رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

خارجي

أديس أبابا تعيق مفاوضات سد النهضة بـ«الحواجز الجديدة»

أثارت إثيوبيا حفيظة المصريين هذا الأسبوع بإعلان رئيس وزرائها آبى أحمد، عن عزم بلاده إنشاء 100 سد جديد على منابع الأنهار التى تنبع من أراضيها، حيث أكدت مصر على لسان السفير أحمد حافظ، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أن هذه التصريحات "تكشف مجددا عن سوء نية إثيوبيا فى تعاملها مع نهر النيل وغيره من الأنهار الدولية التى تتشارك فيها مع دول الجوار وكأنها أنهار داخلية تخضع لسيادتها المطلقة.

وقال حافظ إن مصر أقرت طوال المفاوضات بحق جميع دول حوض النيل فى إقامة مشروعات مائية، واستغلال موارد نهر النيل من أجل تحقيق التنمية لشعوبها الشقيقة بشرط إقامتها بعد التنسيق والتشاور والاتفاق مع الدول التى قد تتأثر من إقامتها، وفى مقدمتها دولتى المصب مصر والسودان.

واختتم المجمع المقدس لكنيسة التوحيد الإثيوبية الأرثوذكسية مؤتمره السنوى بدعوة القديس "سينودوبس" شعوب العالم إلى تفهم موقف إثيوبيا الذى يهدف إلى الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها، مطالبا بعدم تدخل الدول الأخرى فى التنمية الداخلية لإثيوبيا، ووصفت الكنيسة سد النهضة بأنه خطوة للأمام نحو رفع الفقر، ودعت الجميع إلى المساهمة فى إنهاء الوضع الحالى مناشدة جميع الإثيوبيين التعاون بنجاح، لاستكمال بناء سد النهضة الذى أوشك بناؤه على الاكتمال.

وقال عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق، إن الدولة المصرية مهتمة بملف سد النهضة، وتؤدى دورها على الوجه الأكمل، مطالبًا بعدم إحداث لغط حول جهود القيادة، لحل الأزمة، مؤكدًا أن الدولة تستطيع الوصول إلى أبعد مدى لصد أى ضرر محتمل على الشعب.

بمعنى "أنه إذا أضريت بمصالحى فسأضر بمصالحك، والأفضل ألا نضر بمصالح بعضنا البعض"، داعيا إلى السيطرة على الأمر بدلا من الدخول فى حرب مصالح، إلا أنه أكد اطمئنانه إلى الحركة التى تتم إلى الآن فى سد النهضة، مطالبا بالاهتمام بالبحث عن زيادة مصادر المياه والعمل على تقليل الهدر من استخداماتها.

فى سياق متصل أنهت القوات المصرية والسودانية تدريباتهم المشتركة "حماة النيل" التى جرت بين يومى 26 و31 مايو على الأراضى السودانية حيث صرح الفريق محمد عثمان الحسين رئيس هيئة أركان الجيش السودانى، أن التعاون العسكرى بين مصر والسودان يشهد تطورا مستمرا.

وأكد عثمان أن هذه المناورات، تأتى فى إطار التعاون العسكرى المشترك بين الجيشين المصرى والسودانى، وأنها تهدف إلى رفع القدرات القتالية للقوات لتشكل رادعا للمتربصين والأعداء ومسايرة للتهديدات المتوقعة وليست استهدافا لأحد.

وقال الفريق محمد فريد حجازى رئيس هيئة أركان الجيش المصرى، إن مناورات "حماة النيل" تعكس تاريخ الأخوة والارتباط بين مصر والسودان، موضحا أن مناورة "حماة النيل عبارة عن تدريب نوعى وإستراتيجى للجيشين فى ظل التحديات الإقليمية التى تواجهها كلا الدولتان.

من جانبه دعا الربان عمر المختار صميدة، رئيس حزب المؤتمر ورئيس هيئته البرلمانية فى مجلس الشيوخ، الصين حكومةً وشعباً، لبذل المزيد من الضغوط الدبلوماسية، على الحكومة الإثيوبية، لحثها على توقيع اتفاق قانونى ملزم مع دولتى المصب، مصر والسودان، حول آليات ملء وتشغيل سد النهضة، لافتاً إلى أن مصر لن ترضى بفرض سياسة الأمر الواقع عليها.

