رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

منوعات

أحدث دراسة بمصر: السياسة الدولية ظالمة.. وإسرائيل تتعمد صنع حربٍ نفسية لبث الرعب

وصفت أحدث دراسة بمعهد الدرسات والبحوث الأسيوية التابع لجامعة الزقازيق، أن التطورات الموجودة بشأن الصراع العربي-الإسرائيلي بالحرب الظالمة الخالية من المبادئ والمبررات العادلة، مؤكدةً أن الإسرائيليون يتعمدون أن تكون حروبهم حروباً ظالمة عارية من كل خلق حميد، وذلك من أجل صناعة حرب نفسية تبث الرعب في قلب كل من سولت له نفسه يوماً أن يحاربهم، كما توصلت إلى أن إسرائيل لم تكتف بميدان المعارك والقتال بل تعدي إرهابها إلي نطاق السياسة الدولية ، وهو ما تجلي في السيطرة علي المراكز الحقوقية والمؤسسات الدولية في الأمم المتحدة وغيرها ، حتى تكون السياسة الدولية غير العادلة في خدمة الحروب القذرة وغير العادلة التي تمارسها إسرائيل .

جاء ذلك خلال مناقشة الدراسة الأحدث في مصر، والتي نوقشت اليوم الأربعاء، بمعهد الدراسات والبحوث الأسيوية التابع لجامعة الزقازيق، للباحث الدكتور عبدالعظيم الصبّاح، المفتش العام بالإدارة العامة للمراجعة والحوكمة بوزارة الأوقاف المصرية.

واستعرضت الدراسة جملة من المبادئ والمبررات العادلة والمقبولة التي يجب توافرها قبل الدخول في الحرب حتى توصف بكونها حرباً عادلة وإلا وصفت بكونها حرباً ظالمة، أهما :
عدالة القضية : فتكون الحرب عادلة عندما تكون الغاية من شنها غادية عادلة ، كأن يكون قيامها من أجل حماية الأديان والأوطان والأعراض والأنفس والأموال ، أو أن تكون الغاية منها الدفاع عن قضية عادلة يقرها القانون الدولي الحديث
الهدف المشروع : فلا تقوم الحرب على نوايا خفية ، ولا تهدف إلى تحقيق منافع شخصية ، بل ينبغي أن تكون واضحة الأسباب للعيان ، تهدف إلى تحقيق هدف أخلاقي كتحقيق مصالح العامة ، لا مصالح الأفراد والجماعات ، وألا يكون الهدف ذريعة لغاية شريرة كالاستعمار أو الانتقام أو الحسد أو الإرهاب أو الإبادة الكلية أو الجزئية أو الهيمنة
الملاذ الأخير : فتكون الحرب هي الخيار الأخير و الأسوأ بعد استنفاذ كافة سبل الحوار والتفاوض السلمي والدبلوماسي والسياسي بين الطرفين من أجل تجنب ويلات الحرب .
التناسب على مستوي الوسائل المشروعة : بحيث تتلاءم القوة العسكرية ووسائل القتال مع الحرب كي لا تؤدي كمية الجهد المبذول ونوعه إلى عواقب جائرة تفوق نسبتها نسبة الغايات الشرعية المستهدفة ، بل يكون السلاح على قدر الردع ، فالغرض من استعمال وسيلة الحرب هو إضعاف قوة العدو ، وإخراجها من دائرة القتال
التميز بين المدنيين الأبرياء وبين المقاتلين من الأعداء : فلا تستهدف المدن والقرى والمباني غير المحمية مهما كانت الوسيلة المستعملة ، ولا تستهدف الأماكن ذات الأهمية الخاصة كأماكن العبادة ، ودور التعليم ، والمستشفيات ، بحجة استخدامها في المجهود العسكري أو أنها ذات طبيعة عسكرية ، حيث أنهم لا يمثلون تهديداً مباشراً ، فهم في حماية الأخلاق والقانون .

