رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي مقال رئيس التحرير

أدركوا التعليم.. حتى لا يكون رصاصة في قلب الوطن

التعليم في مصر يحتاج إلى كل يد خبيرة .. وإلى كل عين بصيرة .. تقف عنده ومعه.. لتعمل فيه سبل النهوض المطلوبة .. وتحدث به التطوير اللازم .. ليستطيع أن يلحق بركاب الدول المتقدمة .. التي بلغت ما بلغت .. وأحرزت هذا التقدم الهائل والتفوق البالغ.. وكتبت ميلادا جديدا لشعوبها وحضورا ملفتا لأبنائها بالعلم ..

ومصر غنية برجالها الأكفاء المتميزين .. في مختلف مجالات العلوم .. وميادين الفنون .. ولكم أذهلوا العالم بتميزهم وأمتعوا الوجود بقدراتهم ومهارتهم .. ولهم أسماء لامعة في دول العالم المتقدم .. شاركت في صنع أمجادها .. وساهمت في بناء حضارتها ...

فالتعليم أصبح ولاشك معيار حقيقيا للقوة.. وطريقا للتفرد والتميز .. وسبيلا للتنمية الشاملة والتقدم ...

هو ركيزة الركائز التي يجب أن نعتمد عليه ... للخروج من مأزق التخلف وعار الأمية .. الذي وصمنا ويلاحقنا في كل مكان ...

هو صمام الأمان لحماية الإنسان .. من التطرف والغلو .. من التشرذم والإنحراف .. بل هو جهاز المناعة الذي يحمي نسيج الأمة .. من شر الهجمات .. ومن قهر الفيروسات .. وسطو البكتريا الضارة ..

فالعافية ترتبط به وتتعلق بأهدابه .. كيف وهو بداية التحضر .. وطريق التقدم الوحيد في العالم .. الذي يملك مفاتيح الحضارة وبوابة الدخول إليها ..

لذلك كانت كل الدول التي أحرزت تقدما .. وأحدثت طفرات هائلة في النمو .. سواء كان اقتصاديا .. عسكريا .. سياسيا .. ثقافيا .. اجتماعيا .. نجحت في تحقيق هذا المستوى .. وبلغت إليه في مختلف ميادين الحياة ومجالاتها .. بالتعليم ..

وإذا كان التعليم في مصر يواجه تحديات عضال .. ومشكلات متراكمة .. ظهرت جليا .. وبدت للعيان .. مع تجدد أزمة تسريب الامتحانات في الثانوية العامة هذا العام وأن كان بصورة سافرة ... والتي أكدت على أوجه قصور بالغة .. في المناهج الدراسية.. والكتب المدرسية.. وطرق التدريس.. ونظام الامتحانات .. وسبل التقويم .. والتقييم للطلاب ..

كما أنها سلطت الضوء على إنخفاض نوعية التعليم في بلادنا بصفة عامة ... بل إن أزمة التعليم في مصر أفرزت غولا حقيقيا يكاد يقضي على المضاجع .. ويورث الأسر المصرية الاكتئاب وأمراض الشيخوخة المتقدمة نتيجة اقتحام البيوت المصرية دون تفرقة بين غني أو فقير بين قادر أو معدوم .. إنها الدروس الخصوصية ... التي نجحت في إلتهام ما يزيد عن ٦١٪ من دخول الأسر المصرية ...

وبلغ حجم ما ينفق فيها من أموال ما يزيد عن ٢٠ مليار جنيه ...

ولعل من أهم الأثار المترتبة على أزمة التعليم .. ما كان من أمر البطالة .. التي ترتفع بنسبة مطردة .. وبالبحث عن السبب الأساسي فيها ... تبين أنه يرجع إلى عدم وجود نظام تعليمي حقيقي يتيح التدريب الضروري في إطار برامج التعلم .. المؤهلة لسوق العمل ..

فلا يمكن لأحد أن يعترض على أن العمالة المهارة.. وشبه المهارة .. تكاد تكون معدومة في مجتمعنا .. وذلك يرجع للضرورة إلي نوعية التعليم والتدريب ..

وإذا كنا لا نستطيع أن ننكر المحاولات الجادة .. المبذولة لتصحيح مسار التعليم .. والخطوات الجريئة .. المعنية بإحداث طفرة نوعية .. في منظومة العملية التعليمية .. فأين الخلل ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!