أضاف صميدة خلال مشاركته فى الندوة الافتراضية التى عقدتها سفارة الصين بالقاهرة بحضور السفير لياو ليتشانج سفير الصين بمصر، ومجموعة من قادة الأحزاب المصرية والحزب الشيوعى الصينى، بمناسبة مرور 65 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

إن العلاقات المصرية الصينية تاريخية، حيث كانت مصر من أوائل الدول التى اعترفت بالصين، مشيرا إلى الدور الكبير الذى تلعبه مصر فى إقرار السلام فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو ما يفتح الباب لدخول الصين هاتين المنطقتين كشريك وصانع للمستقبل.

وقال رئيس حزب المؤتمر إلى أن الأزمة العالمية التى شكلتها جائحة كورونا، قد أثبتت عمق هذه العلاقات حيث تبادل خلالها الجانبان كافة أشكال الدعم والمساندة، وصولاً إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية فى إنتاج لقاح كورونا فى مصر، بالاشتراك مع شركة سينوفاك الصينية العملاقة.

وقال الدكتور جمال شقرة رئيس لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، إن إصرار إثيوبيا على رفض اتفاقات ترسيم الحدود القديمة، ومنها اتفاقية عام 1902 التى وعدت إثيوبيا خلالها الحكومة البريطانية بعدم إقامة أى مشروعات على منابع النيل الأزرق، من شأنها منع تدفق المياه إلى مصر والسودان، سيحدث فوضى عارمة فى العالم كله.

أوضح لـ"الزمان" أن فرنسا فرضت على ألمانيا عقب هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية التنازل عن أقاليم كثيرة لها، وعندما يقدم رئيس وزراء إثيوبيا نموذجا لنقض هذه الاتفاقات يصبح من حق ألمانيا الإعلان عن رفضها اتفاقية ترسيم الحدود.

أضاف الدكتور شقرة أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان حاول التخلص من اتفاقية 1924 وطرح مشروع الدولة العثمانية الجديدة لإعادة ترسيم حدوده مع اليونان وقبرص والدول العربية المجاورة التى كانت خاضعة للسيطرة العثمانية وقتها.

وأشار رئيس لجنة التاريخ إلى أن الإمبراطورية المصرية وصلت فى عهد أسرة محمد على باشا إلى مدينتى "كونيا وكوتاهية" غرب تركيا، بل وامتدت شرقا إلى ساحل الخليج العربى، ووصلت إلى إقليم الموصل بالعراق، كما امتدت جنوبا إلى منابع النيل وغربا إلى ليبيا.

وحول السيناريوهات المتوقعة لإدارة الأزمة مستقبلا لفت الدكتور شقرة إلى أن أراضى بنى شنقول المقام عليها السد كانت ملكا لمصر فى عهد الخديوى إسماعيل، وتم نقل تبعيتها للسودان، التى وقعت اتفاقية عام 1902 بضمها لإثيوبيا بشرط عدم إقامة أى مشروعات عليها تمنع تدفق المياه إلى مصر.

أكد الخبير الإستراتيجى أنه فى حالة إصرار إثيوبيا على عدم الاعتراف بالاتفاقات القديمة يصبح من حق مصر المطالبة بهذه الأراضى وهو السيناريو الأقرب، لافتا إلى أن وصول القوات المصرية إلى المنطقة يعطى إشارة إلى إمكانية احتلال منطقة السد، لإدارة السد بالتنسيق بين مصر والسودان على اعتبار أنه مقام على أراضٍ مصرية.

أشار الدكتور شقرة إلى وجود عدد من المستثمرين أصحاب الشركات الدولية، الذين يمكن وصفهم بأن وطنهم المال ولا يعنيهم مصالح أوطانهم التى خرجوا منها، تتجه عيونهم للاستثمار فى السودان وإثيوبيا فى المشروعات الزراعية والكهربائية، والصناعة، ولا تستطيع توجيه اللوم لحكومتهم لأن الأوطان لا تعنيهم فى شىء.

