رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي مقال رئيس التحرير

‮«‬بني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ... ‬استعنت‭ ‬عليكم‭ ‬برب‭ ‬العالمين‭ ‬

الحلقة الرابعة 

‭          ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬خرجت‭ ‬إلى‭ ‬الدنيا‭ ... ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬اعرف‭ ‬القلم‭ .. ‬ليكون‭ ‬رفيقي‭ ‬فيها‭ ... ‬وأنا‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬انساني‭ ‬مثالي‭ .. ‬وأنا‭ ‬انقب‭ ‬عن‭ ‬جنة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ .. ‬أنصهر‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الجمال‭ .. ‬أذوب‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الخيرات‭ ... ‬

 

‭          ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ .. ‬أحلم‭ ‬أن‭ ‬يسود‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬الحب‭ ‬والوئام‭ ... ‬أُعلي‭ ‬معاني‭ ‬التسامح‭ ‬والصلح‭ ‬والعفو‭ ... ‬أُنادي‭ ‬برفع‭ ‬شعارات‭ ‬الأخلاق‭ ‬والآداب‭ ‬والفضيلة‭ ..‬

 

‭         ‬لذلك‭ ‬كنت‭ ‬دوما‭ ‬أشعر‭ ‬بالغربة‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬مهما‭ ‬كنت‭ ‬أنتمي‭ ‬إليه‭ ... ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬بحزن‭ ‬دفين‭ .. ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬أدري‭ ‬ما‭ ‬السر‭ ‬وراءه‭ ... ‬

 

‭        ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬أختلي‭ ‬بنفسي‭ ... ‬كانت‭ ‬السعادة‭ ‬كلها‭ .. ‬ولكن‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬فطرة‭ ‬بحتة‭.. ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬الله‭ .. ‬إما‭ ‬بالصلاة‭ .. ‬أو‭ ‬تلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬أو‭ ‬التسبيح‭ .. ‬أو‭ ‬رفقة‭ ‬النبي‭ ‬الحبيبي‭ ‬المصطفى‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬

 

‭       ‬مرت‭ ‬الأيام‭ .. ‬يعلو‭ ‬ذلك‭ ‬الحب‭ .. ‬ومعه‭ ‬يزيد‭ ‬الاحساس‭ ‬بالغربة‭ ‬ويتأكد‭ ‬الاصرار‭ ‬على‭ ‬الحلم‭ ... ‬محاولة‭ ‬خلق‭ ‬الجنة‭ ‬من‭ ‬حولي‭ .. ‬الرجاء‭ ‬بذيوع‭ ‬الود‭ ‬والخير‭ ‬ونبذ‭ ‬العنف‭ ‬والشر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬صوره‭.... ‬

 

وحين‭ ‬ادركت‭ ‬آيات‭ ‬الذكر‭ ‬الحكيم‭ .. ‬وتنامى‭ ‬فكري‭ ... ‬علمت‭ ‬أن‭ ‬الدنيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ .. ‬وأن‭ ‬الجنة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭ ... ‬في‭ ‬السماوات‭ ‬العلا‭ ... ‬

 

ولكن‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬الاستسلام‭ ... ‬روحي‭ ‬تضيق‭ ‬بالشر‭ ‬بكل‭ ‬صوره‭ ... ‬وأخيرا‭ ‬هدأت‭ ‬نفسي‭ ‬وتصالحت‭ ‬معها‭ ... ‬حين‭ ‬وعدتها‭ ‬بأنني‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬استطيع‭ ‬خلق‭ ‬الجنة‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ... ‬فعلى‭ ‬الأقل‭ ‬سوف‭ ‬أضج‭ ‬مضجع‭ ‬الشر‭ ... ‬لن‭ ‬أتصالح‭ ‬معه‭ .. ‬لن‭ ‬استسلم‭ ‬له‭ ... ‬لاشيئ‭ .. ‬إلا‭ ‬لأن‭ ‬روحي‭ ‬ونفسي‭ ‬تتململان‭ .. ‬ترفضان‭ ‬الإذعان‭ ‬للحياة‭ .. ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬ذلك‭ ‬الشر‭ ‬موجود‭ !!!! ..‬

 

‭ ‬كيف‭ ‬أنني‭ ‬احتضر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ...‬وهو‭ ‬يرتع‭ ‬ويترعرع‭ ‬ويستمتع‭ ‬بالحياة‭ ... ‬التي‭ ‬هكذا‭ ‬يحرمها‭ ‬عليّ‭ ...‬

 

‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬حديثي‭ ‬مع‭ ‬نفسي‭ ‬ومصالحتها‭ ‬وتهدئتها‭ .... ‬وجدتني‭ ‬اصطدم‭ ‬فأتثبت‭ ‬بسنة‭ ‬الوجود‭ .. ‬بل‭ ‬وأعيشها‭ ‬بأعنف‭ ‬صورها‭ ... ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ... ‬هما‭ ‬الحقيقة‭ ‬ونحن‭ ‬الظلال‭!!!!! ... ‬الذين‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نلتف‭ ‬حولهما‭ ... ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬توجهنا‭ ‬أرواحنا‭ ‬وأنفسنا‭ .. ‬حسبما‭ ‬نجدها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منهما‭ ... ‬

 

وبحثت‭.. ‬وعلمت‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬أن‭ ‬مصدر‭ ‬الشر‭ .. ‬هو‭ ‬‮«‬إبليس‭ ‬اللعين‮»‬‭ .. ‬ووسوسته‭ .. ‬وحين‭ ‬بدأ‭ ‬الإدراك‭ ‬يأخذني‭ .. ‬وعلمت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعث‭ .. ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬علامات‭ ‬له‭ ... ‬أدركت‭ ‬‮«‬المسيخ‭ ‬الدجال‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يفتن‭ ‬الناس‭ .. ‬

 

وسبحان‭ ‬الله‭ .. ‬بطول‭ ‬قرائتي‭ ‬للقران‭ ‬الكريم‭ .. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬للشر‭ ‬أطرافا‭ ‬خفية‭ ‬مع‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭ ‬و«المسيخ‭ ‬الدجال‮»‬‭ ‬‮«‬لم‭ ‬نراهم‭ ‬رؤيا‭ ‬العين‮»‬‭ ... ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬طرفا‭ ‬ثالثا‭ ... ‬وهو‭ ‬‮«‬بني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬واضحا‭ ‬وملموسا‭ ‬وظاهرا‭ ... .. ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬غاياتهم‭ ‬واحدة‭ .. ‬وهي‭ ‬تكفير‭ ‬ذرية‭ ‬بني‭ ‬آدم«عليه‭ ‬السلام‮»‬‭  ‬بالمعاصي‭  ... ‬

 

انتقاما‭ ‬لتكريم‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬لهم‭ ... ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإحتلال‭ ‬الأرض‭ ‬منهم‭ .. ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬إلا‭ ‬بإبادتهم‭ .. ‬ولحين‭ ‬ذلك‭ .. ‬يكون‭ ‬تسخيرهم‭ .. ‬وتنصيب‭ ‬العداء‭ ‬بينهم‭ ‬لخراب‭ ‬تلك‭ ‬الأرض‭ ... ‬

 

وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬كانت‭ ‬حلقتي‭ ‬الأولي‭ ‬عن‭ ‬‮«‬إبليس‮»‬‭.. ‬وحلقتي‭ ‬الثانية‭ ‬والثالثة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬المسيخ‭ ‬الدجال‮»‬‭ .. ‬ويقيني‭  ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تحالف‭ ‬بينهما‭ ... ‬

و‭ ‬أنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بنور‭ ‬الله‭ .. ‬أن‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬حليف‭ ‬قوي‭ ‬لهما‭ .. ‬لشدة‭ ‬ما‭ ‬أشعر‭ ‬من‭ ‬عداءي‭ ‬الشديد‭ ‬نحوهم‭ ... ‬

 

اعتقد‭ ‬ان‭ ‬سبب‭ ‬ذلك‭ ‬العداء‭ .. ‬بدأ‭ ‬منذ‭ ‬علمي‭ ‬بتطاولهم‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬العلية‭ ‬والحضرة‭ ‬القدسية‭ ... ‬وجدالها‭ .. ‬وتحريف‭ ‬الكلم‭ ‬عن‭ ‬مواضعه‭ ... ‬ثم‭ ‬قتل‭ ‬الأنبياء‭ ... ‬ثم‭ ‬نقض‭ ‬العهد‭ .. ‬وأشياء‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭ ... ‬سوف‭ ‬توضح‭ ‬لكم‭ ‬شديد‭ ‬كراهيتي‭ ‬لهم‭ ... ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الإحساس‭ ‬بضرورة‭ ‬القيام‭ ‬بشيئ‭ ‬ضدهم‭ ... ‬

