الدوري الإنجليزي يكشف خريطة الموسم القادم بالكامل ويفجر مفاجآت بالجملة الصين تستدعي سفير ألمانيا بعد اعتقالات بتهمة التجسس لصالح بكين المجلس الأعلى للثقافة ينظم ندوة بمناسبة اليوم العالمي للكتاب وحق المؤلف محافظ مطروح يطمئن على صحة وكيل وزارة الأوقاف عقب تعرضه لحادث سير د.عادل عبد العظيم يتفقد محطة بحوث الإسماعيلية لمتابعة العمل وبرنامج الخضر ورفع كفاءة الأصول المقاولون العرب لإدارة المرافق تحصل على الجائزة الأولى في التشغيل والصيانة والتحول الرقمي بمنتدى مصر لإدارة الأصول بمناسبة الاحتفال بعيد تحرير سيناء.. الإفراج بالعفو عن عدد من النزلاء المحكوم عليهم بعثة الزمالك تصل غانا لمواجهة دريمز في الكونفدرالية الأهلي يخسر أمام الترجى 21-25 في نصف نهائي الكؤوس الأفريقية لليد النائب عصام خليل: سيناء الفيروز ميراث الأجداد تبدد على رمالها مطامع الحالمين بايدن يعين مبعوثة جديدة للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط نيجيريا.. أمطار غزيرة تهدم سجنا وتمنح نزلاءه فرصة ذهبية
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

إلهام شرشر تكتب: الإيمان طارد لليأس والقنوط «الحزن فى ميزان الإسلام 6»

الكاتبة الصحفية إلهام شرشر
الكاتبة الصحفية إلهام شرشر

حرصت فى المقال السابق على بيان موقف الاسلام من البكاء .. وأكدت على أن منه المحمود ومنه المذموم .. وتناولت المحمود منه بالشرح والتفصيل .. ونبهت على أنه عادة ما يكون نتيجة الاحساس العميق والشعور الراسخ بخشية الله تعالى .. التى تبلغ بالمرء حدا يكاد يستولى على كيانه ويتغلغل إلى وجدانه .. فلا يجد سوى البكاء مخرجا للتعبير عن لوعته أو الدموع متنفسا .. لخشيته من سيده ومولاه الذى خلقه فسواه..
واسمحوا لى أن يكون حديثى اليكم اليوم عن البكاء المذموم .. وعادة ما يكون نتيجة الإحباط والقنوط أو اليأس من رحمة علام العيوب .. فمن الناس من يرسب من اول امتحان يتعرض له فى حياته كفشل فى الدراسة أو تعسر فيها أو عدم تحقيق متمناه منها .. أو يكون بسبب موت ابن أو أخ أو حتى قريب أو حبيب .. أو يرجع إلى خسارة فى تجارة أو ضياع مكانة كان فيها أو اشتاق لها ..
ومن الناس من يصطدم بالواقع بكل ما فيه من مسؤوليات ونقابات وتغيرات .. فيجزع منها .. أو يرفضها .. أو لا يتقبلها .. أو لا يحاول أن يتكيف معها فيصاب بحالة من اليأس أو القنوط نتيجة لقلة خبراته أو عدم استيعابه للحياة أو قد يرجع إلى ضعف الايمان وقلة اليقين بالرحمن أو قد يعود نتيجة لسوء ظن برب العالمين .. إلى غير ذلك من الدواعى والأسباب .. لذا رأينا أن نتحدث عن اليأس والقنوط وموقف الإسلام منهما..
لقد عد الإسلام اليأس والقنوط من أقبح الخصال التى لا تتفق مع عقيدة المسلمين .. ولا تتوافق مع منهجه بل هى بلا منازع داء عضال وآفة عظيمة تقتضى سرعة المعالجة .. لأنها قد تطفئ سراج الأمل .. وتدفع إلى ترك العمل .. وتسد باب التفاؤل .. وتجعل المرء يعيش فى حالة من القلق والاضطراب بل والحيرة .. مما يخلد إلى الكسل والدعة .. الأمر الذى يؤدى بالضرورة إلى الفشل .. فلا يعرف للفرح طريقًا .. ولا لليسر سبيلًا..
