رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

فى ذكرى سقوط غرناطة.. انضمام جبل طارق إلى منطقة شينغن

غرناطة
غرناطة

أعلنت وزيرة الخارجية الإسبانية ارانشا غونزاليس لايا اليوم، توصل بلادها مع بريطانيا إلى اتفاق مبدئي يتم بموجبه انضمام منطقة جبل طارق -الذاتية الحكم والتابعة للمملكة المتحدة- إلى منطقة شينغن.

وأوضحت الوزيرة أنه بهذا الاتفاق، تم التوصل إليه في اللحظة الأخيرة أمكن منع اعتبار الحدود بين إسبانيا ومنطقة جبل طارق الواقعة في الطرف الجنوبي من شبه جزيرة إيبريا منطقة حدود خارجية للاتحاد الأوروبي غير مسموح بتجاوزها اعتبارا من مطلع العام الجديد.

وفي مثل هذا اليوم الثاني من يناير عام 1492م، انتهى الحلم العربي الإسلامي فى التوسع والانتشار لما بعد الأندلس، فتلك الذكرى محفورة بأذهان جميع المسلمين، ألا وهى ذكرى سقوط غرناطة، التي تنازل عنها الملك أبو عبد الله محمد الثانى عشر.

سرية موسى

فجزيرة آيبيريا التي عندما دخلها المسلمون أول مرة، وعبروا بنشيد طارق "الله أكبر"، فأصبحوا ساداتها، وظلوا فيها زمنًا حين كان يحكمها أمثال عبد الرحمن الداخل عندما قُدم إليه الخمر ليشرب فقال: "إنِّي محتاج لما يزيد في عقلي لا ما ينقصه"، ضاعت من أيديهم بسبب ائتمان الخائنين عليها.

ولو كان يعلم موسى بن نصير ما فعله الحكام من بعده، لقطع رؤوس آبائهم قبل إرسال سرايا لاستكشاف الأندلس، حتى لا يولدوا هؤلاء الجبناء الذين أعمهتم ملذات الحياة.

طريف الأمازيغي

وأرسل موسى سرية استكشافية بشهر رمضان المعظم عام 91 هجريا، إلى جنوب إسبانيا مكونة من 500 جندي، من بينهم 100 فارس يقودهم طريف بن مالك الملقب بأبي زرعة، ذاك المسلم الأمازيغي، الذي نزل قرب جزيرة بالوما والتى سميت على اسمه فيما بعد.

و قد درس طريف المنطقة جيدا وتعرّف على مواقعها، فكانت تلك المعلومات عونا في وضع خطة السيطرة على المنطقة.

 

عبور الأندلس

واستخدم موسى معلومات طريف لمساعدة طارق بن زياد في عبور المضيق الذى سمى على اسمه، وبعدها انتصر المسلمون وفتحوا بلاد الأندلس، بدأوا فى بناء جسورا كبيرة ومساجد وقصورا، أشهرها قنطرة قرطبة العظيمة ومسجد قرطبة الكبير وقصر الحمراء، كما بدأ المسلمون فى تنظيمها إداريا وإقرار الأوضاع وتنسيق الأمور بإشراف الشمال الأفريقي، ثم أصبحت ولاية مستقلة.

بداية الانهيار

وبدأ سقوط غرناطة حينما انهار الحكم الإسلامي في بلاد الأندلس بسبب ضعف الحكام وأنانية كل ملك في الاستحواذ على عرش الأندلس وحده، كما تعددت أسباب ضياع غرناطة من أيدى المسلمين، ونبينها لكم كالتالى:

 

1) الانحراف عن نهج العقيدة الإسلامية، والانغماس في الشهوات.

 

حيث ركن الملوك إلى الترف واللهو، وشغل همهم زينة الحياة، ونسوا المسير قدما في سبيل الله واستكمال الفتوحات، وقد أقر بذلك المؤرخ النصراني كوندي، حينما قال: "العرب هُزموا عندما نسوا فضائلهم التي جاءوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى الخفة والمرح، والاسترسال بالشهوات"، فتنافس الولاة والحُكَّام من أجل إسعاد زوجاتهم وجواريهم بالباطل، مما أدى إلى ضعف وسلب العديد من ديار المسلمين حينذاك.

 

2) بدء عهد الطوائف وإلغاء الخلافة الأموية

 

بعد زوال الخلافة الأموية بدأ عهد الأعوام الصعبة، فبعد أن كانت كلمة المسلمين موحدة تحت راية خليفة واحد، أصبحوا متفرقين ومشتتين كما قال الشاعر: وتفرَّقوا شيعًا فكل محلـة *** فيها أمير المؤمنين ومنبـر.

