رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي مقال رئيس التحرير

‭      ‬‮«‬بني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬الأشرار‭ .. ‬أذكركم‭ ‬بدار‭ ‬البوار‭ ‬

‭     ‬

‭        ‬ها‭ ‬هو‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬يفارق‭ ‬الدنيا‭ ... ‬ليُحيي‭ ‬أوجاع‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬قديمة‭ ‬كانت‭  .. ‬فهي‭ ‬سنة‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يعلو‭ ‬عليها‭ ‬بشر‭ .‬‭. ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬ينجو‭ ‬منها‭ ‬أحد‭ ... ‬سنة‭ ‬الدنيا‭ ‬أن‭ ‬يفارقها‭ ‬الصالحين‭ ‬والأشقياء‭ .. ‬سنة‭ ‬الدنيا‭ ‬أن‭ ‬يرحل‭ ‬عنها‭ ‬العاصين‭ ‬والأولياء‭ ... ‬سنة‭ ‬الدنيا‭ ‬أن‭ ‬يبتعد‭ ‬عنا‭ ‬الكارهين‭ ‬لنا‭ ‬والأحباء‭ ... ‬وكذلك‭ ‬سنة‭ ‬الدنيا‭ ‬أن‭ ‬رحل‭ ‬عنا‭ ‬اتقياء‭ ‬وانبياء‭ .... ‬

 

‭        ‬رحل‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ... ‬رحل‭ ‬الملك‭ ‬‮«‬قاد‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬والدنيا‭ ‬كلها‮»‬‭.. ‬رحل‭ ‬المعلم‭ ‬‮«‬‭ ‬من‭ ‬عُلم‭ ‬لغة‭ ‬الطير‭ ‬ولغة‭ ‬سائر‭ ‬الكائنات‮»‬‭.. ‬رحل‭ ‬القاضي‭ ‬الحاكم‭ ‬‮«‬‭ ‬إذ‭ ‬يحكمان‭ ‬في‭ ‬الحرث‮»‬‭ ... ‬رحل‭ ‬المتحكم‭ ‬في‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ .. ‬‮«‬يعملون‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬من‭ ‬محاريب‭ ... ‬‮»‬‭ ... ‬رحل‭ ‬ورحل‭ ‬ورحل‭.......... ‬رحل‭ ‬نبي‭ ‬الله‭ ‬سليمان‭ .... ‬

 

‭        ‬فبعد‭ ‬وفاة‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬‭ ... ‬كثُر‭ ‬السحرةُ‭ ‬الذين‭ ‬تتلمذوا‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الشياطين‭... ‬ادَّعوا‭ ‬النبوةَ‭ ‬وتحدّوا‭ ‬الناس‭ ‬بالسحر‭ ‬فاعتقد‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬السحر‭ ‬معجزة‭..... ‬

 

‭        ‬وانتشر‭ ‬السحر‭ ‬لدرجة‭ ‬عدم‭ ‬التفريق‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬المعجزة‭ ‬الحقيقية‭.... ‬فأنزل‭ ‬الله‭ ‬ملَكين‭ ‬من‭ ‬ملائكته‭ ‬الكرام‭ ‬وهما‭ ‬‮«‬هاروت‭ ‬وماروتُ‮»‬‭ ‬يعلّمان‭ ‬الناسَ‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬السحر‭ ‬؟؟؟‭!! .... ‬

 

‭        ‬فيتمكنا‭ ‬من‭ ‬تمييز‭ ‬السحر‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬تخييل‭ ‬وخداع‭ !!!!! ... ‬من‭ ‬المعجزة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬تغير‭ ‬حقيقي‭.... ‬

 

‭       ‬حتى‭ ‬يتبين‭ ‬كذب‭ ‬السحرة‭ ‬في‭ ‬دعواهم‭ ‬النبوة‭.... ‬ولكي‭ ‬لا‭ ‬يلتبس‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬الناس‭... ‬فإنّ‭ ‬السحر‭ ‬لا‭ ‬يبطل‭ ‬إلا‭ ‬بسحر‭ ‬أقوى‭ ‬منه‭ ... ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬أداة‭ ‬إبطال‭ ‬السحر‭ ‬ساحر‭ ‬آخر‭... ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬‮«‬المعجزة‮»‬‭.... ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أمر‭ ‬أو‭ ‬قوة‭ ‬خارقة‭ ‬للعادة‭ ‬يجريها‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬أحد‭ ‬أنبياءه‭ ... ‬

 

‭         ‬ويتساءل‭ ‬الجميع‭ .. ‬لماذا‭ ‬أرسل‭ ‬الله‭ ‬الملكين‭ ‬؟؟؟؟‭!!!!... ‬والجواب‭ ‬القرآني‭ ‬موجود‭ ... ‬ومحفور‭ ‬في‭ ‬لوح‭ ‬المحفوظ‭ ... ‬لا‭ ‬يأتيه‭ ‬الباطل‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬خلفه‭ ....  ‬‮«‬وَمَا‭ ‬يُعَلِّمَانِ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَحَدٍ‭ ‬حَتَّى‭ ‬يَقُولاَ‭ ‬إِنَّمَا‭ ‬نَحْنُ‭ ‬فِتْنَةٌ‭ ‬فَلاَ‭ ‬تَكْفُرْ‮»‬‭ ... ‬

‭   ‬

‭         ‬ليستمر‭ ‬السؤال‭ ‬عند‭ ‬العامة‭ .. ‬هل‭ ‬حقا‭ ‬أرسلهم‭ ‬الله‭ ‬ليعلموا‭ ‬الناس‭ ‬السحر‭ ‬؟؟؟؟‭!!!!! ... ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يرسل‭ ‬الله‭ ‬ملائكته‭ ‬ليقولا‭ ‬للناس‭ ‬أقوال‭ ‬الفتن‭ !!!! ... ‬ويُقِعوا‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬المحن‭!!! ... ‬وتبقى‭ ‬العقول‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الشجن‭!!!! .... ‬

‭ ‬

‭         ‬من‭ ‬هنا‭ ‬أبين‭ ‬مفسرة‭ ‬وموضحة‭ ‬وواعية‭ ‬لحقيقة‭ ‬الأمر‭ ... ‬أننا‭ ‬نعلم‭ ‬أولادنا‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬السرقة‭ ‬؟؟؟‭!!!... ‬هل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يسرقوا‭ ‬؟؟؟‭!!!! .‬‭... ‬ونعلمهم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬القتل‭ ‬؟؟‭!!!! .... ‬هل‭ ‬ليقتلوا‭ ‬؟؟؟‭!!!! .... ‬ونعلمهم‭ ‬ونفهمهم‭ ‬ونشرح‭ ‬لهم‭ ‬ونبين‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬وجميع‭ ‬الأمور‭ ‬الموبقات‭ ‬؟؟‭!!!! .... ‬لماذا‭ ‬؟؟؟‭!!!!!!!!!!!!! ..... ‬هل‭ ‬ليرتكبوها‭ ‬أم‭ ‬ليبتعدوا‭ ‬عنها‭ ‬؟؟؟؟‭!!!!! ... ‬هل‭ ‬ليقوموا‭ ‬بها‭ ‬أم‭ ‬يجتنبوها‭ ‬؟؟؟؟‭!!!!! .... ‬

‭  ‬

‭       ‬إن‭ ‬الاجابة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬الشك‭ ... ‬وليست‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬عقل‭ ‬العاقل‭ ... ‬وفكر‭ ‬الواعي‭ .. ‬ونظرة‭ ‬المتيقن‭ ... ‬أنهم‭ ‬ليبتعدوا‭ ‬ويتجنبوا‭ ‬ويحترسوا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ....  ‬لذلك‭ ‬أرسل‭ ‬الله‭ ‬الملكين‭ ‬ليعلما‭ ‬الناس‭ ‬السحر‭ ... ‬حتى‭ ‬يتجنبوه‭ .. ‬ويميزوا‭ ‬الخبيث‭ ‬من‭ ‬الطيب‭ ... ‬ويعرفوا‭ ‬الحق‭ ‬من‭ ‬الباطل‭ .. ‬ويتيقنوا‭ ‬الجميل‭ ‬من‭ ‬القبيح‭ ... ‬

 

‭      ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الله‭ ‬العادل‭ ‬الواحد‭ ‬الأحد‭ ... ‬الفرد‭ ‬الصمد‭ ... ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يلد‭ ‬ولا‭ ‬يولد‭ ... ‬سبحـــــانه‭ ‬وتعالى‭ ‬عما‭ ‬يشركون‭ !!!!!!! ....  ‬

 

