة الزمان» ….. وهكذا أفصحت عن سر اختيارى لإسم الجريدة …. لأن ما لم يلحظه الناس .. أن كلمة «كفر» والعياذ بالله … تعنى الستر و التغطية للحقائق … وما لايعلمه الناس أن حين تغييب الحقائق و الدعوة للباطل.. فهذا يعنى كفر و استحلال الحرام و إنكار المعروف … 
خرجت إلى أشرس المعارك الإنسانية … لأنها فى آخر الزمان … تعلم علم اليقين …. و تدرك جيداأنها لن تستقبل بحفاوة … و لن يصفق لها … و إنما ستدق لها الطبول عليها … و إن كان من دقالطبول علامة ناجحة صادقة … على قوة اقتحامنا لزمن الباطل .. بعمل زلزال ضميرى يضربالمجتمع بأسره … فمع ما يتدركه من آثار مدمرة إلا أنه له منابع طيبة و مثمرة و إن شاء الله أعاننا الله فىها….لأننا نؤمن بكلام رسول الله «صلى الله عليه وسلم»….. «فمثل القابض فيه على دينه كماسك على جمرة من نار». 
أيضا يعود الإسلام غريبا كما بدأ … فطوبى للغرباء .
عاد النفاق بكل صوره …. عاد الرياء بكل أشكاله … عاد النقيصة بكل معانيها ….. 
تحزن قلوبنا …. فما وجدناهم … مدافعين عن عرض … أو وطن … أو حتى إلى دين … إن كانواينتمون إليه … أو يعرفونه من أساسه …. و لا دفاع عن إحقاق حق … و برغم كل شواهد الباطل ….ليصلوا من شأنه أنه هو الحق ….. 
بائعين لأوطانهم …. يدعون إلى خرابها …. يهدونها لأعدائهم طواعية 
بجلهم الدينى أو افلاسهم المهنى 
و ما يتبعه من دعوة صريحة … إلى دحض شعب الإيمان …. وما يستتبعه من أنكار وجود الذات العليا…
لتكون المصيبة الكبرى فى آخر الزمان …. عدم الوقوف على أهون الأمور … التى تكون بدايات عظائمها …. و معظم النار من مستصغر الشرر 
أى أننا وصلنا لكارثة … هدم الدين … بهدم الناس … و ما يستتبعه … من هدم كل ما له صلة من قيم…. و أخلاق …. و معانى وطنية نبيلة …. هدم للإنسانية بأسرها …. خراب لوجود البشرية جمعاء… بل و إباده لوجوده 
وعلى فكرة فى هذه الحالة سوف تكون الإبادة تأديب و غضبة إلاهية … لعدم التمعر لوجه الله الكريم وتحريم انتهاك حرماته على الأرض لترفع البركة … و ينزل إبليس يمارس أعماله الفاسدة بإفساد الخلق….. 
وقد حذرنا خير الأمة « صلى الله عليه وسلم»….. من ذلك … الذى نغمض أعيننا عنه .. و نهلل… ونعلى أصوات الصخب و الضجيج .
و لا ندرى نعتم حتى على أنفسها …. نضللها أنه بتغيير عقائدنا .. إنما هو نوع من الخلط و التباس الأمور .. وليست كفرا بينا بواحا ….. 
و كأنهم ينكرون قوله « صلى الله عليه وسلم » : «يصبح الرجل مؤمنا و يمسى كافرا … و يمسي كافرا ويصبح مؤمنا …. يبيع دينه بعرض من الدنيا» …. لاأدرى ماذا أقول بعد قوله «صلى الله عليه وسلم» …. هو نبأ .. و حذر … و أوضح .. و نحن نغالط أنفسنا … و نبحث عن المبررات …و نجرى وراء المسميات … وتختلف الأسباب المضللات … كل ما يهم أن نبرهن لأنفسنا …. ونزين الباطل بجهلنا بديننا … أو بعدم ايماننا … و لا يهمنا الله …. و لا رسوله … ولا اليوم الآخر…. و ما يثبت ذلك من آثار و نتائج … وأضرار من البدع .. و المنكرات …. 