ومن هنا عالج القرآن الكريم والسنة المطهرة هذا الشعور الخطير الذى يصيب بعض الناس .. ونبَّه إلى أنه يتنافى مع الإيمان وكماله بل هو أقرب إلى الكفر والضلال .. لذلك يقول تعالى الحجر 56 .. فقد أرداه اليأس وخسف به إلى أسفل السافلين .. إلى الكفر والعياذ بالله .. وذلك نتيجة لجهله بخالقه .. وعدم معرفته بعظيم فضله وسعة رحمته ولطفه بعباده ..
ومن هنا جاء التحذير الشديد .. ليس من اليأس فقط .. وإنما من القنوط الذى يدخل فى معناه .. لأنهالسبيل الممهد للضلاله .. يقول تعالى «قالَ إِنَّما أَشكو بَثّى وَحُزنى إِلَى اللَّـهِ وَأَعلَمُ مِنَ اللَّـهِ ما لا تَعلَمونَ» «يوسف ٨٦» ..
ولما كان الإسلام دين لا يعرف الإفراط أو التفريط فلقد نهى الإسلام عن اليأس .. وحذر من خطورته .. ولو كان باعثه الخوف من الله عز وجل ..
ومن هنا نتعلم أن الإسلام يمزج بين الخوف والرجاء .. حتى لا يقع المسلم فى حالة من اليأس من روحه سبحانه .. أوا لقنوط من رحمته جل وعلا ..
ولما كانت الأخلاق تنتقل والطباع كذلك من شخص إلى شخص بسرعة فائقة .. فلقد حذر الإسلام من مصاحبة اليائسين .. والركون إليهم ..
وإذا كان اليأس قد يرجع إلى الإفراط من الخوف من الله .. أو فى مصاحبة اليائسين فهناك دواعٍ أخرى تدعو إلى اليأس والقنوط منها .، قلة الصبر وعدم التحمل واستعجال الفرج .. والتعلق بالدنيا والركون إليها .. الذى يجعل المرء يتأسف على ما فاته من متاعها القليل وإن كثر والزائل وإن دان .. لأن متاع الدنيا كما أنبأنا ربنا فى كتابه قليل .. فلا جاه يدوم ولا سلطان .. لذلك يقول تعالى « وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ » «الروم 36» .. ويقول سبحانه «وَإِذا أَنعَمنا عَلَى الإِنسانِ أَعرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَئوسًا» «الإسراء ٨٣» ..
أما عن سبب نهى الإسلام وتحذيره من اليأس والقنوت لأنه عادة ما يبعث على الحزن والأسى ويورث الهم والقلق أضف إلى ذلك أنه يفوت على المرء مصالحه الدينية والدنيوية .. وفى القرآن الكريم بيان له أهميته القصوى فى توضيح أن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة .. وإنما يأتى الفرج بعد الشدة .. واليسر بعد العسر .. والعيث بعد الجفاف .. قال تعالى «وَهُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ» «الشورى 28» ..
ولماذا نذهب بعيدًا؟!.. فلقد ضرب لنا ربنا سبحانه فى كتابه أروع النماذج والأمثلة فى صفوة خلقه فى أنبيائه ورسله الذين تجرعوا المرار وتعرضوا للنار وأصيبوا بالداء العضال .. ومع ذلك لم يتسرب اليأس إلى نفوسهم .. ولم يعرف القنوط طريقًا إلى حياتهم على شدة ما عانوا وكثرة ما واجهوا..
فها هو أيوب -عليه السلام- الذى لازمه المرض لسنوات طوال ونفر الناس منه .. ومع ذلك فقد كان صابرًا محتسبًا راضيًا مطمئنًا .. يقول تعالى «وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿٨٣﴾ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ» «الأنبياء ٨٣-٨٤» ..
وها هو ذكريا -عليه السلام- رغم طعنه فى السن وتقدمه فيه هو وزوجته .. ومع ذلك ظل يدعوا الله عز وجل بالولد .. لم تعرف نفسه طريق اليأس .. رغم انتفاء كل الأسباب المادية .. حتى وهب الله له يحيى .. يقول تعالى «وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِى فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴿٨٩﴾ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ» «الأنبياء ٨٩-٩٠» ..
وها هو موسى -عليه السلام- يلاحقه فرعون ويكاد أن يصل إليه ليفتك به هو ومن معه .. ومع ذلك لم يتسرب إليه يأس وتعلق بأهداب النجاة وزادت ثقته بالله .. قال تعالى «فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴿٦١﴾ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّى سَيَهْدِينِ ﴿٦٢﴾ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴿٦٣﴾وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ ﴿٦٤﴾ وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ ﴿٦٥﴾ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ » «الشعراء ٦١-٦٦» ..