‮«‬وَاتَّبَعُواْ‭ ‬مَا‭ ‬تَتْلُواْ‭ ‬الشَّيَاطِينُ‭ ‬عَلَى‭ ‬مُلْكِ‭ ‬سُلَيْمَانَ‭ ‬وَمَا‭ ‬كَفَرَ‭ ‬سُلَيْمَانُ‭ ‬وَلَـكِنَّ‭ ‬الشَّيْاطِينَ‭ ‬كَفَرُواْ‭ ‬يُعَلِّمُونَ‭ ‬النَّاسَ‭ ‬السِّحْرَ‭ ‬وَمَا‭ ‬أُنزِلَ‭ ‬عَلَى‭ ‬الْمَلَكَيْنِ‭ ‬بِبَابِلَ‭ ‬هَارُوتَ‭ ‬وَمَارُوتَ‭ ‬وَمَا‭ ‬يُعَلِّمَانِ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَحَدٍ‭ ‬حَتَّى‭ ‬يَقُولاَ‭ ‬إِنَّمَا‭ ‬نَحْنُ‭ ‬فِتْنَةٌ‭ ‬فَلاَ‭ ‬تَكْفُرْ‭ ‬فَيَتَعَلَّمُونَ‭ ‬مِنْهُمَا‭ ‬مَا‭ ‬يُفَرِّقُونَ‭ ‬بِهِ‭ ‬بَيْنَ‭ ‬الْمَرْءِ‭ ‬وَزَوْجِهِ‭ ‬وَمَا‭ ‬هُم‭ ‬بِضَآرِّينَ‭ ‬بِهِ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَحَدٍ‭ ‬إِلاَّ‭ ‬بِإِذْنِ‭ ‬اللّهِ‭ ‬وَيَتَعَلَّمُونَ‭ ‬مَا‭ ‬يَضُرُّهُمْ‭ ‬وَلاَ‭ ‬يَنفَعُهُمْ‭ ‬وَلَقَدْ‭ ‬عَلِمُواْ‭ ‬لَمَنِ‭ ‬اشْتَرَاهُ‭ ‬مَا‭ ‬لَهُ‭ ‬فِي‭ ‬الآخِرَةِ‭ ‬مِنْ‭ ‬خَلاَقٍ‭ ‬وَلَبِئْسَ‭ ‬مَا‭ ‬شَرَوْاْ‭ ‬بِهِ‭ ‬أَنفُسَهُمْ‭ ‬لَوْ‭ ‬كَانُواْ‭ ‬يَعْلَمُونَ‭ *  ‬وَلَوْ‭ ‬أَنَّهُمْ‭ ‬آمَنُواْ‭ ‬واتَّقَوْا‭ ‬لَمَثُوبَةٌ‭ ‬مِّنْ‭ ‬عِندِ‭ ‬اللَّه‭ ‬خَيْرٌ‭ ‬لَّوْ‭ ‬كَانُواْ‭ ‬يَعْلَمُونَ‭ ‬‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭ ‬

 

وها‭ ‬هي‭ ‬الآيات‭ ‬التي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬اقترفته‭ ‬الشياطين‭ ‬الملاعين‭ ... ‬من‭ ‬تعليمهم‭ ‬الناس‭ ‬السحر‭ .. ‬من‭ ‬إرشادهم‭ ‬الكفر‭ ... ‬من‭ ‬رغبتهم‭ ‬المعلنة‭ ‬والدائمة‭ ‬في‭ ‬غواية‭ ‬بني‭ ‬الإنسان‭ ... ‬ألا‭ ‬لعنة‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬كما‭ ‬لعنة‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬‮«‬بني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭... ‬

 

يظهر‭ ‬غلهم‭ ... ‬قوتهم‭ .. ‬إصرارهم‭ ... ‬التفرقة‭ ... ‬التشتت‭ ... ‬على‭ ‬الضلال‭ .... ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ :‬‮«‬ما‭ ‬يفرقون‭ ‬به‭ ‬بين‭ ‬المرء‭ ‬وزوجه‮»‬‭ ...  ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬جزئي‭ ‬من‭ ‬جزئيات‭ ‬السحر‭ ‬وهو‭ ‬أقصى‭ ‬تأثيراته‭ ‬إذ‭ ‬فيه‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬آصرة‭ ‬متينة‭ ‬إذ‭ ‬هي‭ ‬آصرة‭ ‬مودة‭ ‬ورحمة‭ .... ‬فما‭ ‬الزواج‭ ‬إلا‭ ‬كبنيان‭ ... ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬للبينان‭ ‬أربعة‭ ‬أركان‭ ‬يقوم‭ ‬عليها‭ .. ‬فللزواج‭ ‬ثلاثة‭ ‬أركان‭ ‬السكينة‭ ‬والمودة‭ ‬والرحمة‭ ... ‬التي‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬عنها‭ : ‬‮«‬‭ ‬ومن‭ ‬آياته‭ ‬أن‭ ‬خلق‭ ‬لكم‭ ‬من‭ ‬أنفسكم‭ ‬أزواجا‭ ‬لتسكنوا‭ ‬إليها‭ ‬وجعل‭ ‬بينكم‭ ‬مودة‭ ‬ورحمة‮»‬‭ ... ‬

 

‭ ‬فإن‭ ‬المودة‭ ‬وحدها‭ ‬آصرة‭ ‬عظيمة‭ ‬وهي‭ ‬آصرة‭ ‬الصداقة‭ ‬والأخوة‭ ‬و‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ... ‬والرحمة‭ ‬وحدها‭ ‬آصرة‭ ‬منها‭ ‬الأبوة‭ ‬والبنوة‭ ......  ‬فما‭ ‬ظنكم‭ ‬بآصرة‭ ‬جمعت‭ ‬الأمرين‭ ‬وكانت‭ ‬بحول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬بحول‭ ‬الله‭ ‬فهو‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬الإتقان‭ .... ‬

 

حين‭ ‬استطاعوا‭ ‬التفرقة‭ .. ‬وإيقاع‭ ‬الفتنة‭ ‬في‭ ‬رباط‭ ‬وصفه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بالرباط‭ ‬مقدس‭..  ‬والميثاق‭ ‬الغليظ‭ .. ‬الذي‭ ‬تسوق‭ ‬إليه‭ ‬الفطر‭ ‬الإنسانية‭ ‬وتدعو‭ ‬إليه‭ ‬الشرائع‭ ‬السماوية‭ ... ‬

 

وهكذا‭  ‬استطاعت‭ ‬الشياطين‭ ‬الملاعين‭ ‬أن‭ ‬يفرقوا‭ ‬بين‭ ‬الأزواج‭ .. ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬هو‭ ‬متعة‭ ‬الحياة‭... ‬قال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ : ‬‮«‬الدنيا‭ ‬متاع‭.. ‬وخير‭ ‬متاعها‭ ‬المرأة‭ ‬الصالحة‮»‬‭  ‬

وكذلك‭ ‬استطاعوا‭ ‬أن‭ ‬يوقعو‭ ‬العدواة‭ ‬والبغضاء‭ ‬بين‭ ‬الأزواج‭ ‬مدركين‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬هو‭ ‬عصمة‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬والفتنة‭..... ‬قال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭:‬‮«‬إذا‭ ‬خطب‭ ‬إليكم‭ ‬من‭ ‬ترضون‭ ‬دينه‭ ‬وخُلقه‭ ‬فزوجوه‭ ‬إلا‭ ‬تفعلوا‭ ‬تكن‭ ‬فتنة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬وفساد‭ ‬عريض‭ ‬‮»‬

 

استطاعوا‭ ‬أن‭ ‬ينشروا‭ ‬بين‭ ‬الأزواج‭ ‬الشقاء‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسس‭ ‬السعادة‭... ‬قال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ : ‬‮«‬أربع‭ ‬من‭ ‬سعادة‭ ‬المرء‭: ‬المرأة‭ ‬الصالحة،‭ ‬والمسكن‭ ‬الوسيع،‭ ‬والجار‭ ‬الصالح،‭ ‬والمركب‭ ‬الهنيء‮»‬‭ ... ‬

 

استطاعو‭ ‬أن‭ ‬يدمروا‭ ‬البنيان‭ ‬الجميل‭ ‬والصرح‭ ‬الجليل‭ ‬لأنهم‭ ‬يعرفون‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬هو‭ ‬خير‭ ‬كنوز‭ ‬الدنيا‭.. ‬قال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ : ‬‮«‬خير‭ ‬ما‭ ‬يكنزه‭ ‬الرجل‭ ‬المرأة‭ ‬الصالحة‭ ‬إذا‭ ‬نظر‭ ‬إليها‭ ‬سرته،‭ ‬وإذا‭ ‬أمرها‭ ‬أطاعته،‭ ‬وإذا‭ ‬غاب‭ ‬عنها‭ ‬حفظته‮»‬‭ ... ‬

 

وهنا‭ ‬نقف‭ ‬عند‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬‮«‬ويتعلمون‭ ‬ما‭ ‬يضرهم‭ ‬ولا‭ ‬ينفعهم‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭  ‬يعني‭ ‬ما‭ ‬يضر‭ ‬الناس‭ ‬ضرا‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬المرء‭ ‬وزوجه‭ ‬فضمير‭ ‬يضرهم‭ ‬عائد‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬عاد‭ ‬عليه‭ ‬ضمير‭ ‬يتعلمون‭ .... ‬

 

‭ ‬ومعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬أمور‭ ‬السحر‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬الضر‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭... ‬فالساحر‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬سحر‭ ‬أحد‭ ‬ليصير‭ ‬ذكيا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬بليدا‭ ‬أو‭ ‬ليصير‭ ‬غنيا‭ ‬بعد‭ ‬الفقر‭ .... ‬وهذا‭ ‬زيادة‭ ‬تنبيه‭ ‬على‭ ‬سخافة‭ ‬عقول‭ ‬المشتغلين‭ ‬به‭ ... ‬