لذلك خرجت جريدة الزمان …. تحكى وتتكلم عن إنسان آخر الزمان … خرجنا ندعى أننا ضميرالإنسان … فى هذا الزمان …. و الله المستعان وعليه التكلان.
انعدمت أحاديث الإصلاح … بترت سواعد البناء … استبدلت بمعاول الهدم … تعالت صيحات الخراب … 
الجرى و التهليل و التصفيق وراء دعوات الشيطان …إنسا كان أو جان …. فالطيوور على أشكالها تقع …. و لا تقف إلا على بغاث الطير … (بقايا الجيف) … 
وهكذا يعلو الؤمن بل و الزاهد العارف بالله … مع الابتلاءات … لتقوى معه رسالته .. فى البداية تكون المحن … درسا عما إذا كان ذلك المؤمن يدعو إلى الله عن قناعته عن غاية … أو أنها سبيلا للجنة … و من يدرى لعلو فى الدنيا 
و بعد أن يجتاز المحن حين يغيرها منحة …. يقوى معها إيمانه … يزيد سبحانه و تعالى أن يسقيه مر البشر الأسود الحاقد … ليكون متعادلا … مع ذلك المر … أى ليقوى من جهاده … و يزيد من عزيمته…. و يعلى من أصراره … فلن يكون فى تثبيت قول الله على الأرض … إلا بقوة الإبتلاء و عظمته 
وأشد الابتلاء عند الله سبحانه و تعالى ….. هو انحطاط البشر …. فى برائة الشيطان .

قرائى الأعزاء 
الإسلام … لا يعرف الحزن هكذا قال: «ولا تهنوا ولاتحزنوا وأنتم الأعلون» …. وكذلك: «و لا تحزن عليهم ولا تك فى ضيق مما يمكرون» … «إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون»…. وكذلك قوله تعالى: «إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معانا»…. 
نهانا القرآن عن الحزن … و ارتفع المؤمن فتثبت بإذن الله …. فلا يحزن على ما هو فات … و لايفرح بما هو آت … «لكى لا تحزنوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم »…. 
أمة الإسلام فى كل مكان فى أرجاء المعمورة …. هنيئا لنا فى آخر الزمان … و نحن نعيش نفحات شهر رمضان .. نقوى بالقرآن .. و نكيد جنود الشيطان .
قرائى الأعزاء :
لا تحزنوا … أشكر لكم ذلك … و لكن أرجوكم و لا حتى تتأثروا 
لقد أراد الله عز وجل أن يساعدنى … يشحذنى … و يشحننى حتى أكون فى غاية القوة … لسمو الغايةالتى أسست 
من أجلها الجريدة و هى : 
الدعوة إليه سبحانه و تعالى أولا .
ثانيا الحفاظ على الوطن و المقدسات 
ثالثا … مواجهة هذه الفئة الضالة الباغية 
أو أدعو لهم معنا بالهداية …. و أن يعودوا إلى الله سبحانه و تعالى … فهو أهل التقوى و أهل المغفرة… 
يكفى أنتم أيها الغاليين الأعزاء … و كذلك شرفاء المهنة .. الأساتذة .. الأجلاء .. و الأخوة … والآبناء … المحترمين الأوفياء لله و رسوله و للوطن .
والأختلاف سنة كونية مع بقاء الأدب والاحترام …. و عدم التشهير و الخوض فى الأعراض .
فالناس لم يجتمعوا على أحد … فاختلفوا على رسول الله «صلى الله عليه وسلم »…. و على أخوانه من الأنبياء السابقين … بل اختلفوا على الذات الآلهية …. «و قالوا اتخذ الله ولدا» ….. «فمنهم من آمن و منهم من كفر» …. 