في رأينا يرجع الخلل في المنظومة التعليمية .. إلى سوء التخطيط .. وطبيعة الإستراتيجيات التي توضع له .. ومجمل السياسات التي تحدد أهدافه ..

فلا يمكن أن أقبل فكرة أو حتى اختزال ما انتهى إليه التعليم اليوم .. من ضعف وهشاشة .. من انخفاض للمستوى .. إلى مجرد ازدحام الفصول الدراسية.. أو عدم العناية بتدريب المعلمين .. فضلا على عدم تأهيلهم وتدريبهم .. أو شكل الكتب المدرسية الرديئة .. أو طبيعة المناهج المهلهلة .. أو المباني المتهالكة .. والاثاثات المتآكلة ..

بل الأمر يرجع في نظري مع تقديري لهذه الأسباب .. إلى سبب آخر رئيس وهو النظرة إلى التعليم !!!! .. وأهميته !!! ودوره !!!!

فهذه البيئة التي تعوق أو تحفز .. تدفع أو تمنع .. ترغب أو ترهب .. تشجع أو تستهتر .. «بالتعليم» .. يتوقف عليها أمر النجاح أو الإخفاق ..

فإذا نُظر إليه على أنه أمضى سلاح وأقواها على الإطلاق .. وأرقى مستوى تأمل الإنسانية في تحصيله والإنتفاع به .. وأقصر الطرق للعمل ... حققنا به كل ما نريد .. ووصلنا فيه إلى ما نحب ونرضى ونافسنا فيه القاصي والداني .. القريب والبعيد .. وإلا فلا نلومن إلا أنفسنا ..

بدليل أن مستوى التعليم في مصر من نصف قرن كان أفضل بكثير مما نحن عليه الآن .. رغم الفوارق الإجتماعية الشديدة .. والمستويات المادية المتباينة .. والحالة العامة التي كانت تعيش عليها أغلب الأسر المصرية ..

ومع ذلك فقد حقق أبناؤها في هذا التوقيت قفزات علمية.... بهرت العالم وحققت إنجازات أدهشت رموز العلم .. وسمعنا عن أسماء سطعت في سماء الثقافة والعلم والابتكار والابداع ....

حتى تتبعوهم .. أعداء الإنسانية .. أعداء التقدم .. «من رجالات الصهيونية العالمية» بل قاموا باغتيالهم .. ومن هذه الأسماء ..

سميرة موسى وأستاذها «مصطفى مشرفة» وغيرهما الكثير ... في مجالات علمية دقيقة ..

وإذا انتقلنا إلى مستوى التعليم في العهد الملكي .. نجد الإعتزاز البالغ بالتعليم الديني .. وإنشاء المكتبات العامة .. بل إنني اتساءل من الذي تبرع بأرض جامعة القاهرة ؟؟؟؟!!!! .... إنها العائلة الملكية ...

وإذا انتقلنا إلى ثقافة ومستوى تعليم الضباط الأحرار ... فقد اتصفوا بالوعي الشديد .. والادراك الواسع .. والتعليم المتميز .. وإلا كيف استطاع «عبد القادر حاتم» أن يتولى إنشاء «مبنى ماسبيرو» بتلك الامكانيات المجددة نوعا ما ..

وإذا عقدنا مقارنة بين المذيعين آنذاك ومذيعي اليوم .. نجد الفارق واضح وكبير والسبب يرجع إلى التعليم والثقافة ...

وإذا انتقلنا إلى التكنولوجيا والتي كانت نتاج العلم والبحث والحرص على المعرفة .. فإنها على أهميتها وضرورة الاستفادة منها .. إلى أقصى حد وخاصة في مراحل التعليم الأساسية ..

فإنها لا يمكن أن تشكل شخصية ولا تبني هوية وإنما يمكن الاستفادة منها كمصدر من مصادر التحفيز للطلاب على التعلم .. بما تقدمه الألعاب الإلكترونية .. على سبيل المثال يتم استخدامها في تعلم البرمجة .. مثل مبادرة «ساعة البرمجة» ..

إن أزمة التعليم في مصر وتدني مستواه سُبه حقيقية لا تليق بدولة كمصر ... ولا تتناسب مع قيمتها ومكانتها .. ولا تتفق مع تاريخها المشرف في تحصيل العلوم ...