 

‭ ‬وقد‭ ‬أفادت‭ ‬الآية‭ ‬بجمعها‭ ‬بين‭ ‬إثبات‭ ‬الضر‭ ‬ونفي‭ ‬النفع‭ .... ‬مبلغ‭ ‬الضرر‭ ‬الكامل‭ .... ‬كأنه‭ ‬قيل‭ : ‬ويتعلمون‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭ ‬ضارا‭ ...  ‬سبحان‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬جنس‭ ‬هذا‭ ‬الجن‭ ‬الكافر‭ ‬العاصي‭ ... ‬وسبحان‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬إنس‭ ‬وبني‭ ‬البشر‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يتعلموا‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ضار‭ ... ‬يتعلمون‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يغني‭ ‬من‭ ‬جوع‭ !!!! ....‬

‭ ‬

ونـفـحةُ‭ ‬الـغـدر‭ ‬إن‭ ‬رصـدتْ‭ ‬ضـحيّتها‭ ... ‬فـكـيـف‭ ‬تــأخـذُ‭ ‬بـالأسـباب‭ ‬والـحـذر

 

فـــلا‭ ‬تــظـنّ‭ ‬بـقـرب‭ ‬الــورد‭ ‬مـنـفعةً‭ ... ‬إنْ‭ ‬كـان‭ ‬يـربو‭ ‬عـلى‭ ‬مـستنقع‭ ‬القَذَرِ

 

ونعاود‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬السحر‭ ‬التمويه‭ ‬والتخييل‭ ‬على‭ ‬الناس‭.... ‬وخُدع‭ ‬وشعوذات‭... ‬كما‭ ‬بينا‭ ‬ومن‭ ‬جهةٍ‭ ‬أخرى‭ ‬هو‭ ‬نوعٌ‭ ‬من‭ ‬خدمة‭ ‬الشياطين‭ ‬للسحرة‭ ‬لأن‭ ‬الشياطين‭ ‬أجسام‭ ‬لطيفة‭ ‬لا‭ ‬يراها‭ ‬الناس‭.... ‬

 

‭ ‬ولتخدم‭ ‬الجان‭ ‬الساحر‭ ‬يقوم‭ ‬الساحر‭ ‬بوضع‭ ‬تركيبةٍ‭ ‬من‭ ‬موادَّ‭ ‬معينةٍ‭ ‬يعرفها‭ ‬الكهنة‭ ‬تُجمع‭ ‬وتُحرق‭ ‬ويتخذُ‭ ‬منها‭ ‬رماد‭ ‬وحِبرٌ‭... ‬

ويُقرأ‭ ‬عليها‭ ‬كلمات‭ ‬وأسماء‭ ‬وتكون‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬كفرية‭ ‬وفيها‭ ‬تدنيس‭ ‬للدين‭ ‬والعياذ‭ ‬بالله‭ .... ‬

 

وقد‭ ‬يقرأ‭ ‬الساحر‭ ‬القرآن‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬إهانة‭ ‬أو‭ ‬بعكس‭ ‬حروفه‭ ‬امتهاناً‭ ‬له‭ ‬لترضى‭ ‬عنه‭ ‬الجان‭ ‬بكفره‭ .... ‬

 

ويقدم‭ ‬القرابين‭ ‬إلى‭ ‬الجان‭ ‬لترضى‭ ‬مردة‭ ‬الجان‭ ‬الكفار‭ ‬بكفر‭ ‬الساحر،‭ ‬لذلك‭ ‬يطلب‭ ‬الساحر‭ ‬حيوانات‭ ‬يذبحها‭ ‬

 

للجان‭ ‬دون‭ ‬ذكر‭ ‬اسم‭ ‬الله‭ ‬عليها‭ ‬بل‭ ‬يذكر‭ ‬اسم‭ ‬الجان‭ ‬عبادة‭ ‬لهم‭ ‬وكفراً‭ ‬بالله‭ ‬فيخدمونه،‭ ‬لذلك‭ ‬الساحر‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كافراً،‭ ‬والسحر‭ ‬كفر‭.....‬‭ ‬

 

وأما‭ ‬المعجزةُ‭ ‬فهي‭ ‬أمرٌ‭ ‬خارق‭ ‬للعادة‭ ‬لا‭ ‬يعارض‭ ‬بالمِثْل‭... ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬يدِ‭ ‬النبي‭ ‬بقدرة‭ ‬الله‭ ‬وإرادته‭ ‬ويكونُ‭ ‬مقرونًا‭ ‬بالتحدّي‭ ‬لبقية‭ ‬الناس‭.... ‬

 

علينا‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬حذرنا‭ ‬الشديد‭ ‬فقد‭ ‬قرن‭ ‬الله‭ ‬السحر‭ ‬بالكفر‭ ‬وهو‭ ‬حكم‭ ‬شرعي‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬بالسحر‭ ‬فالسحر‭ ‬كفر‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يكفر‭ ‬الساحر‭ ‬لتطيعه‭ ‬الجن،‭ ‬وحاشا‭ ‬لله‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬سيدنا‭ ‬سليمان‭ ‬ساحراً‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬نبياً‭ ‬مكرماً‭ ‬آتاه‭ ‬الله‭ ‬مُلكاً‭ ‬عظيماً‭ ‬بفضله‭ ‬وقدرته‭ ‬لا‭ ‬يؤتيه‭ ‬أحداً‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬العالمين‭ ‬إنس‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬جان‭.‬

 

ولقد‭ ‬أنزل‭ ‬الله‭ ‬الملَكان‭ ‬هاروت‭ ‬وماروت‭ ‬ليظهرا‭ ‬للناسِ‭ ‬الفرقَ‭ ‬بين‭ ‬السحر‭ ‬المطلوب‭ ‬تجنُّبه،‭ ‬وبين‭ ‬المعجزةِ‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬دليلُ‭ ‬نبوّة‭ ‬الأنبياء‭ ‬عليهمُ‭ ‬السلام،‭ ‬فكانا‭ ‬يعلّمان‭ ‬تعليمَ‭ ‬إنذارٍ‭ ‬وتحذير‭ ‬لا‭ ‬تعليمَ‭ ‬حث‭ ‬وتشجيع،‭ ‬كأنهما‭ ‬يقولان‭: ‬السحر‭ ‬كذا‭ ‬فلا‭ ‬تفعله،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬سأل‭ ‬سائل‭ ‬عن‭ ‬صفة‭ ‬الزنا‭ ‬أو‭ ‬القتل‭ ‬فأُخبر‭ ‬بصفته‭ ‬ليجتنبه،‭ ‬أو‭ ‬يقولان‭: ‬فلا‭ ‬تكفر،‭ ‬أي‭ ‬فلا‭ ‬تتعلم‭ ‬السحرَ‭ ‬فتكفُرَ‭.‬

 

لكن‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬مارس‭ ‬الكفار‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬السحر‭ ‬الذي‭ ‬حذرتهم‭ ‬منه‭ ‬الملائكة،‭ ‬كأن‭ ‬تحذر‭ ‬شخصاً‭ ‬من‭ ‬الزنا‭ ‬ويزني‭ ‬رغم‭ ‬تحذيرك‭... ‬

 

وهاروت‭ ‬وماروت‭ ‬ملَكان‭ ‬كريمان‭ ‬من‭ ‬ملائكةِ‭ ‬اللهِ‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يعصون‭ ‬اللهَ‭ ‬ما‭ ‬أمرهم‭ ‬ويفعلونَ‭ ‬ما‭ ‬يؤمرون،‭ ‬فلا‭ ‬صحَّة‭ ‬أبدًا‭ ‬للاسرائيليات‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬هاروتَ‭ ‬وماروتَ‭ ‬ملكان‭ ‬التقيا‭ ‬بامرأة‭ ‬جميلة،‭ ‬فهذا‭ ‬الكلام‭ ‬من‭ ‬الاسرائيليات‭ ‬ومخالف‭ ‬للقران‭ ‬الكريم‭.‬

 

‭ ‬ولا‭ ‬عجب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ .. ‬فاليهود‭  ‬هم‭ ‬أصل‭ ‬الكذب‭ ‬وجذوره‭ ... ‬هم‭ ‬أصل‭ ‬النفاق‭ ‬وعصابته‭ .. ‬وهذا‭ ‬حقا‭ ‬أكبر‭ ‬خطر‭ ‬يهدد‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭..... ‬

 

‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬مصيرهم‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬أسوأ‭ ‬مصير‭ ‬في‭ ‬الدرك‭ ‬الأسفل‭ ‬من‭ ‬النار‭..... ‬لأنهم‭ ‬شر‭ ‬من‭ ‬الكفار‭ ‬الصُّرَح‭ ....  ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يظهرون‭ ‬ما‭ ‬يعتقدون‭ ..... ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭ .... ‬ويظهرون‭ ‬لباس‭ ‬الإخوان‭ ‬والأصدقاء‭ ... ‬

 

فهم‭ ‬مستأمنون‭ ‬لا‭ ‬يحسب‭ ‬لهم‭ ‬حساب‭.... ‬ولا‭ ‬يراقبون‭ ‬ولا‭ ‬يحترز‭ ‬منهم‭ ‬إلا‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬المؤمنين‭.... ‬فهم‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬الجيوش‭ ‬العسكرية‭ .... ‬والانحرافات‭ ‬الفكرية‭...  ‬لأن‭ ‬أصحابها‭ ‬أعداء‭ ‬معروفون‭ ‬واضحون‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬أقوالهم‭ .... ‬

