رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

في رثاء المؤسس الرابع لصحيفة الأهرام

توفى عن 84 عامًا الأستاذ إبراهيم نافع بعد معاناة مع المرض إثر عمليات جراحية طالت البنكرياس لإصابة هذا العضو من جسمه بالمرض الخبيث، وقضى أيامه الأخيرة بدولة الإمارات وعاد ليدفن فى ثرى وطنه حسب وصيته، والمؤرخون للمؤسسة الصحفية الأكبر فى مصر والصحيفة العربية الأكثر عراقة وأطول عمرًا وهى صحيفة الأهرام يذكرون ثلاثة مراحل فى حياتها بدءًا من التأسيس الأول إلى التأسيس الثانى ثم التأسيس الثالث الذى وصل بها إلى أن تكون هذه الصحيفة التى تفتخر بها مصر، المرحلة الأولى على يد أبناء أسرة بشارة وهى أسرة مهاجرة من لبنان وقامت بتأسيس الصحيفة فى الإسكندرية عام 1876، ورغم البداية المتواضعة فى أربع صفحات إلا أنها استمرت تصدر كل يوم دون انقطاع ولمدة تقارب تسعة عقود حتى استلم إدارتها بعد سنوات من قيام ثورة يوليو فى الخمسينيات المرحوم محمد حسنين هيكل الذى استمر يديرها بعد التأميم، وهو الذى نقل مقرها من دار الأهرام فى شارع مظلوم وكان مبنى متواضعًا إلى البرج الذى بناه بأموالها وهى مؤسسة تتبع الدولة فى عقد الستينيات، واعتبر هذا هو التأسيس الثانى للأهرام لأنه جعلها حنجرة النسر المصرى كما يقولون، واعتنى بتجديدها وتطويرها على مستوى الشكل والمضمون، حتى انتهى عمله فى منصف السبعينيات وبعد عدة أعوام تناوب على رئاستها عدد من الصحفيين، وصل إلى رئاسة تحريرها ورئاسة مجلس إدارتها المرحوم الذى انتقل إلى جوار ربه منذ أيام، الأستاذ إبراهيم نافع وكان قد التحق بها محررًا اقتصاديًا، واكتسب خبرة فى المجال عندما انتدبته مؤسسات دولية ومحلية قبل أن يعود إلى صحيفته ليتولى تأسيسًا ثالثا لها حيث وظف خبراته الاقتصادية فوصل فى عهده عدد المطبوعات الصادرة عن مؤسسة الأهرام إلى 12 مطبوعة لها قاعدة عريضة من القراء، ولها اهتمامات تغطى جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية وكانت برجًا واحدًا فاستطاع أن يبنى لها برجًا ثانيًا وثالثًا وأنشأ شركات تتبع الأهرام لتنويع مصادر دخلها وطور شركات التوزيع فيها وشركات الإعلان وشركات الطباعة وصارت المؤسسة ذات حجم كبير فى عمالتها ورأسمالها ومجالات العمل التى تغطيها.
الأستاذ إبراهيم نافع كان قلما يكتب فى الاقتصاد ويكتب فى السياسة وتولى إدار الأهرام لمدة طويلة منذ عام 1979 إلى 2005 كما تولى ولأكثر من مرة نقابة الصحفيين المصريين واتحاد الصحفيين العرب، وأنجز بناءً جديدًا حديثًا لنقابة الصحفيين المصريين وحقق لهم مكتسبات معنوية ومادية كما أنجز مقرًا محترمًا لاتحاد الصحفيين العرب.
وترك مجموعة من الكتب السياسية والاقتصادية تضمن له مكانًا متميزًا بين كتاب بلاده المتخصصين فى هذين المجالين.
أحمل له أجمل الذكريات فقد دعانى للكتابة فى الأهرام والانصمام لكتاب الأعمدة الأسبوعية به منذ عام 1997 وكان الدافع هو أنه أحس بأن للأهرام دورًا عربيًا فى محيطها الإقليمى وأن أصوات كتاب عرب لابد أن تجد طريقها فوق صفحات الأهرام، ولهذا فقد توافق صدور الباب مع زملاء من أهل الخبرة والكفاءة العرب بينهم الراحل نبيل خورى من لبنان والصديق إبراهيم الشوش من السودان والدكتور محيى الدين عميمور من الجزائر.
وواصلت الكتابة إلى ما بعد أن ترك الأهرام بعدة سنوات، وكنت التقى به، بشوشًا كريمًا، كثير التواضع والبساطة، يتكلم بصوت خافت لكنه صوت الحكمة والنبل الإنسانى، أكرم الله مثواه وأجزل له العطاء فى دار البقاء بمثل ما أعطى فى دار الفناء وخالص العزاء للوسط الصحفى المصرى وللوسط الصحفى فى سائر الوطن العربى وإنا لله وإنا إليه راجعون.