فقد قال الله تعالى : “ من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ” …. فليس ذلك تخيير بين الايمان و الكفر …بل هو تهديد فمن شاء فليؤمن و له الجنة … و من شاء فليكفر و له النار … أعاذنا الله و إياكم …. 
وقد بدأ رمضان بكل خيراته … و عطاءاته … ونفحاته .. و بركاته … طوبى لمن شغل أوقاته بالذكر … والتسبيح … و الدعاء …. طوبى لمن واسى الفقراء … وساعد الأرامل و المساكين …طوبى لمن صبر ….. فهو شهر الصبر … و الصبر جزاءه الجنة … و هو شهر يزداد فيه رزقا لمؤمن . 
لذلك فلتهرع معى عزيزى القارئ …. هيا بنا نختبئ من شرور أنفسنا …. و نكفر عن سيئات أعمالنا .. بالصوم … و الصلاة .. و القيام … وأعمال الخير … و الاقتراب إلى كل ما أمرنا به … و الابتعاد و النهى عن كل ما نهينا عنه .. فما بالنا .. و لدينا الفرصة الذهبية .. و هى شهر رمضان … شهر الصيام .. و التلاوة .. و القيام .. الذى ندعو بعده بلقاء الله .. ورؤية نور وجهه الكريم … بالطهر والنقاء و الصفاء الذين يملؤنا …. قبل العودة إلى الدنيا … بملوثاتها .. و دناءاتها طريق الجحيم … نجانا منه سبحانه و تعالى …. 
ولكن أى صوم هذا الذى نذهب و نهرع إليه .. ؟؟!! …. إنه التالى شرحه : 
إن الصيام سر بين العبد و ربه … لا يطلع عليه غيره … لأنه مركب من نية باطنة …. لا يطلع عليها إلا الله عالم الأسرار و النوايا … و يترك منه تناول الشهوات … و لذلك قيل لا تكتبه الحفظة … و قيل إنه ليس فيه رياء … هكذا قال الإمام أحمد و غيره . 
فإن ترك ما تدعوه نفسه إليه عز وجل … حيث لا يطلع إليه إلا رب القلوب و النوايا وحده … دل على صحة إيمانه …. و الله سبحانه و تعالى يحب من عباده أن يعاملوه معاملتهم إياه أو سواه … حتى كان بعضهم يرد عبادة سرية لا تشعر بها حتى الملائكة الحفظة له . 
على أنه حين قال سبحانه وتعالي: «ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلى».... فيه إشارة إلى المعنى الذى ذكرناه .... وأن الصائم يتقرب إلى الله بترك ما تشتهيه نفسه من …. الطعام ….والشراب ….والنكاح …. وهذه أعظم شهوات النفس ..
لذلك كان التقرب إليه عز وجل …. بترك شهوات عظيمة .... منها كسر النفس ….. لأن فى الشبع ..وامتلاء البطن… والارتواء … ومباشرة النساء … تحمل النفس على الأشر (الاستكبار) ….. والبطر (الغلو فى الفرح والزهو) والغفلة..
وأيضا: تخلى القلب للفكر والذكر…. فإن تناول هذه الشهوات قد تقسى القلب …. وتعميه وتحول بين العبد وبين الذكر والفكر.. وتستدعى الغفلة …. وخلو البطن من الطعام والشراب …. ينور القلب …. ويحتم رقته ... ويزيل قسوته…. ويخليه للذكر والفكر..
ومن حكمة فلسفة الصوم فرصة النجاة ولو ثلاثين يوما .... حين يعرف الغنى قدر نعمة الله عليه …. بإقداره له على ما منعه كثيرا من الفقراء ..... فبامتناع الغنى والحرمان والمشقة …. التى يلاقيها توجب إذن الشكر على نعمة الغنى ….. التى حباها إياه ..... وتدعو إلى الرحمة بأخيه المحتاج ومواساته …. بما يمكن من عطاء لاحتياجات …... وتكمن فلسفة الصوم فى تضييق مجارى الدم التى هى مجارى الشيطان من ابن آدم ..... فبالصوم تنكسر الشهوة والغضب ..... طرق وصول إبليس إليه لدفعه إلى الخطيئة.
