رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

ثورة التعليم لإنقاذ الجيل..

أبناؤنا‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬داهم‭.. ‬وفي‭ ‬أزمة‭ ‬حقيقية‭.. ‬تتصاعد‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت‭ ‬وتتفاقم‭.. ‬بل‭ ‬وتتعقد‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬ينذر‭ ‬بالشر‭ ‬المحدق‭.. ‬كيف‭ ‬لا؟؟‭!!... ‬وهم‭ ‬بين‭ ‬الإرهاب‭ ‬والمخدرات‭ ‬محاصرون‭!!!... ‬وهم‭ ‬بين‭ ‬الإفراط‭ ‬والتفريط‭ ‬يعيشون‭!!!.. ‬وهم‭ ‬بين‭ ‬التشدد‭ ‬والتغييب‭ ‬ينهلون‭!!!.‬

إنهم‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬بين‭ ‬الذهول‭ ‬والذبول‭.. ‬بين‭ ‬الرفض‭ ‬وعدم‭ ‬القبول‭..‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬بالحالة‭ ‬العامة‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬والأبناء‭.. ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬هناك‭ ‬شريحة‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬بها‭ ‬انزلقت‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭.. ‬تحتاج‭ ‬منّا‭ ‬إلى‭ ‬وقفةٍ‭ ‬جادةٍ‭ ‬وجديدةٍ‭.. ‬ونظرةٍ‭ ‬فاحصةٍ‭ ‬وبعيدةٍ‭.. ‬وإلى‭ ‬حلولٍ‭ ‬سريعة‭ ‬ومفيدة‭.. ‬وإلى‭ ‬تعاونٍ‭ ‬وتكامل‭... ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭.. ‬بل‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬بأسره‭... ‬كلٌ‭ ‬في‭ ‬تخصصه‭.. ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تمتد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬لهم‭ ‬لتحول‭ ‬دون‭ ‬سقوط‭ ‬المزيد‭ ‬منهم‭..‬

هالتني‭ ‬هذه‭ ‬الكميات‭ ‬من‭ ‬المخدرات‭ ‬التي‭ ‬تجتاح‭ ‬الأسواق‭ ‬المصرية‭.. ‬والحرص‭ ‬البالغ‭ ‬لغزوها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الآونة‭ ‬وبالذات‭!!.. ‬لولا‭ ‬العيون‭ ‬الساهرة‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬مصر‭ ‬المخلصين‭ ‬على‭ ‬حدودها‭ ‬وفي‭ ‬مداخلها‭ ‬وأطرافها‭ ‬لكانت‭ ‬الكارثة‭ ‬المحققة‭ ‬بلا‭ ‬مقدمات‭!!..‬

لقد‭ ‬توقفت‭ ‬قليلًا‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬والأحجام‭.. ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ضبطها‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭.. ‬فقلت‭ ‬لنفسي‭ ‬لصالح‭ ‬من‭ ‬؟؟‭.. ‬أن‭ ‬تغيب‭ ‬عقول‭ ‬الشباب‭!!.. ‬وأن‭ ‬تسلب‭ ‬من‭ ‬واقعها‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬آمال‭ ‬وآلام‭ !!!... ‬لتعيش‭ ‬في‭ ‬أوهام‭ ‬وأحلام‭!!.. ‬مدمرة‭ ‬بل‭ ‬ومميتة‭.. ‬بلا‭ ‬ضمير‭ ‬وبلا‭ ‬دين‭ ‬وبلا‭ ‬رهبة‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬قدوة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬حياء‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬خشية‭ ‬من‭ ‬رب‭ ‬الأنام‭!!..‬

لمصلحة‭ ‬من؟؟‭!!.. ‬جلب‭ ‬هذه‭ ‬الكميات‭ ‬من‭ ‬المخدرات‭ ‬بأنواعها‭ ‬المختلفة‭.. ‬وتأثيرها‭ ‬البالغ‭ ‬الخطورة‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬أبنائنا‭.. ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬حياتهم‭!!..‬