وها هو إبراهيم -عليه السلام- يلقى فى النار .. فلا يخالطه شك فى نجاة الله له .. قال تعالى « قالوا حَرِّقوهُ وَانصُروا آلِهَتَكُم إِن كُنتُم فاعِلينَ ﴿٦٨﴾ قُلنا يا نارُ كونى بَردًا وَسَلامًا عَلى إِبراهيمَ ﴿٦٩﴾ وَأَرادوا بِهِ كَيدًا فَجَعَلناهُمُ الأَخسَرينَ» «الأنبياء٦٨ -٧٠» ..
وها هو النبى محمد -صلى الله عليه وسلم- يحاصر فى الغار كما حوصر من قبل ذلك ومع ذلك كان واثقا ومطمئنا إلى عناية الله به ورعاية الله له هو ومن معه .. قال تعالى «إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِى الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ العُليا وَاللَّـهُ عَزيزٌ حَكيمٌ» «التوبة 40» ..
إذا فالمسلم مهما واجه فى حياته من مشكلات على مستوى شخصه .. أو على مستوى أسرته وعائلته فإنه لا يمكن أن يتطرق إليه يأس أو قنوط .. مهما كانت همومه أو مصائبه فهو لا ييأس من روح الله ولا يمكن أن يقنط من رحمته «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَـهٌ مَّعَ اللَّـهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ » «النمل٦٢»..
كما أن الإسلام دين يكره لتابعيه أن يشيعوا أجواءً من اليأس بين الناس وفى هذا يقول -صلى الله عليه وسلم-: «إذا قال الرجل : هلك الناس فهو أهلكهم»
وفى صحيح مسلم من حديث جندب بن عبد الله أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: «أن رجلا قال : والله ! لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذى يتألى على أن أغفر لفلان، فإنى قد غفرت لفلان وأحبطت عملك» .. وفى الحديث توجيه بالغ الدقة والأهمية حيث يؤكد على معنى لا ينبغى أن يبعد عن العقل الجمعى للمسلمين .. وهو أن نظرة التشاؤم والإحباط واليأس ليست من شيم المسلمين وأن المسلم يبشر ولا ينفر .. كما أنه ييسر ولا يعسر ..
والسؤال الذى يطرح نفسه كيف عالج الإسلام هذه الحالة التى قد تعتلى البعض؟؟!!..
نقول إن أهم هذه العوامل التى تحد من اليأس وتمنع من القنوط الإيمان بالله عز وجل وحسن الظن به جل وعلا فهو أقوى ما يدفع به القنوط .. وبهذا نفهم حث النبى -صلى الله عليه وسلم- المسلمين على حسن الظن بالله عز وجل قال -صلى الله عليه وسلم- «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله» ..
لأن سوء الظن بالله عز وجل كُفر فرحمة الله تعالى بخلقه من السعة بحيث تنال جميع المخلوقات .. وفضله وإحسانه لا ينكر قال تعالى «وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ» .. ويقول تعالى «رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا» ..
ومع صدق الإيمان وكمال اليقين وحسن الظن برب العالمين أخذ النفس بالرجاء المحمود الذى عادة ما يحث على العمل ويقود إليه فالله تعالى يحب من عباده أن يسألوه من فضله وأن يرجوه .. فكلما أشتد الرجاء بالله عز وجل إزداد الحب له .. لذلك قيل فى فوائد الرجاء أن فى إنتظار للفرج والترقب له والتوقع لفضل الله ما يوجب تعلق القلب بذكره ودوام الالتفات إليه ..
يقول الإمام النووى -رحمه الله- «تتبعت الأحاديث الصحيحة فى الخوف والرجاء، فوجدت أحاديث الرجاء أضعاف أحاديث الخوف، مع ظهور الرجاء فيها» ..
وعن طريق هذه الأسباب الشريفة وغيرها تقتلع جذور اليأس وتنتزع بذور القنوت وتبقى النفس راضية مطمئنة لكل ما قدره الله .. فما شاء الله كان .. وما لم يشأ لم يكن .. أعلم أن الله على كل شيء قدير .. وذلك لأن المسلم الحق على يقين بأن الله تعالى يقدر الخير .. وينزل الغيث .. ويفتح للناس من رحمته وفضله فى كل وقت وحين .. فمن أين يدخل فى قلوب هؤلاء اليأس أو القنوط ..
وإلى لقاء

موضوعات متعلقة