 

أولا‭ ‬غيرة‭ ‬على‭ ‬الله‭ .. ‬وعلى‭ ‬كتابه‭ .. ‬وعلى‭ ‬أنبيائه‭ ... ‬

ثانيا‭ ‬كراهية‭ ‬فيما‭ ‬يفعلونه‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬غرس‭ ‬وترسيخ‭ ‬ذلك‭ ‬الشر‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ... ‬وما‭ ‬يستتبعه‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬البشرية‭ .. ‬وخرابها‭ ‬بعد‭ ‬شقاء‭ ‬ومعاناة‭ ‬يتسببون‭ ‬فيه‭ ‬لهم‭ ... ‬

 

ويزداد‭ ‬عدائي‭ ‬لهم‭ ‬اليوم‭ .. ‬وهم‭ ‬يزدادون‭ ‬تمكنا‭ ‬من‭ ‬الشر‭ ‬اليوم‭ .. ‬حيث‭ ‬تمكنوا‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدرجة‭ ‬وبصورة‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ .. ‬تؤكد‭ ‬حدسي‭ ‬في‭ ‬استخدامهم‭ ‬للجن‭ ‬وتعاونهم‭ ‬معهم‭ ... ‬بل‭ ‬ومع‭ ‬المسيخ‭ ‬الدجال‭ ‬نفسه‭ ... ‬

 

لتكون‭ ‬بني‭ ‬اسرائيل‭ ‬هكذا‭ ‬طرف‭ ‬المثلث‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الشر‭ ... ‬هذا‭ ‬التحالف‭ ‬الشرير‭ ... ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬وصلوا‭ ‬فيه‭ ‬اللامعقول‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬ترتضيه‭ ‬الشرائع‭ ‬السماوية‭ .. ‬والطبيعة‭ ‬الإنسانية‭ .. ‬تلك‭ ‬الغريزة‭ ‬وهذه‭ ‬الفطرة‭ ‬التي‭ ‬تبدلت‭ ... ‬مع‭ ‬الشر‭ ‬‮«‬بصورة‭ ‬شيطانية‮»‬‭ ‬سوف‭ ‬استعرضها‭ ‬معكم‭ ... ‬لتكونوا‭ ‬شركائي‭ ‬في‭ ‬حربي‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الثالوث‭ ‬الخطير‭ ... ‬

 

‭          ‬ويكمن‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬قطبي‭ ‬الصراع‭ ... ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬عندهما‭... ‬لأنه‭ ‬بمحاولة‭ ‬حسم‭ ‬تلك‭ ‬القضية‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬خير‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬مواجة‭ ‬ثالوث‭ ‬الشر‭ .. ‬لعلنا‭ ‬ندعم‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬انتصاره‭ ‬بسحق‭ ‬ذلك‭ ‬الثالوث‭ .... ‬

 

‭           ‬إن‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الحق‭ ‬و‭ ‬الباطل‭... ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭.. ‬بين‭ ‬الطيب‭ ‬والخبيث‭.. ‬بين‭ ‬الحسن‭ ‬والقبيح‭.. ‬مندلع‭ ‬منذ‭ ‬قديم‭ ‬الزمان‭... ‬باق‭ ‬فتيله‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يرث‭ ‬الله‭ ‬الأرض‭ ‬ومن‭ ‬عليها‭.... ‬

 

‭           ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬جعله‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬اختبارا‭ ‬لعباده‭.... ‬أمام‭ ‬الشدائد‭ ‬وأمام‭ ‬اللذائذ‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.... ‬لينظر‭ ‬هل‭ ‬ينجح‭ ‬فيه‭ ‬المرء‭ ‬أم‭ ‬يفشل‭ ‬؟؟؟‭!!!! .... ‬هل‭ ‬ينتصر‭ ‬أم‭ ‬ينهزم‭ ‬؟؟؟‭!!! ... ‬هل‭ ‬يصبر‭ ‬أم‭ ‬يقنط‭ ‬من‭ ‬رحمته‭ ‬؟؟؟‭!!! ... ‬‮«‬الذي‭ ‬خلق‭ ‬الموت‭ ‬والحياة‭ ‬ليبلوكم‭ ‬أيكم‭ ‬أحسن‭ ‬عملا‭ ‬وهو‭ ‬العزيز‭ ‬الغفور‮»‬‭ ... ‬

 

‭            ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬دنيا‭ ‬زوال‭ ... ‬فناء‭ .. ‬لا‭ ‬ينتظر‭ ‬منها‭ ‬عدل‭ ... ‬ولا‭ ‬تستحق‭ ‬منا‭ ‬الرجاء‭ ... ‬مهما‭ ‬طالت‭ ‬الدنيا‭ ‬فهي‭ ‬قصيرة‭ .. ‬ومهما‭ ‬عظمت‭ ‬فهي‭ ‬حقيرة‭ ... ‬لأن‭ ‬الليل‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬طلوع‭ ‬الفجر‭... ‬و‭ ‬لأن‭ ‬العمر‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬القبر‭ .... ‬

 

‭            ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الدنيا‭ ‬قصيرة‭ ‬المدة‭ ‬فنحن‭ ‬أقصر‭ ... ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الدنيا‭ ‬قليلة‭ ‬الأجل‭ ‬فنحن‭ ‬أقل‭ .. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الدنيا‭ ‬برهة‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬فنحن‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬نُذكر‭ !!!!! ..... ‬

 

‭                 ‬عَلَى‭ ‬الدَوْمِ‭ ‬لا‭ ‬تَغْفَـلْ‭ ‬فَإِنَّــكَ‭ ‬رَاحِلٌ‭   .....  ‬إِلى‭ ‬القَبْرِ‭ ‬مَرْهُونٌ‭ ‬بِمَا‭ ‬كُنْتَ‭ ‬تَفْعَلُ

‭    ‬

‭             ‬فَإِمَّا‭ ‬نَعِـــيمٌ‭ ‬فِي‭ ‬الجِنــَانِ‭ ‬وَجَـــنَّة‭ .....‬ٌ‭ ‬وَإِمَّا‭ ‬عَـــذَابٌ‭ ‬سَرْمَـــدِيٌ‭ ‬مُـــزَلَزِلُ

 

‭        ‬ها‭ ‬أنا‭ ‬ذا‭ ‬تحدثت‭ ‬سابقا‭ .. ‬محذرة‭ .. ‬منبهة‭ .. ‬مدركة‭ .. ‬واعية‭.. ‬لصاحب‭ ‬المقام‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬مؤامرة‭ ‬الشر‭ ‬الكبرى‭ ‬لعمالقة‭ ‬الشر‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الخليقة‭ ‬‮…‬‭ ‬‮«‬إبليس‭ ‬اللعين‮»‬‭ .... ‬وكذلك‭ ‬‮«‬أعوانه‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬طالوا‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬‮…‬‭ ‬نالوا‭ ‬من‭ ‬الخلق‭ ‬كله‭ ‬‮…‬

 

‭       ‬نحن‭ ‬نسير‭ ‬مسحــورين‭ ‬‮…‬‭ ‬طائـعين‭ ‬للسحرة‭ ‬الكبار‭ ‬‮…‬‭ ‬مسحــورين‭ .. ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬الأشياء‭ ‬على‭ ‬حقيقتها‭ ‬‮…‬‭ ‬ليعني‭ ‬ذلك‭ ‬تقنين‭ ‬الباطل‭ ‬‮…‬‭ ‬

 

‭         ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬المنكر‭ ‬معروفا‭ ‬‮…‬‭ ‬والمعروف‭ ‬منكرا‭ ‬‮…‬‭ ‬لنعيش‭ ‬حالة‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬توصف‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬تلبيس‭ ‬إبليس‮»‬‭ ‬‮…‬‭ ‬بهذا‭ ‬الفجور‭ ‬و‭ ‬المجون‭ ‬‮…‬‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يرتضيه‭ ‬عقل‭ ‬ولا‭ ‬يقره‭ ‬دين‭ ‬‮…‬‭ ‬

 

‭          ‬ها‭ ‬أنا‭ ‬ذا‭ ‬تكلمت‭ .. ‬خضت‭ .. ‬أفصحت‭ .. ‬أعلنت‭ .. ‬بينت‭ .. ‬من‭ ‬هو‭ ‬السامري‭ ‬‮«‬المسيخ‭ ‬الدخال‮»‬‭ ‬؟؟؟‭!!!!!... ‬ثاني‭ ‬أضلاع‭ ‬ثالثوث‭ ‬الشر‭ .‬‭.. ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬تحالفه‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬الأعظم‭ !!!!! .... ‬