فنظرة جادة وحقيقية إلى التعليم.. كمنظومة متكاملة .. وعملية شاملة.. تتضمن الطالب .. المناهج .. المعلم .. الأبنية التعليمية ..

ولقد استبشرت خيرا باهتمام الرئاسة بتطوير منظومة التعليم والحرص على وضع استراتيجية قريبة المدى لها ... مستوعبة الدرس .. وهاضمة لمقضيات القرن الواحد والعشرين وما يتطلبه من نوعية التعليم التي تنصب بالضرورة في صالح المجتمع ... وتغذي سوق العمل .. الذي يئن من افتقاده للعمالة المهارة واليد المتدربة ..

فالتعليم التعليم .. طوق النجاة ... لحاضر آمن مستقل .. بعيدا عن الإنحراف القيمي أو التطرف الأخلاقي .. لأن التعليم والثقافة خير حصن أمان وحائط صد أمام لأي تسلل قيمي وأخلاقي فاسد ... يدعو إلى الخروج على القانون بكل صوره ...

كذلك التعليم والثقافة خير درع وأعظم وقاية ... لأهم التحديات الراهنة .. التي تلعب على هذا الوتر الحساس الخطير وهو الجهل بأمور الدنيا والدين ... لأن أفضل المناهج وأقوى الأسلحة وأهم الخطوات الإجرائية والتنفيذية .. وأدق الخطط المنهجية لمحاربة الغلو والتشدد الفكري ...

والأهم من ذلك كله تعميق وترسيخ قيم ومعاني ومشاعر الإنتماء والولاء لحفر أصول الوطنية السليمة ليكون هكذا التعليم سلم الوصول إلى الأمان الحقيقي وحماية الأبناء من شر الإختراق ... وضرب الوطن في مقتل باستقطاب هؤلاء الأبناء .. استنادا على دمار التعليم وضمور الثقافة اللذين هما التربة الخصبة لبيع الأوطان .. بعد انتزاع الوطنية بهذه الصورة العميلة الممنهجة ..

ولن يكون ذلك إلا حين نأخذ في الاعتبار أن ضرب التعليم هدف أساسي لضرب الوطن ... وإلا كيف الوصول إلى الأبناء إلا بالسيطرة على مصادر المعرفة وأصولها .. لإبادتها حتي يتم التمكن منهم ..

لذا لزم علينا أن تتغير نظرتنا إلى المؤسسة التعليمية .. المنظومة التعليمية بأسرها ... أن الموقف يفوق مجرد العملية التعليمية نفسها وأنما لابد أن يكون لها نظرة استراتيجية تكاد تدخل ضمن الأهداف العسكرية ... التي يجب تأمينها والدفاع عنها بنفس الدقة والحساسية التي يتم بها الدفاع عن المؤسسات العسكرية ...

إذن المؤسسة التعليمية في ظل هذه الظروف وما وصلت إليه .. لابد وأن تخضع لنفس الخطط العسكرية لتأمين البلاد ... وإلا تكون أحد الأسلحة التي توجه في قلب الوطن .... مما يلزمنا احتوائها وفورا ...

حيث أنها هكذا من أهم وأخطر الزهداف الاستراتيجية ..

ألم نر بصورة واضحة للعيان ... أن الاختراق للمنظومة التعليمية يؤكد أنه ضمن «المخطط الصهيوني» لإختراق الوطن وضربه بالنفاذ عن طريق عملائه المباشرين «شاومينج» ... إلى القائمين على العملية التعليمية واستخدامهم بما خدم بالفعل اغراضهم التخريبية التدميرية باستخدم وسائلهم في استملائهم باغراءتهم المعروفة بالمال وغيره ..

واتساءل كيف حتى الان لم يتم البحث في ثروات القائمين على هذه الأمانة التي تكون في ذلك خيطا للتوصل إليهم... وإلى اذيالهم.. أو إلى محركيهم.. لعلنا نقطع تلك الرؤوس في محاولة أولية لتطهير البيئة التعليمية حتى نستطيع أن نتمكن من جديد الامساك بزمام الأمور على أرضيه نظيفة نتمكن بعدها من إرساء القواعد السليمة بالقوة البشرية الوطنية التي تتقي الله في أمانتها وفي الوطن ...

إذن هذا ما يؤكد احتياجنا إلى السيطرة على زمام الأمور ولبابها .. حتى لا تكون التنمية الشاملة وهم أو سراب نعيش فيه أو نسير إليه ....