 

 

إن‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬طبيعتهم‭ ‬آفة‭.. ‬في‭ ‬قلوبهم‭ ‬علة‭.. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحيد‭ ‬بهم‭ ‬عن‭ ‬الطريق‭ ‬الواضح‭ ‬المستقيم‭.. ‬ويجعلهم‭ ‬يستحقون‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يزيدهم‭ ‬مما‭ ‬هم‭ ‬فيه‭: (‬فزادهم‭ ‬الله‭ ‬مرضاً‭)‬

 

اللهم‭ ‬إن‭ ‬بني‭ ‬صهيون‭ ‬قد‭ ‬عاثوا‭ ‬وأفسدوا‭ ‬وطغوا‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وتكبروا‭ ‬وتجبروا‭ ...‬

اللهم‭ ‬اقصمهم‭ ‬وأرنا‭ ‬فيهم‭ ‬يوماً‭ ‬أسودا‭... ‬فإنهم‭ ‬لايعجزونك‭ _ ‬سبحانك‭ ‬،‭....‬

اللهم‭ ‬عليك‭ ‬بهم‭ ‬اللهم‭ ‬أظهر‭ ‬لهم‭ ‬جبروتك‭ ‬وكبريائك‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬أخذلهم‭ ‬وخالف‭ ‬بين‭ ‬قلوبهم‭ ‬وصفوفهم‭ ...‬

اللهم‭ ‬طال‭ ‬ليل‭ ‬الظالمين‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬طال‭ ‬ليل‭ ‬المعتدين‭ ‬،،‭ ‬اللهم‭ ‬طال‭ ‬ليل‭ ‬الغاصبين‭ ...‬

اللهم‭ ‬طال‭ ‬ليل‭ ‬الكافرين‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬طال‭ ‬ليل‭ ‬العملاء‭ ‬الكلاب‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬طال‭ ‬ليل‭ ‬الخونة‭ ...‬

اللهم‭ ‬أقصمهم‭ ‬واجعلهم‭ ‬يتمنون‭ ‬الموت‭ ‬لا‭ ‬يجدونه‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬أرنا‭ ‬فيهم‭ ‬عجائب‭ ‬قدرتك‭ ...‬

اللهم‭ ‬اشف‭ ‬صدور‭ ‬قوم‭ ‬مؤمنين‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬اشف‭ ‬صدورنا‭ ‬وصدور‭ ‬إخواننا‭ .. ‬

اللهم‭ ‬اجعل‭ ‬العاقبة‭ ‬للمجاهدين‭ ‬المرابطين‭ ‬،‭ ‬اللهم‭ ‬اجعل‭ ‬العاقبة‭ ‬للمتقين‭ ..‬

 

دعوناك‭ ‬ربنا‭ ‬فاستجب‭ ‬دعواتنا‭ ‬يا‭ ‬الله

 

 

وفيما‭ ‬يروى‭ ‬عن‭ ‬ابن‭ ‬عباس‭ ‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنهما‭ ‬وغيره‭ ‬قالوا‭ ‬أن‭ ‬الملائكة‭ ‬لما‭ ‬رأوا‭ ‬ما‭ ‬يصعد‭ ‬الى‭ ‬السماء‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬بنى‭ ‬أدم‭ ‬الخبيثة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬أدريس‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬عيروهم‭ ‬وقالوا‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬جعلتهم‭ ‬في‭ ‬الارض‭ ‬وأخترتهم‭ ‬وهم‭ ‬يعصونك

 

فقال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لو‭ ‬أنزلتكم‭ ‬الى‭ ‬الارض‭ ‬وركبت‭ ‬فيكم‭ ‬ماركبت‭ ‬فيهم‭ ‬لركبتم‭ ‬مثل‭ ‬ماركبوا‭ ‬قالوا‭ ‬سبحانك‭ ‬ماكان‭ ‬ينبغي‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نعصيك‭ ... ‬

 

‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬فاختاروا‭ ‬ملكين‭ ‬من‭ ‬خياركم‭ ‬أهبطهما‭ ‬الى‭ ‬الارض‭ ‬فاختاروا‭ ‬‮«‬هاروت‭ ‬وماروت‮»‬‭ ‬وكانا‭ ‬من‭ ‬أصلح‭ ‬الملائكة‭ ‬وأعبدهم‭ ‬وكان‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬هاروت‭ ‬عزا»و«ماروت‭ ‬عزايا‭ ‬‮»‬‭.... ‬

 

‭ ‬فغير‭ ‬اسمهما‭ ‬لما‭ ‬قارفا‭ ‬الذنب‭ ‬وركب‭ ‬الله‭ ‬فيهما‭ ‬الشهوة‭... ‬وأهبطهما‭ ‬الى‭ ‬الارض‭... ‬وأمرهما‭ ‬أن‭ ‬يحكما‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬بالحق‭... ‬ونهاهما‭ ‬عن‭ ‬الشرك‭ ‬والقتل‭ ‬بغير‭ ‬الحق‭ ‬والزنا‭ ‬وشرب‭ ‬الخمر‭ ‬فكانا‭ ‬يقضيان‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬يومهما‭ ‬فأذا‭ ‬أمسيا‭ ‬ذكرا‭ ‬اسم‭ ‬الله‭ ‬الاعظم‭ ‬وصعدا‭ ‬الى‭ ‬السماء‭ ‬فما‭ ‬مر‭ ‬عليهم‭ ‬شهر‭ ‬حتى‭ ‬افتتنا‭ ‬وقيل‭ ‬بل‭ ‬افتتنا‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬يوم‭ ...... ‬

 

‭ ‬وذلك‭ ‬أنه‭ ‬اختصم‭ ‬اليهما‭ ‬امرأة‭ ‬يقال‭ ‬لها‭ ‬‮«‬الزهراء‮»‬‭ ‬وكانت‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬أهل‭ ‬فارس‭ ‬وقيل‭ ‬كانت‭ ‬ملكة‭ ‬الجمال‭ ‬فلما‭ ‬رأياها‭ ‬أخذت‭ ‬بقلوبهما‭ ‬فقال‭ ‬أحدهما‭ ‬لصاحبه‭ ‬هل‭ ‬سقط‭ ‬في‭ ‬نفسك‭ ‬مثل‭ ‬الذى‭ ‬سقط‭ ‬في‭ ‬نفسي؟؟؟‭!!!!....  ‬

 

قال‭ ‬نعم‭!!!!!!.... ‬فراوداها‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬فأبت‭ ‬ونصرفت‭ ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني‭ ‬ففعا‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬فأبت‭ ‬لا‭ ‬ألا‭ ‬أن‭ ‬تعبدا‭ ‬هذا‭ ‬الصنم‭ ‬وتقتلا‭ ‬النفس‭ ‬وتشربا‭ ‬الخمر‭ ‬فقالا‭ ‬لاسبيل‭ ‬الى‭ ‬هذا‭ ‬الاشياء‭ ‬فأن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬قد‭ ‬نهانا‭ ‬عنها‭ ‬

 

فانصرف‭ ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الثالث‭ ‬ومعها‭ ‬قدح‭ ‬خمر‭ ‬وفي‭ ‬أنفسهما‭ ‬من‭ ‬الميل‭ ‬اليها‭ ‬مافيها‭ ‬فراوداها‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬فعرضت‭ ‬عليهما‭ ‬ما‭ ‬قالت‭ ‬بالامس‭ ...‬‭ ‬فقالا‭ ‬الصلاة‭ ‬لغير‭ ‬الله‭ ‬عظيم‭.... ‬وقتل‭ ‬النفس‭ ‬عظيم‭.... ‬وأهون‭ ‬الثلاثة‭ ‬شرب‭ ‬الخمر‭ ...‬

 

فشربا‭ ‬فلما‭ ‬انتشيا‭ ‬وقعا‭ ‬بالمرأة‭ ‬فزنيا‭ ‬بها‭ ‬فرآهما‭ ‬إنسان‭ ‬فقتلاه‭ ‬خوف‭ ‬الفضيحة‭ ‬وقيل‭ ‬أنهما‭ ‬سجد‭ ‬للصنم‭ ... ‬

 

وقيل‭ ‬جاءتهما‭ ‬امرأة‭ ‬من‭ ‬أحسن‭ ‬الناس‭ ‬تخاصم‭ ‬زوجها‭ ‬فقال‭ ‬أحدهما‭ ‬للآخر‭ ‬هل‭ ‬سقط‭ ‬في‭ ‬نفسك‭ ‬مثل‭ ‬الذي‭ ‬سقط‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬؟؟؟؟‭!!!!! .... ‬قال‭ ‬نعم‭ ‬قال‭ ‬هل‭ ‬لك‭ ‬ان‭ ‬تقضى‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬زوجها‭ ‬فقال‭ ‬له‭ ‬صاحبه‭ ‬أما‭ ‬تعلم‭ ‬ما‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬العقوبة‭ ‬والعذاب‭ ‬فقال‭ ‬له‭ ‬صاحبه‭ ‬أما‭ ‬تعلم‭ ‬ما‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬العفو‭ ‬والرحمة‭.. ‬