إن المرء ليعجب كل العجب حين يعلم أن توراة بني إسرائيل الحالية تعتبر سجلاً دقيقاً ومفصلاً لشرورهم ، وآثامهم ، وصمم آذانهم عن الاستجابة لله تعالى ، ومخالفتهم لشريعته ، وخيانتهم العهد ، فما من سفر من أسفارهم إلا يزخر بعبارات السخط والغضب التي صبها الله على بني إسرائيل صباً في كل عهودهم منذ أن أخرجهم الله من مصر ، إلى أن أهلكهم بظلمهم ، وقضي بخراب بلادهم ، وتقطيعهم في الأرض.
ويهود اليوم هم الخلف السيئ لمن سلف ، فهؤلاء الخلف ينطلقون من تراث السلف ، فوراء كل جريمة يرتكبونها نبوءة مزعومة تسوغها لهم ، يقول بن جوريون : " قد لا تكون فلسطين لنا من طريق الحق السياسي أو القانوني ، ولكنها حق لنا على أساس ديني ، فهي الأرض التي وعدنا الله ، وأعطانا إياها من الفرات إلى النيل " ، ويقول تيودور هرتزل: " إن هدف الحركة الصهيونية هو تنفيذ النص الوارد في الكتاب المقدس بإنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين " .
فبالنظر إلى تفكير هؤلاء القادة الصهاينة وغيرهم من الذين قادوا هذه الحروب وأوقعوا تلك الجرائم ، وبالنظر إلى الممارسات الإسرائيلية المعاصرة تجد أن هناك صلة وثيقة بين سرديات التوراة ، وبن ما نراه من حروب إسرائيلية ظالمة تجد مبررتها العقائدية في قصص التوراة ونصوصه المقدسة وحكاياته عما قام به الأسلاف من أعمال وحشية تشكل مرجعية أيدلوجية لهم في تعاملهم مع الأغيار ، وجزءاً من تكوينهم الإيماني ، ونماذج مقدسة يسترشدون بها ، كما هي أو بروحها وغاياتها عند الصهيونية المتدينة ، أما الصهيونية العلمانية التي تعد التوراة سجلاً تاريخياً يسرد أخبار الأسلاف وأفعالهم ولا علاقة له بالسماء فيقدسونه تقديساً دنيويا من حيث هو مكون ثقافي من المكونات الأساسية لمنظومتهم الفكرية ، وعليه فإن قصص الإبادة التي تعج بها التوراة ، والتي يصدقون تاريخيتها ، أو يريدون تصديقها ، تقع في صميم نسيجهم الثقافي ، فيتقبلونها علي أنها نماذج نجحت في الماضي في استئصال الأغيار يمكن تكرارها في الحاضر من أجل الوصول إلي هذا الهدف ، يقول " دافيد بن غوريون " : ليس من المهم أن تكون أي من القصص التوراتية تسجيلاً صادقاً للحادثة أم لا ، فإن الأكثر أهمية هو ما يؤمن به اليهود علي أنه كائن وصولاً إلي عهد الهيكل الأول .
فحقيقة ما نراه في الوقت المعاصر من ضربات استباقية توجهها إسرائيل نحو جيرانها ، ، إنما هو سير من اللاحق علي نهج السابق .
فأسفار العهد القديم هي النبع الذي لا يجف والمعين الذي لا ينضب لكل ما نراه من الحرب والإرهاب والخرق لكل المبادئ الدولية والشرائع السماوية ، ندرك أن الممارسات السابقة وأن لم تستخدم في حاضرنا بمسماها فهي مطبقة في الواقع بمفهومها ، وأن تلك النصوص الأسطورية ، تستخدم كأداة لتبرير الجرائم التي تقوم بها إسرائيل
قد يعجب البعض من القول بأن لليهود دوراً كبيراً في إنشاء المنظمات العالمية والمؤسسات الدولية التي تدعو في ظاهرها إلى العدالة ، والتي تطورت عبر الزمن عن نظرية الحرب العادلة ، كمنظمة "عصبة الأمم" التي دعا اليهود إلى إنشائها عقب الحرب العالمية الأولي ، و "هيئة الأمم المتحدة " التي أصدرت قرارها في 29 نوفمبر 1947م بتقسيم أرض فلسطين إلي دولتين : عربية للفلسطينيين ، وإسرائيلية للإسرائيليين ، و "مجلس الأمن" ، و "منظمة اليونسكو" وغيرها من المنظمات العالمية والمؤسسات الدولية ، كما أشار إلى ذلك القاضي أمسترونج في كتابه " الخونة " حيث يقول : " إن فكرة قيام عصبة الأمم وهيئة الأمم المتحدة ويتبعها إمبراطورية صهيونية عالمية قد طرحت بهذا الترتيب الزمني على بساط البحث في مؤتمر بال الصهيوني المنعقد سنة 1897م "( ) .