 

3) عدم أهلية الملوك بالحكم

فكما ذكرنا سابقا كان بعض حكام الأندلس يلهثون وراء ملذات الحياة وزينة الدنيا، فقد قال عنهم ابن حزم: "والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم لبادروا إليها، فنحن نراهم يستمدون النصارى فيمكنونهم من حرب المُسْلِمِين، لعن الله جميعهم، وسلط عليهم سيفًا من سيوفه"، فكانوا يعادون المسلمين ويحاربونهم ويبرمون اتفاقيات شفاهية لقتالهم من أجل حصولهم على منصب أعلى.

 

4) التفرقة العنصرية "شهوة السلطة"

معلوم أن الاختلاف رحمة، ولكن اختلاف المسلمين في ذلك الوقت كان نقمة، فأصبح ملوك الطوائف، يستعدي النصارى على إخوانه، ويعقدون معهم عهودًا وأحلافًا ضد إخوانهم في العقيدة، وبات مِن أجل شهوة سلطة تُراق على أرض الأندلس دماء المصلين، حتى قال ابن المرابط واصفًا حال المسلمين:

ما بال شمل المُسْلِمِيـن مبدَّدٌ *** فيها وشمل الضـد غير مبـدد
ماذا اعتذاركم غدًا لنبيكـم *** وطريق هذا الغـدر غيـر مُمهَّد
إنْ قال لِمَ فرَّطتم في أُمَّتـي *** وتركتمـوهم للعـدو المعتـدي
تالله لو إن العقوبة لم تُخَف *** لكفى الحيا من وجه ذاك السيدِ

5) التخلي عن طليطلة

لم ينجد أى ملك طائفى طُلَيْطِلَة عند سقوطها بل وقفوا كالتماثيل لا يتحركون، ويكأن الأمر لا يعنيهم، بل إن بعضهم كان يرتمي على أعتاب ألفونسو ملك النصارى طالبًا عونه، وعارضًا له الخضوع، ولكن يجهلون أن ألفونسو لا يفرِّق بين طليطلة وغيرها من القواعد الأندلسية، ولكن هذا هو ما يفعله الخوف بالجبناء.

6) تخلي علماء الأمة عن أداء رسالتهم

سقوط غرناطة

حاصر القشتاليون جميع قرى ومزارع غرناطة، واستطاع ملك إسبانيا الاستيلاء على برج الملاحة الخاص بها، وزاد تحصينه، فضيق بذلك على الناس فيها، ومن ثم استعد الجيش القشتالى لدخول غرناطة، وأطلق مدافعه فى قصر الحمراء، ودخلت القوات المسيحية، وما إن دخلت القوات إلى القصر حتى رفعت فوق برج القصر الأعلى صليبا فضيا كبيرا، وهو الذى كان يحمله الملك "فرديناند" خلال المعارك مع غرناطة، وأعلن المنادى بصوت قوى من فوق البرج أن غرناطة أصبحت تابعة للملكين الكاثوليكيين.

 

فلم يبقى أمام آخر الحكام المسلمين أبو عبد الله الصغير، إلا تسليمها باتفاقية وقعها مع كل من فرديناند، وإيزابيلا من الطائفة الكاثوليكية، وكان من شروط الاستسلام أن يأمن الغرناطيون على أنفسهم وأموالهم ودينهم، ولكن ما أن استقر لهم الحكم بعد مرور 9 سنوات على سقوط غرناطة نكث فرديناند بالعهد وخير المسلمين إما اعتناق المسيحية وإما مغادرة أسبانيا، وكانت تلك هى نهاية الأندلس.

يمثل احتفالا لدى الأسبان تحت ما يسمى بذكرى "استعادة غرناطة"، والبعض الآخر يأبى هذا الاحتفال إيمانا منه أن هذا الاحتفال مسيئاً لصورة المدينة التي تفتخر بالتعايش والتآخي الإنساني بين الطوائف والأعراق المختلفة، وأن ذلك ربما يؤجج العنصرية ويعزز كراهية الأجانب والتفرقة، كما أن "جماعة غرناطة المنفتحة"، إحدى جمعيات حقوق الإنسان طالبت بإلغاء هذا الاحتفال السنوي، والذي يتعارض مع تقاليد الدولة العلمانية والدستور الإسباني.