وزيرة التضامن تشارك في الحدث الجانبي الإقليمي تحت عنوان ” الطريق إلى التنمية الاجتماعية الشاملة بالدوحة
شاركت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي في الحدث الجانبي الإقليمي تحت عنوان " الطريق إلى التنمية الاجتماعية الشاملة .. من التمكين إلى العيش المستقل" الذي تنظمه مملكة البحرين بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ضمن فعاليات مؤتمر القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية بالدوحة، وذلك بحضور السيد أسامة بن صالح العلوي وزير التنمية الاجتماعية بمملكة البحرين، والأستاذة وفاء بني مصطفى وزيرة التنمية الاجتماعية بالمملكة الأردنية الهاشمية، وأدارها الوزير المفوض طارق النابلسي مدير إدارة التنمية والسياسات الاجتماعية بجامعة الدول العربية.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أننا نجتمع اليوم في وقت لم تكن فيه مسؤوليتنا الجماعية المتمثلة في القضاء على الفقر، وتعزيز التمكين الاجتماعي، وضمان العمل اللائق للجميع أكثر إلحاحًا مما هي عليه الآن، فالأزمات العالمية المتلاحقة، وتزايد معدلات عدم المساواة، وغيرها من التحديات المستمرة، تهدد بتقويض ما تحقق خلال عقود من جهود التنمية، الأمر الذي يجعل من الضروري أن نسلك مسارات أكثر صلابة ومرونة نحو تحقيق أجندة 2030.
وأوضحت الدكتورة مايا مرسي أنه منذ خمسينيات القرن الماضي، طورت مصر منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية تشمل: المساعدات النقدية، والرعاية الصحية، والتأمينات الاجتماعية، والإسكان الاجتماعي، ودعم الأزمات والطوارئ، والتمكين الاقتصادي، والتحويلات العينية وبطاقات التموين، وغيرها من البرامج التي تستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
وأشارت وزيرة التضامن الاجتماعي إلى أنه على الرغم من التحديات الاقتصادية التي واجهتها مصر خلال السنوات الماضية، لم نتراجع، بل جعلنا الحماية الاجتماعية في قلب رؤيتنا الوطنية، وحولنا النظام من آليات متفرقة إلى إطار متكامل ومتطور يركز على الكرامة الإنسانية ويعالج جذور الفقر والهشاشة، وقد تضاعف الإنفاق الحكومي على برامج الحماية الاجتماعية ليصل إلى 700 مليار جنيه مصري خلال العام المالي الحالي — وهو ما يعكس التزام الدولة الراسخ بمواطنيها.
ويُعد برنامج "تكافل وكرامة" حجر الزاوية في هذا الجهد — فهو التجسيد الأوضح لالتزامنا بالتكافل والعدالة، حيث أُطلق البرنامج عام 2015 كبرنامج تحويل نقدي مشروط، لا يُعتبر مجرد دعم مالي، بل استثمار استراتيجي في مستقبل مصريهدف إلى كسر حلقة الفقر. بدأ البرنامج بميزانية تقارب 3.6 مليار جنيه، وتجاوز اليوم 54 مليار جنيه سنويًا.
وأشارت وزيرة التضامن الاجتماعي إلى أنه خلال السنوات العشر الماضية دعم نحو 7.8 مليون أسرة، ويخدم حاليًا ٤.٧ ملايين أسرة، وتطور النظام من الدعم العشوائي إلى منظومة رقمية دقيقة تستخدم آلية الاستهداف عبر اختبار مستوى المعيشة لضمان وصول الدعم إلى الأسر الأشد احتياجًا، كما أن 75% من مستفيدي الدعم النقدي من السيدات، مما يعزز دورهن الاقتصادي داخل الأسرة والمجتمع، ولا تقتصر جهودنا على الدعم النقدي فقط، بل يُمثل "تكافل وكرامة" قاعدة أساسية نبني عليها هيكلًا اجتماعيًا شاملًا ومتماسكًا يدمج الحماية في مجالات الصحة والتعليم والإسكان والفرص الاقتصادية.
كما أن البرنامج المشروط يلزم الأسر بضمان انتظام أبنائها في المدارس وإجراء الفحوص الطبية الدورية — مما يمثل محورًا أساسيًا في استراتيجيتنا لتنمية رأس المال البشري، والمتسق مع الإصلاحات الوطنية الكبرى مثل:
قانون التأمين الصحي الشامل، والاستثمارات الضخمة في البنية التعليمية لضمان بيئة تعلم جيدة لكل طفل، فنحن نؤمن بأن الصحة حق، والتعليم هو الطريق للخروج من الفقر.