إنها‭ ‬لأرقام‭ ‬صادمة‭.. ‬وحقائق‭ ‬مخيفة‭.. ‬تدق‭ ‬ناقوس‭ ‬خطٍر‭ ‬عظيم‭.. ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬له‭ ‬جميعًا‭.. ‬فلقد‭ ‬دفعتني‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬لتكرار‭ ‬السؤال‭ ‬من‭ ‬جديد‭.. ‬لمصلحة‭ ‬من؟؟‭!!...‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الكميات‭ ‬الهائلة‭ ‬قد‭ ‬ضبطت‭.. ‬فإن‭ ‬نسبًا‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬أضعافها‭ ‬قد‭ ‬دخلت‭ ‬البلاد‭ ‬بفعل‭ ‬ضعاف‭ ‬النفوس‭ ‬من‭ ‬مروجي‭ ‬هذه‭ ‬القاذورات‭.. ‬وممن‭ ‬يسهلون‭ ‬لهم‭ ‬دخولها‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الكنانة‭ ‬مصر‭!!!...‬

وفي‭ ‬المقابل‭.. ‬ألا‭ ‬يكفي‭ ‬وقوع‭ ‬أبنائنا‭ ‬أو‭ ‬بعضًا‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬شباك‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتطرف‭..  ‬وأخيرًا‭ ‬حبال‭ ‬الخيانة‭ ‬الوطنية‭ ‬المؤلمة‭ ‬المؤسفة‭.. ‬وأصبحوا‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح‭ ‬ليكونوا‭ ‬خنجرًا‭ ‬يطعن‭ ‬في‭ ‬صدر‭ ‬الأمة‭.. ‬ومعول‭ ‬هدم‭ ‬للمجتمع‭ ‬بجميع‭ ‬طوائفه‭..‬

إن‭ ‬أبناءنا‭ ‬فلذات‭ ‬أكبادنا‭ ‬تمشي‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.. ‬تحتاج‭ ‬من‭ ‬أسرنا‭ ‬كما‭ ‬تحتاج‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬المعنية‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهم‭.. ‬والتدخل‭ ‬السريع‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬مشرط‭ ‬الجراحين‭.. ‬حتى‭ ‬يوقفوا‭ ‬هذا‭ ‬النزيف‭ ‬الغزير‭.. ‬الذي‭ ‬يستنزف‭ ‬قواهم‭!!.. ‬وعقولهم‭!!.. ‬وجوارحهم‭!!.. ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬حياتهم‭!!!..‬

إن‭ ‬عقول‭ ‬أبنائنا‭ ‬أمانة‭ ‬في‭ ‬رقابنا‭ ‬جميعًا‭.. ‬تستوجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نهب‭ ‬للحفاظ‭ ‬عليها‭.. ‬وواجب‭ ‬الوقت‭ ‬واللحظة‭ ‬والظروف‭ ‬والمرحلة‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬لحمايتهم‭ ‬بل‭ ‬يقتضي‭ ‬منّا‭ ‬أن‭ ‬نسعى‭ ‬جميعًا‭ ‬لتنمية‭ ‬هذه‭ ‬العقول‭.. ‬وتفجير‭ ‬تلك‭ ‬الطاقات‭ ‬الهائلة‭ ‬في‭ ‬نفوسهم‭.. ‬لتعود‭ ‬بالخير‭ ‬على‭ ‬أمتنا‭ ‬جميعًا‭...‬

وإذا‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭.. ‬وما‭ ‬انتهينا‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬‮«‬البوكليت‮»‬‭.. ‬لمواجهة‭ ‬نظام‭ ‬الغش‭ ‬الإلكتروني‭.. ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬عارًا‭ ‬نتحمل‭ ‬جميعًا‭ ‬تبعاته‭..‬

فإن‭ ‬أبناءنا‭ ‬في‭ ‬مسيس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬تعليمي‭ ‬جديد‭.. ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬الأمل‭ ‬الذي‭ ‬نضع‭ ‬عليه‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬المأزق‭.. ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬نتفق‭ ‬على‭ ‬ذلك‭...‬

نظام‭ ‬تعليمي‭ ‬جديد‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أبنائنا‭ ‬عقولًا‭ ‬وأجسادًا‭ ‬وأرواحًا‭ ‬وآمالًا‭ ‬وأهدافًا‭.. ‬ليكون‭ ‬بمثابة‭ ‬الجدار‭ ‬العازل‭ ‬الذي‭ ‬يعصم‭ ‬أبناءنا‭ ‬من‭ ‬الذلل‭ ‬أو‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬براثن‭ ‬التشدد‭ ‬أو‭ ‬المخدرات‭..‬

