الولايات المتحدة تعارض تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي العميد محمود محيي الدين: المبادرة المصرية للهدنة في غزة حققت مكسبا هاما للمقاومة ‏ ميدو: الجيل الجديد لم يعد لديه شغف بالكرة المصرية بسبب قرارات هؤلاء ولي العهد السعودي: المملكة ترفض بشدة دعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة وسط احتجاجات مؤيدة لغزة.. شرطة نيويورك تحلق بالمروحيات فوق جامعة كولومبيا حملة مقاطعة الأسماك في بورسعيد: أسعار النهاردة حاجة تفرح أمير قطر والرئيس الأمريكي يبحثان جهود التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة وزير الخارجية سامح شكري يلتقي نظيره البريطاني على هامش اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض الزراعة: المركزية لمكافحة الآفات تتابع حصاد القمح والمحاصيل الاستراتيجية في دمياط رحمي والسجيني يقودان حملات للرقابة وإحكام السيطرة على الأسواق بالغربية مناهج الفلكلور ينظم فعاليات نادي السينما
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

الجمعيات الخيرية الوهمية..«سبوبة» النصب على المصريين

سجن 3 من رؤساء الجمعيات بعد حصولهم على تبرعات بلغت مليون جنيه

مصدر أمنى: الجماعات المتطرفة تعول على الجمعيات الوهمية كمصدر للتمويل

 

قبل أيام، قضت محكمة جنح المنتزه بمعاقبة ثلاثة رؤساء لثلاث جمعيات خيرية وهمية زاولت نشاطها داخل محافظة الإسكندرية بالسجن المشدد، وذلك على خلفية جمعهم تبرعات مالية من المواطنين بحجة بناء مقابر الصدقة لغير القادرين.

وقد ثبت للمحكمة عدم حصول أصحاب تلك الجمعيات على تراخيص ومزاولتهم النصب تحت ستار العمل الخيرى، وقد كانت تلك الواقعة هى البداية التى قادتنا لمزيد من البحث والتحرى وراء تلك الجمعيات الوهمية التى تؤثر بالسلب على الجمعيات المشهرة والتى تعمل بالفعل على رفع المعاناة عن الفقراء وذوى الاحتياجات الخاصة واليتامى والأرامل.

كانت البداية مع المسئولين بوزارة التضامن الاجتماعى، الذين أكدوا أن الوزارة ترصد بين الحين والآخر جمعيات وهمية وغير مشهرة وأخرى مرخصة ولا توجد لها مقرات وكلاهما يعملان على جمع التبرعات دون تقديم خدمة حقيقية للفقراء، إذ أكد خالد سلطان رئيس الإدارية المركزية للجمعيات الأهلية بوزارة التضامن، أن الوزارة تقوم بمتابعة ومراقبة جميع الجمعيات المشهرة التى تقدم كشف حساب بالتبرعات التى حصلت عليها بعد انتهاء مدة الترخيص الذى تمنحه الوزارة لمدة 6 شهور أو سنة، أما الجمعيات غير المشهرة وغير المسجلة لدى الوزارة فيتم التحرك لغلقها فور علم الوزارة بأصحابها أو أماكن وجودهم كما حدث مع جمعيات الإسكندرية الوهمية ومن ثم تقديمهم للمحاكمة.

"أبناء كرداسة"، واحدة من الجمعيات التى تعمل على جمع التبرعات من الأهالى بمنطقة كرداسة بغرض حل أزمة "الغارمات" وهن السيدات اللاتى اقترضن أموالًا لتجهيز بناتهن للزواج ولم يستطعن الدفع، وهى الوسيلة التى لجأت إليها تلك الجمعية، إذ جمعت من الأهالى مبالغ مالية وصلت على أقل تقدير لـ500 ألف جنيه، فى المقابل لم تبادر بحل أزمة غارمة واحدة، وهو ما يؤكده الطبيب محمد سلامة أحد المتبرعين للجمعية الذى تقدم ببلاغ لدى وزارة التضامن الاجتماعى لمعرفة ما إذا كانت الجمعية مشهرة أم لا.

محمد سلامة أكد لـ"الزمان" خلال الفترة الماضية وبالتزامن مع المبادرة الخيرية التى قام بها بعض ضباط الشرطة لفك أزمة الغارمات وتسديد ديونهن، أن جمعية "أبناء كرداسة" ظهرت وأخذت شقة بأحد العقارات، وتم توزيع منشورات على الأهالى عقب صلاة الجمعة بدعوتهم للتبرع لحل أزمة الغارمات فى منطقة كرداسة، وبالفعل بادر كل مواطن على قدر استطاعته، ويقول: كنت أنا أحد المتبرعين لكن بعد فترة لم نجد أيًا من الغارمات خارج أسوار السجن، رغم حصولهن على القائمة الكاملة لجميع الغارمات من منطقة كرداسة، لنجد بعدها المقر مغلقًا، وهو ما أثار الشك لدى البعض فتقدمت ببلاغ لدى الوزارة للاستفسار عن هذه الجمعية، لأكتشف أنها جمعية وهمية وغير مسجلة بالجمعيات الأهلية بالوزارة.