وشهدت مصر تحولًا جوهريًا في نظام المساعدات النقدية، حيث أصبح "تكافل وكرامة" حقًا قانونيًا بموجب قانون الضمان الاجتماعي المعدل الذي أقره فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي هذا العام، ليكون أول إطار تشريعي يحكم منظومة الدعم النقدي في تاريخ مصر.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن الغاية الأسمى للحماية الاجتماعية هي الكرامة الإنسانية، ومن هذا المنطلق، أولينا اهتمامًا بالغًا بتوفير السكن الكريم والمستقر من خلال مبادرات الإسكان الاجتماعي المتعددة، لضمان حصول الأسر منخفضة الدخل على مساكن آمنة ومناسبة وبأسعار معقولة، ويجد هذا الالتزام تجسيده الأكبر في المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، هذا المشروع القومي غير المسبوق الذي يستهدف القضاء على أوجه الفقر متعدد الأبعاد في أكثر من آلاف القري الريفية، عبر تطوير البنية التحتية، والأهم من ذلك، أن برامجنا مصممة لتشجيع التمكين لا الاعتمادية.�
ومن خلال المنظومة المالية الاستراتيجية والتمكين الاقتصادي – نعمل على ربط مستفيدي برنامج "تكافل" القادرين على العمل ببرامج التدريب المهني، ومشروعات التمويل متناهي الصغر، بما يتيح لهم الانتقال من الاعتماد على الدعم إلى الاعتماد على الذات والتمكين الاقتصادي والمساهمة الفاعلة في الاقتصاد الوطني، كما ندرك أن النظام الحديث للحماية الاجتماعية يجب أن يكون مرنًا وقادرًا على التكيّف، وفي مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية — بما في ذلك تداعيات جائحة كوفيد-19 والضغوط التضخمية — أثبتت المنظومة المصرية قدرتها على الاستجابة السريعة والفعّالة.�
ومن خلال السجل الوطني الموحد وقاعدة بيانات الحماية الاجتماعية، تمكّنا من توسيع مظلة الدعم بسرعة، وإطلاق حزم استثنائية متكررة لرفع الحد الأدنى للأجور وقيم الدعم، وإضافة مئات الآلاف من الأسر الجديدة إلى شبكة الأمان الاجتماعي، بما جعل النظام درعًا واقيًا في مواجهة الأزمات الخارجية، وهذه القدرة على الاستجابة السريعة للطوارئ تُعدّ عنصرًا أساسيًا في استراتيجية مصر لبناء المرونة المجتمعية.
ولا يمكننا أن نغفل جانب الرعاية الاجتماعية، حيث تعمل مصر منذ سنوات طويلة على تعزيز البنية التحتية للخدمات الاجتماعية وتطوير السياسات الدامجة لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، كما تبذل الدولة جهودًا كبيرة نحو التحول من الرعاية المؤسسية إلى الرعاية الأسرية والمنزلية، ولا سيما للأطفال، من أجل بيئة أكثر دفئًا وإنسانية. وتعزيز آلية الكفالة وجاري الانتهاء من مشروع قانون للرعاية البديلة.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن الحكومة المصرية تعمل حاليًا على تعزيز رؤيتها المستقبلية من خلال إعداد الإطار الوطني للحماية الاجتماعية، ويُعد هذا الإطار خطوة نوعية جديدة، إذ يتناول منظومة الحماية الاجتماعية من منظور دورة الحياة الكاملة للمواطن — منذ الطفولة وحتى الشيخوخة — للمرة الأولى في تاريخ السياسات الاجتماعية في مصر.
ويأتي إطار الحماية الاجتماعية أحد الركائز المعاصرة لتحقيق النمو المستدام والشامل فهو يستند إلى تصميم يقوم على الحقوق والأولويات الاجتماعية، ويتبنى نهجًا إنسانيًا محوره الاستثمار في رأس المال البشري ويهدف إلى تعزيز القدرة على الاستجابة للصدمات والمخاطر المستجدة طوال مراحل حياة المواطن، بما في ذلك المخاطر الناجمة عن التغيرات البيئية والمناخية.
كما يعتمد على أنظمة مرنة وقابلة للتكيّف، تقوم على البيانات والتكامل الرقمي، وتربط بين الحماية والتنمية والتمكين الاقتصادي.�ويركز كذلك على تعزيز اقتصاد الرعاية، وتوفير العمل اللائق للجميع، وخاصة للنساء، عبر مختلف مراحل الحياة، إلى جانب تعظيم العائد من الاستثمار في سياسات وأنظمة الرعاية والدعم الاجتماعي.
واختتمت وزيرة التضامن الاجتماعي كلمتها قائلة :" نحن ملتزمون بمواصلة البناء على ما تحقق، لضمان أن تظل منظومتنا للحماية الاجتماعية شاملة، مرنة، ومبنية على أسس التضامن والكرامة لكل مواطن مصري.