 

فسألها‭ ‬نفسها‭ ‬فقالت‭ ‬لا‭ ‬ألا‭ ‬أن‭ ‬تقضيالي‭ ‬على‭ ‬زوجي‭ ‬فقضيا‭ .... ‬

 

ثم‭ ‬سألها‭ ‬نفسها‭ ‬فقالت‭ ‬لا‭ ‬ألا‭ ‬أن‭ ‬تقتلاه‭ !!!!! .... ‬

 

فقال‭ ‬أحدهما‭ ‬لصاحبه‭ ‬أما‭ ‬تعلم‭ ‬ما‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬العقوبة‭ ‬والعذاب‭ ‬فقال‭ ‬له‭ ‬صاحبه‭ ‬أما‭ ‬تعلم‭ ‬ماعند‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬العفو‭ ‬والرحمة‭  ... ‬

 

فقتلاه‭ ‬ثم‭ ‬سألها‭ ‬نفسها‭ ‬فقالت‭ ‬لا‭ ‬ألا‭ ‬أن‭ ‬لي‭ ‬صنما‭ ‬أعبده‭ ‬أن‭ ‬أنتما‭ ‬صليتما‭ ‬معي‭ ‬عنده‭ ‬فعلت‭ !!!!! .... ‬فقال‭ ‬أحدهما‭ ‬لصاحبه‭ ‬مثل‭ ‬القول‭ ‬الاول‭ ‬فرد‭ ‬عليه‭ ‬مثله‭ ‬فصليا‭ ‬معها‭ ‬عنده‭ ‬فمسخت‭ ‬شهابا‭ ..... ‬

 

وقال‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬‮«‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‮»‬‭  ‬قالت‭ ‬لهما‭ ‬لن‭ ‬تدركاني‭ ‬حتى‭ ‬تخبراني‭ ‬بالذي‭ ‬تصعدان‭ ‬به‭ ‬الى‭ ‬السماء‭ ‬فقالا‭ ‬اسم‭ ‬الله‭ ‬الاكبر‭ .... ‬

 

‭ ‬قالت‭ ‬فما‭ ‬أنتما‭ ‬بمدركي‭ ‬حتى‭ ‬تعلماني‭ ‬أياه‭ ‬فقال‭ ‬أحدهما‭ ‬للآخر‭ ‬علمها‭ ‬فقال‭ ‬اني‭ ‬أخاف‭ ‬الله‭ ‬فقال‭ ‬الآخر‭ ‬فأن‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭  .... ‬فعلمها‭ ‬ذلك‭ ‬فتكلمت‭ ‬به‭ ‬وصعدت‭ ‬الى‭ ‬السماء‭ ‬فمسخها‭ ‬الله‭ ‬كوكبا‭ ‬فذهب‭ ‬بعضهم‭ ‬الى‭ ‬أنها‭ ‬هى‭ ‬الزهرة‭.... ‬

 

بعينها‭ ‬وأنكر‭ ‬آخرون‭ ‬ذلك‭ ‬وقالوا‭ ‬أن‭ ‬الزهرة‭ ‬من‭ ‬الكواكب‭ ‬السيارة‭ ‬السبعة‭ ‬التي‭ ‬أقسم‭ ‬الله‭ ‬بها‭ ‬فقال‭ ‬فلا‭ ‬أقسم‭ ‬بالخنس‭ ... ‬الجوارى‭ ‬الكنس‭.... ‬‭ ‬والتي‭ ‬فتنت‭ ‬هاروت‭ ‬وماروت‭ ‬كانت‭ ‬امرأة‭ ‬تسمى‭ ‬الزهرة‭ ‬لجمالها‭ ‬وحسنها‭ ‬فلما‭ ‬بغت‭ ‬مسخها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬شهابا‭....  ‬

 

قالوا‭ ‬فلما‭ ‬أمسى‭ ‬‮«‬هاروت‭ ‬وماروت‮»‬‭ ‬ما‭ ‬قارفا‭ ‬الذنب‭ ‬هما‭ ‬بالصعود‭ ‬الى‭ ‬السماء‭ ‬فلم‭ ‬تطاوعهما‭ ‬أجنحتهما‭ .... ‬

فعلما‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬بهما‭ ‬فقصدا‭ ‬أدريس‭ ‬النبي‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‮»‬‭... ‬وأخبراه‭ ‬بأمرهما‭ ‬وسألاه‭ ‬أن‭ ‬يشفع‭ ‬لهما‭ ‬الى‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ .... ‬

 

وقالا‭ ‬له‭ ‬رأينا‭ ‬يصعد‭ ‬لك‭ ‬من‭ ‬العبادة‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬يصعد‭ ‬لجميع‭ ‬أهل‭ ‬الارض‭... ‬فاشفع‭ ‬لنا‭ ‬الى‭ ‬ربك‭ ‬ففعل‭ ‬ذلك‭ ‬أدريس‭ .... ‬فخيرهما‭ ‬الله‭ ‬بين‭ ‬عذاب‭ ‬الدنيا‭ ‬وعذاب‭ ‬الآخرة‭.... ‬فختارا‭ ‬عذاب‭ ‬الدنيا‭ ‬اذ‭ ‬علما‭ ‬أنه‭ ‬ينقطع‭ ‬فهما‭ ‬ببابل‭ ‬يعذبان‭ ‬قيل‭ ‬أنهما‭ ‬معلقان‭ ‬بشعورهما‭ ‬الى‭ ‬قيام‭ ‬الساعة‭... ‬وقيل‭ ‬أنهما‭ ‬منكوسان‭ ‬يضربان‭ ‬بسياط‭ ‬الحديد‭ ‬وقيل‭ ‬أن‭ ‬رجلا‭ ‬قصدهما‭ ‬ليتعلم‭ ‬السحر‭ ‬فوجدهما‭ ‬معلقين‭ ‬بأرجلهما‭ ‬مزرقة‭ ‬عيونهما‭ ‬مسودة‭ ‬جلودهما‭ ‬ليس‭ ‬بين‭ ‬السنتهما‭ .... ‬وبين‭ ‬الماء‭ ‬ألا‭ ‬قدر‭ ‬أربع‭ ‬أصابع‭ ‬وهما‭ ‬يعذبان‭ ‬بالعطش‭... ‬

 

فلما‭ ‬رأى‭ ‬ذلك‭ ‬هاله‭ ‬فقال‭ ‬‮«‬لا‭ ‬أله‭ ‬ألا‭ ‬الله‮»‬‭...  ‬فلما‭ ‬سمعا‭ ‬كلامه‭ ‬قالا‭ ‬‮«‬لا‭ ‬أله‭ ‬ألا‭ ‬الله‮»‬‭ .... ‬من‭ ‬أنت‭ ‬قال‭ ‬رجل‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬فقالا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬أمة‭ ‬أنت‭ ‬قال‭ ‬من‭ ‬أمة‭ ‬محمد‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬قالا‭ ‬أوقد‭ ‬بعث‭ ‬محمد‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬فقالا‭ ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬وأظهر‭ ‬الاستبشار‭ ‬فقال‭ ‬الرجل‭ ‬مم‭ ‬استبشاركما‭ ‬قالا‭ ‬أنه‭ ‬نبي‭ ‬الساعة‭ ‬وقد‭ ‬دنا‭ ‬أنقضاء‭ ‬عذابنا‭ ....‬

 

فإذا‭ ‬كان‭ ‬الملكان‭ ‬اللذان‭ ‬أنزلهما‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالي‭ ‬ليعلما‭ ‬الناس‭ ‬السحر‭ (‬هاروت‭ ‬وماروت‭). ‬فان‭ ‬لله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالي‭ ‬حكمة‭ ‬في‭ ‬الابتلاءات‭ ‬أو‭ ‬الاختبارات‭ ‬التي‭ ‬تتأرجح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬‮«‬‭ ‬ونبلوكم‭ ‬بالشر‭ ‬والخير‭ ‬فتنة‭ ‬‮«‬‭. ‬وأما‭ ‬أن‭ ‬يستخدمها‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬النفع‭ ‬وإما‭ ‬في‭ ‬الضرر‭.‬

 

‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬السحر‭ ‬أخطر‭ ‬درجات‭ ‬الضرر‭ ‬لان‭ ‬معتنقه‭ ‬ينتهي‭ ‬به‭ ‬الحال‭ ‬إلي‭ ‬الكفر‭ ‬وإلي‭ ‬غير‭ ‬رجعة‭.... ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬تعالي‭: ‬‮«‬‭ ‬كمثل‭ ‬الشيطان‭ ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬للإنسان‭ ‬اكفر‭ ‬فلما‭ ‬كفر‭ ‬قال‭ ‬إني‭ ‬بريء‭ ‬منك‭ ‬إني‭ ‬أخاف‭ ‬الله‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭. ‬فكان‭ ‬عاقبتهما‭ ‬أنهما‭ ‬في‭ ‬النار‭ ‬خالدين‭ ‬فيها‭ ‬وذلك‭ ‬جزاء‭ ‬الظالمين‭ ‬‮»‬‭..‬‭ ‬

 

ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬الجن‭ ‬الذي‭ ‬سخره‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الماضي‭. ‬لن‭ ‬يعطيه‭ ‬الفرصة‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬العودة‭ ‬لأنه‭ ‬فتنة‭ ‬للكفر‭. ‬فكيف‭ ‬ينير‭ ‬بصيرته‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمكن‭ ‬منه‭. ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬رب‭ ‬العزة‭: ‬‮«‬‭ ‬وقال‭ ‬الشيطان‭ ‬لما‭ ‬قضي‭ ‬الأمر‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬وعدكم‭ ‬وعد‭ ‬الحق‭ ‬ووعدتكم‭ ‬فأخلفتكم‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬عليكم‭ ‬من‭ ‬سلطان‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬دعوتكم‭ ‬فاستجبتم‭ ‬لي‭ ‬فلا‭ ‬تلوموني‭ ‬ولوموا‭ ‬أنفسكم‭ ‬ما‭ ‬أنا‭ ‬بمصرخكم‭ ‬وما‭ ‬أنتم‭ ‬بمصرخي‭ ‬إني‭ ‬كفرت‭ ‬بما‭ ‬أشركتمون‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إن‭ ‬الظالمين‭ ‬لهم‭ ‬عذاب‭ ‬اليم‮»‬‭.. ‬

 

لا‭ ‬أجد‭ ‬أكثر‭ ‬ولا‭ ‬أقوي‭ ‬من‭ ‬اعتراف‭ ‬‮«‬إبليس‭ ‬وأعوانه»على‭ ‬أنفسهم‭ ‬بحقيقتهم‭ .. ‬وعلى‭ ‬كم‭ ‬الحقد‭ ‬الذي‭ ‬يعج‭ ‬في‭ ‬قلوبهم‭ .. ‬وعلى‭ ‬قسوة‭ ‬الشر‭ ‬الذي‭ ‬يعمي‭ ‬أبصارهم‭ .. ‬والجبروت‭ ‬والخسة‭ ‬والتحدي‭ ‬الذي‭ ‬يزين‭ ‬منهجهم‭ .. ‬ووقاحتهم‭ ‬وغيّهم‭ ‬وهم‭ ‬يعلنون‭ ‬براءتهم‭ ‬من‭ ‬ذرية‭ ‬بني‭ ‬آدم‭ ‬بعد‭ ‬غوايتهم‭ ‬حين‭ ‬يصل‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬الشرك‭ .. ‬بل‭ ‬يؤكدوا‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يشركون‭ ‬بالله‭ ‬شيئا‭ .. ‬فقد‭ ‬يكفروا‭ ‬ذرية‭ ‬بني‭ ‬آدم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ .. ‬هم‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬ولا‭ ‬يتجرأون‭ ‬على‭ ‬الشرك‭ ‬بالله‭ .. ‬

 

ولا‭ ‬أجد‭ ‬أكثر‭ ‬ولا‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬جهل‭ ‬ذرية‭ ‬بني‭ ‬آدم‭ ‬من‭ ‬السحرة‭ ‬والوكلاء‭ ‬المسحورين‭ ‬حين‭ ‬انتهاج‭ ‬ذلك‭ ‬الطريق‭ ‬الأسود‭ .. ‬رغم‭ ‬اعتراف‭ ‬إبليس‭ ‬بمصيبته‭ ‬تجاههم‭ ‬وأمام‭ ‬الله‭ ... ‬ولا‭ ‬يسعني‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ادعو‭ ‬على‭ ‬إبليس‭ .. ‬قائلة‭ : ‬

 

اللهم‭ ‬نتبرأ‭ ‬من‭ ‬حولنا‭ ‬وقوتنا‭ ‬ونلوذ‭ ‬بحولك‭ ‬وقوتك‭ .. ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لأمة‭ ‬حبيبك‭ ‬جارا‭ .. ‬عز‭ ‬جارك‭ ‬وجل‭ ‬جلالك‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬إبليس‭ ‬وجنوده‭ .. ‬أن‭ ‬تقلب‭ ‬وترد‭ ‬أعمالهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الدنيا‭ ‬جحيما‭ ‬لتكون‭ ‬عليهم‭ ‬نارا‭ ‬وسعيرا‭ ‬في‭ ‬نار‭ ‬جهنم‭ ... ‬

وادعوا‭ ‬للسحرة‭ ‬بالهداية‭ ... ‬وللمسحورين‭ ‬ألا‭ ‬يضلوا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الله‭ .. ‬رغم‭ ‬شدته‭ ‬وعظم‭ ‬ابتلائهم‭ .... ‬

 

وهكذا‭ ‬أجمع‭ ‬المسلمون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الملائكة‭ ‬معصومون‭ ‬فضلاء‭ ‬واتفق‭ ‬أئمة‭ ‬المسلمين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حكم‭ ‬الرسل‭ ‬من‭ ‬الملائكة‭ ‬حكم‭ ‬النبيين‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬العصمة‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬البلاغ‭ ‬عن‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬شئ‭ ‬ثبتت‭ ‬فيه‭ ‬عصمة‭ ‬الانبياء‭ ‬فكذلك‭ ‬الملائكة‭ ‬وأنهم‭ ‬مع‭ ‬الانبياء‭ ‬في‭ ‬التبليغ‭ ‬إليهم‭ ‬كالانبياء‭ ‬مع‭ ‬أممهم‭ ‬ثم‭ ‬اختلفوا‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬المرسلين‭ ‬من‭ ‬الملائكة‭... ‬‮«‬وَقَالُوا‭ ‬اتَّخَذَ‭ ‬الرَّحْمَنُ‭ ‬وَلَدًا‭ ‬سُبْحَانَهُ‭ ‬بَلْ‭ ‬عِبَادٌ‭ ‬مُكْرَمُونَ‭ * ‬لَا‭ ‬يَسْبِقُونَهُ‭ ‬بِالْقَوْلِ‭ ‬وَهُمْ‭ ‬بِأَمْرِهِ‭ ‬يَعْمَلُونَ‭ * ‬يَعْلَمُ‭ ‬مَا‭ ‬بَيْنَ‭ ‬أَيْدِيهِمْ‭ ‬وَمَا‭ ‬خَلْفَهُمْ‭ ‬وَلَا‭ ‬يَشْفَعُونَ‭ ‬إِلَّا‭ ‬لِمَنِ‭ ‬ارْتَضَى‭ ‬وَهُمْ‭ ‬مِنْ‭ ‬خَشْيَتِهِ‭ ‬مُشْفِقُونَ‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الأنبياء‭ ‬

 

وأجاب‭ ‬من‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬عصمة‭ ‬جميع‭ ‬الملائكة‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬‮«‬هاروت‭ ‬وماروت‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬نقله‭ ‬المفسرون‭ ‬وأهل‭ ‬الاخبار‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يصح‭ ‬عن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬‮«‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‮»‬‭ ‬منه‭ ‬شئ‭ ‬وهذه‭ ‬الاخبار‭ ‬انما‭ ‬أخذت‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬وقد‭ ‬علم‭ ‬افتراؤهم‭ ‬على‭ ‬الملائكة‭ ‬والأنبياء‭....‬

 

‭ ‬وقد‭ ‬ذكر‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الآيات‭ ‬افتراء‭ ‬اليهود‭ ‬على‭ ‬سليمان‭ ‬أولا‭ ‬ثم‭ ‬عطف‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬قصة‭ ‬هاروت‭ ‬وماروت‭ ‬ثانيا‭ ‬قالوا‭ ‬ومعنى‭ ‬الآية‭ ‬وماكفر‭ ‬سليمان‭ ‬يعنى‭ ‬بالسحر‭ ‬الذى‭ ‬افتعله‭ ‬عليه‭ ‬الشياطين‭ ‬واتبعتهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليهود‭ ‬فأخبر‭ ‬عن‭ ‬افترائهم‭ ‬وكذبهم‭ ‬وذكروا‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬الجواب‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬وأنها‭ ‬بالة‭ ‬وجوها‭ .‬

 

الوجه‭ ‬الاول‭ :  ‬أن‭ ‬في‭ ‬القصة‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬قال‭ ‬للملائكة‭ ‬لو‭ ‬ابتليتم‭ ‬بما‭ ‬ابتليت‭ ‬به‭ ‬بنو‭ ‬آدم‭ ‬لعصيتموني‭ ‬قالوا‭ ‬سبحانك‭ ‬ماكان‭ ‬ينبغي‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نعصيك‭ ‬وفيه‭ ‬رد‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬وذلك‭ ‬كفر‭... ‬قد‭ ‬ثبيت‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬معصومين‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬فلا‭ ‬يقع‭ ‬هذا‭ ‬منهم‭ .‬

 

الوجه‭ ‬الثاني‭ :  ‬أنهما‭ ‬خيرا‭ ‬بين‭ ‬عذاب‭ ‬الدنيا‭ ‬وعذاب‭ ‬الآخرة‭ ‬وذلك‭ ‬فاسد‭ ‬لان‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لا‭ ‬يخير‭ ‬من‭ ‬أشرك‭ ‬وأن‭ ‬كات‭ ‬قد‭ ‬صحت‭ ‬توبتهما‭ ‬فلا‭ ‬عقوبة‭ ‬عليهما‭ .‬

 