 

‭          ‬لتكون‭ ‬شيطنة‭ ‬الأرض‭ ... ‬لعلنا‭ ‬نعرف‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬نحن‭ ‬محاصرين‭ ..  ‬لعلنا‭ ‬نطهرها‭ .. ‬فنخلصها‭ ‬من‭ ‬شرورها‭ ‬التي‭ ‬رسخها‭ ‬ألد‭ ‬أعدائنا‭ ‬وأعدائها‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ... ‬

 

‭         ‬لنعيش‭ ‬هكذا‭ ‬في‭ ‬نزال‭ ‬مستمر‭ ‬معهم‭ ....  ‬نتصدي‭ ‬لهم‭... ‬نحاربهم‭ .... ‬نكشف‭ ‬فضائحهم‭ ‬وخططهم‭ ... ‬وتضليلهم‭... ‬وغوايتهم‭ ....  ‬مستعينة‭ ‬بالله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬أخاف‭ ‬فيه‭ ‬لومة‭ ‬لائم‭... ‬مستعينة‭ ‬بحبيبي‭ ‬‮«‬محمد‮»‬‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭... ‬مستعينة‭ ‬بقلمي‭ ‬الذي‭ ‬أقسمت‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬الكتابة‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬الروح‭ ‬في‭ ‬الجسد‭ ‬حتى‭ ‬أفضح‭ ‬أمرهم‭ .. ‬وأبين‭ ‬مآربهم‭ ... ‬وأظهر‭ ‬غاياتهم‭ ‬السوداء‭ ... ‬مستعينة‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬مستكينة‭ ‬بالدعاء‭ ‬عليهم‭ ..... ‬لعلي‭ ‬أكون‭ ‬من‭ ‬مقبولي‭ ‬الدعاء‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالي‭ .... ‬

 

‭         ‬اتساءل‭ ‬بعدما‭ ‬تساءلت‭ ‬سابقا‭ .... ‬هل‭ ‬انتهى‭ ‬عهد‭ ‬اسرائيل‭ ‬مع‭ ‬السحر‭ ‬بعد‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬‮»‬‭ ‬؟؟؟‭!!!!!‬‮…‬‭ ‬أكرر‭ ‬ما‭ ‬قُلته‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ .. ‬وعزم‭... ‬وإصرار‭.. ‬ورباطة‭ ‬جأش‭ ... ‬أنني‭ ‬سأتحدث‭ ‬مطولا‭ ‬عن‭ ‬السحر‭ .. ‬و‭ ‬عن‭ ‬السحرة‭ .. ‬بالله‭ ‬لن‭ ‬أتوقف‭ ‬لأن‭ ‬الله‭ ‬معي‭ !!!!!! ...... ‬ولأنني‭ ‬ما‭ ‬عشت‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬إلا‭ ‬بأعمال‭ ‬نتقرب‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ .. ‬وأرجوه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬خيرها‭ .. ‬وأنا‭ ‬أبلغ‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ..‬‭ ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬استحق‭ ‬أمام‭ ‬الله‭ ‬وأمام‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ ‬تلك‭ ‬المكانة‭ ‬وتلك‭ ‬المنزلة‭ ‬وأن‭ ‬يتقبلها‭ ‬الله‭ ‬مني‭ ‬ويتقبلني‭ ‬بها‭ .. ‬أرجوكم‭ ‬أن‭ ‬تدعو‭ ‬الله‭ ‬لي‭ ‬بظهر‭ ‬الغيب‭ ‬‮«‬بالعفو‭ ‬والعافية‮»‬‭ .... ‬

‭ ‬

‭       ‬وحتى‭ ‬أدلل‭ ‬على‭ ‬صدق‭ ‬حدسي‭ ‬تجاه‭ ‬بني‭ ‬اسرائيل‭ ‬أنهم‭ ‬ثالوث‭ ‬الشر‭ ... ‬سوف‭ ‬أعرض‭ ‬لكم‭ ‬حكايتهم‭ ‬مع‭ ‬الجن‭ ‬والسحر‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وجدوا‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ..‬‭ ‬وكيف‭ ‬انه‭ ‬كان‭ ‬لصيقا‭ ‬بهم‭ .. ‬وهم‭ ‬يتنفسون‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ... ‬

وكيف‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬اليوم‭ .. ‬وصلوا‭ ‬به‭ ‬ليكون‭ ‬عندهم‭ ‬آله‭ ‬آخر‭ .. ‬ذلك‭ ‬السحر‭ ‬بكل‭ ‬أدواته‭ .. ‬يحاولون‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬يستعبدون‭ ‬العالم‭ .... ‬

 

‭    ‬إنه‭ ‬السحر‭!!!!... ‬الذي‭ ‬ابعاده‭ ‬غائرة‭ ‬في‭ ‬غور‭ ‬الزمان‭.. ‬تفوح‭ ‬رائحته‭ ‬من‭ ‬أعماق‭ ‬التاريخ‭... ‬ولا‭ ‬ينقل‭ ‬لنا‭ ‬ذلك‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭ ‬إلا‭ ‬رسالة‭ ‬واحدة‭ ‬استعباد‭ ‬البشر‭...  ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬سبق‭ ‬المعرفة‭ ‬بالغيب‭... ‬متناسين‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬السر‭ ‬وأخفي‭ .. ‬جاهلين‭ ‬ومتجاهلين‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬عزوجل‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬الغيب‭ ‬والشهادة‭ ‬الكبير‭ ‬المتعال‭ .... ‬‮«‬عالم‭ ‬الغيب‭ ‬فلا‭ ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬غيبه‭ ‬أحدا‮»‬‭ ........... ‬‮«‬ولا‭ ‬يحيطون‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬علمه‭ ‬إلا‭ ‬بما‭ ‬شاء‮»‬‭ .......... ‬‮«‬عالم‭ ‬الغيب‭ ‬والشهادة‭ ‬فتعالى‭ ‬عما‭ ‬يشركون‮»‬‭ ... ‬

 

‭            ‬فالسحر‭ ‬الذي‭ ‬أخبر‭ ‬الله‭ ‬عنه‭....  ‬طريق‭ ‬للفساد‭... ‬وسبب‭ ‬للضرر‭ ‬بأحوال‭ ‬العباد‭...  ‬وهو‭ ‬فوق‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬سبب‭ ‬للكفر‭ ‬بالله‭ ‬سبحانه‭...‬‭ ‬والخروج‭ ‬عن‭ ‬دينه‭ ‬وشرعه‭ ‬وشرعيته‭ ... ‬يقول‭ ‬تعالى‭ :‬‮«‬وما‭ ‬كفر‭ ‬سليمان‭ ‬ولكن‭ ‬الشياطين‭ ‬كفروا‭ ‬يعلمون‭ ‬الناس‭ ‬السحر‮»‬‭ ... ‬

 

إذن‭ ‬السحر‭ ‬مرتبط‭ ‬بالكفر‭ ‬بالله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ... ‬ومن‭ ‬يتخذه‭ ‬غواية‭ ‬أو‭ ‬مهنة‭ ‬أو‭.. ‬أو‭.. ‬أو‭ ... ‬إنما‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا‭ ‬لتكفير‭ ‬الناس‭ .. ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬يقول‭ ‬أنا‭ ‬‮«‬عليم‭ ‬قادر‮»‬‭ ‬وهذه‭ ‬صفات‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ... ‬وإلا‭ ‬لماذا‭ ‬يحاولون‭ ‬السحرة‭ ‬استعباد‭ ‬البشر‭ ‬بهذه‭ ‬الشراسة‭ ‬وبذلك‭ ‬الكفر‭ ‬البين‭ !!‬‭!!!.... ‬

 

‭            ‬جاء‭ ‬الإسلام‭ ‬ليحفظ‭ ‬للناس‭ ‬دينهم‭ ‬وأنفسهم‭ ‬وأموالهم‭ ‬وأعراضهم‭ ‬وعقولهم‭.... ‬وجعل‭ ‬هذه‭ ‬الضرورات‭ ‬الخمس‭ ‬قواعد‭ ‬الخلق‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬مصالحهم‭ ‬ودفع‭ ‬مضارهم‭....  ‬فحرّم‭ ‬كل‭ ‬اعتداء‭ ‬عليها‭... ‬فحرم‭ ‬الكفر‭ ‬والشرك‭ ‬والردة‭ ‬لإخلالها‭ ‬بأصل‭ ‬الدين‭.... ‬وحرم‭ ‬قتل‭ ‬النفس‭ ‬بغير‭ ‬حق‭.... ‬وحرّم‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬الأموال‭... ‬والأعراض‭.. ‬والأنساب‭...‬وحرّم‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬العقول‭.... ‬بكافة‭ ‬أنواع‭ ‬المسكرات‭ ‬الحسية‭ ‬والمعنوية‭ .‬