وهذا معناه أننا لا نستطيع التقرب إلى الله..
تعالى …. فى عدم الصيام إلا بعد التقرب إليه …. وذلك بترك ما حرم سبحانه وتعالى فى كل الأوقات ..... فى رمضان وبعده وقبله … .. من الكذب .. والظلم .. والعدوان على الناس.. فى دمائهم وأموالهم وأعراضهم..
وقال الحافظ أبو موسى المديني: قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الشراب والطعام … وقال جابر: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك.. ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.. (أى صيام الجوارح)..
وقال صلى الله عليه وسلم: «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش …. ورب قائم حظه من قيامه السهر»…

عزيزى القارئ :
إذن سر التقرب إلى الله تعالى … بترك المباحات … لا يكمل إلا بعد التقرب … بترك المحرمات … فمن ارتكب المحرمات … ثم تقرب إلى الله تعالى .. بترك المباحات … كان بمثابة من يترك الفرائض و يتقرب بالنوافل … لأن العمل يبطل بارتكاب ما نهى عنه .
وهذا يعنى … أن الصيام فى رمضان … ليس امتناع عن طعام و شراب فقط … و إنما عن كل ما نهينا عنه من شهوات … (صيام الجوارح) … ليل و نهار … ليس وقت الصيام نهارا فقط .. و إنما ليل … وقت القيام يا أمة الإسلام…. 
وهنا ترتعش يدى .. و يتوقف قلمى عزيزى القارئ … و يتشتت فكرى … أجد أنى أوثر الصمت … و لكن عزائى أنك تشاركنى ألمى هذا .. فلتحاول أن توقف نزيف قلبى .. قبل أن تجفف دمع عينى … 
فبعد هذا الجهاد فى سبيل الله … و الدعوة إليه للقيام قبل رمضان … ثم فرحتنا فى شهر رمضان … إلا أننا علينا أن نحارب فيه … و كأنه قدر علينا أن نظل نحارب حتى فى لحظات الصفاء … فى أعظم لحظات الطهر و الفناء … كل ما يمكن أن يخرجنا … عن تلك الروحانية … المطلوبة لأداء الفرائض المطلوبة … بأوامر إلهية … و بطاعة مقننة فى سنة رسول أمتنا «صلى الله عليه و سلم» للتقرب للبارئ عز وجل .. على الأقل بالإعراض عنها .. 
الرحمة .. فى أيام الرحمة .. فى شهر الرحمة … الرحمة بالصائمين .. فلا إثارة للمشاعر .. و لا هدم للدين .. و لا قتل لمعانى … و مشاعر الرحمة الإنسانية … فى شهر الرحمة و الإنسانية … كفا لهوا طوال العام … فليكن الدين و الإيمان .. يا عباد الله 
استحلفكم بالله .... اتقوا الله .. فى شهر التقوى والصلاح ... فنحن فى مصيبة.. والله لمصيبة .... حين نجد ما يحيط بنا بعد الإفطار .... ما يلهينا عن قيام الليل .... حين يذاع ما يثير الغرائز .. والشهوات .. أو مشاعر العنف .. والغضب والنيران .. والدم .. التى نغرسها فى نفوس أبنائنا .. وشبابنا .. بأخطر نظريات علم النفس وأعمقها وأشدها تأثيرا.. وهى التقمص الوجدانى للكبار قبل الصغار …. وبما تتعارض تعارضا كليا ... مع نظريات التنشئة الاجتماعية السليمة للطفل .... وكذا النظام التربوى .. وتعدم وتمحو النسق القيمى فى المجتمع كلية .... فبدلا من قتلها أو على الأقل تهذيبها على الأقل فى هذا الشهر الكريم .... وصرف النفوس إلى وجهه الكريم .... ندعو إلى اللهو عنه فى ٣٠ عملا دراميا وبرامج تسلية وترفيهية.. ليس من بينها أى عمل دينى .. وحتى البرامج الدينية فى أوقات صعبة بعد أن يكون الصائم قد استنفد قوته وصحته وبدد صيامه وأضاع قيامه.. لهثا وراء هذه المهاترات والاهتراءات.. و«كأننا نؤذن فى مالطة».. «ولا حياة لمن تنادي».. ولا نملك إلا أن نقول «إنا لله وإنا إليه راجعون»..