فيما أشار مصدر أمنى، إلى أن هذه الجمعية وغيرها من الجمعيات الواقعة فى أطراف الجيزة كالوراق وكرداسة ووردان، تعمل على جمع التبرعات من المواطنين لتمويل الجماعات المتطرفة فى سيناء، فمثل هذه الأنشطة تعتبر واحدة من مصادر التمويل غير المباشرة التى تلجأ إليها التنظيمات الإرهابية فى حال جفت مصادر التمويل المباشرة من رجال الأعمال والدول الداعمة للإرهاب.

وتابع المصدر: الأمن الوطنى بين الحين والآخر يرصد بعض هذه الجمعيات، ويراقب الجمعيات الأخرى المشهرة للتأكد من عدم ضلوعها فى عمليات التمويل، فليس معنى حصولها على ترخيص أن تكون مشهرة فذلك يجعلها فى منأى عن الشك والتساؤل طوال الوقت.

ولم تكن "أبناء كرداسة" هى الجمعية الوهمية الوحيدة التى رصدناها، فمن واقع البلاغ رقم 2345 لسنة 2016 الذى تقدم به المواطن سعيد عزت لدى قسم شرطة القناطر الخيرية ضد جمعية "الرحمة" الواقعة فى محيط منطقة أبوالغيط بالقليوبية، تمكنا من رصد جمعية أخرى جمعت تبرعات بحجة تسهيل زواج اليتيمات وتوفير المستلزمات المطلوبة.

وأكد مقدم البلاغ، أنه تبرع بقطعة أرض لصالح الجمعية لبناء مدرسة ليكتشف فيما بعد قيام الجمعية ببيعها لصالح رجل أعمال واستغلال الأموال، فى غير محلها.

فى هذا الإطار أكد وحيد عبدالحق وكيل وزارة بالتضامن الاجتماعى سابقًا، أن الجمعيات الوهمية لا تكتفى بجمع أموال التبرعات من المواطنين وإنفاقها فى غير محلها، بل تقوم بالاستيلاء على المال العام والسيطرة على أراضى الدولة وإيهام الأهالى بأن هذه الأراضى هبة من الحكومة لإقامة مشاريع تخدم أهل المنطقة، وهناك حالات فى الصعيد لاعتداء على أراضى طرح النهر وأملاك الدولة.

وتابع عبدالحق: عدد الجمعيات المشهرة والمسجلة 22 ألف جمعية على مستوى الجمهورية ربما يزيد العدد قليلًا أو ينقص لكن لا يوجد إحصاء رسمى بعدد الجمعيات غير المشهرة كما تقوم التضامن بدعم حوالى 1000 جمعية بواقع 50 ألف جنيه سنويًا.

وعن سبل التصدى للجمعيات الوهمية، أكد عبدالحق، أن المواطن هو بداية الخيط، فمن يرصد مثل هذه الجمعيات عليه أن يبادر بتقديم بلاغ لدى وزارة التضامن الاجتماعى بالإدارة المركزية للجمعيات الأهلية، وخلال الفترة الماضية تم إغلاق 110 جمعيات غير مرخصة، تزاول نشاط جمع التبرعات، وفى الغالب يكون الغرض الذى تعلن عنه الجمعية هو زواج اليتيمات والإنفاق على اليتامى ومقابر الصدقة وإعانة الأرامل.

أما "الموعظة الحسنة"، فكانت ضمن الجمعيات المملوكة لجماعة الإخوان وقت توليهم الحكم، وقد كانت تمارس نشاطها حتى وقت قريب بمنطقة حوش عيسى بالبحيرة، وفقًا لما أكده القيادى المنشق عن التنظيم الدكتور محمود الوردانى.

الوردانى قال لـ"الزمان": مصادر تمويل الجماعة متعددة ومتنوعة ما بين جمع تبرعات ومشاريع استثمارية، ولأن الدولة والشعب فى اتجاه ضد الجماعة فلا سبيل أمامهم إلا جمع التبرعات تحت عباءة العمل الخيرى لتعويض الخسائر الفادحة التى أصابتهم خلال الفترة الماضية.

من جانبه، أفاد المستشار أسامة الرخ المحامى بالنقض والإدارية العليا، أن القانون لا يزال غير مدرك خطورة الممارسات غير القانونية لتلك الجمعيات، فمن يلقى القبض عليه فى مثل هذه القضايا توجه إليه تهمه النصب وتكون عقوبته المشددة ثلاث سنوات ليعود لممارسة هذه الجريمة من جديد، فضلًا عن استخدام هذه الأموال فى العمليات الإرهابية، وبالتالى يجب أن يتم تعديل القانون أو إيجاد آخر تكون العقوبة فيه مشددة، كذلك يجب أن تتولى نيابات أمن الدولة التحقيق فى مثل هذه المسائل التى تهدد الأمن القومى للبلاد.