 

‭           ‬فالسحر‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القواعد‭ ‬إلا‭ ‬وأفسدها‭.... ‬وجُعل‭ ‬سبيل‭ ‬لتبذير‭ ‬المال‭ ‬وتضييعه‭.... ‬وهو‭ ‬مفسد‭ ‬للذرية‭ ‬بتفريق‭ ‬رباط‭ ‬الأسرة‭ ..... ‬وهو‭ ‬مدخل‭ ‬للزنا‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬الأعراض‭... ‬

 

‭        ‬وهو‭ ‬كذلك‭ ‬سبيل‭ ‬لاغتيال‭ ‬العقول‭ ‬وطمسها‭..... ‬فلا‭ ‬غرو‭ ‬حينئذ‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬وأهله‭ ‬موقفا‭ ‬صارماً‭ ‬فقد‭ ‬حرم‭ ‬تعلمه‭ ‬وتعليمه‭ ‬‭.....  ‬وأوجب‭ ‬كف‭ ‬الساحر‭ ‬عن‭ ‬سحره‭....  ‬وإقامة‭ ‬الحد‭ ‬عليه‭ ‬تطهيرا‭ ‬للمجتمع‭ ‬من‭ ‬شره‭ ‬ودجله‭.... ‬وحرم‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬السحرة‭ ‬والاستعانة‭ ‬بهم‭ .... ‬فقد‭ ‬ورد‭ ‬عن‭ ‬أبي‭ ‬هريرة‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭: ‬عن‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬قال‭: ((‬اجتنبوا‭ ‬السبع‭ ‬الموبقات‭)).. ‬قالوا‭: ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وما‭ ‬هن؟‭ ‬قال‭: ((‬الشرك‭ ‬بالله‭... ‬والسحر‭... ‬وقتل‭ ‬النفس‭ ‬التي‭ ‬حرَّم‭ ‬الله‭ ‬إلا‭ ‬بالحق‭.. ‬وأكل‭ ‬الربا‭.. ‬وأكل‭ ‬مال‭ ‬اليتيم،‭... ‬والتولي‭ ‬يوم‭ ‬الزحف‭... ‬وقذف‭ ‬المحصنات‭ ‬المؤمنات‭ ‬الغافلات‭)) ... ‬

 

‭         ‬ها‭ ‬هنا‭ ‬نرى‭ ‬بالدليل‭ ‬القاطع‭ .. ‬والبرهان‭ ‬الساطع‭ .. ‬قول‭ ‬النبي‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ينطق‭ ‬عن‭ ‬الهوى‭ ... ‬أن‭ ‬السحر‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬موبقات‭ ‬الكفر‭ ‬فقط‭ .. ‬بل‭ ‬يلي‭ ‬الشرك‭ ‬بالله‭ ‬رأسا‭ !!!!! .... ‬

 

‭          ‬وأن‭ ‬تسخر‭ ‬دولة‭ ‬ذلك‭ ‬العمل‭ ‬الكافر‭ .. ‬بل‭ ‬ويكون‭ ‬منهجها‭ ‬طيلة‭ ‬حياتها‭ .. ‬إذن‭ ‬هو‭ ‬تحدي‭ ‬ليس‭ ‬قبله‭ ‬ولا‭ ‬بعده‭ .. ‬فاق‭ ‬تحدي‭ ‬‮«‬إبليس‭ ‬‮»‬‭ ‬لعنة‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬جميعا‭ .. ‬في‭ ‬العبث‭ ‬بعقول‭ ‬البشر‭ .. ‬وأرواحهم‭ .. ‬وأنفسهم‭ .. ‬لتمكن‭ ‬منهم‭ .. ‬لغوايتهم‭ .. ‬لتكفيرهم‭ .. ‬

 

‭            ‬وقف‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬موقفا‭ ‬حاسما‭....  ‬فسدّ‭ ‬كل‭ ‬طريق‭ ‬يؤدي‭ ‬إليه‭....  ‬وحسما‭ ‬لمادة‭ ‬الخرافة‭ ‬أن‭ ‬تتسلل‭ ‬إلى‭ ‬عقول‭ ‬المسلمين‭ ‬فتعطلها‭ ‬عن‭ ‬التفكير‭ ‬الصحيح‭.... ‬والتخطيط‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬الأسباب‭ ‬والمسببات‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬عليه‭ ‬نظام‭ ‬الكون‭ .... ‬فعن‭ ‬صفية‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنها‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬أزواج‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬عن‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬قال‭: ((‬من‭ ‬أتى‭ ‬عرافاً‭ ‬فسأله‭ ‬عن‭ ‬شيء‭ ‬لم‭ ‬تُقبل‭ ‬له‭ ‬صلاة‭ ‬أربعين‭ ‬ليلة‭)) .‬‭.. ‬

 

 

‭          ‬نعوذ‭ ‬بالله‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬وشره‭ ... ‬نعوذ‭ ‬بالله‭ ‬من‭ ‬السحرة‭ ‬وشرورهم‭ .. ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬منهم‭ ‬أحد‭ .. ‬ولم‭ ‬يتركوا‭ ‬أحد‭ ... ‬حتى‭ ‬النبي‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ .... ‬نردد‭ ‬و‭ ‬نستعيذ‭ ‬ونتلو‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ : ‬

‮«‬قُلْ‭ ‬أَعُوذُ‭ ‬بِرَبِّ‭ ‬الْفَلَقِ‭ * ‬مِنْ‭ ‬شَرِّ‭ ‬مَا‭ ‬خَلَقَ‭ * ‬وَمِنْ‭ ‬شَرِّ‭ ‬غَاسِقٍ‭ ‬إِذَا‭ ‬وَقَبَ‭ * ‬وَمِنْ‭ ‬شَرِّ‭ ‬النَّفَّاثَاتِ‭ ‬فِي‭ ‬الْعُقَدِ‭ * ‬وَمِنْ‭ ‬شَرِّ‭ ‬حَاسِدٍ‭ ‬إِذَا‭ ‬حَسَدَ‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الفلق‭ .. ‬

 

‭            ‬ووجه‭ ‬الدلالة‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أمر‭ ‬نبيه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بالاستعاذة‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬النفاثات‭ ‬وهن‭ ‬السواحر‭.... ‬كما‭ ‬أن‭ ‬جمهور‭ ‬المفسرين‭ ‬اتفقوا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬نزول‭ ‬هذه‭ ‬السورة‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬‮«‬لبيد‭ ‬بن‭ ‬الأعصم‭ ‬اليهودي‮»‬‭ ‬لعنه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬سحر‭ ‬النبي‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ...‬

 

‭         ‬انتبهووووووووا‭ .... ‬ادركواااااااا‭ .... ‬افطنوووووووا‭ ... ‬تيقظوااااااااا‭ .... ‬أسرعوااااا‭..... ‬

 

‭         ‬إنهم‭ ‬اليهود‭ ‬الذين‭ ‬سحروا‭ ‬الرسول‭ .. ‬وهذه‭ ‬إشارة‭ ‬أنهم‭ ‬ملوك‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬لأنهم‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬أبطال‭ ‬السحر‭ ‬أمام‭ ‬الرسول‭ .. ‬فهل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تحذير‭ ‬وتنوير‭ ‬وتبصير‭ ‬وتنبيه‭ ‬لخطورة‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬ومع‭ ‬رسوله‭ ‬وبالتالي‭ ‬مع‭ ‬أمته‭ ‬وإلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭ .... ‬

 

هل‭ ‬تدركوا‭ ‬يا‭ ‬أمة‭ ‬محمد‭ .. ‬هل‭ ‬تتذكرون‭ ‬يوم‭ ‬ولادته‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ... ‬حين‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬المطلب»جد‭ ‬النبي‭ ‬أحد‭ ‬القساوسة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬يهوديا‭ ‬يمر‭ ‬النبي‭ ... ‬وما‭ ‬ندري‭ ‬وراءه‭ ‬أي‭ ‬أذى‭ ‬لرسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ .... ‬فالنصارى‭ ‬أنفسهم‭ ‬حذروا‭ ‬عبد‭ ‬المطلب‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬لأنهم‭ ‬يعلمون‭ ‬سرهم‭ ‬ومدى‭ ‬خطورتهم‭ .. ‬وأنهم‭ ‬يتربصون‭ ‬به‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ... ‬

