رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خارجي ترجمة

مصر تضع أنقرة أمام ”الاختبار الحاسم”.. تركيا تبدأ التخلي عن ”المراوغة المتطرفة” من القاهرة

في أول زيارة بعد 8 سنوات من القطيعة شبه الكاملة بين مصر وتركيا، وصل الوفد الدبلوماسي التركي المرتقب برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال إلى العاصمة المصرية القاهرة، في 3 مايو الجاري، كبداية لذوبان جليد العلاقات بين البلدين، ولتثبت مصر أن لها اليد العليا في المباحثات.

 

وأكدت وزارة الخارجية التركية، في بيان، على إجراء مشاورات سياسية بين البلدين في القاهرة يومي 5-6 مايو الحالي، برئاسة أونال ونظيره نائب وزير الخارجية المصري حمدي سند لوزا، وهو بمثابة اجتماع تحضيري للقاء المرتقب بين وزيري خارجية البلدين. وتزامن البيان التركي مع آخر للخارجية المصرية، وتضمنا أن المحادثات ستتناول الخطوات الواجب اتخاذها لتطبيع العلاقات بين البلدين على الصعيدين الثنائي والإقليمي.

 

وفي منتصف أبريل الماضي، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني، إن تركيا ومصر قررتا مواصلة الحوار الذي بدأ عن طريق استخبارات البلدين، عبر وزارتي الخارجية. ووفقا لما كشفته مصادر (العربية) أن القاهرة قدمت ملفا يضم مطالبها من تركيا، كما أن مصر تمسكت في محادثاتها مع تركيا بضرورة سحب قواتها من ليبيا، وتذكر "Arab Weekly" أن المراقبين لا يستبعدون محاولة تركيا استرضاء مصر، بإجلاء المرتزقة السوريين مع إبقاء القوات التركية في إحدى القواعد العسكرية في غرب ليبيا، على الأرجح قاعدة الواطية العسكرية.

 

 

وانقسم المحللين بشأن نية تركيا حول التقارب مع مصر، ويرى البعض أن تركيا تحاول إعادة التموضع لترتيب علاقاتها مع الدول العربية فأردوغان يبحث عن مصلحة تركيا العملية، ولم يجد حرجا في أن يعلن ذلك صراحة لتنظيم الإخوان، وأن يخيرهم بين الالتزام بعدم مهاجمة مصر وبين إغلاق قنواتهم ومغادرة البلاد، في حين انتقد الفريق الثاني سياسات تركيا تجاه الدول العربية خاصة سماحها بوجود عناصر تصنفهم الدول العربية إرهابيين على أراضيها، ودعم تنظيم الإخوان والتدخل في شئون دول المنطقة الداخلية، ويرون أن التقارب التركي مع مصر ما هو إلا مناورة جديدة من أردوغان.

 

وتترجم (الزمان) حديث آيه بورويلا، كبيرة مستشاري معهد البحوث للدراسات الأوروبية والأمريكية، خلال مقابلة إذاعية مع موقع "أحوال" التركي، قالت فيه إن "القوات التركية لن تغادر ليبيا، رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار يدعو إلى انسحاب جميع المقاتلين الأجانب"، وتتوقع محاولة تركيا ووكلائها من القوى الإسلامية في ليبيا بذل قصارى الجهد لضمان عدم إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد كما هو مقرر، "الأتراك لا يريدون انتخابات في ليبيا لأنهم يعلمون أن الإسلاميين ليس لهم مستقبل فيها".

 

ووفقا لمقال كتبه المحلل السياسي هاني غرابة لمجلة "Algemeiner" الأسبوعية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لهاـ أن السياسات التدخلية والسلطوية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تركته بدون حلفاء إقليميين ومحاولته للمصالحة مع مصر هي عمل يائس. وأوضح المحلل أن مصر ليست متحمسة لعملية صنع السلام الذي تعرضه أنقرة، مشيرا إلى الأيديولوجية العثمانية الجديدة لحزب العدالة والتنمية الحاكم والدور الذي لعبته تركيا في دعم الإخوان المسلمين، حيث تحطمت العلاقات بين البلدين بعد الإطاحة عام 2013 بالرئيس محمد مرسي، التابع لجماعة الإخوان المسلمين. وعارض أردوغان، الذي تمتع بعلاقات وثيقة مع مرسي، عزل الأخير منتقدًا السيسي كلما واتته الفرصة.

 

وقال غرابة في المقال الذي جاء تحت عنوان"تركيا ومصر: تحسن العلاقات أم نكسة أخرى لأردوغان؟" إن السلطات المصرية تعتبر حكومة أردوغان من المؤيدين الرئيسيين لجماعة الإخوان المسلمين، وهي أيديولوجية إسلامية وجماعة إرهابية تعتبر العدو الرئيسي للدولة الواقعة في شمال إفريقيا، وتبعًا لذلك اعتبر أن " تحسن العلاقات مع أردوغان ليس على رأس جدول الأعمال المصري، وقد لا يحدث".

 

ويستمر غرابة في عرض نقاط الخلاف بين أنقرة والقاهرة، مشيرا إلى تدهورت العلاقات بعد أن دعمت الدولتان أطرافًا متناحرة في صراع في ليبيا واتفقتا على اتفاقات بحرية متضاربة مع دول في شرق البحر المتوسط،"في عهد أردوغان، أصبحت تركيا معزولة، وهو ما أصبح أكثر وضوحًا عندما أطلقت مصر منتدى غاز شرق المتوسط " EMGF" في عام 2019".

 

يذكر أن منتدى غاز شرق المتوسط يختص بقطاع الطاقة الإقليمي، ويستهدف تعزيز التعاون الإقليمي في مجال الطاقة والسماح بسوق غاز مستدام، كما أنه يوحد منافسي تركيا، واستطرد غرابة أن تركيا مستهدفة أيضا من قبل الاتحاد الأوروبي، مشددا على العقوبات الاقتصادية والسياسية التي يفرضها الاتحاد على التنقيب الأحادي الجانب عن الغاز في المياه التي تطالب بها قبرص واليونان.