رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

«الحل.. أو الحرب» أزمة سد النهضة تصل لمفترق الطرق​

الشهاوى: من حق مصر الدفاع عن أمنها القومى.. ونتمنى الوصول لحل سياسى ​

قرنى: التحدى الأكبر لمفاوض الحكومة للتوصل لاتفاق قانونى

رفض الجانب الإثيوبى خلال اجتماع مجلس الأمن، الاثنين الماضى، بحث ملف سد النهضة، داخل المجلس، مطالبا بإحالته إلى الاتحاد الأفريقى باعتباره الهيئة الإقليمية المسئولة، إلا أن السفير "تاى أسقى سلاسى" مندوب إثيوبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أكد تفهم بلاده حاجة مصر والسودان لمياه نهر النيل، مشددا على أهمية إنشاء وتشغيل السد لتوفير الطاقة الكهربائية اللازمة لتحقيق التنمية على أرض إثيوبيا، لافتا إلى أهمية الاستمرار فى التفاوض السلمى بين الأطراف الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا وألا يكون هناك تباعد فى المسافات بين وجهة نظر كل دولة.​

وبقى التساؤل حول الخيارات المطروحة أمام الحكومة المصرية لمواجهة الأزمة فى المرحلة القادمة حيث أعطى المجلس الأطراف الثلاثة مهلة أسبوعين تبدأ من الثلاثاء 30 يونيو للتوصل لاتفاق قبل بدء ملء خزان السد.

ومن جانبه، أكد اللواء محمد عبدالله الشهاوى المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، أن كل الخيارات مفتوحة أمام المصريين نظرا لأن الأمن القومى المائى يأتى على رأس أولويات الأمن القومى المصرى، لأن الحفاظ على تدفقات مياه النيل تعنى الحفاظ على الحياة نفسها.​

أوضح لـ"الزمان" أن مصر اختارت طريق التفاوض الدبلوماسى طوال الوقت مع الجانب الإثيوبى، وأبدت تفهمها لحق إثيوبيا فى التنمية.. ولكن إذا فشلت كل الحلول السياسية، فى التوصل لاتفاق يضمن تدفق مياه النيل إلى مصر.. فإن ميثاق الأمم المتحدة يعطى الحق لكل دولة فى الدفاع عن نفسها إذا تعرض أمنها القومى للخطر.​

وتساءل الخبير العسكرى ما قيمة أى جيش فى العالم إذا لم يحافظ على الأمن القومى لدولته، سواء بقيامه بتدمير القوى المضادة ممثلة فى القوات المسلحة للدولة المقابلة ومناطق تمركز قواتها أو بتدمير القيمة المضادة ممثلة فى الأهداف الحيوية التى تؤثر على قدرات الدولة مثل خطوط الكهرباء أو مياه الشرب وخلافه.​

أكد اللواء محمد عبدالله الشهاوى أن التهديد باستخدام القوة لا يعنى حتمية الدخول فى حرب وإنما يعنى بالأساس ردع الدول الساعية إلى تدمير الأمن القومى المصرى مما قد يجبر إثيوبيا على وقف ملء خزان السد قبل التوصل لاتفاق بشأن قواعد ملء وتفريغ السد.​

وقال الخبير العسكرى إن مصر لم ولن تدعو للحرب، وكان خيار التفاوض هو الخيار الأول لها فيما كانت إثيوبيا هى التى تلوح باستخدام القوة، وتحشد شعبها ضد مصر فى الوقت الذى اقتصرت مطالب مصر على الالتزام باتفاق المبادئ الموقع بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس السودانى المخلوع عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا ديسالين هيلاماريام فى مارس عام 2015.​

أوضح الشهاوى أن هناك تسعة تحديات خارجية تواجه الأمن القومى المصرى هى أزمة سد النهضة والصراع العربى الإسرائيلى والتدخل التركى فى ليبيا، والتوسع الإيرانى فى المنطقة، وتوسع إسرائيل فى أفريقيا العمق الاستراتيجى لمصر، بالإضافة إلى تداخل مصالح الاتحاد الأوروبى مع المصالح المصرية.​

لفت الخبير العسكرى إلى وجود إثنى عشر تحديا داخليا تواجهها مصر فى نفس التوقيت هى تحقيق أمن المواطن، والحرب على الإرهاب، والجيل الرابع من الحروب، والعولمة وأثرها على حركة التجارة العالمية، والتوسع الديمجرافى للسكان حيث لا زلنا نعيش على مساحة 5% من مساحة مصر، وحتمية الانفتاح على العالم.​