 

ذلك‭ ‬اليهودي‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬يصرخ‭ ‬تلك‭ ‬اليلة‭ ‬حين‭ ‬رأي‭ ‬علامة‭ ‬النبوة‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬محمد‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ... ‬وأخذ‭ ‬يقول‭ ‬اليوم‭ ‬ضاعت‭ ‬النبوة‭ ‬من‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬وباتت‭ ‬في‭ ‬يد‭  ‬العرب‭ ...  ‬

 

ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬تربصوا‭ ‬به‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬وقاموا‭ ‬بسحره‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬ثلاث‭ ‬شعرات‭ ‬من‭ ‬رأسه‭ ‬الشريفة‭ ‬بحفنة‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬اشتروا‭ ‬بها‭ ‬خادمه‭ ‬الذي‭ ‬مكنهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ .. ‬

 

إذن‭ ‬حين‭ ‬حاول‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ .. ‬أن‭ ‬يحذر‭ ‬من‭ ‬السحر‭ .. ‬ويشرع‭ ‬ويسن‭ ‬التصدي‭ ‬له‭ ‬للتغلب‭ ‬عليه‭ .. ‬كان‭ ‬بابتلاء‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ .. ‬وعلى‭ ‬يد‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬وهكذا‭ ‬يخبرنا‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ .. ‬مدى‭ ‬خطورتهم‭ .. ‬ومدى‭ ‬الفعل‭ ‬الآثم‭ ‬الكافر‭ .. ‬الذي‭ ‬يضطلعون‭ ‬به‭ !!!‬‭!! ... ‬وكأنه‭ ‬يساعدنا‭ ‬أن‭ ‬نفطن‭ ‬لقوتهم‭ ... ‬وكأنه‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬يرشدنا‭ ‬إلى‭ ‬مدي‭ ‬وقاحتهم‭ ..  ‬بمحاولة‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬شخصيا‭ !!!! .... ‬

 

وكأن‭ ‬الله‭ ‬سبحاه‭ ‬وتعالى‭ ‬يحذرنا‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬لهم‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬نبي‭ ‬الرسالة‭ ... ‬فماذا‭ ‬مع‭ ‬الاتباع‭ ........ ‬يرحمكم‭ ‬الله‭ !!!!!!!!!! ....‬‭.. ‬

 

ارجعوا‭ ‬إلى‭ ‬مقالي‭ ‬‮«‬سلمت‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‮»‬‭ ... ‬

 

 

‭          ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬وروته‭...  ‬عائشة‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنها‭ ‬قالت‭: ‬‮«‬سَحَرَ‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬رجل‭ ‬من‭ ‬بني‭ ‬زريق‭ ‬يُقال‭ ‬له‭ ‬‮«‬لبيد‭ ‬بن‭ ‬الأعصم‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬كان‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬يُخيَّل‭ ‬إليه‭ ‬أنه‭ ‬يفعل‭ ‬الشيء‭ ‬وما‭ ‬فعله،‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬أو‭ ‬ذات‭ ‬ليلة‭ ‬وهو‭ ‬عندي‭ ‬لكنه‭ ‬دعا‭ ‬ودعا‭ ‬ثم‭ ‬قال‭: ((‬يا‭ ‬عائشة‭ ‬أشعرت‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬أفتاني‭ ‬فيما‭ ‬استفتيته‭ ‬فيه،‭ ‬أتاني‭ ‬رجلان‭ ‬فقعد‭ ‬أحدهما‭ ‬عند‭ ‬رأسي،‭ ‬والآخر‭ ‬عند‭ ‬رجلي،‭ ‬فقال‭ ‬أحدهما‭ ‬لصاحبه‭: ‬ما‭ ‬وجع‭ ‬الرجل؟‭ ‬فقال‭: ‬مطبوب،‭ ‬قال‭: ‬من‭ ‬طبه؟‭ ‬قال‭: ‬لبيد‭ ‬بن‭ ‬الأعصم،‭ ‬قال‭: ‬في‭ ‬أي‭ ‬شيء؟‭ ‬قال‭: ‬في‭ ‬مشط‭ ‬ومشاطة،‭ ‬وجف‭ ‬طلع‭ ‬نخلة‭ ‬ذكر،‭ ‬قال‭: ‬وأين‭ ‬هو؟‭ ‬قال‭: ‬في‭ ‬بئر‭ ‬ذروان‭))‬،‭ ‬فأتاها‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬في‭ ‬ناس‭ ‬من‭ ‬أصحابه،‭ ‬فجاء‭ ‬فقال‭: ‬،‭ ‬قلت‭: ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬أفلا‭ ‬استخرجته؟‭ ‬قال‭: ((‬قد‭ ‬عافاني‭ ‬الله‭ ‬فكرهت‭ ‬أن‭ ‬أثِّور‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬فيه‭ ‬شراً‭))‬،‭ ‬فأمر‭ ‬بها‭ ‬فدُفنت‮»‬‭ ‬رواه‭ ‬البخاري‭ ‬برقم‭ (‬5430‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬بيان‭ ‬أن‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بشر‭ ‬يصيبه‭ ‬ما‭ ‬يصيب‭ ‬الناس،‭ ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬الحديث‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬السحر‭ ‬له‭ ‬حقيقة‭ ‬وتأثير‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬يظهر‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬تغير‭ ‬عادة‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يظن‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬فعل‭ ‬الشيء‭ ‬وهو‭ ‬لم‭ ‬يفعله‭ ‬حقيقة،‭ ‬والله‭ ‬أعلم‭..‬

 

 

إن‭ ‬السحر‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الخفية‭ ‬في‭ ‬الكون‭ .....  ‬وكلمة‭ ‬السحر‭ ‬مأخوذة‭ ‬من‭ ‬السَّحَر‭: ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬آخر‭ ‬الليل‭ ‬وأول‭ ‬النهار‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬ظلمة‭ ‬الليل‭ ‬ومن‭ ‬ضوء‭ ‬النهار‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬نهاراً‭ ‬ولا‭ ‬ليلاً‭ ...  ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬له‭ ‬واقعين‭ ‬ليس‭ ‬واقعا‭ ‬واحدا‭.‬

 

السحر‭ ‬جامع‭ ‬بين‭ ‬شيئين‭ ‬شئ‭ ‬يخيل‭ ‬إليك‭ ‬أنه‭ ‬واقع‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬بواقع‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬ظاهراً‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬واقعه‭. ‬ظاهر‭ ‬أشياء‭ ‬تتخيل‭ ‬أنها‭ ‬تحدث‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬تحدث‭.‬

 

السحر‭ ‬تأثيره‭ ‬على‭ ‬العين‭ ‬فالعين‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تُسحر‭ ‬لترى‭ ‬أشياء‭ ‬غير‭ ‬واقعة‭ ‬ولا‭ ‬حقيقية‭ ‬يقول‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭: ‬‮«‬سحروا‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ ‬واسترهبوهم‮»‬‭.‬

 

وهذا‭ ‬ما‭ ‬كتبت‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬السابقة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬بصمات‭ ‬الدجال‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ .. ‬خرجت‭ ‬عن‭ ‬مثلث‭ ‬برمودا‮»‬‭ .... ‬عندما‭ ‬استطاع‭ ‬‮«‬المسيخ‭ ‬الدجال‮»‬‭ ‬بقوة‭ ‬خارقة‭ ‬ان‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬الأمواج‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬أشهر‭ ‬النظريات‭ ‬عن‭ ‬القوة‭ ‬الخارقة‭ ‬‮«‬لمثلث‭ ‬برمودا‮»‬‭... ‬حينما‭ ‬تلقت‭ ‬القاعدة‭ ‬رسالة‭ ‬غريبة‭ ‬من‭ ‬قائد‭ ‬السرب‭  ..... ‬تقول‭ : ‬القائد‭ ( ‬الملازم‭ ‬تشارلزتيلور‭ ) ‬ينادي‭ ‬القاعدة‭ : ‬نحن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬يبدو‭ ‬أننا‭ ‬خارج‭ ‬خط‭ ‬السير‭ ‬تماماً‭ ‬‮«‬‭ ‬لا‭ ‬استطيع‭ ‬رؤية‭ ‬الأرض‭ ..... ‬لا‭ ‬استطيع‭ ‬تحديد‭ ‬المكان‭ ‬‮»‬‭ ... ‬اعتقد‭ ‬أننا‭ ‬فقدنا‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ .... ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬غريب‭ ‬ومشوش‭ ‬تماماً‭ .....  ‬لا‭ ‬استطيع‭ ‬تحديد‭ ‬أي‭ ‬اتجاه‭ ‬حتى‭ ‬المحيط‭ ‬أمامنا‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬غريب‭ ‬لا‭ ‬استطيع‭ ‬تحديده‭ ‬‮»‬‭ .... ‬