الوجه‭ ‬الثالث‭ :  ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬لما‭ ‬فجرت‭ ‬فكيف‭ ‬يعقل‭ ‬أنها‭ ‬صعدت‭ ‬الى‭ ‬السماء‭ ‬وصارت‭ ‬كوكبا‭ ‬وعظم‭ ‬الله‭ ‬قدرها‭ ‬بحيث‭ ‬أقسم‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬فلا‭ ‬أقسم‭ ‬بالخنس‭ ‬الجوارى‭ ‬الكنس‭ ‬فبان‭ ‬بهذه‭ ‬الوجوه‭ ‬ركه‭ (‬ضعف‭) ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬والله‭ ‬أعلم‭ ‬بصحة‭ ‬ذلك‭ ‬وسقمه‭ ‬والاولى‭ ‬تنزية‭ ‬الملائكة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬مالايليق‭ ‬بمنصبهم‭ .‬

 

هذا‭ ‬هو‭ ‬عهد‭ ‬اليهود‭ ... ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وجدوا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ..‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬إلا‭ ‬الكذب‭ ‬تاج‭ ‬الفساد‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والقيمي‭ ‬والعقائدي‭ ‬والديني‭ .. ‬أباطرة‭ ‬الفساد‭ ‬الإنساني‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.. ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬منهم‭ ‬طائفة‭ ‬ولا‭ ‬شعب‭ ‬ولا‭ ‬دين‭ ‬ولا‭ ‬ملة‭ ‬ولا‭ ‬ذرية‭ ........ ‬

 

الذين‭ ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬منهم‭ ‬حتى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ .. ‬ناكصي‭ ‬العهود‭ .. ‬قتلة‭ ‬الأنبياء‭ ‬المضللين‭ .. ‬الذين‭ ‬اشتكاهم‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬إلى‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ... ‬حين‭ ‬حاولوا‭ ‬أن‭ ‬يلعبوا‭ ‬برأس‭ ‬موسى‭ .. ‬يحاولون‭ ‬أن‭ ‬يستميلونه‭ ‬ضد‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬نفسه‭ ... ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬قال‭ ‬لموسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ .. ‬سيقولون‭ ‬لك‭ ‬صومنا‭ ‬ولم‭ ‬يقبل‭ ‬الله‭ ‬صيامنا‭ ...  ‬فقال‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ : ‬فكيف‭ ‬وقد‭ ‬حرمت‭ ‬عليهم‭ ‬الخمر‭ ‬والميتة‭ ‬والدم‭ ‬ولحم‭ ‬الخنزير‭ .‬‭. ‬فشربوا‭ ‬الخمر‭ ‬وأكلوا‭ ‬الميتة‭ ‬ولحم‭ ‬الخنزير‭ .. ‬وحرموا‭ ‬علي‭ ‬أنفسهم‭ ‬الطعام‭ ‬ما‭ ‬استبيح‭ ‬لهم‭ ... ‬‮«‬كل‭ ‬الطعام‭ ‬كان‭ ‬حلا‭ ‬لبني‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬حرم‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬نفسه‮»‬‭ ... ‬

 

سيقولون‭ ‬لك‭ : ‬تصدقنا‭ ‬ولم‭ ‬يقبل‭ ‬زكاتنا‭ ‬وصدقاتنا‭  ... ‬وقال‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ : ‬كيف‭ ‬أقبل‭ ‬زكاتهم‭ ‬؟؟‭!! .. ‬وقد‭ ‬استحلوا‭ ‬أموال‭ ‬الخير‭ ‬وعاثوا‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬مفسدين‭ .. ‬وعاشوا‭ ‬بالربا‭ ‬وعلى‭ ‬الربا‭ ... ‬

 

سيقولون‭ ‬لك‭ : ‬بكينا‭ ‬ولم‭ ‬يقبل‭ ‬الله‭ ‬بكاءنا‭ .. ‬وقال‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ : ‬حذرتهم‭ ‬وأمرتهم‭ ‬بطاعة‭ ‬الأنبياء‭ .. ‬فقتلوهم‭ ... ‬

 

هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬اليهود‭ ‬‮«‬بني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ .. ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬منهم‭ ‬حتى‭ ‬‮«‬الملائكة‮»‬‭ ‬هاروت‭ ‬وماروت‭ ... ‬الذين‭ ‬حاولوا‭ ‬أن‭ ‬يسندوا‭ ‬إليهم‭ ‬كل‭ ‬أسباب‭ ‬الشر‭ ‬وهلاك‭ ‬البشرية‭ .. ‬بهذا‭ ‬الكذب‭ ‬الأشر‭ ‬الأسود‭ .. ‬ليعلقوا‭ ‬عليهم‭ ‬أسباب‭ ‬الفساد‭ ‬الذي‭ ‬أرسوه‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ .. ‬

 

من‭ ‬تكفير‭ .. ‬وتضليل‭ ‬عن‭ ‬الذات‭ ‬العلية‭ .. ‬والحضرة‭ ‬القدسية‭ .. ‬والتوحيد‭ ‬والوحدانية‭ .. ‬وأذى‭ ‬البشر‭ ... ‬اسقطوا‭ ‬على‭ ‬الملكين‭ ‬‮«‬هاروت‭ ‬وماروت‮»‬‭ ‬فسادهم‭ ‬الأخلاقي‭ ‬وانحطاطهم‭ ‬القيمي‭ .. ‬حين‭ ‬حاولوا‭ ‬أن‭ ‬يسندوا‭ ‬إليهم‭ ‬جرائمهم‭ ‬وخطاياهم‭ ‬العظمى‭ ‬بالرذيلة‭ ‬والزنا‭ ‬وارتكاب‭ ‬الفواحش‭ .. ‬

 

ليظل‭ ‬هكذا‭ ‬هو‭ ‬عهد‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬الفساد‭ ‬الإنساني‭ ‬اللإنساني‭ .. ‬اللأخلاقي‭ .. ‬اللاديني‭ .. ‬وتحالفاتهم‭ ‬مع‭ ‬الجن‭ ‬الأسود‭ .. ‬والشيطان‭ ‬الأعظم‭ ..‬‭ ‬لإفساد‭ ‬البشر‭ .. ‬وتخريب‭ ‬الأرض‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ .. ‬ليظل‭ ‬اليهود‭ ‬هكذا‭ ‬بنفس‭ ‬المنهج‭ ‬عبر‭ ‬الزمان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬مع‭ ‬اختلاف‭ ‬الأبطال‭ ‬والايادي‭ ‬الخفية‭ ‬والمعلنة‭ ‬المحركة‭ ‬لتخريب‭ ‬الأرض‭ ‬وإبادة‭ ‬ما‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬بشر‭ .. ‬

 

وقد‭ ‬ورد‭ ‬ذُكِر‭ ‬اسمي‭ ‬‮«‬‭ ‬هاورت‭ ‬وماروت‮»‬‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ... ‬وبتأمل‭ ‬هذا‭ ‬الموضع‭ ‬يتبين‭ ‬لنا‭ ‬أنهما‭ ‬من‭ ‬الملائكة‭ ‬‮«‬لا‭ ‬من‭ ‬البشر‮»‬‭ .... ‬أنهما‭ ‬مرسَلان‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬لكي‭ ‬يعلموا‭ ‬الناس‭ ‬ما‭ ‬يقيهم‭ ‬من‭ ‬الشرور‭ ‬والأذى‭  ..... ‬

وعلي‭ ‬خلاف‭ ‬ما‭ ‬ادعته‭ ‬اليهود‭ ‬أنهما‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ..... ‬أو‭ ‬أنهما‭ ‬ملكان‭ ‬وقعا‭ ‬في‭ ‬معصية‭ ‬فمسخهما‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ : ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يتحدثون‭ ‬إلا‭ ‬بالكذب‭ ‬والباطل‭ ‬حين‭ ‬تكلموا‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬غيب‭ ‬هكذا‭ ‬وبلا‭ ‬علم‭ ‬بل‭ ‬وحين‭ ‬علموا‭ ‬قاموا‭ ‬بإنتقاص‭ ‬قيمة‭ ‬وقدر‭ ‬ملائكة‭ ‬الرحمن‭ .. ‬الملكين‭ ‬‮«‬هاروت‭ ‬وماروت‮»‬‭ ‬وحاولوا‭ ‬اصباغ‭ ‬فسادهم‭ ‬وإفسادهم‭  ‬عليهم‭ .. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬قصته‭ ‬علينا‭ ‬الكتب‭ ‬الضالة‭ ‬المُضلة‭ .. ‬كتب‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الملكين‭ ... ‬

 

أي‭ ‬كذب‭ ‬؟؟؟‭!!!.. ‬أي‭ ‬ضلال‭ ‬؟؟‭!!!! ... ‬أي‭ ‬افتراء؟؟؟‭!!! ... ‬أي‭ ‬وجه‭ ‬؟؟‭!!!! ... ‬أي‭ ‬عدم‭ ‬حياء‭ ‬؟؟؟‭!!!! .. ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التضليل‭ ‬العظيم‭ ... ‬في‭ ‬الإهانة‭ ‬والإساءة‭ ‬لملائكة‭ ‬الله‭ .. ‬

 