يا عباد الله.. إذا دخل شهر رمضان، «فتحت أبواب الجنة.. وغلقت أبواب النار.. وسلسلت مردة الشياطين»..
فإذا كان الله قد فتح أبواب الجنة فى رمضان .. وأغلق أبواب النار .. و سلسل مردة الشياطين … فما هى تلك الأعمال التى تقومون بها .. تلك الأعمال التى تقتحم بيوتنا … لتقوض بنيان الصائم والنشء الصاعد … الله حبسها و سلسلها … و أنتم تزرعونها … من تكون أيها العبد الضعيف الذليل الفقير إلى الله .. لمصلحة من بث العنف … و تعميق الجريمة و الانتقام … خاصة فى أقاصى بلادنا أو أطرافها … تلك الجرائم التى لم نسمع عنها أطفالا …. لم يتداولها لا آباؤنا و لا أجدادنا … لنجد اليوم و بكل الفظاعة و الفظاظة … مسجلة دراميا ثقافيا … و كذا إثارة … قضايا الاغتصاب و المخدرات … والتوحش فى الانتقام … و مناظر الدماء .. النيران … و الضرب الشرس … و حتى فى شهر التسامح والمغفرة … ذلك الشهر المطلوب فيه استعادة الذاكرة .. بإعادة الإنسانية بكل إنسانيتها .. بكل أخلاقها .. بكل معانيها … بكل قيمها … و ملامحها الثالية الفاضلة … بكل رحمتها و سموها … 
ألا يكفى ما هو محفور فى نفوس أبنائنا … مما يقترف على أرض «فلسطين المحتلة» ألا يكفى ما جرى من عنف متوحش امتلأت به نفوسهم و قلوبهم على مر الزمان بما يجرى على الأرض العراقية ؟!! … و ما دونه التاريخ من حروب إبادة فى حروب عالية …. 
أين كتاب و مخرجو الروائع … الذين تربينا على قيمهم … و أفكارهم .. التى لو تعمقنا فى الدين .. لوجدنا موجودة … و مرسومة … و محفورة … فى ثناياه … تلك التى امتعتنا طربا … و دراميا .. بما كونته من رقة مشاعر .. وقلوب و التى تعنى منهجية الإسلام و السنة من الإنسانية و الرحمة … 
أين الفكر الراقى .. حامل الهوية … صاحب الرسالة ؟؟! … و الفكر البناءه ؟؟! …. رسول القيم الإنسانية ؟؟! …. أين الموعظة الحسنة ؟ .. و العبرة من تلك الأعمال ؟ … و ماهيتها ؟ .. هزل سقوط .
و حين ننادى بالدين السمح الوسطى الجميل …. لنتصدى به أمام التطرف و الإرهاب … نقمعه فى مهده … نقتله جنينا مشوها …. ليفرز ذلك الجو المريض المحيط بنا (المفرخة) … هذا الانهيار الأخلاقى بجميع صوره … فى الكلمة و السلوك و غرابته … و حتى فى الملبس .. و كل المظاهر السلبية بكافة أشكالها الهدامة .. 
ونبدأ الصراخ .. و العويل .. و اللطم على الوجنات … الإرهاب . التطرف … التشدد .. على الرغم من أنه عمليا رد فعل طبيعى … لهذا التسيب الخلقى الذى يزين … «المرايا» من حولنا .. لنتمثل به .. نشربه وبكل سلاسة … لأنه لا رقيب هناك .. و لا مانع من جعله قدوى تحتذى و يا حسرتاه …. 