 

بما‭ ‬يؤكد‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬حالات‭ ‬السحر‭ .. ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬مداها‭ .. ‬وعلى‭ ‬رؤوس‭ ‬الأشهاد‭ .. ‬ملئ‭ ‬البصر‭ ‬والسمع‭ ‬والفؤاد‭ ‬،،‭ ‬ومن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بمستوى‭ ‬عال‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ... ‬ومن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بذلك‭ ‬؟؟‭!! ‬إا‭ ‬كما‭ ‬حدثنا‭ ‬عنه‭ ‬القران‭ ‬الكريم‭ .. ‬وهو‭ ‬المسيخ‭ ‬الدجال‭.... ‬والذي‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬قوته‭ ... ‬لإرهاب‭ ‬وإخضاع‭ ‬وغواية‭ ‬البشر‭ .. ‬من‭ ‬الجن‭ ... ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بماهية‭ ‬إبليس‭ ‬الذي‭ ‬يشترك‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬غايته‭ ‬وهو‭ ‬تكفير‭ ‬البشر‭ ... ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬علم‭ ... ‬ببني‭ ‬إسرائيل‭ .. ‬وبقينهم‭ .. ‬وعلاقاتهم‭ ‬بالجن‭ .. ‬ليكون‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬معهم‭ ‬أيضا‭ .... ‬

 

وعلى‭ ‬ذلك‭ ... ‬هناك‭ ‬نوعان‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬نوع‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬وما‭ ‬يستطيعون‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬خفة‭ ‬اليد‭ ‬وخداع‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ ‬ونوع‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الاستعانة‭ ‬بقوى‭ ‬تفوق‭ ‬قدرات‭ ‬البشر‭.... ‬والغرض‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬عموماً‭ ‬هو‭ ‬استرهاب‭ ‬الناس‭ ‬وتخويفهم‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليهم‭.‬

 

والسحر‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬تخييل‭ ‬وخداع‭ ‬للبصر‭ ‬والحواس‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬يُخيل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬سحرهم‭ ‬أنها‭ ‬تسعى‮»‬‭.‬

 

 

 

السحر‭ ‬حقيقة‭ ‬لها‭ ‬وجود‭ ‬،‭ ‬وظهرت‭ ‬أثاره‭ ‬على‭ ‬المسحورين‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وجاءوا‭ ‬بسحر‭ ‬عظيم‮»‬‭ ... ‬سورة‭ ‬الأعراف

 

ونحن‭ ‬نرى‭ ‬ذلك‭ ‬جليا‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬مع‭ ‬سحرة‭ ‬فرعون‭..  ‬والذي‭ ‬لجأ‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬السحر‭ .... ‬فسيدنا‭ ‬موسى‭ ‬بمعجزة‭ ‬الهية‭ .. ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بالسحر‭ ‬على‭ ‬الحقيقة‭ .. ‬بينما‭ ‬سحرة‭ ‬فرعون‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فعلوه‭ ‬فقط‭ ‬أنهم‭ ‬سحروا‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ .... ‬

 

وذلك‭ ‬عندما‭ ‬ألقى‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬عصاه‭ ‬فإذا‭ ‬هي‭ ‬تحولت‭ ‬لحية‭ ‬حقيقية‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬تخييل‭ ‬وخفة‭ ‬يد‭ ‬وخداع‭ ‬بصري‭...  ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬سجود‭ ‬السحرة‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬لأنهم‭ ‬خبراء‭ ‬في‭ ‬السحر‭ ‬ويعرفون‭ ‬خدع‭ ‬خفة‭ ‬اليد‭...  ‬وكذلك‭ ‬يعرفون‭ ‬أنهم‭ ‬سحروا‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ ‬بتخييلهم‭ ‬أن‭ ‬حبالهم‭ ‬وعصيهم‭ ‬حيات‭ ‬تسعى‭ ‬ولكن‭ ‬أعين‭ ‬السحرة‭ ‬لم‭ ‬تُخدع‭ ‬لأنهم‭ ‬يعرفون‭ ‬الحيلة‭ .... ‬لم‭ ‬تخدع‭ ‬أمام‭ ‬السحر‭ ‬الحقيقي‭ ‬لموسى‭ ‬بالعصا‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬حية‭ ‬تسعى‭ ... ‬

 

‭ ‬لكن‭ ‬لما‭ ‬رأوا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬أتى‭ ‬به‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬ليس‭ ‬سحراً‭ ‬خداعاً‭ ‬بصرياً‭ ‬ولا‭ ‬تخييلاً‭ ... ‬ألقوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬سجداً‭ ‬مؤمنين‭ ‬به‭ ‬نبياً‭ ‬وبربه‭ ‬إلهاً‭... ‬لأنهم‭ ‬يعرفون‭ ‬الصنعة‭ ‬وما‭ ‬أتى‭ ‬به‭ ‬موسى‭ ‬ليس‭ ‬حيلة‭ ‬بل‭ ‬معجزة‭ ‬وليس‭ ‬تخييلاً‭ ‬وخداعاً‭ ‬بل‭ ‬واقعاً‭ ‬وحقيقة‭ ‬ومادة‭ ‬عصا‭ ‬موسى‭ ‬تحولت‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬حية‭ ‬تسعى‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬السحرة‭ ‬فعله‭ ‬مطلقاً‭.‬

 

وفرعون‭ ‬لم‭ ‬يؤمن‭ ‬لأن‭ ‬عينه‭ ‬مسحورة‭ ‬بفعل‭ ‬السحرة‭ ... ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬حبال‭ ‬السحرة‭ ‬التي‭ ‬بدلوها‭ ‬بحيات‭ ‬بخفة‭ ‬أيديهم‭ ‬وحيلهم‭ ‬وبين‭ ‬عصا‭ ‬موسى‭... ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬حقيقة‭ ‬لحية‭ ‬تسعى‭..... ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬حية‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬الحقيقية‭ ‬التهمت‭ ‬حيات‭ ‬السحرة‭ ‬المزيفة‭.... ‬

 

فالسحر‭ ‬هو‭ ‬تخييل‭ ‬حقيقة‭ ‬وليس‭ ‬تغيير‭ ‬حقيقة،‭ ‬بينما‭ ‬المعجزة‭ ‬هي‭ ‬تغيير‭ ‬حقيقة‭.‬

 

 

وهذا‭ ‬يظهر‭ ‬جليا‭ .. ‬واحتكم‭ ‬إليه‭ .. ‬حيث‭ ‬يدلل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حرف‭ ‬اكتبه‭ ... ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬قَالَ‭ ‬نَعَمْ‭ ‬وَإِنَّكُمْ‭ ‬إِذًا‭ ‬لَمِنَ‭ ‬الْمُقَرَّبِينَ‭ * ‬قَالَ‭ ‬لَهُمْ‭ ‬مُوسَى‭ ‬أَلْقُوا‭ ‬مَا‭ ‬أَنْتُمْ‭ ‬مُلْقُونَ‭* ‬فَأَلْقَوْا‭ ‬حِبَالَهُمْ‭ ‬وَعِصِيَّهُمْ‭ ‬وَقَالُوا‭ ‬بِعِزَّةِ‭ ‬فِرْعَوْنَ‭ ‬إِنَّا‭ ‬لَنَحْنُ‭ ‬الْغَالِبُونَ‭ * ‬فَأَلْقَى‭ ‬مُوسَى‭ ‬عَصَاهُ‭ ‬فَإِذَا‭ ‬هِيَ‭ ‬تَلْقَفُ‭ ‬مَا‭ ‬يَأْفِكُونَ‭ *‬فَأُلْقِيَ‭ ‬السَّحَرَةُ‭ ‬سَاجِدِينَ‭ *‬‭ ‬قَالُوا‭ ‬آَمَنَّا‭ ‬بِرَبِّ‭ ‬الْعَالَمِينَ‭ * ‬رَبِّ‭ ‬مُوسَى‭ ‬وَهَارُونَ‭ * ‬قَالَ‭ ‬آَمَنْتُمْ‭ ‬لَهُ‭ ‬قَبْلَ‭ ‬أَنْ‭ ‬آَذَنَ‭ ‬لَكُمْ‭ ‬إِنَّهُ‭ ‬لَكَبِيرُكُمُ‭ ‬الَّذِي‭ ‬عَلَّمَكُمُ‭ ‬السِّحْرَ‭ ‬فَلَسَوْفَ‭ ‬تَعْلَمُونَ‭ ‬لَأُقَطِّعَنَّ‭ ‬أَيْدِيَكُمْ‭ ‬وَأَرْجُلَكُمْ‭ ‬مِنْ‭ ‬خِلَافٍ‭ ‬وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ‭ ‬أَجْمَعِينَ‭ * ‬قَالُوا‭ ‬لَا‭ ‬ضَيْرَ‭ ‬إِنَّا‭ ‬إِلَى‭ ‬رَبِّنَا‭ ‬مُنْقَلِبُونَ‭ * ‬إِنَّا‭ ‬نَطْمَعُ‭ ‬أَنْ‭ ‬يَغْفِرَ‭ ‬لَنَا‭ ‬رَبُّنَا‭ ‬خَطَايَانَا‭ ‬أَنْ‭ ‬كُنَّا‭ ‬أَوَّلَ‭ ‬الْمُؤْمِنِينَ‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الشعراء‭ .. ‬

