رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

المجاعة لم تبدأ بعد مقتل صالح.. هل كان يمكن إنقاذ اليمن ؟

المجاعة
المجاعة

هل يمكنك أن تأكل وجبة مكونة من عجينة خضراء حامضة ؟

هذا ما أصبح يتناوله الشعب اليمني مؤخرًا بعدما انعدمت لديهم المواد الغذائية وانقطعت عن كثير منهم سبل وصول الإغاثات بعدما منعتها عنهم مليشيات الحوثي، أو تمت سرقتها كما أشارت التحذيرات من قبل نشطاء سياسيين.

لم تصل اليمن لهذا الوضع الذي آلت إليه بين ليلة وضحاها، بل له جذور امتدت لسنوات قبل قيام الثورة على الرئيس علي عبد الله صالح في عام 2011.

إذ عانت اليمن التي عرفت بـ"البلد السعيد"، من الفقر متصدرة مركزًا متقدمًا في نسبة البطالة بين الدول العربية، كما شهدت اشتباكات مسلحة بين قوات الرئيس ومليشيات الحوثي نتجت عنها هجرات داخلية مثلما حدث في مخيم المزرق الذي آوى آلاف اليمنيين الهاربين من الصراع.

خطط فاشلة وبداية المجاعة                          

اقتصاد الحكومة اليمنية بلغ من الضعف في 2009 إلى الحد الذي جعل عبد الكريم الإرياني، مستشار الرئيس علي عبد الله صالح السياسي آنذاك، بإطلاق تحذيرات قوية للمجتمع الدولي بإنقاذ اليمن.

قال مستشار الرئيس، "إن اليمن يعاني مزيج من الجفاف والأزمة الاقتصادية ستجعله يواجه مجاعة العام المقبل".

كما كشف الإرياني أن نسبة البطالة في الدولة تعدت 30% وأن البلاد تستورد 90% من حاجتها الغذائية.

جاء تقرير وزارة التخطيط اليمنية في العام التالي 2010م، ليفجر أزمة آخرى وهي فشل خطة الحكومة الاقتصادية الخمسية بين 2006-2010، في خفض نسبة البطالة إلى 12% كما وعدت الشعب.

التقرير ذاته كشف أن ضعف الاقتصاد ومحدودية الاستثمارات هو السبب وراء فشل الحكومية خلال الأربع سنوات.

ولكن يبدو أن هذه الخطة لم تكن الأولى التي لم تستطع انقاذ الوضع المتردي في البلاد، فقد وصلت البطالة في نهاية الخطة الخمسية التي سبقتها إلى 27%.

هل كان يمكن إنقاذ اليمن ؟

2011 العام الذي تغيرت فيه ملامح الحياة السياسية ليس في اليمن وحسب بل في أغلب بلدان العالم العربي.

ثار الشباب اليمني على الرئيس علي عبد الله صالح مطالبين بتنحيه عن السلطة كما حدث في مصر وتونس.

لكن صالح لم يترك العرش سوى بعد عام تقريبًا، كان اليمن خلاله ينحدر بشكل يومي بعدما زادت المواجاهات والاشتباكات مع مليشيات الحوثي التي خرجت عن سيطرته.

ازدادت الأوضاع سوءًا ولم يستطع الاقتصاد الصمود طويلًا أمام تلك التحديات الكبرى التي شهدتها الدولة.

وارتفعت نسبة التدهور للأمن الغذائي إلى 87%، إذ أصبح نصف السكان تقريبًا يعانون من فقر حاد.

هذه النسبة الضخمة كشفها هاشم عون الله الممثل المقيم لمنظمة الإغاثة الإسلامية في تصريحات صحفية 2012، مؤكدًا أن  السكان المتبقين 30% يحصلون على المواد الغذائية الأساسية من خلال الاستدانة.

الحرب الثانية والأنهيار الأكبر

دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر، في البيان الذي أصدرته العام 2016، كاشفة أن "8 مليون شخص يعيشون على حافة المجاعات، فاقدين طفل كل عشرة دقائق".

كانت تلك التحذيرات بعد عام واحد من الحرب التي بدأت في 2015 من قبل التحالف العربي ضد مليشيات الحوثي.

تحذير آخر أطلقه خيرت كابالاري، مدير المنظمة في الشرق الأوسط، قبل شهر واحد، موضحًا أن هناك 1.8 طفل يعانون من سوء تغذية حاد، بجانب 400 أخرون على وشك فقدان حياتهم بسبب الجوع، واصفًا الحال هناك بأنه "جحيم" الأطفال.

استغاثات الأمم المتحدة لإنقاذ الوضع في اليمن لم تتوقف حتى الآن، وأصدرت احصائية العام الماضي، كشفت فيه أن الحرب التي بدأت في اليمن منذ 2015، خلفت أكثر من 8670 قتيل أغلبهم من المدينين، فيما أصيب حوالي 3000 شخص في غارات جوية واشتباكات أرضية.

المجاعة  وسوء التغذية اصطحبا معهم أمراض عدة كان أبرزها وباء الكوليرا الذي نساه العالم منذ عقود، وأصاب أكثر من 900 ألف شخص في اليمن، بحسب ما كشفته منظمة الهلال الأحمر.

جاءت تلك الأرقام، في نفس الوقت الذي تعلن فيه المنظمات الإغاثية إرسال مساعدات بالمليارات إلى اليمن، ولكن يبقى الحال كما هو عليه إن لم يزداد سوءًا.