وإذا‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬اليابان‭ ‬في‭ ‬التعليم‭.. ‬والتي‭ ‬قفزت‭ ‬بهذه‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬الحروب‭ ‬كثيرًا‭.. ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭.. ‬وبلغ‭ ‬مستواها‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬حدًا‭ ‬يضرب‭ ‬به‭ ‬المثل‭.. ‬عندما‭ ‬استغلت‭ ‬تنمية‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭.. ‬ويصبح‭ ‬الإنسان‭ ‬رغم‭ ‬جفاف‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والصناعية‭... ‬نموذجًا‭ ‬يضرب‭ ‬به‭ ‬المثل‭ ‬في‭ ‬الصمود‭ ‬والصعود‭ ‬إلى‭ ‬أرقى‭ ‬المستويات‭.. ‬وأرفع‭ ‬الدرجات‭.. ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬اختصارًا‭ ‬بــ«بتوكاتسو‮»‬‭... ‬إذ‭ ‬أنها‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬شاملة‭ ‬للطفل‭ ‬وتهتم‭ ‬بتشكيل‭ ‬وبناء‭ ‬شخصيته‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظافره‭.. ‬وتمكنه‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المختلفة‭.. ‬وتنمية‭ ‬مهاراته‭..‬

فإن‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬المجتمع‭ ‬وتاريخه‭ ‬وهويته‭..‬

يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يعكس‭ ‬اهتمامات‭ ‬المجتمع‭ ‬ويصوب‭ ‬الأخطاء‭ ‬القاتلة‭ ‬فيه‭.. ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬أبناءنا‭ ‬لقمة‭ ‬سائغة‭ ‬للمتشددين‭ ‬أو‭ ‬المنحرفين‭..‬

يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يصد‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬الوحشية‭.. ‬التي‭ ‬تأتيه‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ناحية‭.. ‬لتفترس‭ ‬عقول‭ ‬أبنائنا‭ ‬وتمسخ‭ ‬شخصيتهم‭ ‬وتحول‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬وطنهم‭ ‬الأم‭...‬

إننا‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تعليم‭ ‬يُلبي‭ ‬حاجات‭ ‬المجتمع‭ ‬المختلفة‭.. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬باتت‭ ‬العناية‭ ‬بعقول‭ ‬أبنائنا‭ ‬دين‭!!.. ‬ودَينٌ‭ ‬في‭ ‬رقابنا‭ ‬جميعًا‭.. ‬ومسئولية‭ ‬نسأل‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬كما‭ ‬سنسأل‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الآخرة‭.. ‬فكلنا‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬النبي‭: ‬‮«‬كلكم‭ ‬راع‭ ‬وكلم‭ ‬مسئول‭ ‬عن‭ ‬رعيته‮»‬‭..‬

إننا‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تعليم‭ ‬ينمي‭ ‬الشعور‭ ‬بالانتماء‭ ‬ويعظم‭ ‬الولاء‭ ‬للوطن‭.. ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬الابتكار‭ ‬ويفتح‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬الإبداع‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬الميادين‭ ‬ومختلف‭ ‬المجالات‭...‬

إننا‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تعليم‭ ‬يؤصل‭ ‬للثوابت‭.. ‬ويعمق‭ ‬من‭ ‬الإحساس‭ ‬بالقيم‭.. ‬ويرسي‭ ‬المبادئ‭ ‬والأخلاق‭.. ‬ويحفظ‭ ‬للأمة‭ ‬تاريخها‭ ‬ومكانتها‭.. ‬فالتعليم‭ ‬هو‭ ‬الورقة‭ ‬الرابحة‭.. ‬الذي‭ ‬يحقق‭ ‬الوعي‭.. ‬ويقطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬والانحلال‭..‬

من‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬الأهمية‭ ‬القصوى‭ ‬بالسعي‭ ‬الحثيث‭ ‬نحو‭ ‬تعليم‭ ‬يُلبي‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات‭ ‬كافة‭.. ‬ويحقق‭ ‬سائر‭ ‬التوازنات‭.. ‬تعليم‭ ‬يشبع‭ ‬الروح‭ ‬ويغذي‭ ‬العقل‭ ‬ويقوي‭ ‬السواعد‭ ‬والبدن‭.. ‬ويُعلي‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الأخلاق‭ ‬والقيم‭.. ‬آمالنا‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬المرجو‭ ‬للتعليم‭ ‬لنخرج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النفق‭ ‬المظلم‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬البلاد‭ ‬ويقوض‭ ‬نشاط‭ ‬العباد‭..‬

موضوعات متعلقة