 

 

 

‭ ‬

وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬قد‭ ‬أمر‭ ‬نبيه‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بالذهاب‭ ‬إلى‭ ‬فرعون‭ ... ‬وسأل‭ ‬موسى‭ ‬ربه‭ ‬أن‭ ‬يعينه‭ ‬بأخيه‭ ‬هارون‭ , ‬فلما‭ ‬ذهبا‭ ‬وبلغا‭ ‬فرعون‭ ‬ما‭ ‬أرسلا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬عبادة‭ ‬الله‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬شريك‭ ‬له‭ ‬وأن‭ ‬يفك‭ ‬أسرى‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬قبضته‭ ‬وسطوته‭ ‬ويتركهم‭ ‬يعبدون‭ ‬ربهم‭ , ‬تكبر‭ ‬فرعون‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬وعتا‭ ‬وطغى‭ ‬ونظر‭ ‬إلى‭ ‬موسى‭ ‬بعين‭ ‬الازدراء‭ ‬واستمر‭ ‬على‭ ‬طغيانه‭ ‬وعناده‭ .... ‬

 

وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المعجزة‭ ‬أدخل‭ ‬موسى‭ ‬يده‭ ‬في‭ ‬جيبه‭ ‬وأخرجها‭ ‬وهي‭ ‬كفلقة‭ ‬القمر‭ ‬تتلألأ‭ ‬نورا‭ ‬تبهر‭ ‬الأبصار‭ ‬فإذا‭ ‬أعادها‭ ‬إلى‭ ‬جيبه‭ ‬رجعت‭ ‬إلى‭ ‬صفتها‭ ‬الأولى‭.. ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬معجزات‭ ‬وآيات‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬التسع‭ .. ‬

يقول‭ ‬تعالى‭ : ‬‮«‬وأدخل‭ ‬يدك‭ ‬في‭ ‬جيبك‭ ‬تخرج‭ ‬بيضاء‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬سوء‭ ‬في‭ ‬تسع‭ ‬آيات‭ ‬إلى‭ ‬فرعون‭ ‬وقومه‭ ‬إنهم‭ ‬كانوا‭ ‬قوما‭ ‬فاسقين‮»‬‭ ... ‬

 

‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬ينتفع‭ ‬فرعون‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بل‭ ‬استمر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬وأظهر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬سحر‭ ‬وأراد‭ ‬معارضته‭ ‬بالسحرة‭ ..... ‬فأرسل‭ ‬للسحرة‭ ‬يجمعهم‭ ‬من‭ ‬سائر‭ ‬مملكته‭ ... ‬ثم‭ ‬طلب‭ ‬أن‭ ‬يواعده‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬ومكان‭ ‬معلومين‭ .... ‬

 

‭ ‬وكان‭ ‬السحر‭ ‬قد‭ ‬استشرى‭ ‬في‭ ‬القبط‭ ‬في‭ ‬قوم‭ ‬فرعون‭ ‬وكان‭ ‬مهنتهم‭ ‬وحرفتهم‭ ... ‬وقد‭ ‬ذهل‭ ‬فرعون‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لذا‭ ‬دعا‭ ‬موسى‭ ‬وهارون‭ ‬إلى‭ ‬التحدي‭ ‬في‭ ‬السحر‭ ‬وجلب‭ ‬السحرة‭ ‬العظام‭ ‬ليواجهوا‭ ‬موسى‭ ‬فإذا‭ ‬انتصروا‭ ‬فسيتم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬دعوته‭ ‬وتعزيز‭ ‬ألوهية‭ ‬فرعون‭... ‬

 

‭ ‬وكان‭ ‬يوم‭ ‬عيد‭ ‬من‭ ‬أعيادهم‭ ‬ومجتمع‭ ‬لهم‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬النهار‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬اشتداد‭ ‬ضياء‭ ‬الشمس‭ ‬فيكون‭ ‬الحق‭ ‬أظهر‭ ‬وأجلى‭ ‬وحتى‭ ‬يتحقق‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إليه‭ ‬فرعون‭ ‬بتجنيد‭ ‬السحرة‭ ... ‬واختار‭ ‬يوم‭ ‬احتفال‭ ‬شعبي‭ ‬وهو‭ ‬يوم‭ ‬الزينة‭ ‬الذي‭ ‬يجتمع‭ ‬فيه‭ ‬المصريون‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬وصوب‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬الجميع‭ ‬وليس‭ ‬إلى‭ ‬فئة‭ ‬دون‭ ‬أخرى‭ ... ‬

 

‭ ‬فجمع‭ ‬فرعون‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬ببلاده‭ ‬من‭ ‬السحرة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬بلد‭ ‬ومكان‭ ‬فاجتمع‭ ‬منهم‭ ‬خلق‭ ‬كثير‭ , ‬وتقدم‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬إليهم‭ ‬فوعظهم‭ ‬وزجرهم‭ ‬عن‭ ‬تعاطي‭ ‬السحر‭ ‬الباطل‭ ‬الذي‭ ‬فيه‭ ‬معارضة‭ ‬لآيات‭ ‬الله‭ ‬وحججه‭ , ‬فاصطفوا‭ ‬ووقف‭ ‬موسى‭ ‬وهارون‭ ‬تجاههم‭ ‬قالوا‭ ‬له‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تلقي‭ ‬قبلنا‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬نلقي‭ ‬؟‭ , ‬قال‭ ‬بل‭ ‬ألقوا‭ ‬أنتم‭ , ‬وكانوا‭ ‬قد‭ ‬أخذوا‭ ‬الحبال‭ ‬والعصي‭ ‬فملؤها‭ ‬الزئبق‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الآلات‭ ‬التي‭ ‬تضطرب‭ ‬بسببها‭ ‬تلك‭ ‬الحبال‭ ‬والعصي‭ ‬اضطرابا‭ ‬يخيل‭ ‬للرائي‭ ‬أنها‭ ‬تسعى‭ ‬باختيارها‭ ‬وألقوها‭ ‬وعند‭ ‬ذلك‭ ‬سحروا‭ ‬أعين‭ ‬الناس‭ ‬واسترهبوهم‭ .‬

 

 

فألقى‭ ‬موسى‭ ‬عصاه‭ ‬فصارت‭ ‬حية‭ ‬عظيمة‭ ‬ذات‭ ‬عنق‭ ‬كبير‭ ‬وشكل‭ ‬هائل‭ ‬مرعب‭ ‬بحيث‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬خافوا‭ ‬منها‭ , ‬وأقبلت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ألقوه‭ ‬من‭ ‬الحبال‭ ‬والعصي‭ ‬فجعلت‭ ‬تلقفه‭ ‬واحدا‭ ‬واحدا‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الحركة‭ , ‬والناس‭ ‬ينظرون‭ ‬إليها‭ ‬ويتعجبون‭ ‬منها‭ , ‬وأما‭ ‬السحرة‭ ‬فرأوا‭ ‬ما‭ ‬هالهم‭ ‬وحيرهم‭ ‬في‭ ‬أمرهم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬بسحر‭ , ‬فأنابوا‭ ‬إلى‭ ‬ربهم‭ ‬وخروا‭ ‬له‭ ‬ساجدين‭ ‬وأعلنوا‭ ‬إيمانهم‭ ‬بالله‭ ‬رب‭ ‬موسى‭ ‬وهارون‭ .. ‬