ولم تكن دعوات اليهود لإنشاء تلك المنظمات والمؤسسات من أجل تحقيق العدالة ونشر السلام العالمي ، وإنما من أجل السيطرة علي تلك المؤسسات التي هي في واقع الأمر ليست إلا واجهات مضللة ، ضررها علي الشعوب أكثر من نفعها لهم ، فهم يحاولون من خلالها التسويف في حل المشكلات العالمية للوصول إلي ما يخدم المصالح الصهيونية ، وما يحقق مآربها ، فأكثر أعضاء هذه المنظمات من اليهود الخلص أو صنائعهم
كما توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج، أبرزها ما يلي :
- أن للصراع العربي الإسرائيلي جانباً دينياً وعنصراً اعتقادياً ، لا يمكن إغفاله أو التغاضي عنه ، كما لا يجوز تجنبه أو تجاوزه ، هذا علاوة على الجانب السياسي الإمبريالي .
- تعدد المنابع الفكرية لما يخص نظريات الحرب الإسرائيلية ، ما بين منابع دينية ممثلة في أسفار العهد القديم ونصوص التلمود وبروتوكولات حكماء صهيون ، ومنابع فلسفية أبرزها نظرية نيتشه عن السوبرمان وتمجيد القوة وكذلك النظرية الإمبريالية . ولم يكن اعتماد النظرية الإسرائيلية على تلك المنابع بقدر متساو ، حيث كان لكل مصدر أو منبع طريقته الخاصة ، وذلك علي النحو التالي :
ففي حين اختصت أسفار العهد القديم بالتأسيس التشريعي لأحكام الحرب بما يوافق كونها مصدراً يفترض أنه إلهي ( خاصة سفر التثنية ) وبما يوافق حالة بني إسرائيل في زمن العهد القديم من تعرضهم بصفة دائمة لانكسارات وهزائم متوالية على يد الأمم القوية في الشرق الأدنى القديم مما دفعهم إلي نوع من التعويض النفسي بصورة قصصية تمثلت في مجموعة المبالغات القصصية والخرافات التي وردت في سفر ( يوشع ) مثلاً ، وهو ما جعل نغمة الاستعلاء في العهد القديم تأتي أكثر خفوتاً من نظيرتها في العهد القديم .
وفي التلمود تفيض كثيراً من نصوصه بالإرهاب النظري المتمثل في روح العنصرية والاستعلاء وكراهية واحتقار كل من هم دون اليهود ، مع التحريض علي العنف مع بقية الجويم عندما تسنح الظروف .
وفي برتوكولات حكماء صهيون خطة متكاملة تهدف إلي السيطرة علي العالم وحكمه وامتلاك ثرواته .
وأما نظرية السوبرمان التي تكرس لتمجيد القوة والأقوياء ، إلى جانب النظرية الإمبريالية ، فإنهما حولا نظرية الحرب الإسرائيلية غير العادلة إلي حيز التنفيذ العملي.
- أن الإرهاب الإسرائيلي بدأ فعلياً بالأحداث التي سبقت إعلان قيام الكيان الصهيوني في الفترة 1947 – 1948م ، وهو ما تشهد به المجازر الوحشية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية : شيترن ، إرجون تسفائي ، هاجاناه وغيرها علي الأرض الفلسطينية ، كما تشهد به حروب 1956م ، 1967م ، وحرب الاستنزاف ، علاوة علي سياسة اغتيالات قادة الحركة الفلسطينية .
- إن إسرائيل لم تكتف بميدان المعارك والقتال بل تعدي إرهابها إلي نطاق السياسة الدولية ، وهو ما تجلي في السيطرة علي المراكز الحقوقية والمؤسسات الدولية في الأمم المتحدة وغيرها ، حتى تكون السياسة الدولية غير العادلة في خدمة الحروب القذرة وغير العادلة التي تمارسها إسرائيل .
- أن الإسرائيليون يتعمدون أن تكون حروبهم حروباً ظالمة عارية من كل خلق حميد ، وذلك من أجل صناعة حرب نفسية تبث الرعب في قلب كل من سولت له نفسه يوماً أن يحاربهم .