لذلك كان ضروريا البدء فى استصلاح 1.5 مليون فدان فى الصحارى بالتوازى مع إنشاء 20 مدينة جديدة لنقل الكتلة السكانية إليها، ومن المؤكد أن هناك قوى إقليمية ودولية لا تريد لمصر النجاح فى تنفيذ خططها القومية التى ستجعل منها قوة إقليمية لا يستهان بها لذلك يسعى الكثيرون إلى إقامة عراقيل أمامها داخليا وخارجيا.​

فى سياق متصل أوضح رمضان قرنى مدير تحرير مجلة أفاق أفريقية بالهيئة العامة للاستعلامات، أن هناك ثلاثة عناصر إيجابية غيرت شكل مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا فى مقدمتها تغير الموقف السودانى الذى ظل مؤيدا للجانب الإثيوبى طيلة تسعة أعوام من 2011 وحتى 2020.​

ولكنه تغير عقب انسحاب الجانب الإثيوبى من المفاوضات التى كانت ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولى نهاية شهر فبراير الماضى، حيث تقدمت بشكوى لمجلس الأمن تطالبه فيه برفض ملء خزان السد بقرار أحادى قبل التوصل لاتفاق بين الدول الثلاثة.​

أضاف الخبير الاستراتيجى أن العنصر الثانى هو تحرك الحكومة الفرنسية باعتبارها رئيسة مجلس الأمن فى دورته الحالية، وقيامها بتحديد موعد لمناقشة المذكرتين التى تقدمت بهما كلا من مصر والسودان، حيث استصدر المجلس قرارا برفض قيام أى دولة باتخاذ قرار أحادى فى مصير أى نهر مشترك على مستوى العالم.​

أشار قرنى إلى دخول الاتحادين الأفريقى والأوروبى، كوسيط بين الأطراف الثلاثة ونجاح "سيريل رامافوزا" رئيس دولة جنوب أفريقيا، فى عقد اجتماع قمة بين الرئيس السيسى وآبى أحمد رئيس وزراء إثيوبيا والدكتور عبدالله حمدوك رئيس وزراء السودان بحضور أعضاء مكتب الاتحاد الرئيس الكينى أوهورو كينياتا، والرئيس المالى إبراهيم أبوبكر كيتا، والرئيس فيلكس تشيسيكيدى رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطى.​

أوضح خبير الشئون الأفريقية أن الاجتماع سمح لدول حوض النيل بفهم الموقف العادل لمصر لا سيما وأن كينيا والكونغو عضوا مكتب رئاسة الاتحاد من دول الحوض، مشيرا إلى خطورة التحرك الإثيوبى لتقليب دول منابع النيل على مصر ومحاولتها التنصل من اتفاقيات حوض النيل باعتبارها اتفاقيات استعمارية.​

أكد قرنى أن العبء الأكبر خلال مهلة الأسبوعين التى حددها مجلس الأمن للتوصل لاتفاق قبل بدء ملء خزان السد، والتى بدأت يوم الثلاثاء 30 يونيو سيقع على القانونيين للتوصل لاتفاق ملزم للدول الموقعة بشأن أسلوب ملء وتشغيل السد والاعتراف بالاتفاقيات التاريخية.​

لفت قرنى إلى أن الاتحاد الأفريقى لديه قاعدة راسخة منذ تأسيسه هى القبول باتفاقيات تقسيم الحدود بين الدول التى تم توقيعها أثناء الحقبة الاستعمارية وأهم عنصر فيها اتفاقيات تقاسم المياه بين الدول خاصة اتفاقية 1902 الموقعة بين الحكومة البريطانية نيابة عن مصر والسودان مع منليلك الثانى ملك إثيوبيا، مؤكدا أن رفض اتفاقية تقاسم المياه من شأنه التشكيك فى جميع اتفاقيات تقسيم الحدود التى تم توقيعها طوال الحقبة الاستعمارية بين كل دول القارة.​

وقال الخبير الاستراتيجى إن الجوانب الفنية المتعلقة بتعريف فترات الجفاف والجفاف طويل الأمد، وسياسات تشغيل السد تم الاتفاق عليها خلال مفاوضات واشنطن التى رعتها كلا من الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولى خلال الفترة من نوفمبر 2019 حتى 29 فبراير 2020.​