رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

القاهرة تحتضن الفرقاء الليبيين في «مفاوضات تحديد المصير»

تشهد الساحة الليبية هذه الآونة حراكا نشطا، إذ تتواصل الجهود الدولية؛ لإيجاد حل للأزمة التي نتجت عن تأجيل الانتخابات، والذي كان مقرر انعقادها، ديسمبر العام الماضي، ويبدو التركيز الآن منصبا على انتخابات مبنية على قاعدة دستورية متينة.

وتستعد القاهرة لاحتضان الجولة الثانية من المشاورات في الـ15 من مايو الجاري؛ بهدف التوصل إلى وضع قاعدة دستورية لازمة للسير بليبيا إلى انتخابات وطنية، في ظل أزمة سياسية متصاعدة مع نزاع بين حكومتين.

وفي هذا الصدد، يرى الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية والعربية، أن انعقاد جولة ثانية من المشاورات في القاهرة، هو بمثابة وضع الخطوط العريضة للقاعدة الدستورية يتم عليها إجراء الانتخابات.

ويقول أستاذ العلاقات الدولية لـ«الزمان»، إن مصر هي أول دولة اهتمت بحل القضية الليبية، وبالأخص فيما يتعلق بإيجاد قاعدة دستورية، وعملت على جلوس الفرقاء الليبيين على مائدة حوار واحدة لإزالة كافة العقبات التي تعرقل المسار الدستوري والسياسي في ليبيا.

وأكد الخبير الدولي، أن الدولة المصرية تولي اهتماما كبيرا لحل الأزمة الليبية، لافتا إلى أن مصر هي من وضعت اللبنة الرئيسية لحل الأزمة وتسعى وبكل قوة إلى إزالة العراقيل لإيجاد تسوية سياسية للأزمة في ليبيا، معللا أن ليبيا تعتبر جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

ويتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور محمد حسين، معه في الرأي، مؤكدا لـ«الزمان»، أن مصر دائما ما تمد يد العون للبلدان العربية، وخاصة ليبيا والتي تعد أمن قومي لها لأنها دولة جوار.

• أزمة الحكومتين

وفي سياق صراع الحكومتين، أوضح الدكتور حامد فارس، أن الهدف الأساسي لحكومة الدبيبة، كان العمل على إتمام الانتخابات التي كانت مقررة في 24 ديسمبر الماضي، وتوحيد المؤسسة العسكرية، وعمل مصالحة وطنية حقيقية تجمع جميع الأطراف على مائدة حوار واحدة وتغليب المصلحة العليا، وأيضا التوزيع العادل للثروة في ليبيا، منوها أنها لم تستطع تحقيق أي هدف منها.

وأضاف: «يرغب الدبيبة أن يبقى أطول فترة ممكنة في السلطة، وهذا يدل على نظرته الضيقة للأمور، والبحث عن المصالح الشخصية بعيدا عن المصلحة العليا للدولة الليبية».

واعتبر الخبير الدولي، أن باشاغا هو رجل المرحلة، ولذلك أتى به مجلس النواب وهو وزير الداخلية الأسبق لما لديه من قدرة كبيرة، وأعطى له الثقة ليقوم بالسلطة التنفيذية الجديدة خلفا للدبيبة.

ولفت إلى أن باشاغا، لديه علاقة قوية بمجلس النواب والجيش الوطني، وأيضا يستحوذ على ثقة جميع أطراف المجتمع الليبي والأطراف القوية في المشهد الليبي، وبالتالي هو قادر على العمل على إيجاد تسوية سياسية تنتهي بإجراء انتخابات.

وذكر أن باشاغا، يتمسك بالتسوية السياسية وتسيلم السلطة بشكل سلمي ولا يريد أن تمر ليبيا مرة أخرى بصراع مسلح يكون نتيجته العودة مرة أخرى إلى الصفر.

• انقسام دولي

لم يعد الانقسام الليبي بشأن الحكومتين المتنازعتين داخل ليبيا فقط، بل بدأت تداعيات الأزمة السياسية تمتد إلى خارج حدودها، وتخلق حالة من الاصطفاف الإقليمي خلف الطرفين المتنازعين على السلطة.

وفي سياق متصل، يقول أستاذ الشؤون الدولية، إن المجتمع الدولي منقسم بين الحكومتين فهناك بعض الدول التي تدعم باشاغا، وهناك أخرى تدعم الدبيبة، مشيرا إلى أن البرنامج الذي وضعه باشاغا يختلف تماما عن الدبيبة، معللا أن برنامج باشاغا شامل الأزمة الليبية، ولا يسير بنظام المسكنات الذي يستخدمها الدبيبة.

وأكد أن الدبيبة، بزيارته إلى الجزائر يبحث عن ورقة أخيرة يحاول أن يتمسك بها لأنه وضع نفسه في عزلة دولية نتيجة سياساته الخاطئة التي اتخذها أثناء توليه السلطة التنفيذية.

وتابع: «دعم الدبيبة للميليشيات المسلحة بالمال والسلاح يصعد الأزمة في ليبيا، ومن الممكن أن تنجر ليبيا مرة أخرى إلى صراع مسلح وهو ما لا يريده باشاغا».

• الدبيبة والأخوان

أوضح الدكتور حامد فارس، أن الدبيبة له أصول إخوانية، ويميل لهم ولكنه يبحث عن مصالحه الشخصية ويتمسك بالسلطة على حساب المصلحة العامة، لافتا إلى أنه يحاول أن يسير على خطى فايز السراج، الذي تلقى دعما من تركيا وهو السبب الرئيسي لإدخال الميليشيات المسلحة والمرتزقة السوريين إلى ليبيا.

وذكر أن الدبيبة دعم واعترف بمذكرتي التفاهم الباطلة التي تم توقيعهما، سواء المذكرة الاقتصادية أو الأمنية أو حتى ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا، بالرغم من عدم وجود حدود بحرية في الأصل بين البلدين، ولم يعترف بها مجلس النواب الليبي أو حتى الأمم المتحدة.

والجدير بالذكر أن ليبيا تشهد حالة من الصراع منذ عام 2011، والتي تطورت إلى نزاع دام على السلطة وفوضى لم تعرف ليبيا بعدها استقرار، وتسعى لخلق قاعدة دستورية في ظل استمرار الانقسامات بين عدة أطراف.