هؤلاء‭ ‬الملائكة‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬خلق‭ ‬من‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ... ‬وعباد‭ ‬من‭ ‬عباده‭... ‬مفطورين‭ ‬على‭ ‬العبادة‭.. ‬ومجبولين‭ ‬عليها‭ ... ‬والأدلة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬والسنة‭ ‬منها‭ : ‬قوله‭ ‬تعالى‭ : ( ‬لا‭ ‬يَعْصُونَ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬مَا‭ ‬أَمَرَهُمْ‭ ‬وَيَفْعَلُونَ‭ ‬مَا‭ ‬يُؤْمَرُونَ‭ ) ‬سورة‭ ‬التحريم‭ ......... ‬وقال‭ ‬تعالى‭ : ‬‮«‬‭ ‬يَخَافُونَ‭ ‬رَبَّهُمْ‭ ‬مِنْ‭ ‬فَوْقِهِمْ‭ ‬وَيَفْعَلُونَ‭ ‬مَا‭ ‬يُؤْمَرُونَ‮»‬‭ ‬

 

قال‭ ‬تعالي‭ :‬‮«‬‭ ‬إِنَّ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬عِندَ‭ ‬رَبِّكَ‭ ‬لاَ‭ ‬يَسْتَكْبِرُونَ‭ ‬‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الأعراف‭ ...... ‬أى‭ : ‬أن‭ ‬شأنهم‭ ‬و‭ ‬عبادتهم‭ ‬و‭ ‬جبلتهم‭ ‬التى‭ ‬فطروا‭ ‬عليها‭ ‬،‭ ‬هى‭ ‬الخضوع‭ ‬و‭ ‬العبادة‭ ....... ‬وكذلك‭ ‬يقول‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭  ‬فى‭ ‬سورة‭ ‬الأنبياء‭ .. :‬‮«‬بَلْ‭ ‬عِبَادٌ‭ ‬مُّكْرَمُونَ‭ * ‬لَا‭ ‬يَسْبِقُونَهُ‭ ‬بِالْقَوْلِ‭ ‬وَهُم‭ ‬بِأَمْرِهِ‭ ‬يَعْمَلُونَ‭ ‬‮»‬‭ ............ ‬و‭ ‬قال‭ ‬جل‭ ‬فى‭ ‬علاه‭ : { ‬يُسَبِّحُونَ‭ ‬اللَّيْلَ‭ ‬وَالنَّهَارَ‭ ‬لَا‭ ‬يَفْتُرُونَ‭ ‬‮»‬‭ ‬سورة‭ ‬الأنبياء‭ ‬

 

وهم‭ ‬يسبحون‭ ‬الله‭ ‬ليلاً‭ ‬ونهاراً‭..... ‬ولا‭ ‬يتعبون‭ ‬ولا‭ ‬يملون‭ ‬من‭ ‬عبادة‭ ‬ربهم‭..... ‬قال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وَلَهُ‭ ‬مَنْ‭ ‬فِي‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالأَرْضِ‭ ‬وَمَنْ‭ ‬عِنْدَهُ‭ ‬لا‭ ‬يَسْتَكْبِرُونَ‭ ‬عَنْ‭ ‬عِبَادَتِهِ‭ ‬وَلا‭ ‬يَسْتَحْسِرُونَ‭ * ‬يُسَبِّحُونَ‭ ‬اللَّيْلَ‭ ‬وَالنَّهَارَ‭ ‬لا‭ ‬يَفْتُرُونَ‭ ‬‮»‬‭  ‬سورة‭ ‬الأنبياء‭ ‬

 

ومن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬دأبه‭.... ‬فأنى‭ ‬تتأتى‭ ‬منه‭ ‬المعصية؟؟؟؟‭!!!!!!! .... ‬وهم‭ ‬المطيعون‭ ‬الصادقون‭..... ‬وقد‭ ‬وصفهم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬العزيز‭: ‬‮«‬كرام‭ ‬بررة‮»‬‭ .... ‬فمن‭ ‬كان‭ ‬باراً‭ ‬مطيعاً‭ ‬فهل‭ ‬يخالف؟؟؟؟؟؟‭!!!! ... ‬

 

فمن‭ ‬تلك‭ ‬الآيات‭ ‬يتبين‭ ‬أن‭ ‬الملائكة‭ ‬عليهم‭ ‬السلام‭ ‬محفوظون‭ ‬بحفظ‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬المعصية‭ ‬والذنوب‭.... ‬ويجب‭ ‬تنزيه‭ ‬مقامهم‭ ‬الرفيع‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحط‭ ‬من‭ ‬رتبتهم‭ ‬ومنزلتهم‭ ‬عن‭ ‬جليل‭ ‬مقدارهم‭.‬

 

فهذه‭ ‬الآيات‭ ‬تفيد‭ ‬أن‭ ‬المعصية‭ ‬لا‭ ‬تحصل‭ ‬من‭ ‬الملائكة‭ ‬،‭ ‬فهم‭ ‬معصومون‭ ‬،‭ ‬لذا‭ ‬يرى‭ ‬الإمام‭ ‬فخر‭ ‬الدين‭ ‬الرازى‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬اتفقوا‭ ‬على‭ ‬عصمة‭ ‬الملائكة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الذنوب‭ ‬هم‭ ‬الجمهور‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الدين‭ ...... ‬

 

وكل‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬ظاهر‭ ‬القرآن‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬هذين‭ ‬الملَكين‭ : ‬فهو‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليات‭.... ‬يردها‭ ‬ما‭ ‬ثبت‭ ‬من‭ ‬عصمة‭ ‬الملائكة‭ ... ‬على‭ ‬وجه‭ ‬العموم‭ .....  ‬

 

وتسوقنا‭ ‬الأقدار‭ .. ‬أن‭ ‬نحكي‭ ‬عن‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬الأشرار‭ ... ‬وياليتنا‭ ‬بنحظى‭ ‬بشرف‭ ‬المجاهدين‭ ‬الأحرار‭ .. ‬ونحن‭ ‬نقص‭ ‬ونحكي‭ ‬ونحذر‭ ‬وننذز‭ ‬ونذكر‭ ‬ببني‭ ‬اسرائيل‭ ‬بناقوس‭ ‬إنذار‭ ... ‬أن‭ ‬نفيق‭ ‬من‭ ‬غفلتنا‭ ‬أمة‭ ‬الإسلام‭ .. ‬نُنير‭ ‬القلوب‭ ‬فنعيد‭ ‬الإبصار‭ .. ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدي‭ ‬وصلت‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬القبح‭ ‬والأقذار‭ .. ‬في‭ ‬استمرارها‭ ‬في‭ ‬التبجح‭ ‬على‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بالتضليل‭ ‬والإنكار‭ ... ‬وما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬تجاه‭ ‬ذرية‭ ‬آدم‭ ‬من‭ ‬شرور‭ ‬وأذى‭ ‬بكل‭ ‬خسة‭ ‬وإصرار‭ .. ‬

 

إنه‭ ‬ناقوس‭ ‬خطر‭ ‬وإنذار‭ .. ‬هل‭ ‬نفيق‭ ‬لهم‭ ‬وهم‭ ‬يبيدون‭ ‬وقد‭ ‬اعتبرونا‭ ‬الأغيار‭ .. ‬وقد‭ ‬تحالفوا‭ ‬ضدنا‭ ‬مع‭ ‬إبليس‭ ‬وجنوده‭ ‬ليقلبوا‭ ‬دنيانا‭ ‬إلى‭ ‬جحيم‭ ‬ونار‭ .. ‬قبل‭ ‬سعير‭ ‬جهنم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أثقلونا‭ ‬بما‭ ‬صنعوه‭ ‬من‭ ‬أوزار‭ .. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خلقوا‭ ‬بين‭ ‬أمة‭ ‬النبي‭ ‬محمد‭ ‬الفتن‭ ‬بالأهوال‭ ‬والأخطار‭ .. ‬

 

هل‭ ‬نفيق‭ ‬بالوحدة‭ .. ‬كي‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬الفرار‭ ... ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬الأقدار‭ .. ‬التي‭ ‬سطروها‭ ‬على‭ ‬جبيننا‭ ‬يوم‭ ‬أن‭ ‬بعدنا‭ ‬عن‭ ‬الله‭ ‬فكان‭ ‬أشد‭ ‬الإعصار‭ .. ‬يوم‭ ‬أن‭ ‬تفرقنا‭ ‬عن‭ ‬عصمتنا‭ ‬ووحدتنا‭ ‬لعلنا‭ ‬نفلت‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬القرار‭ .. ‬أنذركم‭ ‬بيوم‭ ‬تتقلب‭ ‬فيه‭ ‬القلوب‭ ‬والأبصار‭ .. ‬أذكركم‭ ‬بدار‭ ‬البوار‭ ... ‬حين‭ ‬غلت‭ ‬أيديكم‭ ‬عن‭ ‬التصدي‭ ‬لبني‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬أهل‭ ‬النار‮»‬‭ ... ‬أعداء‭ ‬الله‭ ‬ناقضي‭ ‬العهود‭ ‬والأسرار‭ .. ‬قساة‭ ‬القلوب‭ ‬أشد‭ ‬من‭ ‬الأحجار‭ .. ‬عماة‭ ‬البصائر‭ ..‬‭. ‬وصمة‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬الخزي‭ ‬والعار‭ ..‬