 

ولا‭ ‬عجب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لأنعم‭ ‬أرباب‭ ‬المهنة‭ .. ‬يستطيعون‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سحر‭ ‬على‭ ‬التخييل‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬سحر‭ ‬على‭ ‬الحقيقة‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬الحقيقة‭ ... ‬التي‭ ‬هي‭ ‬المعجزة‭ ‬الالهية‭ ... ‬

 

فلما‭ ‬رأوا‭ ‬كيف‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬موسى‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬بعصاه‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬حية‭ ‬تسعى‭ ‬تلقف‭ ‬ما‭ ‬صنعوا‭ ‬من‭ ‬سحر‭ ‬عظيم‭ ‬انقلبت‭ ‬قلوبهم‭ ‬وتحولت‭ ‬من‭ ‬منتهى‭ ‬الكفر‭ ‬والضلال‭ ‬إلى‭ ‬منتهى‭ ‬اليقين‭ ‬والإيمان‭ ‬وخروا‭ ‬ساجدين‭ .. ‬وثبتوا‭ ‬أمام‭ ‬تهديد‭ ‬فرعون‭ ... ‬بأنه‭ ‬سيقطع‭ ‬أيديهم‭ ‬وأرجلهم‭ ‬من‭ ‬خلاف‭ ‬ويصلبهم‭ ‬في‭ ‬جذوع‭ ‬النخل‭ ‬وهو‭ ‬تهديد‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬يصبر‭ ‬عليه‭ ‬شخص‭ ‬حديث‭ ‬الإيمان‭ ‬لكن‭ ‬الله‭ ‬مقلب‭ ‬القلوب‭ ‬ثبت‭ ‬قلوبهم‭ ‬على‭ ‬الإيمان‭ ‬والطاعة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬العصيبة‭ , ‬قال‭ ‬ابن‭ ‬عباس‭ ‬كانوا‭ ‬أول‭ ‬النهار‭ ‬كفرة‭ ‬سحرة‭ ‬وأصبحوا‭ ‬أخر‭ ‬النهار‭ ‬شهداء‭ ‬بررة‭ , ‬ويؤيد‭ ‬هذا‭ ‬قولهم‭ ‬‮«‬ربنا‭ ‬افرغ‭ ‬علينا‭ ‬صبرا‭ ‬وتوفنا‭ ‬مسلمين‭ ‬‮»‬‭ ... ‬

 

‭ ‬وقال‭ ‬سعيد‭ ‬بن‭ ‬جبير‭ ‬وعكرمة‭ ‬البربري‭ ‬والأوزاعي‭ ‬وغيرهم‭ ‬لما‭ ‬سجد‭ ‬السحرة‭ ‬رأوا‭ ‬منازلهم‭ ‬وقصورهم‭ ‬في‭ ‬الجنة‭ ‬تهيأ‭ ‬لهم‭ ‬وتزخرف‭ ‬لقدومهم‭ ‬ولهذا‭ ‬لم‭ ‬يلتفتوا‭ ‬إلى‭ ‬تهويل‭ ‬فرعون‭ ‬وتهديده‭ ‬ووعيده‭ ‬لما‭ ‬رأوا‭ ‬من‭ ‬المكرمات‭ ...‬

 

يا‭ ‬الهي‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الإيمان‭ .. ‬اللهم‭ ‬ثبتنا‭ ‬عليه‭ .. ‬أي‭ ‬دنيا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ .. ‬أي‭ ‬عذاب‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ... ‬تهون‭ ‬الدنيا‭ ‬مهما‭ ‬تعاظمت‭ .. ‬ويهون‭ ‬العذاب‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬آياته‭ .. ‬ولسعاته‭ ‬ووهيبه‭ .. ‬أمام‭ ‬رضى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ .. ‬الذي‭ ‬يثلج‭ ‬الصدر‭ ... ‬ويطمئن‭ ‬النفس‭ .. ‬ويسكن‭ ‬القلب‭ .. ‬ويذهب‭ ‬الروع‭ .. ‬ويهدأ‭ ‬الروح‭ ... ‬ويميت‭ ‬الألم‭ ‬في‭ ‬الجسد‭ ... ‬

فلا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬ملاك‭ .. ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬إلا‭ ‬نعم‭ ‬الله‭ ‬وفضله‭ .. ‬وجناته‭ .. ‬وفردوسه‭ .. ‬وعلو‭ ‬مكانته‭ .. ‬

 

ويصغر‭ ‬ويدني‭ ‬ويذل‭ ‬ويحقر‭ ‬ويقهر‭ ‬أعداء‭ ‬الله‭ ‬وأعداء‭ ‬الدين‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬معدومة‭ ‬أمام‭ ‬المؤمنين‭ .. ‬وعظيمة‭ ‬أمام‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأعداء‭ ‬ليظلوا‭ ‬‮«‬في‭ ‬طغيانهم‭ ‬يعمهون‮»‬‭ ... ‬ويستدرجهم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ .. ‬ويملي‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬كيده‭ ‬متين‭ ... ‬

 

أمثال‭ ‬النمرود‭ .. ‬أمثال‭ ‬فرعون‭ ‬وجنوده‭ .. ‬أمثال‭ ‬قارون‭ ... ‬وغيرهم‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭ ... ‬ليظل‭ ‬المؤمنون‭ ‬هم‭ ‬الغالبون‭ .. ‬‮«‬إلا‭ ‬إن‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬هم‭ ‬الفائزون‮»‬‭ ... ‬يقهرون‭ ‬حزب‭ ‬الشيطان‭ ‬ألا‭ ‬إن‭ ‬حزب‭ ‬الشيطان‭ ‬هم‭ ‬الخاسرون‭ ...‬

وقد‭ ‬اُختلف‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬السحرة‭ ‬الذين‭ ‬جاء‭ ‬بهم‭ ‬فرعون‭ ‬لمقابلة‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ... ‬

فذكر‭ ‬ابن‭ ‬كثير‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬والنهاية‭ ‬أنه‭ ‬قيل‭ : ‬كانوا‭ ‬ثمانين‭ ‬ألفا‭ ‬قاله‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬كعب‭ ..‬

وقيل‭ ‬سبعين‭ ‬ألفا‭ ‬قاله‭ ‬القاسم‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬بردة‭... ‬

وقال‭ ‬السدي‭ ‬بضعة‭ ‬وثلاثين‭ ‬ألفا‭ ..‬

‭ ‬وعن‭ ‬أبي‭ ‬أمامة‭ ‬تسعة‭ ‬عشر‭ ‬ألفا‭...‬

‭ ‬وقال‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬إسحاق‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬ألفا‭ ...‬

‭ ‬وقال‭ ‬كعب‭ ‬الأحبار‭ ‬كانوا‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬ألفا‭ ... ‬

‭ ‬وروى‭ ‬ابن‭ ‬أبي‭ ‬حاتم‭ ‬عن‭ ‬ابن‭ ‬عباس‭ ‬كانوا‭ ‬سبعين‭ ‬رجلا‭ .‬

 

سبحان‭ ‬الله‭.. ‬والحمد‭ ‬لله‭ ..‬ولا‭ ‬اله‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ .. ‬ولا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬إلا‭ ‬بالله‭ .. ‬واستغفر‭ ‬الله‭ ‬العلي‭ ‬العظيم‭ ‬‮«‬‭ ‬خَتَمَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَىٰ‭ ‬قُلُوبِهِمْ‭ ‬وَعَلَىٰ‭ ‬سَمْعِهِمْ‭ ‬وَعَلَىٰ‭ ‬أَبْصَارِهِمْ‭ ‬غِشَاوَةٌ‭ ‬وَلَهُمْ‭ ‬عَذَابٌ‭ ‬عَظِيمٌ‮»‬‭ ... ‬سورة‭ ‬البقرة‭ ... ‬

 

حقا‭ ‬خير‭ ‬عقاب‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يطمس‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬وقلوب‭ ‬الكافرين‭ ‬المتكبرين‭ ‬المتجبرين‭ .. ‬الضالين‭ .. ‬خير‭ ‬عقوبة‭ ‬لهم‭ ‬ألا‭ ‬يشرح‭ ‬قلوبهم‭ ‬ولا‭ ‬عقولهم‭ ‬ولا‭ ‬صدورهم