فيكون الإرهاب .. بعد تلك الفجوة الساحقة .. بين الدنيا بملذاتها الرخيصة … مع عدم وجود أبسط قيم الدين 
التى تحمل أبسط القيم الأخلاقية و الدينية والمبادئ … أمة الإسلام فى دولة عمادها الإسلام … لتتحول إلى نواة إرهاب قاتل دموى … حين يواجه من أياد مخربة …. 
ومن المضحك المبكى .. أننا نتجاهل أننا السبب … فى هذا التسيب و الإهمال و اللامبالاة …. و عدم الإكتراث .. و عدم الإيجابية … فحين يختلط ذلك بانعدام المعرفة بالدين …. والجهل به .. ماذا تنتظر؟؟! .
عجبا !! و الله … 
إنه تحد سافر .. مرفوض .. غير مقبول .. وللأسف تحد مع من ؟؟ .. 
صاحب تلك القيم .. و الدعاوى .. و بالأخص فى شهره ؟ … حاشاه .. استغفر الله العظيم … و حسبنا الله و نعم الوكيل …. 
سبحانه .. قال رمضان لى … و ببساطة وبدون تشدد … إذن كيف التسيب ؟.. حيث قال عز وجل إنه شهر صوم .. جوع و عطش .. ليس صوم بطن فقط … و إنما للجوارح عن الشهوات و كل ما حرم .. و أنتم العمالقة بقى يعنى ؟؟ .. سوف تقومون بكل المحرمات فى شهر المحرمات … بكل ما حرم و حذر منه ؟؟ … على رأى يوسف بك وهبى : «يا للهول» .. من أنتم ؟؟ من تكونون ؟؟ أمام رب العزة … ما فائدة الشهادتين ؟ … و أى صيام ؟ … أو صلاة ؟ … ياجماعة إذا كنتم لم تعلموا فلتعلموا .. لن يقبل ما يقربنا منه .. إذا ما اقترفنا معها أيا من المعاصى .. بل المعاصى تطيح بأى من الحسنات ؟ .. 
نحن نريد جهدكم حقا.. ولكن بما فيه الصالح للمجتمع … كيف لنا الا نستثمر كل الطاعات والطاقات …. ونوظفها التوظيف الأمثل … فى خطط علمية ..مدروسة ..ومنهجية هادفة .. وبناءة وموجهة لدور بناء داخل الوطن لنعمق الوطنية والانتماء … وبالتالى معالجة مشاكل الوطن … بصور أفضل من تلك لخلق المواطن الصالح الرشيد … الذى كم يحتاجه الوطن … . نقيم أعمالا لها معان وقيم وعبر ....
سامحنى عزيزى القارئ على انفعالى ..
وإن كان انهيارا ... فإنه شهر صوم وعبادة وصلاة ... لماذا لا يكون شهر معرفة .. ومعلومة دينية .. وملحمة روحية .. بيننا جميعا.. بسيرة المصطفى «صلى الله عليه وسلم» .. وصحابته وأهل بيته .. بتفاسير القرآن وصور الأنبياء؟… بدون تجسيد لشخصياتهم .. يحرمه ويجرمه الشرع والدين .. وعصمتهم .. ومكانتهم لدينا.. متى يكون .. فنحن ندخر كل ذلك اللهو فى غير مكانه ولازمانه فى رمضان؟؟؟؟ … 
بدلا من أن نمهد الأجواء ونبسطها للقائمين العارفين العالمين …. لنساعدهم على الطاعة وكذا.... ونذللها لمن لايعرفون بالمعلومة الدينية … والروحانيات .. التى لايعلمون عنها شيئا .... إنها مصيبة كل هذا النشاط الدنيوى الزائل الفانى يدخر لشهر الصيام .. والقيام .. والقرآن؟؟؟
و يتجدد لقاؤنا إن شاء الله كل ليلة معا فى التراويح والقيام .. استودعكم الله الذى لا تضيع عنده الودائع والأمانات....