وأضاف الخبير الإستراتيجى إلى أن هناك بعض رجال الأعمال الفلسطينيين ساهموا فى بناء الجدار العازل، الذى أقامته إسرائيل لمنع الفلسطينيين من الدخول إليها، كما عانت مصر من تعاون بعض رجال الأعمال مع الإنجليز طوال فترة احتلالها لمصر، فى إنتاج وتصدير القطن بصرف النظر عن مصلحة البلاد.

أكد رئيس لجنة التاريخ أن الحكومة المصرية اتخذت عدة خطوات مهمة لإحكام الحصار على إثيوبيا منها توقيع عدة اتفاقات عسكرية مع رواندا وبوروندى وكينيا، وآخرها زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى دولة جيبوتى، مؤكدا أن الشارع المصرى لن يقبل بوقف تدفق مياه النيل إليه فى موعده وسينتفض لضمان وصول المياه إليه فى موعدها.

أكد الدكتور شقرة أن الأمم المتحدة عندما أنشئت عام 1945 أقرت بترسيم الحدود بين الدول، وأرست مبدأ توارث الاتفاقات الدولية بين الحكومات المتعاقبة، وأن محاولة أبى أحمد خرق القانون الدولى من شأنه إحداث فوضى عارمة حول العالم خاصة فيما يتعلق بالدول التى خضعت للاستعمار البريطانى والفرنسى، حيث تسمح هذه السابقة بإعادة احتلال كل هذه الدول على اعتبار أنها جزء من الإمبراطوريات القديمة.

لفت الخبير الإستراتيجى إلى معاناة أبى أحمد من أزمات داخلية طاحنة فى إقليم التيجراى، والأورومو والأمهرا، إضافة إلى سعى كل جيرانه إلى استقطاع جزءا من أراضيه، حيث تطالب إريتريا بضم إقليم التيجراى، والسودان بإقليم الفشقة وأرض بنى شنقول، والصومال بإقليم أوجادين، مؤكدا أن فشله فى حل المشاكل الداخلية دفعه إلى اختلاق مشاكل خارجية لتوحيد صفوف الشعب الإثيوبى حوله.

وقال الدكتور شقرة إن تعنت الطاغية أبى أحمد فى حل أزمة سد النهضة، قد أحدث حراكا شعبيا لدى المصريين بحيث أصبحت كل شرائح المجتمع تطالب الرئيس السيسى بالتدخل العسكرى المباشر، ولم يعد غالبية الشعب قابلا للحلول السياسية خوفا من أن تنقض إثيوبيا الاتفاقية فى توقيت لا يسمح لمصر بالرد

من جانبه أوضح اللواء نصر سالم المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، أن القوات المصرية تدربت خلال مشاركتها فى مناورة حماة النيل على مسرح عمليات جديد، واكتسبت خبرات عملية جديدة، كما تم الدمج والتنسيق بين الجيشين للتعامل مع أى عداءات مشتركة قد تواجه الدولتين.

وقال الخبير العسكرى إن المفاوضات لا زالت هى الخيار الأول للقيادة السياسية المصرية، لإدارة ملف سد النهضة غير أن وجود القوات المصرية قريبا من مسرح العمليات يعطى مصر ثقلا دوليا، ورسالة مباشرة لكل دول الإقليم، مؤكدا أن المناورة قد أرسلت رسالة مباشرة لكل من تسول له نفسه تهديد مصالح مصر الحيوية بأنها قادرة على معاقبة كل من يحاول الاعتداء عليها.

أشار اللواء نصر إلى سعى كلا من تركيا وقطر إلى إعادة علاقاتهما مع مصر بعدما شعرا بأنها قد أصبحت ثقلا إقليميا لا يستهان به، ودفعت باقى دول الإقليم إلى إعادة حساباتهم فى التعامل مع مصر، مشيرا إلى المناورات التى أجرتها القوات المصرية مع نظيرتها بالإمارات العربية تحت عنوان "زايد 3" ومع تونس ومع القوات الروسية فى البحر الأسود قد ساهمت بقوة فى رفع كفاءته القتالية.